مأرب برس – السويد – خاص
( إن مساحة الديمقراطية التي تتعاطها الأحزاب السياسية في شؤونها الداخلية هي نفس المساحة التي تستحقها على أرض الواقع السياسي العام )
إن الأحزاب السياسية هي عبارة عن تنظيمات لها أدبيات وطروحات سياسية مختلفة تطمح من خلالها الوصول إلى سدة الحكم، وقد تنطوي هده الأدبيات على أيديولوجية محددة، والأحزاب يجب أن تكون لها قاعدة بشرية من عامة الشعب حتى تكتسب شرعيتها، وتلك القاعدة الشعبية لا بد أن تبلغ النصاب القانوني حتى تُسجل ضمن خارطة التنافس السياسي، وليس كل خمس أو عشره أفراد يمكنهم خوض التنافس على السلطة لمجرد أن لهم آراء مختلفة عن الأحزاب الأخرى، لك
ن هذه الأحزاب الصغرى يمكنها توسيع قاعدتها بإقناع المواطن بطرحهم، وعند اكتمال العدد المطلوب من العضوية يمكن تسجيلها رسمياً ويحق لها خوض التنافس على السلطة.
أما واقعنا نحن في بلادنا، حيث تزدهر الديمقراطية الوهمية والمؤدلجة، فهنالك القليل من الأحزاب ذات الأدب المكتوب، وفى الغالب هي أحزاب صغرى لا تمثل الكثير من قطاعات الشعب، أما الأحزاب الكبرى التي تخوض الانتخابات وتحكم بالفعل فلا أعتقد أن لها أدبيات يمكن لقواعدها الإطلاع عليها، رغم نداءاتها بالديمقراطية والدستور وسيادة القانون، ومن الغرائب أن مؤيديهم كثُر رغم ضعف التثقيف السياسي بل شبه انعدامه لديهم، فمعظم مؤيدي تلك الأحزاب لا يعون الخطوط السياسية لها في معالجة شؤون الدولة والمجتمع، وليس لديهم القدرة على إقناع أحد بالوجهات السياسية لأحزابهم لا لشيء ولكن لأنهم لا يعونها، ومع ذلك نجدهم يورثون ذلك لأبنائهم وأقاربهم حتى تصبح المسألة للرائي كعصبية عميقة الجذور أكثر من طرح سياسي يمكن أن يتجدد ويستوعب من يقف خارج الفكر السياسي للحزب.
إن هذه الأحزاب تقوم غالباً على شخصية كارزمية ( كالرمز في المؤتمر والأحمر في الإصلاح والشامي في الحق وغيرهم عدة في بقية الأحزاب )، وربما هذه الشخصية نفسها لا تعي سر اكتسابها لصفة الكارزما التي تمتلكها ولا كيفية توظيفها لقيادة الحزب وفقاً لمنهجية واضحة تلغي الاعتماد على الفرد ( الرمز ) وتفتح المجال للفكر ( المنهج ) ، وهنا يكون أمام العضو العادي ورغم محدودية عقله مهمة أصعب من استيعاب الأدب السياسي المكتوب، وذلك بإجهاد نفسه وعقله لمعرفة ما تنطوي عليه نفسية وعقلية الكارزما ( الرمز ) وماهية توجهاته الحقيقة وفي أي مصلحة تصب، وذلك من الصعب إدراكه لعمق الاثنين معاً خيرأً وشراً.. أما الغريب حقاً فهو أن الناس تتفاءل خيراً وتكتفي بوسع النفس الإنسانية الطيبة لذلك الرجل، وليس لهم القدرة على الجزم بذلك إطلاقاً.!!
هذا الشكل من التنظيم لعملٍ سياسي ما لا يعنى التبعية العمياء الكاملة فقط، بل يعنى أن الحكم يتوقف عند أعتاب بيوتات محددة، وهذا ليس من العملية الديمقراطية في شيء داخل الحزب نفسه، فكيف ستسهم تلك الأحزاب في التنمية الديمقراطية وهي فاقدة لها أصلا.؟!
إن النظم الديمقراطية تكفل للإنسان حق الطموح للرئاسة بشتى أنواعها، ولكن لا يولد كل الناس بهذا الطموح، وكثيرون ولدوا ليكونوا ملوكاً ولكن قليل هم من ولدوا ليكونوا قادة ورؤساء.
أما زعماء بعض الأحزاب في بلادنا فهم أسياد ورؤساء خارج الحكم وداخله، بل لم يبقى لهم إلا منازعتهم عظمة الله في قلوب عباده، وما يعقد الوضع في بلادنا ويجعل كل الجهد الديمقراطي يؤول للفشل هو عدم وجود دستور فاعل ودائم للبلاد، وهذا يعنى أنه لا إجماع على طريقة الحكم، فالدستور قابل للتعديل في أي لحظة لهوى في نفس الحاكم أو رغبة لدى وريثه الغير شرعي.
لذا نجد أثناء ما يسمى بالفترات الديمقراطية أن الناس تتكتل فئوياً أو قبائلياً طلباً للحماية ونيل الحقوق، والتي لا يمكن ضمانها بدستور مؤقت ومشلول صيغ فقط لتشريع وضع السلطة، واليمن ذات وضع حساس من واقع خارطتها ودول الجوار مما يجعل مهمة من تحقيق الأمن القومي أمراً في غاية الصعوبة دون التفاهم مع هذه الجغرافية السياسية، ومع التعدد الإثني والقبلي والطائفي الموجود في اليمن، فلا بد من صياغة وتفعيل دستور يضمن حق المواطنة والممارسة يكون مقبولاً للجميع، وهذا من الصعب صياغته بنظرية الأغلبية، لان للأقليات حقوق مماثلة تماماً حتى ولو كانوا لا يزيدون على أفراد.
في الجمعة 02 مارس - آذار 2007 10:45:16 م