غزة بين مطرقة الصهاينة و سندان العملاء
بقلم/ عارف علي العمري
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و 6 أيام
الأربعاء 07 يناير-كانون الثاني 2009 07:34 م

يوم بعد أخر تزداد عمليات القتال في غزة ضراوة بين أبطال المقاومة العزل الذين لا يملكون لا ما تصنعه أيديهم من صواريخ محلية الصنع كصواريخ القسام وصواريخ غراد , وبين عدوا يمتلك أقوى ترسانة نووية في العالم, بالإضافة إلى جيش كان إلى ما قبل حرب تموز 2006 في لبنان يسمى ( الجيش الذي لا يقهر ) أو ( الجيش الأسطوري ) هذا الجيش يعتبر رابع اكبر جيش في العالم , هذه الحرب أبدت ما كان مستوراً, وجعلت القادة العرب من اليوم الأول أمام خيارين لا ثالث لهما إما الوقوف إلى جانب المقاومين ودعمهم ومناصرتهم بالسلاح والعتاد لا أن يقفوا وسطاء بين كيان محتل, وشعب اعزل , ليسووا بين الجاني والضحية .وإما أن ينددوا في العلن ويتعاونوا مع الصهاينة في السر, وهذا ما أثبتته الأيام فعلاً وحينها عرفت الأمة العربية والإسلامية من المحيط إلى المحيط من يتلاعب بقضاياها المصيرية ومن يدافع عنها , لقد ظهر محور الاعتدال كما يسميه الغربيون يتمثل في ( مصر والسعودية والأردن ) وظهر محور الشر ( إيران و سوريا وحزب الله وحركة المقاومة الإسلامية حماس ) هذا من وجهة نظر غربية أما من وجهة نظرنا فان ما يسمى بمحور الاعتدال هي محور الخيانة والعمالة ومحور الشر هو محور النصر والعزة والكرامة

لقد كان اجتياح غزة والإطاحة بحماس واغتيال عددٍ من قيادات الحركة ودخول سلطة عباس، أحلام وأوهام، هواجس ورغبات، وتصريحات لعددٍ غير قليل من ساسة الكيان الصهيوني، وعدد نادر من ساسة أنظمة الحكم العربي

مصر وحماس

توجد أطراف عربية متواطئة مع إسرائيل في ضرورة القضاء على خطر حماس فبينما ترى حركة فتح أن العملية العسكرية الإسرائيلية ستتيح لحركة فتح فرصة إضعاف حركة حماس، فإن نظام حسني مبارك المصري يرى بأن القضاء على حركة حماس سيترتب عليه إضعاف المعارضة الإسلامية المتزايدة له في الشارع المصري , وخصوصاً أن حماس وجماعة الإخوان المصرية وجهان لعملة واحدة , وان حماس ما هي إلا فرع من أصل يتمثل هذا الأصل في جماعة الإخوان المسلمين التي أرقت نظام عبد الناصر وفاروق وغيرهم من زعماء مصر , وبالتالي تشير بعض الوثائق التي حصلت عليها حماس في مقر الأمن الوقائي الفلسطيني أن عدد من عناصر الأمن الوقائي التابعين لحركة فتح بقيادة محمد دحلان قد تلقوا تدريبات في بعض من الدول العربية والأجنبية من بينها مصر والسعودية بهدف القضاء على حركة حماس وتصفية قادتها بالاغتيالات

الصداقة الودية شارون ومبارك

نشرت صحيفة ((الشرق الأوسط)) في يوم الاثنيـن تاريخ 23 شـوال 1425 هـ الموافق 6 ديسمبر 2004 العدد 9505 الخبر التالي الذي اترك للقارئ أن يحلل ويدرس إبعاده ليعرف مدى أبعاد سياسة النظام المصري الحالي

(( اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون والرئيس المصري حسني مبارك على تعزيز التعاون «لمصلحة الأجيال المقبلة»، وذلك خلال مكالمة هاتفية بينهما بعد إطلاق سراح السجين الإسرائيلي عزام عزام مقابل الطلبة المصريين الستة، بحسب ما أفاد بيان لمكتب شارون. وأوضح بيان صادر عن الحكومة الإسرائيلية أن شارون اتصل هاتفيا بالرئيس مبارك ليشكره على إطلاق سراح عزام الذي حكمت عليه مصر في 1997 بالأشغال الشاقة 15 عاما بعد إدانته بالتجسس لصالح إسرائيل. واستنادا للبيان فان مبارك قال لشارون «لقد فعلت ذلك على الأخص من أجلك».

وأشار البيان إلى أن «رئيس الوزراء شكر للرئيس المصري الكلام الذي قاله الخميس للصحافة المصرية وأكد له اقتناعه بأنهما يستطيعان معا التوصل إلى نتائج عظيمة لمصلحة الأجيال المقبلة». ورد مبارك وفق البيان بالقول «أنا أوافقك تماما. معا يمكننا التوصل إلى أمور كثيرة وأقولها بكل صدق».

وكان الرئيس المصري قد أدلى بتصريحات ودية «غير مسبوقة» تجاه شارون قد تؤدي بحسب وسائل الأعلام الإسرائيلية إلى عقد اجتماع قمة بين المسئولين قريبا. وقال مبارك للصحافيين الخميس في تصريحات لافتة «إنني اعتقد أن الفلسطينيين إذا لم يتمكنوا من تحقيق تقدم في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي فانه من الصعب حدوث أي تقدم لأنه قادر على أن يسير في السلام وقادر على الحل إذا أراد».

إلى ذلك، أشارت الرئاسة المصرية أمس إلى وجود «مناخ جديد» للتعاون مع إسرائيل على تحقيق السلام )).

كل هذا وتم إطلاق السجين الإسرائيلي من اجل مجرم الحرب شارون الذي قتل المئات في مجزرة من أبشع جرائم الإنسانية في صبرا وشاتيلا , وهكذا حافظ النظام المصري على صداقته الودية مع أصدقائه , وهو يعظ عليها بالنواجذ ولا يهمه غضب الشارع العربي , ولا تهزه انهار الدم الجارية في قطاع وصدق الله في معظم كتابه الكريم (( ومن يتولهم منكم فانه منهم ))

مصر .. وتشتيت الأمة العربية

لا يختلف اثنان على أهمية موقع مصر الاستراتيجي بالنسبة للوطن العربي , ولا يمكن لا احد أن يغفل دورها بما تمثله من زخم سكاني كبير في المنطقة , لكن تحولت مصر في القرن الأخير إلى أفعى تنشر سمومها هنا وهناك , وتصدر كل أنواع الهزيمة والانكسار إلى البلدان العربية فالنظام المصري هذا النظام الذي شتتَ ليسَ فلسطينَ فحسب بل كلَ قضايا الأمة على حساب مصالحهِ الخاصة هوَ أولُ من وضعَ قدمهُ على منزلق التطبيـــــــــع مع إسرائيل وأولُ من حصل على ثمن مرور الاحتلال للعراق عن طريق قناةِ السويس , وأول من عارض الدعوة لقمة عربية طارئة تدين العدوان الصهيوني على قطاع غزة فأي خير يرتجى منه بعد ذلك , ومن العجائب أن النظام المصري رفع مذكرة ضد القائد المجاهد / حسن نصر – أمين عام حزب الله اللبناني – لأنه حرض الشعب المصري على فتح معبر رفح , ولكنه في المقابل لم يرفع مذكرة ضد النظام الإسرائيلي الصهيوني الذي حصد بدباباته وصواريخه وقنابله المحرمة دولياً رؤؤس الأبرياء العزل في قطاع غزة , والتي بلغت أكثر من سبعمائة شهيد , وأكثر من ثلاثة آلاف وثلاثمائة جريح.

التعاون الاقتصادي بين البلدين

تبدوا مصر مندفعة في دفع علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين أكثر من اندفاعها في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية , ففي حين تغلق السلطات المصرية معبر رفح أمام أبناء غزة بهدف تجويعهم وتركيعهم وجعلهم يسيرون خلفها في قافلة الخزي والعار والتطبيع , تورد في المقابل الغاز إلى دولة إسرائيل وبأسعار زهيدة وتمدها بكل ما تحتاجه , بينما تورد إسرائيل كل منتجاتها إلى العالم العربي عبر مصر . وتبلغ المبادلات التجارية بين مصر وإسرائيل سبعين مليون دولار سنوياً .

ولهذا أشادت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتعاون المصري الإسرائيلي في مجال التعاون الزراعي.

وأشارت الوزارة على موقعها الإلكتروني إلى حدوث تطورات جديدة في التنسيق حول مجال الزراعة بين إسرائيل ومصر.

وكشفت عن اجتماع عقد في إسرائيل للجنة الزراعية الإسرائيلية المصرية المشتركة بمشاركة مسئولين كبار من وزارتي الخارجية والزراعة من كلتا الدولتين.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن عدد المصريين الذين شاركوا في دورات في إسرائيل عام 2007 بلغ 192 مشاركاً مما يشكل أكبر عدد للمشاركين في دورة من دولة واحدة في سنة واحدة، مشيرةً إلى أنه يتوقع أن يبلغ عدد الخبراء المصريين الذي يشاركون عام 2008 في دورات في إسرائيل 220 .

التعاون الدبلوماسي المصري الإسرائيلي

يمثل التعاون الدبلوماسي بين مصر وإسرائيل ارقي علاقات التطبيع التي استطاعت إسرائيل أن تكسبها لصالحها بعد اتفاقية كامب ديفيد الشؤمة , ولست هنا بصدد الكتابة عن علاقات التطبيع التي بدائها أنور السادات وواصل السير عليها محمد حسني مبارك فالجميع يعرف أن العلاقات بين مصر وإسرائيل أقوى من العلاقات بين القاهرة وأي نظام عربي ويعرف أن بعض الدول العربية أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى جانب تل أبيب محملة المقاومة اللبنانية المسؤولية, وكذلك يعرف الكثير أن هناك أكثر من مائة وخمسون آلف مواطن مصري يعملون داخل إسرائيل, ويحصل الكثير منهم على الجنسيات الإسرائيلية, بل ساذكر أخر مستجدات التعاون المصري الإسرائيلي فقد شاركت تسيبي ليفني ـ وزيرة الخارجية الإسرائيلية ـ في احتفال السفارة المصرية بتل أبيب بالذكري الـ 56 لثورة 23 يوليو، وقالت فيها: إن النزاع في الشرق الأوسط تغير هذه الأيام إلي صراع بين العناصر المعتدلة والمتطرفة، في إشارة إلي الدول المعتدلة وعلي رأسها مصر والأردن والسعودية والدول المتطرفة وعلي رأسها إيران.

وأضافت وزيرة الخارجية الإسرائيلية أن «التعاون بين القاهرة وتل أبيب ضد متطرفي الشرق الأوسط هو تعاون مثمر جداً» مؤكدة أن كلاً من الدولتين أدركتا ضرورة تكثيف التعاون بينهما لمواجهة الواقع الجديد في الشرق الأوسط» حسب قولها.

تصريحات الوزيرة تضمنت دعوات للشعب المصري والإسرائيلي لتقوية أسس السلام بين تل أبيب والقاهرة عن طريق التعاون الشعبي بينهم وإدراكهم لضرورة الوقوف أمام المتشددين في المنطقة معربة عن أملها خلال الاحتفال بأن «يدرك الشعبان أهمية التعاون بينهما للوقوف أمام متشددي المنطقة مما سيؤدي إلي تقوية أسس السلام» حسب قولها .

وأخيرا

هذه جزء بسيط من علاقات التعاون بين عدوا يحتل الأرض, ويستبيح العرض, ويقتل الأطفال الرضع, والشيوخ الركع, وبين النظام المصري الذي أصيبت الأمة بسببه بالكثير من النكبات والويلات , وفي الحلقة القادمة سيكون الحديث عن العلاقات الودية الإسرائيلية السعودية . إن شاء الله

Aref78@hotmail.com