قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن صحيفة فرنسية...جنود الاحتياط ينهارون و 170 ألف جندي إسرائيلي يغرقون .. تفاصيل الإنهيار من الداخل ثمانية مرشحين لجائزة هدف الشهر في الدوري الإنكليزي تكشف عنهم رابطة الدوري وزير الأوقاف يشدد على اللجنة العليا للإشراف على موسم الحج انتقاء أفضل الخدمات لحجاج اليمن في كل المحطات مسؤول سوداني رفيع يكشف حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التهريب 55 ألف تأشيرة متاحة للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. السفارة الأمريكية باليمن تمدد الموعد النهائي لتقديم طلبات الهجرة
بداية دعونا نهنئ الشعب الأمريكي بمناسبة يوم حريته وانعتاقه في الرابع من يوليو.. يوم ميلاد هذه الأمة في عام 1776 والتي صنعت منذ ذلك التاريخ أكبر انجازات البشرية العلمية والتكنولوجية.. وأخشى بسبب هذه المقدمة أن أفقد كثير من الصداقات والعلاقات الطيبة مع كثير من الناس لا لشيء ولكن لأن بسطاء الناس اختلط عليهم الحابل بالنابل بسبب سياسات الولايات المتحدة الأمريكية المزدوجة في المنطقة فكرهوا الولايات المتحدة أرضاً وإنساناً وحكومة وقيادة وسياسةً.
ولكنها دعوة للإنصاف للفصل بين شعب الولايات المتحدة الصدوق، الطيب وبين إدارته الرأسمالية، الإمبريالية التي تجعل مصالحها الإستراتيجية وأمنها القومي واحتكارها للقرار العالمي أولويات تنتهج لتحقيقها ولضمانها كل الوسائل والآليات غير مبالية بتطابق أو انسجام تلك الوسائل مع المبادئ التي قامت عليها هذه الدولة العظمى.. وما حدث في اليمن من استهداف للأبرياء والمدنيين بحجة محاربة القاعدة أكبر مثال على انتهاك مبادئ حقوق الإنسان العالمية كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948.
أول زيارة لي للولايات المتحدة الأمريكية كانت في صيف 2002 أي بعد شهور قليلة من أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار برجي التجارة العالمي، واتهام المسلمين بهذا العمل وتقسيم الرئيس بوش الابن للعالم إلى قسمين يا أما أن تكون معي أو ضدي. ومن كان أمام ذلك الحدث الجلل وأمام الشرر الذي كان يتطاير من عيني الرئيس الأمريكي يستطيع حتى أن يناقش المسألة ويتأنى أو يتروى في الاختيار إلى أن تتضح الأمور ؟! وسارعت قيادة اليمن قبل الجميع لأن تُعلن بالمطلق أنها مع الرئيس بوش وحربه ضد القاعدة التي اُتهمت بهذا العمل، مستفيدة من موقفها في حرب الخليج إلى جانب خصم الولايات المتحدة وما جره عليها ذلك الموقف من غضب وويلات القوى العظمى والإقليم، مما جعله يتوب تماماً عن مخاصمة الأقوياء.
في كل الدول الغربية تشعر بالغربة لأسباب كثيرة أهمها اختلاف العادات والتقاليد والثقافة إلا في نيويورك ولندن لا تشعر بذلك أبداً، بل وتتميز نيويورك عن لندن بعالميتها وانفتاح بواباتها على كل الشعوب والأجناس، حيث ترى الكثير من الملونين من أمثالك فهناك الأسود والأبيض والأشقر والأصفر والبرونزي. تجدهم في كل مكان في الطرق والساحات والمحال التجارية والمطاعم والمكاتب ووسائل المواصلات. كثير منهم يهرول أو يمشي واثق الخطى لأنه يعرف طريقه وآخرون يسترشدون بالخرائط في أيديهم وغيرهم مثلي ومثل زملائي الذين شاركوني هذه الرحلة كانوا يسألون الناس. كنا اثنتين محجبات بمنايل تغطي رؤوسنا, ولم يكن ذلك في تلك الفترة مألوفاً كثيراً في نيويورك المدينة العالمية التي يعيش بها كل أصناف البشر من كل المعمورة من أصقاع أسيا شرقاً إلى أسيا وافريقيا جنوباً إلى أوروبا شمالاً إلى أمريكا اللاتينية غرباً- ومعنا زميل بملامح عربية وبشرة سمراء ولحية متوسطة الطول وشكله شبيه بالصورة النمطية للمسلمين ولمنتسبي القاعدة.
أصر زملائي على أن نذهب لزيارة بقايا البرجين أو ما سمي بجراند زيرو – بالعربي الطابق الصفري - لأنه وقع من طوله ولم يبقى منه إلا ما تم تسويته بالأرض. وكنا نسأل الناس عن المكان ونحن نشعر بالقلق ونتوقع الأسوأ فينظرون إلى أشكالنا ووجوهنا وخاصة لزميلنا ( القاعدي المظهر) ويبتسمون بود وهم يشرحون لنا الطريق، ولم يتوجس أحد منهم منا خيفة أو يكشر في وجوهنا أو يسم أبداننا بكلمات سيئة أو غير مرحبة. وربما بسبب تخوفهم من الوقوع تحت طائلة عقاب القوانين التي تمنع التمييز.... ولكن على الأغلب كان ذلك تعبير عن ثقافة شائعة مرحبة بالآخر.
المهم أن هذه الزيارة خلفت لدينا هذا الشعور الطيب تجاه الشعب الأمريكي ... وتكررت زيارتي لها وفي كل مرة تترسخ قناعتي بودية الشعب الأمريكي و بالمبادئ العالمية التي تجمع البشر في الاحترام المتبادل والتسامح والمبادئ الإنسانية التي تجمع البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وثقافتهم . والمجتمع الأمريكي أصلاً قائم على هذا التنوع والتعايش الإنساني والذي تعزز بعد تحرير السود واحترام كرامتهم الإنسانية وتنعمهم بالمواطنة المتساوية التي أوصلت نصف أسود إلى تبوء منصب رئيس البلاد ، بينما ما زالت اليمن متحفظة على قيادة جنوبي لهذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن.
تداعت إلى خاطري هذه الأفكار بعد إن كنت قد وافقت على دعوة الحضور لحفل يوم الاستقلال عداً في السفارة، وبعد أن أغلق الطرف الآخر الخط أردت الاعتذار بكثير من الأدب لأني تذكرت إني ما زلت حانقة من الموقف الأمريكي و لا أستطيع أن أكون إلا مع شعب اليمن وثوار اليمن الغاضبين في الساحات من السياسة الأمريكية تجاه ثورة الشعب من أجل نيل حريته المصادرة منذ أكثر من 3 عقود. ومن ضمن المآخذ التي يطرحها قادة الثورة إلى أن التدخل الأمريكي في الشأن اليمني هو تدخل في الأغلب لصالح النظام، وتدخل تراعي فيه الولايات المتحدة عدم إغضاب حلفائها في الإقليم . وهو تدخل رفع الكلفة العالية للثورة وجاء في الوقت الذي كانت فيها الثورة أقرب إلى الحسم بحجة إعطاء الفرصة لمسار الحل السياسي والدستوري والمعطل حتى هذه اللحظة. ولذلك فإنهم يتحملون جزءاً كبيراً من المسؤولية.
الإدارة الأمريكية كانت أكثر حسماً في موضوع الثورة المصرية، وهي كذلك وأكثر في موضوع الثورة الليبية وليست أقل من ذلك في موضوع الثورة السورية.
في الشأن اليمني كان النظام قد نجح في استخدام فزاعة القاعدة، وهي ما زالت تتعاطى مع متغيرات الساحة اليمنية من هذه الزاوية، ولكن يبدو أنها ستأخذ زمام القيادة في هذا الشأن والتعامل مع هذا الملف مباشرة دون الحاجة لوسطاء يمنيين ربما فقدت ثقتها بهم.
في الأخير نعلم عن جهود هنا وهناك من قبل السفير الأمريكي في صنعاء مع كل الأطراف واللاعبين الأساسيين في الشأن اليمني مع من تبقى من السلطة ومع المعارضة، ولكن هذه الجهود لا ترقى إلى المساعدة في إيجاد المعالجات لمعاناة الشعب والتي وصلت إلى معاقبته وحرمانه من أبسط مقومات حياته.
فهنيئًا للشعب الأمريكي يوم حريته ونتطلع ليومٍ حرية للشعب اليمني ، مع خالص الاعتذار لقبول الدعوة.