صورة لثلاثة مختطفين قررت سلطات الحوثيين إعدامهم.. وسط استنكار شديد وادانة
بالدولار.. الكشف عن حجم الخسائر المادية لميناء الحديدة وطبيعة الوضع داخله بعد الضربة الإسرائيلية
إشادة رئاسية بدور حضرموت ومكانتها.. رسائل ودية من النائبين العليمي ومجلي للمجتمع الحضرمي
الموعد الجديد لأول رحلة من مطار صنعاء الى القاهرة وسبب التأجيل
أبرز ما تحدث به الرئيس العليمي في اجتماع مع قيادة السلطة المحلية بحضرموت وماذا قال عن توقف تصدير النفط؟
إسبانيا تذبح ديوك فرنسا وتتوج بلقب يورو الشباب
بعد فضيحة التجسس.. حكومة كندا تعاقب منتخب كرة القدم
مفاوضات للتجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا بمشاركة 9 جهات سعودية
خطيرة مثل التدخين.. مواد كيميائية مسببة للسرطان في الفواكه والخضروات
مجلس النواب الليبي يفتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة
من يسافر في بلدان العالم الإسلامي ، أو يختلط بأبنائها يجد منهم الحب الكبير للغة العربية والرغبة المؤكدة في تعلمها ، وقد يتعاملون معك بجفاف ولكن ما إن تحدثهم باللغة العربية حتى تتهلل وجوههم وتنبسط أساريرهم ، يؤكد هذا الأمر الصحفي الكويتي الأستاذ أنور الياسين المدير الأسبق لمجلة " العربي " وهو يتحدث عن رحلة استطلاعية للمجلة في السنغال يقول : ( حين هبطنا إلى أرض مطار داكار أحسسنا أن وجوه العمال مقطبة وغاضبة ولا تشي بشيء من الطيبة التي تنطوي عليها القلوب .
لكن تجربة صغيرة سرعان ما كشفت الحقيقة . فقد كانت الصرامة تبدو على وجوه رجال الجوازات .. ولكن هذه الصرامة ازالتها عبارة " السلام عليكم " التي فتحت لنا القلوب حين اكتشف الرجل اننا نتكلم اللغة العربية ..
وقال وهو يبش في وجوهنا باللغة الفرنسية ويردد بابتسامة وبلغة مكسورة " سلام عليكو " ورفع الرجل يديه وقد تقبضت أصابعه على الهواء وهو يتناول جوازات سفرنا وقال بالفرنسية
: ـ أنا مسلم .. أعرف لغة الإسلام . ووسط دهشتنا بدأ رجل البوليس يقرأ الفاتحة باللغة العربية ..
وانفتحت لنا أبواب داكار . شوارع المدينة تمتلئ بالملابس الوطنية التي تفوح بالعطور الفرنسية .. هبات الهواء تحمل رائحة قوية للفول السوداني ، الرجال والنساء يضعون في أفواههم قطعا من خشب الأشجار المعطرة هي السواك . يتحدثون وهم يضعونها ويبتسمون من خلالها ويمرون بها على اسنانهم كل دقائق ..من الأذرع الآبنوسية تتدلى على قطع من الجلد تشبه الأحجبة المعلقة . انه ليس حجابا بالمعنى المعروف بل كيس صغير لا يزيد حجمه على نصف داخله عدة آيات من القرآن الكريم ، أغلب الناس لا يعرفون معناها ـ إلا من تعلموا اللغة العربية في المدارس الإسلامية أو البعثات في الدول العربية ـ لكن الحب الذي يكنونه لهذه الآيات هو الذي جعلها أغلى شيء في داكار . بل وفي كل غرب افريقيا .. هو حب الإسلام ولغته ، أراد الفرنسيون المستعمرون أن يفقدوه لسانه وحطموا أسلوب التعبير عنه تماما كما فعلوا في الشمال الإفريقي حين جهدوا أن يلغوا لغة الاسلام ويحولوا الناس إلى اللغة الفرنسية ..
لكن هذا اللسان طوال انكفائه على نفسه لم يفقد نفسه ولا انطفأت شعلته ). اللغة العربية ليست أداة تخاطب فحسب ، ولكنها سياسة وحضارة واستراتيجية فاعلة ، وعن هذا الأمر يقول الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين : ( اللغة ليست مجرد وسيلة تخاطب .
اللغة هي وعاء الفكر ووعاء العاطفة معا ، والأمة العربية ـ ليست ككيان سياسي فقط بل ككيان حضاري أيضا ـ لديها فرصة نادرة لأن تكون لغتها سلاحا من أمضى أسلحتها في كل معاركها ، ووسيلة خلاقة للمساهمة في صراع الحضارات العالمية الراهن ، أو الحوار بين الحضارات . لقد أتيح لي أن أذهب إلى بعض مناطق الحزام الإفريقي : السنغال ، مالي ، وسط إفريقيا ، تشاد ، غينيا ، شمالي غانا ونيجيريا ، جنوبي السودان المسيحي ، الصومال بفروعه المبعثرة ، في أول أيام استقلال تلك المناطق ، ورأيت لهفة الناس لتعلم اللغة العربية ، لغة كتابهم المقدس ، لغة عباداتهم وصلواتهم ، ولغة جيرانهم الأقدمين ، وشركائهم في التجارة عبر طرق القوافل التي شقها العرب قديما .
هذه اللغة أقرب إليهم وأسهل لهم ، ولم تفرض يوما بالقوة عليهم " . ويضيف الأستاذ أحمد بهاء الدين : ( إن نصف الملايين التي ننفقها على الأسلحة القديمة ـ لا تحقق الفوائد الاستراتيجية التي يحققها استخدام سلاح اللغة العربية في آسيا وإفريقيا إلى أقصى مداه .
من بنجلاديش شرقا إلى الشاطئ الإفريقي غربا ، أرض وشعوب ، أخصب ما تكون لتلقي اللغة العربية وتحويلها إلى لغة أصلية لها مع الزمن . إنه عمل حضاري فوق كل شيء ، ووجه واحد من وجوه سلاح اللغة ". (1) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ للتوسع أنظر مقال فارق شوشة : " اللغة العربية ـ سياسة وحضارة واستراتيجية " ، والمنشور في زاوية " جمال العربية " بمجلة العربي الكويتية العدد 478 ـ سبتمبر 1998م .
* مقتطف من كتابي " قطوف في اللغة والأدب والفن " والذي سيصدر خلال الأيام القادمة بإذن الله .