دولة عربية تقترب من اتفاق استثماري كبير مع السعودية بعد صفقة الإمارات ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها
كانت المبادرة الأولى اقرب إلى مطالب الشعب اليمني، وفي الوقت نفسه قريبة من علي صالح بتوفير غطاء أمني يضمن سلامته وأسرته، أي كانت تحظى بنوع توازن، وإن كان الشعب غير راض عنها؛ إذ إنها لم تعط أي حرمة للدماء اليمنية الزكية بمنح صالح وأسرته ضمانات السلامة، حيث كان أحد أهم بنودها ينص على توفير الحماية لصالح وأسرته، أو توفير ضمانات له ولأفراد أسرته بعدم الملاحقة أو المحاكمة، وعلى الرغم من أن الشعب اليمني، ومعه أحزاب المعارضة، كانا متحفظين على قضية الحماية وتوفير ضمانة بعدم الملاحقة والمحاكمة؛ فإن المبادرة الثانية جاءت في حقيقة أمرها مخيبة لآمال الشعب؛ فإذا ساوت الأولى بين الرحيل ودماء الشهداء وفي ذلك استخفاف بالدماء، فإن الثانية لم تضع أي وزن لا للدماء ولا للشعب اليمني؛ كما أنه ليس من حق أحد منح تلك الضمانات؛ إذ الحديث عن توفير ضمانات بعدم ملاحقات الرئيس، وهذا ليس فيه استخفاف بدماء الشهداء وأهاليهم، بل هو استخفاف بكل مشاعر اليمنيين الثوريين والشرفاء المرابطين بساحات الحرية وميادين التغيير، كما أن القبول به فيه خيانة للشهداء أنفسهم، الذين عوهدوا بعدم هدر دمائهم، وقد كان تنحي الرئيس الفوري وأسرته فيه بعض العدل وحفظ كرامة اليمنيين والدماء التي سالت.
والغريب في الأمر - بل المفاجئ – ظهور المبادرة بصياغات أخرى أو لنقل مبادرة ثانية بعد إبداء صالح سخطه من المبادرة الأولى، وصب جام غضبه على دولة قطر ورئيس وزرائها عندما أفصح عن أهم بنودها؛ وهو تنحي صالح عن الرئاسة ووصف الأخير ذلك بأنه تدخل سافر في الشئون الداخلية لليمن ويقصد قطر، مع أن صالح نفسه هو من سعى وراء الوساطة الخليجية، ومهما يكن من أمر فإنه على الرغم من أن المبادرة الأولى لم ترض طموحات أو مطالب الشعب اليمني؛ فإن الأخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر الشعب وقتلت كل تطلعات ومطالبه، إذ جعلت الشعب اليمني العظيم والمسلح الذي أدهش العالم بسلمية ثورته وتلقي رصاص الغدر والخيانة بصدور عارية، وعلى الرغم من أن المبادرة الأولى أرادت توفير الحماية لأصحاب الأيدي الغادرة، فإنه تم الالتفاف عليها فلم تبق لهذا للشعب شيئا ولم تذر، بل انحازت إلى شخص صالح وضربت بمشاعر الشعب اليمني ودمه عرض الحائط، فليغضب الشعب اليمني وليمت كمدا ومعه قطر، ولا يغضب على صالح أو يسخط؛ هذا إذا كانت دول الخليج تنظر إلى ما يحدث المشهد اليمني أو تقرأه بأنه يمثل ثورة شعبية، أما أن نسمع دعوة إلى حوار بين صالح وبين المعارضة، فإن هذا يعني أنه لا يوجد لدى دول الخليج قناعة بأن ما يحصل في اليمن ثورة شعبية، وكأنها ترى بعين صالح أن هناك صراع سياسي بين سلطة ومعارضة، وعند ذلك نطلب منهم الاقتناع بأن هناك ثورة شعب أصيل على قوى نافذة، ومن المعيب حصرها في خلاف سياسي، أو ما يحب أن يسميه بعض أبواق صالح صراع سياسي بين المعارضة والسلطة وليس للشعب فيه نصيب، وهذا ينعكس على بنود المبادرة الأخيرة التي لم تجعل فيها للشعب شيئا مذكورا.
إن على دول الخليج - وقبلها نظام صالح الهالك أولا – الاعتراف بأن هناك ثورة شعبية، وإذا ما تم الاعتراف بأن الثورة في اليمن ثورة الشعب – لا خلاف صراع سياسي بين السلطة والمعارضة – فإنه يبقى من المعيب أن يُلتف على بنود المبادرة وعلى لغتها؛ لتفصل على مقاس صالح وقواه النافذة، واستبعاد مقاس الشعب اليمني العريض. وإلا ماذا يعني أن يتضمن البند الأول الإعلان من قبل صالح على انتقال صلاحياته لنائبه، وماذا يقدم هذا الإعلان أو يؤخر إذا ما ضل حال أبنائه وأخوته وأبناء إخوته على ماهم عليه قادة للجيش والأمن باختلاف مسمياته (؟) ما عسى النائب أن يصنع تجاه الجيش والأمن وحتى الحكومة نفسها ماذا عساها أيضا أن تفعل ؟ ثم قبل هذا التساؤل وذاك ماذا تقول هذه الدول للشعب الذي لم تلبَ متطلباته كاملة في بنود المبادرة الأولى؛ والتي حظيت بقبول المعارضة ولم تحظ بقبول كامل من قبل؛ إذ كان حريصا على قيمة وأهمية الدماء التي سالت فما بالكم بمبادرة لم تبق لمطالب الشعب شيئا ولم تذر، بل حرصت كل الحرص على انحيازها إلى صالح وعائلته.
أتمنى أن ينظر للمشهد اليمني نظرة عادلة، وأن يقرأ قراءة صحيحة، بحيث ينظر إلى طرفين اثنين - لا ثالث لهما - وهما الشعب كطرف أول، وصالح وعائلته أو أفراد أسرته كطرف ثانٍ، وإذا ما تم قراءة المشهد اليمني بهذا الشكل؛ فإن هذا يعني اعترافا بأن الثورة شعبية وعلى دول الخليج عند ذلك أن تحدد بنود المبادرة أو تفصلها حسب ما يريد الشعب أو حسب مطالبه لا حسب ما يرضي صالح وأفراد أسرته، فما قرأه الجميع في المبادرة الأخيرة وصياغتها وألفاظها أنها وقفت إلى جانب صالح، وأنها استخفت بالشعب ومطالبه التي على رأسها - والتي لا تقبل النقاش أو الحوار – التنحي الفوري لصالح وأفراد أسرته، ثم محاكمة من قام بتلك الجريمة الآثمة في حق الشهداء سواء كان صالح أو أحد أفراد أسرته أو قواه النافذة، فالحقوق لا تسقط ولا يحق لأحد أن يضمن لصالح أو غيره عدم الملاحقة والمحاكمة - سواء كان ذلك فردا أو دولة أو مجموعة دول - وصاحب الحق الوحيد الذي يحق له التنازل وضمان عدم الملاحقة هو ولي الدم لا أحد سواه، فليس للمعارضة أو حتى الشعب كله أي حق في التنازل وهدر دماء طاهرة سفكتها وتلطخت بها أيادي آثمة ينبغي أن تحاسب حسابا عسيرا.
إن حل الأزمة بتلك الصورة أو بحسب المبادرة الأخيرة، يجعلنا نتأكد بأن سخط صالح كان له أثر كبير في التأثير على رأي وزراء دول المجلس، وهذا بحد ذاته يجعل الشعب اليمني يتخوف من ضمان دول الخليج لأي مبادرة تحصل بين صالح والشعب اليمني، إن على دول الخليج مراعاة مشاعر الشعب اليمني الواسع والعريض وهذا هو الأهم وألا تتخلى عن الشعب مقابل مراعاة انزعاج أو سخط صالح من المبادرة التي لبت مطلبا واحدا من مطالب الشعب.