ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
الحلقة الأولى
توطئة:
بعد ذات حوار صحفي مع كاتب هذه السطور تناول جملة من قضايا الفكر والتربية وإشكالات العمل الإسلامي بعث إليّ بعض الأصدقاء بتعليقات شخصية على مجمل ما دار في الحوار، غير أن واحدا من تلك التعليقات كان- حسب تقديري- الأجدر بالتأمل الطويل، ومن ثم توقفت عنده مليّاً، لأنّه يحمل – في جوهره- وجهة نظر فئة من النخبة، لطالما قرأت أو سمعت من يقدّمها بوصفها المخرج من الأزمة الفكرية والسياسية الراهنة، ليس في المجتمع اليمني فحسب بل في المجتمعات العربية والإسلامية عامة، وتلكم هي فكرة (العلمانية)، كنظام سياسي يعمل على الفصل بين الدين والدولة، ويسعى لإخراجنا من صراع الطوائف والمذاهب والأحزاب (الدينية)! لاسيما مع المستجدات الأخيرة للفتنة التي توصف بـ(الطائفية) في العراق، أو اندلاع فتنة صعدة عبر مراحلها المتعاقبة منذ منتصف العام 2004م، وتداعياتها التي لا يعلم إلا الله نهاية لها، ناهيك عن المشكل اللبناني .
ولأن الموضوع يمثّل همّاً قديماً نسبياً لدى كاتب هذه السطور، من حيث الرغبة في مناقشة هذه الأطروحة؛ فلم أجد قلمي يتوقّف إلا بعد كتابة صفحات ناهزت العشرين، ثمّ تطوّرت الفكرة أكثر فأخذت المنحى المنهجي في جانب التوثيق، وأضحت على النحو الحالي، حواراً بين صديقين، ونظراً لما تتضمنه من معان وأفكار، رأيت أن يشاركني القراء ولا سيما من يعنيهم الأمر مداولتها، وأن يثروها بتعقيباتهم ورؤاهم .
وقبل أن أعرض مناقشتي لما ورد في رسالة الصديق الذي آثر عدم ذكر اسمه كاملاً لغرض النشر؛ أرى أن من الأهمية والأمانة معاً إيراد رسالته كما وردت إلا من بعض الجوانب الفنية التي منحني الصديق حق التصرّف فيها، إذ هو بعثها في الأصل إليّ بوصفي صديقاً أنظر فيها لإثرائها على المستوى الثنائي، لا لنشرها على الملأ، لكنني استحسنت فكرة النشر العام للفكرتين، واستأذنته في ذلك، فأذن بعد تفكير، وأبدى استحسانه – من ثمّ- كذلك، شريطة إجراء بعض تلك التصرفات الفنية في رسالته. وإليك – قارئي الكريم – في هذه الحلقة نص رسالة ناصر، وجانباً أولياً من مناقشتها،على أن نستهل الحلقة القادمة –بإذن الله- بمناقشة جوانب أخرى من محتواها.
أولاً نص رسالة الصديق ناصر:
سلام عليكم يا دكتور وشكرا على إرسال المقابلة واسمح لي بأن أشير إلى بعض النقاط من وحي المقابلة ومن غيرها فيما يلي:
1- أحيي فيك نشاطك الفكري بغض النظر عن درجة اتفاقي أو اختلافي معه، فمن المفيد أن يترجم المرء ما يفكر فيه إلى عمل مادي كما تعمل في كتاباتك.
2- هناك الكثير من الأفكار الرائعة التي تحملها كتاباتك، وأشعر أنها لم تنل ما تستحقه من اهتمام وأرجع سببه إلى السياسية التي ترفع الأعمال السطحية حين تكون في مصلحة من يملك السلطة والثروة وتخفي أو تتجاهل الأعمال العميقة حين تمس بسلطتها، ومع ذلك فإني مؤمن بأن العمل الجاد والأصيل سيبقى كذلك مهما تم تجاهله للأسباب التي ذكرتها.
3- رغم أني قد أكون في موقع مغاير لموقعك الفكري إلا أني تلمست من خلال المقابلات الشخصية – على قلتها – أو من خلال ما أقرأه لك بأنك تمتلك ذهنية العلماء (لا اقصد علماء الدين بالضرورة) والذي يتضح من خلال صدق ما تكتب وإيمانك به وغوصك في الظواهر التي تناقشها. وهذه الصفات تجعلني أناقشك بكل حرية إيماناً مني بحقيقة أن من يمتلك هذه الذهنية يعتبر الحوار معه أمراً حيوياً لتطوير الأفكار، إضافة إلى ذلك فإن الصدق وعدم التعصب والابتعاد – قدر الإمكان – عن الأفكار المسبقة هي الذخيرة الأساسية للأفكار الجديدة والأصيلة والذي أعتقد وبصدق أنك مؤهل لها.
4- في مقابلتك أشرت إلى قضية "تجنح" الحركة الإسلامية في اليمن وتجزئها في المناطق الأخرى – كما فهمت- وقد فهمت بأنك غير مؤيد لهذه الظاهرة. وفي هذا الشأن دعني أشر إلى أن فكرة الوحدة المطلقة لحزب أو حركة أو توجه فكري ما، ما هي إلا وهم ِصرف فالناس لا يمكن لهم أن يكونوا متوحدين تحت قيادة ما إلا في حالة الأحزاب الشمولية التي تمتلك من وسائل القمع ما يمكنها من خلق هذه الوحدة القسرية، أما الأمر الطبيعي فإنّه التجنح والانشقاقات وتعدد المدارس الفكرية وغيرها هي الحالة السوية والطبيعية، فكما أشرت في المقابلة فلا توجد حركة دينية أو فكرية بعيدة عن السياسية، والسياسة مصالح متنافرة ومادام الأمر كذلك فإن الطبيعي أن يكون هناك تعدد وليس العكس. وأعتقد من وجهة نظر سياسية أن التعدد والاختلاف هو أجدى لأي مجتمع من "الأحادية" لأنها مصطنعة ولابد أن يكون مصدرها القسر. فلو أن هناك أحادية فكرية للتيار الإسلامي في اليمن لما تمكنت أن تكتب ما تكتبه ولكان حالك حال الكتاب في العصر السوفيتي الذي كان عليهم أن يرددوا ما تمليه عليهم قيادة الحزب، وقد أشرت إلى مصادرة ما كتبت من قبل قيادة الحزب التي لم يعجبها ما قلت.
5- أتفق معك على أن التشدد أحياناً باسم السنة ليس بمنأى عن مخرجات نظام سياسي استمد شرعية وجوده منها، وما ينطبق على هذا الفكر في القديم والحديث ينطبق على جميع المذاهب والأفكار الإسلامية الأخرى، ففي حال تتبعنا مصدر فكرة ما سنجدها إحدى مخرجات السياسة والسيطرة إلى حد كبير، فلا وجود للفكر خارج السلطة كما يذهب إليه البعض.
6- استطرادا لما سبق فإن الأفكار والمظاهر الدينية في مجتمعاتنا الحالية ما هي إلا مخرجات لواقع سياسي/اقتصادي/اجتماعي من حيث إن غياب الشرعية السياسية المستندة إلى التفويض الشعبي الحر والعقلاني-وهو أحد مخرجات الحداثة- تجعل الدين إحدى وسائل الحصول على الشرعية السياسية، ويستوي في ذلك الحكام ومعارضوهم، فالجميع يوظف الدين للحصول على شرعية للسيطرة على السلطة والثروة والمكانة. وما لم تحل مشكلة السلطة عن طريق التفويض الشعبي فإن الدين سيبقى إحدى وسائل الصراع على السلطة، وأعتقد أن أي بحث لشرعية سياسية عن طريق الدين تحت إي مسمى (دين وسطي أو متطرف) هو بحث في الطريق الخطأ، فالسياسة التي تبنى على الدين مصيرها الحتمي هو الاستبداد بغض النظر عن طبيعة الدين، واسمح لي بتذكيرك بمصير حسن الترابي في السودان ورجال الدين الذين قمعوا ولازالوا يقمعون في إيران رغم أنهم من تولوا إقامة هذه النظم.
7- أشرت في المقابلة إلى وجود مظاهر دخيلة على الزيدية من مثل الاحتفال بالغدير أو بالمولد وغيرها. وفي هذا الشأن أحب أن أشير إلى أنه ليس هناك ما يمكن تسميته بمظاهر دخيلة أو ثابتة، استنادا إلى حقيقة يؤكدها التاريخ الاجتماعي للبشر الذي يقول لنا بأننا متحركون ومتغيرون، وهذا ما يميزنا عن الحيوانات، وكلما كنا في مجتمعات منفتحة كلما كان تغيرنا أسرع والعكس صحيح، وما ينطبق على الحوثيين وما اعتبرته مظاهر دخيلة ينطبق على الآخرين، فهل تستطيع أن تجزم بان المظاهر لما يمكن تسميتهم بالسنة في اليمن اليوم تشبه ما كانوا عليه قبل أربعين عاما، قبل أن يأتي المد السلفي، وما ينطبق على السنة ينطبق على الزيود أو غيرهم، فالحركة والتغيير هي القاعدة بينما الجمود هو الاستثناء.
8- لم أفهم قصدك حين قلت بأن الحوثيين ربما أدركوا خطاء المطالبة بإنشاء جامعة خاصة بهم، فلم أفهم أين الخطاء هل في الفكرة أو التوقيت، حيث إن العدالة تقتضي أن يسمح للحوثيين بما يسمح لمنافسيهم حين أنشأوا جامعة ومعاهد بأموال أتى معظمها من خارج الحدود، أو أن العدالة تقتضي أن نمنع الجميع، وهنا نعود إلى مسألة العلمانية، التي أتت كحل عملي وضروري لمسألة التعدد الديني والمذهبي والفكري، فبدونها فإننا سنجد أنفسنا في تناقض واضح مع ما نؤمن به. ودعني أسترسل في هذا الموضوع - الذي أعتقد أنني قد أشرت له في رسالة سابقة - فكما ترى فإن المناهج الدراسية في اليمن والخطاب الرسمي في اليمن قد تم احتكاره لصالح فريق ديني /سياسي (سني/إخواني/سلفي) خلال الأربعين عاما الماضية وتم ذلك بدعم سعودي واضح ومباشر، وفي هذا الصدد تم بناء أكثر من 95% من المساجد الجديدة في اليمن بأموال سنية/سلفية، وتم (سلفنة) المساجد في جميع أنحاء اليمن بما فيها مواطن الزيدية والإسماعيلية والصوفية، وأصبحنا نتعامل مع هذا الأمر وكأنه أمر عادي جدا، فبإمكان س من الناس أن ينشئ جامعاً ومركز تحفيظ قرآن لفاعل خير من السعودية أو الخليج وبدعم ومباركة رسمية، في نفس الوقت لو سمعنا بأن هناك مسجداً زيدياً/اثني عشرياً يتم بناؤه بأموال من شيعة إيران أو العراق فإننا نرى في الأمر مؤامرة وشراً مستطيراً. ولو تمعنا قليلا في الأمر لوجدنا أن هناك تناقضاً في الطرح وغياباً للعدالة، فبأي حق نحرم طائفة دينية زيدية أو اثنى عشرية من أن تبني مساجد ومعاهد وفي نفس الوقت نسمح ونبارك لطائفة أخرى بأن تعمل ذلك.
إن هذه المشاكل تجعلنا نقترب أكثر وأكثر باتجاه العلمانية التي تقتضي أن لا تتدخل الدولة في القضايا الدينية بالمعنى الذي يجعلها محايدة، وهذا الحياد يقتضي إما أن تسمح الدولة للجميع بالتمتع بنفس الحقوق كأن تسمح الدولة للزيود بأن ينشئوا جامعة ومدارس ومعاهد بأموال الشيعة كما تسمح للسنة، وفي هذه الحالة فإن النتيجة المنطقية لهذا الوضع هو الاحتراب والتناحر وفقا لأجندات داخلية وخارجية، أو أن الدولة تمنع الجميع من بناء هذه المنشئات، وطبيعي أن هذا الحل سيبدو غريبا وفقا للواقع الموضوعي لليمن في الوقت الحالي، ومع ذلك فإن نقاشي معك ليس إلا لفتح آفاق للتأمل، وهو أمر مهم لتلمس الواقع.
اعذرني على الإطالة، وعلى الأخطاء اللغوية خاصة وأنني لم أحب أن أعيد قراءة النص وأبقيته كما هو، لخوفي من أن المراجعة قد تجعلني أتخلى عن فكرة إرساله كما عملت مع موضوع سابق حيث إنني هممت بإرسال رسالة لك وفكرت بأن أراجعها وحتى الآن لا أعرف أين وضعتها.
وفي الأخير أكرر شكري لاهتمامك وأجد نفسي أكرر إعجابي بما تقوم به وأملي في أن تستمر في الكتابة والبحث وشكرا
ناصر
ثانياً: مناقشة لما ورد في رسالة الصديق ناصر :
أخي الأعز الأستاذ ناصر عافاك الله
وعليك سلام الله
أحييك على تواصلك الأخوي الصادق، وليس من قبيل المجاملة أو رد الثناء بمثله أن أجزم بأنك واحد من المثقفين القلائل الخلّص الذين يتفاعلون مع حراك الثقافة والفكر على نحو من الجدية والصدق والوضوح والثقة . وكم حزنت حين أخبرتني بأنك قد فقدت ملحوظات سابقة ظنا منك بأنني قد لا أتقبل ما فيها إلا بعد مراجعة وتنقيح، كي لا أنزعج من بعض ما ورد فيها. ومع أن هذا لطف كريم منك إلا أنه أشعرني بفقدان درر من النصائح الصادقة، كما أشعرتني بأنك في هذه تعاملت معي برسمية وكلفة، وإن كانت في حقيقة الأمر جزءا من ذوقك الرفيع، لكن آمل مستقبلا أن ترفع أي كلفة، لتتم الاستفادة المرجوّة بشفافية تامة.
أخي ناصر اسمح لي بأن أتفاعل مع رسالتك على نحو لم أتفاعل به مع رسائل أعزاء آخرين، بعضهم من كبار أساتذتي، وبعضهم من المفكّرين المرموقين،-وكلهم خارج اليمن- وذلك لما احتوته رسالتك من القضايا والأفكار الجريئة الحريّة بالبحث والنقاش، وسأبدأ بالشأن اليمني وخصوصياته لأنتقل بعد ذلك إلى المشكلة الأساس وهي مناقشة فكرة العلمانية، وعما إذا كانت حلّاً فعلياً لمجتمعاتنا الإسلامية. وألخِّص ذلك في العناوين التالية:
حركة الفكر بين الرسمية والفردية:
*بادي الرأي فإنّ ما أعنيه بالمظاهر الدخيلة على الزيدية التي أشرت إليها في رسالتك لا يفهم منه تبرير للمظاهر الدخيلة على غيرهم، لكن كان الحديث في هذا السياق ليس أكثر. ومع تأكيدي على أن حركة الفكر وتداخل الثقافة - ولاسيما في بعض تفريعاتها- يصعب الوقوف أمامها، أو منعها، لكن ما قصدته هو أن ليس من المعقول منح الشرعية (الرسمية) لمثل تلك الممارسات لأنها تؤول إلى ( فتنة) محققة. ولست في معرض سرد الدلائل على أن لكل مجتمع حدوداً ثقافية وفكرية وسياسية لا يمكن تجاوزها في الشرق أو الغرب، وأنت في هذا -تحديدا- سيّد العارفين. وإذ أقول ذلك فإني لا أعني إلا الجانب الرسمي أما الحراك الفردي فهو قائم - كما قلت- شئنا أم أبينا. ويبقى أن استيراد أفكار متطرفة من وراء الحدود أو البحار لآخرين في الماضي لا يعني مبرراً للذهاب في هذا المسار حتى النهاية المشئومة!
علمنة السياسة التعليمية:
* وفي هذا السياق ومع تداخل الأيديولوجي بالسياسي بالتعليمي يرد الحديث عن جامعة زيدية أو شيعية كما فعل الآخرون. وأود الإشارة إلى تساؤلك حول مقصدي هنا، فإنما قلت ما قلت في سياق ضعف أملي في صمود الاتفاق بين السلطة والحوثيين بعد إعلان إيقاف العمليات العسكرية فيما اصطلح على تسميتها بالحرب السادسة، لأن مطلب الجامعة الزيدية والمدارس الشرعية مطلب أساس عندهم- وقد أثبتت الأيام الماضية صواب هذه الوجهة- فتساءلت هل تخلّى الحوثيون عن المطلب الثقافي أو التربوي، بحيث لم يأتوا على ذكره في بنود الاتفاق؟ ولم أعرض لرأيي في الموافقة على مطلبهم من عدمه، ذلك أنني تناولته في غير ما مناسبة، لكن لابد من التذكير هنا بان المقارنة بين المطالب المنهجية الخاصة بالزيدية المتأثرة ببعض ما يدور وراء البحار؛ يختلف جزئيا عن تلك (المنجزات) التي حققها الطرف الآخر وهم (دعاة السنة) من مختلف الأطر والمدارس، لأن الجامع بين مطالبهم تلك والواقع اليمني وجود المذهب (السني) الشافعي على نطاق واسع. وأدرك أن ليس كل ما تحقق أو يسعى البعض إلى تحقيقه عبر مؤسسات التعليم أو مؤسسة المسجد يمثل بالضرورة ذلك المذهب، ولكنه لا يختلف من حيث الأصول والقواعد - بصورة عامة- مع المذهب السني الشافعي. على أنني أشاركك الرأي بأن ثمة أجندة خاصة أحياناً لاتجاهات أخرى غير الحوثية ( ولعلك تابعت دراستي لموضوع: السلفيون في اليمن وجدلية العلاقة بين المركز والأطراف)، لكنني من جانب آخر لست أرى الأمر مرتبطاً بالضرورة بمؤامرة خارجية، لا عند السنة التي يصفها البعض بـ( الوهابية)، ولا عند الشيعة التي يصفها البعض بـ(الرافضة)، بل هناك رؤى وقناعات لاعلاقة لها بالوقوف ضدّ المذهب الشيعي الزيدي على نحو مؤامرة أو محاولة إقصاء أو تهميش له، كما أن هناك رؤى وقناعات للطرف الآخر، لاعلاقة لها بالضرورة كذلك بالمذهب السنّي الشافعي ومحاولة إقصائه أو تهميشه. ومن وجهة نظري الخاصة فليس ثمة ضرورة ملحّة في كل حال، لذلك الاتباع، أو وجوب التقيّد بما في المذهبين، لكن ما أود التأكيد عليه في هذه العجالة- -وبحسب السؤال المحوري الوارد في الحوار المشار إليه مع أخيك عن الظاهرة الحوثية - أن ثمّة شواهد في الآونة الأخيرة بوجه خاص تشير إلى محاولة لإيجاد مجموعة مذهبية (جديدة ) في اليمن، تتبنى الفكر الشيعي الإثني عشري الجعفري، على نحو رسمي مشروع، وليس على نحو فردي حرّ، وذلك ما حذّر منه حسين الحوثي قبل غيره، الذي يبدو أنه تنبّه إلى أن تلك الفئة تتدّثر بمعبأة دعوته، كما أوضحت ذلك في كتابي عن (الظاهرة الحوثية)، وذلك أمر جدّ مختلف عن الفكر الزيدي، بكل فرقه بما فيها ما تعرف بـ(الجارودية)، بل يتصادم مع تلك الظواهر (الدخيلة) القادمة من مذهب لا وجود يذكر له في اليمن، وتلك هي الفتنة التي عنيتها، تلك التي نحن في غنى عنها من الأساس، ولا أريد أن أكرّر التفصيل حول السماح الفردي الحرّ والسماح الرسمي العام المشروع .
إن تحفّظي إنما يكمن في التداعيات أو المآلات أو الفتن المتوّقعة التي قد يقود إليها تحويل المجتمع اليمني إلى بؤرة صراع (متخلّف) لأفكار وافدة من هذا القطر أو ذاك أو ذاك باسم الدين . ( يتبع في العدد القادم)
* أستاذ أصول التربية وفلسفتها - كلية التربية – جامعة صنعاء
addaghashi@yemen.net.ye
-عن صحيفة الناس