مجلس السيادة: الجيش السوداني حصل على أسلحة نوعية وهناك تحالف دولي جديد يتشكل لصالح السودان مبادرة الحزام والطريق الصينية.. ماهي أثارها على باب المندب وقناة السويس ؟ مسؤول حكومي يتحدث عن إنقلاب مليشيات الحوثي على صفقة المحررين من معتقلاتها اسناد العاصمة يدعو القوى الجمهورية لمواصلة دعم الجيش في معركة استعادة الدولة إسرائيل تعتقل خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري .. أول دولة أوروبية تبلغ الحوثيين إيقاف نشاط أهم الوكالات الغربية وتغلق مكاتبها بصنعاء توكل كرمان تؤكد للمقاومة الفلسطينية عواقب الثقة الزائدة بالنظام الإيراني .. إن لم يغدروا خانوا مأرب تحيي صلاة الغائب على روح القائد إسماعيل هنية وتظاهرة حاشدة تضامناً مع الشعب الفلسطين البيضاء.. مقتل قيادي حوثي وزوجته بانفجار داخل منزلهما تقرير يكشف تفاصيل الرد الإيراني على إسرائيل وكم ستستغرق طهران لتنفيذه
قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، تلك هي الغاية التي خلقنا من أجلها، ويجهلها كثير من العباد. إن العبودية لله تعالى ليست تكليفًا وحسب، إنما هي تشريف واصطفاء، وصدق الشاعر إذ يقول: ومما زادني شرفًا وتيها…
وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي…
.وأن أرسلت أحمد لي نبيا فشرفٌ للمرء أن يكون ممن خوطب بهذه الكلمة المحببة لأهل الإيمان (يا عبادي)، حتى عندما يتجاوزون حدوده وينتهكون محارمه، يدعوهم إلى الإنابة بقوله {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. ومن شرف العبودية أن الله تعالى جعل أحب الأسماء إليه ما تضمن انتساب العبد لربه بالعبودية،
كما جاء في الحديث (إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ: عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ)، فجعل الله التسمي بهذين الاسمين أفضل من غيرهما. ومن شرف العبودية أن الله تعالى نسب نبيه صلى الله عليه وسلم إليها في أشرف المواطن وأعظمها، ففي مقام تنزل القرآن كلام الله تعالى والمعجزة الخالدة قال {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1]، وفي مقام الدعوة التي هي أشرف الوظائف والمهام البشرية على الإطلاق قال {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19].
وفي مقام الإسراء والمعراج – تلك الرحلة التي لم تكن لبشر قط تشريفًا وسلوانًا للنبي صلى الله عليه وسلم – قال {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]. لقد كانت كلمة “عبد ” هي الخيار الأعظم الذي اختاره نبينا صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث (جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل فقال له جبريل:
هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل الساعة فلما نزل قال يا محمد: أرسلني إليك ربك أملكًا جعلك أم عبدًا رسولًا؟ فقال له جبريل: تواضع لربك يا محمد فقال صلى الله عليه وسلم: لا بل عبدًا رسولًا)، ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن مقام العبادة هو أوفى وأعلى وأعظم المقامات.
عندما حملت الصديقة مريم بالمسيح بكلمة الله، أتت قومها بالوليد {قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا } [مريم: 27 – 29]. هنا حدثت المعجزة، وتكلم الصبي في مهده، فكان أول ما نطق (إني عبد الله)، فهي أعظم حقيقة وأشرف انتساب أن يكون العبد عبدًا لله طوعًا.. إن العبودية لله تعني تحرير البشر، فكلما ذلت ناصية العبد لربه ازداد رفعة وعزة {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10]، فيرفعه الله على خلقه بالعبودية، وتلك هي الرسالة التي وعاها ربعي بن عامر ثم بلّغها قائد الفرس “الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة”.
. إنها تحرر العبد – بعد توحيد وِجهته إلى الله – من الذل والهوان للناس ولو سوّرت معصميه الأغلال وألهبت ظهره السياط، فهو مستعلٍ فوق الباطل بعبوديته لله، فيصبح حاله كما عبر شيخ الإسلام ابن تيمية (ما يصنع أعدائي بي، إن جنتي في صدري، أين رحت فهي معي، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة).
وإن لم يقم الإنسان بحق العبودية لله تعالى صار أسيرًا لعبودية غيره، عبدًا لهواه أو لماله أو لسلطانه كما في الحديث (تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما (الهوى إله يعبد).
ألا فليعلم المسلم أن عبوديته لله تبارك وتعالى هي غاية وجوده ومصدر عزته وسبيل حريته، والطريق الأوحد إلى سعادته الأبدية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون