وزارة الأوقاف والإرشاد تتوعد بعقوبات صارمة ضد أي منشأة تقصر في خدمة المعتمرين
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب: سأزور السعودية قريباً
الإدارة الأمريكية تتوعد الحوثيين ولندن تكشف عن خطة لمنع تهريب الأسلحة وحماية السواحل اليمنية ضمن شراكة دولية.. عاجل
أبرز ما جاء في بيان الجمهورية اليمنية أمام جلسة مجلس الأمن الدولي
أول تحرك اوربي جاد .. بريطانيا تدعو عبر مجلس الأمن يدعو لضمان حظر توريد الأسلحة إلى اليمن وتحديدا الأسلحة الإيرانية
التنقل دون قيود زمنية.. الإعلان رسميًا عن فتح طريق الحوبان- تعز على مدار 24 ساعة خلال شهر رمضان
140 مقطورة غاز وصلت عدن وتعز قادمة من مأرب مع زيادة في حصة المحافظتين
وزير الدفاع اليمني يشدد على ضرورة دعم القوات المسلحة ويؤكد جاهزيتها العالية لردع أي حماقة حوثية
العليمي يبحث مع رئاسة مجلس النواب عدد من الملفات في مقدمتها دفع الرواتب وتداعيات تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية
48 ساعة من المعارك في جبهات مأرب والجوف وتعز
الإعلان الذي تم رسميًّا نهاية الأسبوع الماضي في اليمن، عن تأسيس حزب الأمة، لا شك خطوة جيدة ومتقدمة، وفي الطريق الصحيح لمسار الأفكار والتصورات في عالم اليوم، وهي خطوة لا شك تحسب للقائمين عليه، خاصة وهم ينتمون مذهبيًا إلى خارطة الأفكار "الشيعية" الزيدية تحديدًا، وما تمثله هذه المنظومة من رؤية دينيه عقائدية ضيقه للمنظومة السياسية، بادعاء الحق الإلهي في "الحكم"، والأفضلية العرقية في "الجنس".
صحيح يُعد الإعلان عن تأسيس هذا الحزب، خطوة متقدمة وإيجابية، ومحاولة للتكيف مع تطورات المشهد السياسي المحلي والعربي والدولي، رغم ما يعتري ويعتمل في حقل الأفكار الزيدية من تشوهات تحاول إعادتها إلى ماضويته الغابرة، ممثلًا بالظاهرة "الحوثية" التي تحاول العودة بالزيدية إلى معارك الإمام الهادي وراديكالية الناصر وشوفينية عبد الله بن حمزة، وتكفيرية إسماعيل القاسم، متجاهلةً حجم التطورات التاريخية والبشرية والإنسانية الهائلة، التي نعيشها وتؤكدها ثورات الربيع العربي وتدعمها بالتضحيات الكبيرة.
صحيح أنه سبق للمذهبيين الزيدية أن أعلنوا منذ أزيد من عقدين من الزمان عن تأسيس حزب "الحق" في ربيع أول 1411 هجرية، تزامنًا وتكيفًا مع دستور دولة الوحدة حينها، لكن ذلك الحزب لم يُحدث جديدًا في فكر الزيدية بقدر ما كان عبارة عن تكتيك سياسي مرحلي أكثر منه مراجعة فكرية بنيوية لمنظومة هذا المذهب القائم على نظرية الحق الإلهي في الحكم، وبالتالي تلاشى ذلك التكتيك سريعًا بالعودة إلى منابعه الأولى بإعلانه لمنتدى الشباب المؤمن، الذي فجر حروبًا ستة سقط ضحيتها الآلاف من اليمنيين، مدنيين وعسكريين.
ولكي نكون واضحين، وتجنبًا لتكرار ذلك المشهد الدموي المريب، فإننا نضع أمام الحزب الجديد -الذي يرى البعض أنه ليس سوى انشقاق عن حزب الحق، من خلال رئيس مجلس شوراه الذي يرأس لجنة حزب الأمة التحضيرية- عديدًا من التساؤلات التي ينبغي أن يجيب عليها الحزب من خلال أدبياته وآلياته، وهي موقفه الواضح والصريح من تراكمات تراث مذهبي مرتكز على نظرية ثيوقرطية سياسية، تدعي الحق الإلهي في الحكم والأفضلية العرقية في الجنس، أي ما موقف حزب الأمة من قضية الإمامة، وقضية البطنين؟, باعتبارهما، قضايا سياسية صميمة لا علاقة لهما بسنن الوضوء وموجبات الطهارة، فقهيًا.
الأمر الآخر هو علاقة هذا الحزب الوليد بالجماعة الحوثية المسلحة؟ وهل هذا الحزب هو الذي أعلن عن نية تأسيسه عبد الملك الحوثي في لقائه بالمبعوث الأممي جمال بن عمر؟ وهل صحيح سيكون بمثابة الجناح السياسي للحوثية التي ستظل على شكلها الحالي كجماعة مذهبية مسلحة؟ كل هذه الأسئلة نضعها بين يدي الأستاذ أحمد محمد مفتاح وحزبه الجديد، عله يجيب عليها، لتكون إجاباته دلالة لتوجه الحزب الجديد في هذه المرحلة الحرجة والحاسمة يمنيًّا.
يجب أن يكون واضحًا أيضًا للجميع أن بقاء الحوثي، بهذه الصورة النمطية لتقليد طفولي لقضية المرجعية الدينية، التي يظن عبد الملك الحوثي أن يكونها، كما في حالة السستاني أو غيره من المرجعيات، هذا يتعارض جملة وتفصيلًا مع ما يدعيه الحوثيون من مطلب "الدولة المدنية"، عدا تعارض هذا أيضًا مع مطالب ثورة اليمنيين السلمية، لذا هذا ما يجب أن يوضحه حزب الأمة بخصوص علاقتهم بالحوثي وموقعه في هذا الحزب الجديد.
لذا نحن هنا نشيد بخطوة التأسيس ونباركها، كخطوة سياسية حداثوية ينبغي أن يقترب منها الجميع في تيارات المرجعيات الدينية، زيدية وسلفية وجهادية أيضًا، إذا لا فرق بين مرجعيات الجميع من حيث نظرتها ورؤيتها للعمل السياسي، مع اختلاف زوايا النظر فقط لمربع السياسة عند كل جماعة، باعتبار السياسة وفقًا للمرجعية الديموقراطية التعددية، خروجًا عن الإسلام، وتشبهًا بالكفار، وهذا المنطق هو منطق جميع هذه الجماعات دون استثناء، سلفية كانت أو زيدية أو جهادية، مع ملاحظة أن الزيدية تختلف عن الجماعتين السلفيتين، بكونها صاحبة تجربة سياسية تاريخية طويلة فقط في هذا الجانب.
وكحقيقة مركزية في منظومة أفكار المذهب الزيدي، لا يمكن إغفالها في الحديث عن أي تطور قد نلحظه في هذا المذهب الذي شكل أكثر من ثلثي تاريخ اليمن الإسلامي السياسي منه والثقافي، متكأً على نظرية ثيوقراطية في السياسة والحكم، تدعي الأفضلية العرقية والأولوية السياسية، بادعاء صلة النسب النبوي كمرجعية لكل تلك الامتيازات التي تتعارض جملة وتفصلًا مع مبدأ التوحيد الإسلامي المؤسس للمساواة، بحسب المفكر الإسلامي محمد إقبال، التي يتأسس عليها واحدية الجنس البشري بالمنطق القرآني والنبوي أيضًا.
ما يمكننا قوله هنا هو أن منظومة الفكر الزيدي، هي حالة استثنائية في حقل المذاهب الفقهية في الفكر الإسلامي التي تؤسس لنظرية "سياسية" تمثل الإمامة والبطنين أهم مرتكزاتها، وإلى جانب الزيدية أيضًا هناك كل من الجعفرية الاثني عشرية و الإباضية، كأحزاب دينية، مع فارق أن الجعفرية توقفت رؤيتها السياسية عن اثني عشر إمامًا، بينما الزيدية لم يقف بها الزمن عند حد معين، بل تعضد نظريتها باستمرارية الحق الإلهي بالحكم حتى قيام الساعة.
مع ملاحظة أن هاتين الفكرتين، أي الإمامة والبطنين، لم تلتحقا بمنظومة هذا المذهب إلا متأخرتين نسبيًا، بنسبتهما للإمام الهادي يحيي بن الحسين الرسي، الذي قدم إلى اليمن في القرن الهجري الثالث، أي عام 282 هجرية، وأن الإمام زيد بن علي بن الحسين، لم يذكر عنه أو ينسب إليه أي من هذه الأفكار، رغم خروجه المسلح، وخروج جده الحسين، هذا فضلًا عن أن الإمام القاسم الرسي كمرجعية معتبرة عند هادوية اليمن، لم يكن هو الآخر مصدرًا لتلك الأفكار الشوفينية.