آخر الاخبار
إيران ستُضرب وتنتظر مفاجأة من الوزن الثقيل
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 22 يوماً
الثلاثاء 13 مارس - آذار 2007 10:21 م

أجرى موقع "دنيا الوطن " حوارا مع الكاتب والباحث السياسي ولإستراتيجيي والمثير للجدل بجرأته وآراءه ودقة معلوماته، فهو نخلة مثمرة بالعطاء ولكنه تحمّل ولازال يتحمّل الرمي بالحجارة والقذف بشخصه وبكتاباته وحياته الشخصية بحيث أن الحملات والشتائم تلاحقه أينما كتب وأينما نشر، ولم يرد على هذه الحملات إلا ما ندر، بل يرد بطريقته ال خاصة ومن خلال المقالات والبحوث الجادة والقيّمة والتي تعالج الملفات العربية المعقدة، وفي مقدمتها الملف العراقي، فتراه يكتب عن الشؤون الجزائرية والمغاربية مثلما يكتب عن العراق والشؤون المشرقية، وهكذا يكتب عن الشأن الإيراني وشؤون الملفات الإسلامية، ودون المرور على الأنظمة التي يطالبها دوما بالإصلاح والإنفتاح من أجل سحب البساط من تحت أقدام الأعداء الذين يريدون التدخل بحجة الإصلاح ،أما عن الملف الفلسطيني فتراه يدافع عن فلسطين مثلما يدافع عن العراق، ويدافع عن دمشق مثلما يدافع عن طرابلس وصنعاء والرياض، وبما أنه كاتب وباحث في مركز الشرق للبحوث والمعلومات في أوربا وإعلامي معروف من خلال وسائل الإعلام المختلفة يسرنا اللقاء به وأعتقد أنكم عرفتم من هو ضيفنا لهذا اليوم فهو الكاتب والباحث الأستاذ ( سمير عبيد).

سؤال: كيف ترى أو كيف تقرأ الأحداث داخل لبنان وهل هناك بصيص أمل بالخروج من المحنة نحو بناء لبنان الوطن والمجتمع والدولة؟

ج/ لنعد قليلا الى الوراء وعلى الأقل تاريخيا فسنجد أن هناك سوريا الكبرى وأن لبنان جزء منها، مثلما الكويت هي جزء من العراق، ولواء الإسكندرون جزء سوريا، وهذه حقائق تاريخية، ولكن هل أن هذه الحقائق ثابته فالجواب لا ،لأن عامل القوة وعامل المصالح الدولية هما اللذان يحددان مستقبل ونوع العلاقات بين الأصل والفرع، وفي ضوء المتغيرات والمنظور الدولي الذي يكيل بمكيالين، لأنه لو كان المنظور الدولي يعرف الحق لذهب وأنقذ إقليم ( الأحواز العربي) من الهيمنة الفارسية المقيتة، حيث 8 ملايين نسمة من العرب الأقحاح يعيشون تحت سياسة لا تليق إلا بالفئران، وهكذا لو كان هناك المنطق الحق لعادت فلسطين الى أهلها ، ولتم تطبيق قرار عودة اللاجئين الفلسطينيين على أقل تقدير ،ولعاد الإسكندرون الى سوريا وهكذا... فتعقيد القضية ليس بطلب لبنان الإستقلال التام وفتح السفارتين في بيروت ودمشق وبناء علاقات مشتركة وهو أمر طبيعي ويمكن حصوله بالتفاهم بين بيروت ودمشق، بل يُراد الى لبنان أخذ دور الكويت ضد العراق أي يكون ممرا للجيوش التي تغزو دمشق، وبحجة قضية أغتيال المرحوم رفيق الحريري والذي هو مواطن سوري قبل أن يكون مواطنا لبنانيا حيث ولد في قرية ( بصرى) في سوريا ،أي يراد لقضية الحريري تكون مكان ملف أسلحة الدمار الشامل العراقية التي تبينت أنها كذبة، وهناك بوادر وإحتمالات كبيرة بأن تهمة أغتيال الحريري ضد دمشق كذبة هي الأخرى، فلو كان الحرص على إظهار الحقيقة حول جريمة بشعة ومرفوضة أخلاقيا ودينيا وإجتماعيا وسياسيا وهي جريمة أغتيال رفيق الحريري فلماذا لا يكون الحرص نفسه على إظهار الحقيقة بعملية أغتيال الرئيس ياسر عرفات، والرئيس الجزائري بو ضياف، والرئيس الباكستاني ضياء الحق، والرئيس الشيشاني ورئيسة وزراء الهند إنديرا غاندي ونجلها ، بل لماذا لا يتم كشف ملف أغتيال الرئيس الأميركي كندي نفسه، وإن كان هناك حرص على كشف حقيقة جريمة أغتيال الصحفي جبران تويني لماذا لا يتم التحقيق بجريمة أختفاء الصحفي المصري ( هلال) ومنذ سنوات، و عملية إختفاء الأستاذ ( الكيخا) وغيرها من الظواهر والجرائم.

أن الملف اللبناني ليس بيد أهله بل بيد الغرباء وهم ( إيران والولايات المتحدة وفرنسا ومعها بعض الدول الغربية وإسرائيل) وكذلك بيد أطراف عربية متنافرة داخل لبنان، ولهذا فكل طرف له فريقه الذي يريده أن ينتصر على الجميع، وأنالضحية هو الشعب اللبناني ومستقبل لبنان، لهذا نستطيع القول بأن الملف اللبناني قد تم تدويله وأن آخر ورقة في عملية التدويل هي المحكمة الدولية الخاصة بإغتيال رفيق الحريري، والتي ستكون طوقا على عنق سوريا ومن ثم ستكون عصا غليظة على بعض الأطراف اللبنانية التي توالي إيران، والأخرى التي لها علاقات مميزة مع سوريا.

لهذا نعتقد أن ملف المحكمة الدولية هو رأس القاطرة التي تحمل في عرباتها مفاجآت كثيرة ضد سوريا وحزب الله وضد الخصوم السياسيين للأكثرية داخل لبنان، وسوف تحمل إيعازا برفع واجب القوات الدولية في لبنان نحو البند السابع الذي يجيز القوة والإغارة والمتابعة والإحتجاز، وسوف يتم بموجبها غلق الحدود بين لبنان وسوريا ونصب الأجهزة الإلكترونية والتكنلوجية المتطورة، وهي بمثابة بداية سيناريو العزل بإتجاه سوريا من جهة، وبداية تحويل لبنان الى قفص (الفئران) من جهة أخرى، لهذا فأن ما يشاع أن هناك إنفراجات وتوحي بها الزيارات المكوكية لكثير من الشخصيات الأوربية الى المنطقة وخصوصا الى دمشق وبيروت فهي تحركات ترطيبية، الغاية منها زيادة التيّقن لدى السوريين والإيرانيين بأن لن تحدث الضربات، ولن تحدث الحرب وهي تذكرنا بالزيارات الترطيبية والتطمينية التي قام بها بعض القادة والمسؤولين العرب، وكذلك بعض المسؤولين الدوليين الى بغداد، مما جعل القيادة العراقية تتيقن بأن لا حرب في الإفق ولكن حصل ما حصل وبطريقة مباغتة وبربرية، أما على الجانب اللبناني فلقد أخذت الأكثرية التعليمات أو التوجيهات من الإتحاد الأوربي، حيث كان هناك النائب سعد الحريري بزيارة مهمة الى الإتحاد الأوربي قبل أيام قليلة، وكذلك قام النائب وليد جنبلاط ونائب الحريري بزيارة واشنطن وإستلما التوجيهات من هناك، هي فتح باب الحوار مع المعارضة، والهدف التسيوف بالوقت ومن ثم حلحلة المعارضة ونشر الطمأنينة والإسترخاء بين صفوفها ،وضمن إستراتيجية تم الإتفاق عليها في بروكسل وواشنطن.

سؤال: هل يعني هذا أن المعارضة اللبنانية في خطر، وأن لبنان ذاهب نحو التصعيد من جديد داخليا وخارجيا؟

ج/ يبدو أنك فهمتني بطريقة أن هناك حربا ستشتعل على غرار حرب الثاني عشر من تموز/ يوليو من العام الماضي بين حزب الله وإسرائيل، فأن هكذا سيناريو لن يتكرر لأن القوات الدولية مهمتها غلق الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وستكون جاهزة للإنقضاض لأنها ستستلم رفع درجة واجباتها هناك الى الفصل السابع الذي يجيز القوة والإتقضاض والمطاردة والتوغل خارج الحدود، لهذا فلو حصلت مباريات صاروخية من جانب حزب الله فسوف تٌكتشف من قبل القوات الدولية وسيتم إستمكانها فورا، لهذا فأن صواريخ وتحرك رجال حزب الله سيكونان تحت الكونترول الدولي ومن خلال القوات الدولية، لذا فأن الصواريخ لدى حزب الله سقطت عسكريا، وأن ما يشاع داخل إسرائيل من تقارير سلبية حول الحرب هي مبالغ بها ،وهي خطة متفق عليها لجر الطرف السوري لورطة الصدام مع إسرائيل ،وهذا ما تريده الولايات المتحدة كي تقوم بالضربات الصاروخية ضد الأهداف الإستراتيجية المثبته في العمق السوري، خصوصا فلو قرأنا التاريخ العسكري الإسرائيلي والعقلية الإسرائلية العسكرية نجدهما أنهم لن يسكتوا ولن يستسلموا لخسارة إتجاه العرب أو إتجاه طرف عربي يوالي دولة أخرى، لأن مجتمعهم الإسرائيلي وجيشهم يتعاملان مع موضوع الفشل والنصر بشكل قوي، وكل طرف له تداعياته على المجتمع والعسكر... لهذا هناك إحتمال أن يزيد حزب الله من طلباته والتي ستقود نحو فرض الكونفيدرالية أو التقسيم الإداري كي يحتفظ بترسانته العسكرية، ومن ثم يكون هو الطرف المفاوض مع القوات الدولية وليس الحكومة اللبنانية، وحينها تكون الأسلحة التي بحوزته حقا شرعيا لهذا الإقليم أو هذه الدويلة، وهكذا يفلت من تداعيات المحكمة الدولية وموضوع تفجير مقر المارينز في لبنان سابقا ، وملفات الخلايا المتتشرة في أوربا والتي لها شبكة من الحسابات السرية ناهيك عن الشبكة البشرية حسب الرواية الأميركية، ولكن وأن طلب حزب الله ذلك لا نعتقد سوف ينجح لأن الملفات تسارعت وأصبحت رزمة واحدة.

سؤال: دعنا نذهب نحو الملف السوري... كيف تقرأ الواقع السوري من الناحية السياسية والعسكرية والجبهة الداخلية، وهل أن سوريا على استعداد لخوض الحرب العربية الأخيرة مع إسرائيل؟

ج/ سوريا دولة محورية ومهمة جدا ،ولقد خسرها العرب عندما ذهبت مجبرة صوب إيران، ولقد حشرت وبتقاعس العرب عن نجدتها في زاوية إيرانية حرجة، لأن الجانب الإيراني غير بريء بعلاقته مع السوريين، ولا مع الأطراف العربية الأخرى، والسبب لأن إيران تمتلك مشروعا سياسيا توسعيا مغلفا بالمذهبية، ويساق ضمن إستراتيجية التقيّة التي تشرعن وتبيح الكذب على الآخرين لحد القسم وأداء اليمين، لهذا من الصعب أن تعرف نوايا الصديق الذي يقسم لك بالمقدسات والمصحف الشريف بأنه نظيف القلب والسجيّة معك، ولكنه عكس ذلك تماما، ونتيجة هذه العلاقة بين طهران ودمشق تولد تيار ديني واسع داخل سوريا من المذاهب الأخرى التي بالضد من إيران وهذا ليس بصالح سوريا التي لا تعرف المذهبية ولا حتى العرقية والإثنية، يعني هذا أن العدو حصل أو سيحصل على سلاح داخل الجبهة الداخلية في سوريا وعلاجه من خلال الإنفتاح على الداخل والشروع بوتيرة الإصلاح السياسي، وأن القيادة العليا في سورية مستوعبة تماما لموضوع الجبهة الداخلية، ومستوعبة لعملية الإصلاح بل أن الرئيس الأسد يجيد الإصلاح ومقبول من جميع الفئات، ولكن هناك بعض الحلقات الوسطى لا تريد الشروع بذلك، وهذه خطر على الرئيس والقيادة التي تدعم أفكار الرئيس، وستكون خطرا على سوريا.

فمن الناحية السياسية سجلت سوريا أنتصارات تكتيكية مهمة جدا، لأنها لعبت أوراقها المهمة بشكل جيد ، لكنها أخطأت ببعض الأوراق، أما من الناحية الإستراتيجية فلم تسجل إلا بعض الإنتصارات البسيطة لأن الذين يحبون سوريا يجدون مكانها بين العرب وبين الدول الكبرى، وليس مع إيران فقط ،إيران المحاطة بالأعداء والخصوم نتيجة سياساتها التوسعية والفوقية، ولكن لا زال هناك بعض الوقت لتبادر سوريا بخارطة طريق فورية تعيد من خلالها العلاقات مع العربية السعودية كي تكون السعودية بوابتها نحو الخارج، وأن أول خطوة هي إعادة الخط الساخن بين الرئيس بشار والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ،كون الأخير يتمتع بمصداقية في علاقاته ووعوده، ولكن يجب أن نعترف بأن هناك بعض الخطوط وداخل القيادة السعودية التي لا تحبذ عودة العلاقات بين الرياض ودمشق مثلما كانت سابقا، وهكذا هناك بعض العواصم العربية التي لا تريد لدمشق الهواء والأوكسجين، إضافة لهذا تحتاج دمشق لخارطة طريق داخلية كي تؤمن سوريا من ردة الفعل الإيرانية فيما لو عادت دمشق كما كانت سابقا مع العرب، فهناك بعض الأطراف الإيرانية المهمة التي تعتبر دمشق حصتها ولا تسمح لها بالذهاب نحو موقعها المؤثر عربيا مثلما كانت سابقا.

أما من الناحية العسكرية فنعتقد أن المعنويات عالية لدى الجيش السوري، ولكن التوجس والإنتظار يصيب أكبر جيوش العالم بالملل وحتى الترهل، لهذا فلو توفرت الصراحة والمصداقية بين الجيش السوري وقادته سوف يقل التوجس والترهل، ولكن هناك حقيقة يجب أن تعرفها القيادة السورية، وهي مسألة التكافؤ الصعب بين الجيش السوري والجيوش الغربية ،وهكذا مع الجيش الأميركي وهنا لا تكفي المعنويات العالية لوحدها خصوصا عندما لا يكون أمام الجندي والضابط السوري هدفا كي يُسدد عليه، ولكننا نعتقد أن القيادة السورية متتبهه لهذا الموضوع تماما.

أما الجبهة الداخلية فلحد علمي أنها جبهة قوية، ولكن هناك بعض التذمر وليس إتجاه الرئيس بشار أو كبار القادة في دمشق بل من البعض والذي يعرفم الرئيس بشار تماما، وهكذا هناك تذمر من مسألة الغلاء المعيشي والقوانين التي بحاجة الى علاج وتنقيح وتغيير كي تتيح للمواطن السوري نوعا من الحرية والمناورة والتحرّك، علما أن كثير من التغييرات قد حصلت في سوريا وليست هناك نسبة بين سوريا الثمانينات وسوريا الآن من ناحية مساحة الحرية والتحرك والإنفتاح، فهناك متسع واضح للإنفتاح ولكن يعتبره البعض دون مستوى الطموح، علما أن سوريا قفزت قفزة عملاقة من ناحية جلب الإستثمارات الخارجية على سبيل المثال، ولكنها إستثمارات عربية وخليجية وهذا لا يزرع الإطمئنان لأن الإستثمار الغربي هو الذي يعطي للجبهة الداخلية القوة لأن المستثمر الغربي لم يأت إلا بعد فحص الأجندة السياسية لدى المحافل الدولية.

أما من ناحية الحرب فلا أعتقد أن سوريا تريد محاربة إسرائيل ولكنها مستعدة لصد العدوان والإعتداء، وحسب تقديري هناك سيناريوهات معينة داخل إسرائيل هدفها جر دمشق نحو الحرب، ولو لاحظتم وتيرة الإعلام الإسرائيلي والتصريحات التي تخرج من بعض المسؤولين وكذلك التهم التي تٌساق ضد دمشق كلها تصب في خانة تهيئة الداخل الإسرائيلي، ومن ثم تهيئة الرأي العالمي نحو أن دمشق تريد شن الحرب على إسرائيل، وهذا يعني أن هناك نيات مبيته داخل مكاتب الجنرالات الإسرائيليين لأنهم يريدون خوض تلك الحرب لينهوا مسلسل الحروب العربية حسب أعتقادهم ليتفرغوا نحو قيادة العالم العربي إقتصاديا وحتى سياسيا، ولكن توجسهم من بعض المساندة الإيرانية لهذا يريدون وبمساعدة الولايات المتحدة عزل سوريا عن لبنان وإيران من خلال إغلاق الحدود وفرض بعض القرارات التي تتخادم مع غلق الحدود، وترك الحدود التركية الإسرائيلية سالكه لأهداف سياسية وإقتصادية و لوجستية وتخريبية.

سؤال: هل هذا يعني أن سوريا ماضية نحو الإختناق والحصار.... فإن تحقق هذا السيناريو كيف ترى الخروج من هكذا سيناريو مخيف وينذر بالكارثة؟

ج/يراد جر سوريا نحو الإختناق وبفعل مسلسل من التهم والملفات المحشوة بالكذب والتزوير والتي لا تختلف عن الملفات التي حوصرت بها القيادة العراقية السابقة،فنعم هناك خلية أزمة في الإتحاد الأوربي تعمل على الملف السوري، مثلما هناك خلية أزمة نشطة وكبيرة في الإتحاد الأوربي خاصة بإيران وعلى تواصل مباشر مع غرفة العمليات الأميركية الخاصة بإيران، ولكن هناك بعض الأصوات العاقلة والقومية وحتى اليهودية التي تجيد قراءة التاريخ داخل الإتحاد الأوربي تطالب بفصل الملف السوري عن الملف الإيراني، وهذه من مصادر رفيعة جدا وعلى علاقة مع الإتحاد الأوربي وتطالب بسحب يد سوريا نحو التخلص من الفك أو الحضن الإيراني، ولهذا أقنعوا فرنسا والتي بدورها أقنعت الولايات المتحدة نحو إيفاد السيد ( خافير سولانا) الى دمشق باسم الإتحاد الأوربي للقيام بمهمة إعطاء النصح للسوريين ،ومن ثم محاولة إقناعهم بالإبتعاد عن إيران ، وهناك معلومات مهمة وجاءت من أطراف أوربية رفيعة المستوى تقول بأن السيد سولانا هو الشخصية الأوربية الأخيرة التي تكون بهذا الوزن والتي ستزور دمشق لأن العد التنازلي للحرب والضربات ضد إيران قد بدأ ،لهذا نرجو من الطرف السوري إستغلال زيارة سولانا التي وافقت عليها واشنطن والإستفادة منها وسماع أفكار الرجل بعناية من أجل بلورة خارطة طريق تقود سوريا بالإبتعاد عن شظايا الضربة القادمة نحو طهران، لأن في حالة حصول العناد السوري سوف يتم الشروع بالخطة الجاهزة ضد دمشق وهي الخطة ( العرفاتية) أي تطبيق الحصار العرفاتي الذي فرض على الرئيس عرفات في رام الله، أي يتم حصار القيادة السورية في دمشق من خلال إغلاق الحدود وعزلها داخل دمشق ومن ثم عزل دمشق عن طهران وبيروت والعرب، ثم الشروع بالقرارات التي تعزز الحصار والخناق، ثم الإنتقال نحو القرارات التي تدخل بحرب الإستنزاف والحرب النفسية وإثارة الملفات الخطيرة التي تتوج ملف المحكمة الدولية التي ستكون ضمن ( الفصل السابع) والتي تجيز التدخل والقوة والتفتيش والمطاردة والإغارة ومن هذه الملفات ( ملف الأسلحة الكيماوية والبايلوجية، وملف حقوق الإنسان ، وملف السجناء السياسيين، وملف الصوارخ المستوردة والمصنّعه حسب روايات تل أبيب وواشنطن، وملف المنظمات الإرهابية وعلاقة سوريا مع الإرهاب حسب زعم واشنطن، وملف كذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية المهربة صوب سوريا حسب كتاب صديق إسرائيل ( جورج سادة/ طيار عراقي سابق ومستشار أياد علاوي) يدعي ذلك في كتابه وهي كذبة تريد تسويقها واشنطن، وهناك مداولات مع شخصية سورية رفيعة المستوى وتعيش في المنفى من أجل تأييد هذه الرواية كونها كانت في موقع القرار وهي غير متمثلة بــ عبد الحليم خدام.

لذا فعملية الخروج الإستباقية من هكذا سيناريوهات هو الشروع بخارطة طريق سورية للخروج من المحنة التي تقوم بنسجها تل أبيب وواشنطن وباريس وبعض العواصم العربية، فنعتقد أن العوامل التالية مهمة في خارطة الطريق وهي:

بما أن هناك خطة أميركية أوربية لتطبيق سيناريو الأرض المغلقة على سوريا، أو سيناريو الشجرة الجرداء، فيجب على دمشق إحضار الماء كي تورق تلك الشجرة وأول عمل هو المصالحة مع الرياض، والتي ستقود لمصالحة مع القاهرة وعمان.

عدم الإعتماد على عاصمتين خليجيتيين إستثمرتا في سوريا ودعمتا المواقف السورية ولكن عملهما كان بتوجيه من الولايات المتحدة، ولأنهما على خصام مع الرياض، ولقد مارستا الدور نفسه في العراق ومع النظام العراقي السابق وكانتا أول العواصم المشتركة بضرب العراق.

الشروع بتأجيل الإنتخابات البرلمانية التي سيُباشر بها قريبا في سوريا لتجديد دورة مجلس الشعب السوري، لأن هناك قرار أميركي وأوربي بعدم الإعتراف بنتائجها، ولهذا أوعزت واشنطن وبعض العواصم الأوربية وحتى العواصم العربية التي تعمل مع واشنطن للمعارضة السورية بمقاطعة تلك الإنتخابات، لهذا يجب قطع الطريق على الجميع بتأجيل هذه الإنتخابات والشروع بمشروع حوار ومصالحة مع المعارضة الداخلية، والإنفتاح على بعض خطوط المعارضة الخارجية التي ترفض التدخل الأجنبي وترفض الأجندة الأميركية.

العمل على بعض الأطراف الدولية من أجل تحريك عملية السلام بين سوريا وإسرائيل ، ولابد من خروج أفكار خلاقة من جهة دمشق لإحراج الجانب الإسرائيلي، ولكن الأفكار تحتاج الى تحرك مكوكي من قبل السوريين على الأطراف الدولية المهمة.

الشروع بالحوار الداخلي مع فتح باب الحلقات الحوارية وبجميع منطاق القطر السوري نحو بلورة ميثاق عمل وطني وسياسي.

الشروع بالمصارحة مع الجانب الإيراني نحو تعريف وتحديد العلاقة بين البلدين بشكل واضح وبعلم الشعب والبرلمان، ومن ثم الشروع بمحاصرة التغلغل الإيراني في سوريا منعا لحصول التغلغل والعبث بالنسيج الإجتماعي والمذهبي.

 

سؤال: دعنا ننتقل الى الملف الإيراني، فهل تعتقد بأن إيران في طريقها للصدام مع واشنطن، وهل أن الخلافات بينهما لا تعرف الحل والتهدأة؟

ج/ ان المشكلة بين طهران وواشنطن مشكلة نفوذ ومشروع إمبراطوري، فطهران تمتلك مشروعا إمبراطوريا مغلفا بالمذهبية، وتريد تصديره نحو الدول المجاورة، وحتى نحو العالم وتعتقد أنه مشروعا الهيا حسب الروايات الغيبية، وواشنطن هي الأخرى تمتلك مشروعا إمبراطوريا وسياسيا مغلفا ببسط الحريات والديموقراطية ولكن في حقيقته هو مشروعا الهيا من وجهة نظر الرئيس بوش ، ومن وجهة نظر أصحاب اليقين الإنجيلي، لهذا فهناك صراعا بين مشروعين إمبراطوريين في المنطقة ، ولكن المعضلة التي لم يفهما أحد، وهي أن معظم السياسات الأميركية في المنطقة جاءت خدمة للمشروع الإيراني،ومنذ سقوط نظام طالبان حتى سقوط نظام صدام وصولا للتغلغل الإيراني داخل العراق، فكلها خدمات قدمتها واشنطن على طبق من ذهب لإيران، لهذا جعلت إيران ترفض العرض الأميركي بأن تكون إيران شرطي الخليج مثلما كانت سابقا، بل تريد إيران دور الشريك في المنطقة، وأن دور الشريك له مستحقات سياسية ودبلوماسية وإقتصادية تصل لحد المطالبة بتحديد أسعار النفط العالمية والمطالبة بمقعد في مجلس الأمن وغيرها ، وبالتالي تصبح طهران هي وكيل واشنطن في المنطقة ،وهي الأب الأكبر للدول العربية في المنطقة، وهذا لا تريده واشنطن لأنه دور ومقعد مخصص لإسرائيل.... وتحت مشروع الشرق الأوسط الكبير، وهي تسمية دبلوماسية الى ( إسرائيل الكبرى) وتحت إستراتيجية تأهيل الكيان ليكون دولة كبرى وتتزبل الدول نحو الكيانات والكانتونات والدويلات كي تكون مرجعية هذه الدويلات هي إسرائيل سياسيا وإقتصاديا وثقافيا، ولهذا فالخصام الحقيقي بين تل أبيب وطهران، وليس بين واشنطن وطهران ولهذا فأن الحرب القادمة أو الضربات القادمة هي لأجل إسرائيل وتأهيلها نحو مقعدها الجديد بصفتها ( GODFATHER ) أي العراب في المنطقة، والهدف ليس بالضرورة إسقاط النظام في طهران بل الهدف الرئيسي والإستراتيجي هو إنكفاء إيران نحو الداخل، ونحو مشاكلها الداخلية والتي بدأت تظهر للعلن وخصوصا المشاكل القومية التي تنسف الوحدة الإيرانية، وأن من يوحد القوميات هو التهديد بوجود عدو خارجي من قبل الأنظمة التي تعاقبت على حكم إيران... ولهذا فأن الحرب القادمة أو الضربات القادمة ستكون في عمقها إسرائيل ودول من الإتحاد الأوربي، وستكون حربا إلكترونية في بداية الأمر لتعطيل جميع الأجهزة الألكترونية والتكنلوجية الخاصة بإطلاق الصواريخ وتحريك السفن وتشغيل الرادارات في إيران وخلفاؤها في المنطقة، ثم الشروع بالضربات الصاروخية تعقبها الطائرات المقاتلة الحديثة والعملاقة ( B52 ).

سؤال: ولكن الجانب الإيراني يمتاز بالبراغماتية ويجيد اللعب بالأوراق لخدمة المصالح الإيرانية، فهل تعتقد أن أيران ستنجح بذلك؟

ج/ هذا صحيح ومثلما تفضلت ، ولكن نستطيع الجزم لقد بدأ العد التنازلي الذي ستحترق به الأوراق الإيرانية رويدا رويدا أو على شكل دفعات خصوصا عندما حصل الإتفاق بين الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة حول الرد العسكري ضد طهران، أي هناك أتفاقيات بين الجانبين تغطيها التحركات الدبلوماسية والتصريحات الشفافة، فعند تطبيق إستراتيجية ( الدوائر المغلقة) بحق حلفاء إيران في المنطقة، سوف يتم تجريد إيران من المخالب والأجنحة،حيث سيغلق لبنان تحت خطة ( صندوق الجرذان) وستغلق سوريا تحت خطة ( الحصار العرفاتي) والشروع بخطة الإبتزاز والإستنزاف والحرب النفسية، وسيحاصر حلفاء طهران في العراق ضمن خطة ( نتف الريش) من خلال تطبيق سلسلة الإعتقالات بحق عدد كبير من القيادات الإسلامية والحزبية واالبرلمانية والسياسية وغيرها، والتي توالي إيران ومحاصرة المليشيات التي تمولها إيران مع الشروع بخطة المصيدة بحق الإيرانيين المتسللين في العراق من الحرس الثوري الإيراني والمخابرات ( إطلاعات) وغيرهم، مع رفع درجة الإنذار في البحرين والكويت منعا لحصول الإنقلابات التي هيئت لها طهران، وأما في الأردن حيث سيتم تطويق جميع التجمعات التي تغلغل فيها الإيرانيون... ولأجل هذه الخطط جاء نائب الرئيس الأميركي ( ديك تشيني) الى المنطقة قبل أسابيع من الآن، حيث قدم رزمة من الأوامر والأسئلة والواجبات الى القيادة في سلطة عمان والباكستان وغيرها من الدول في الخليج والمنطقة والتي تتعلق بالحرب ضد إيران، ولهذا إستلم الجانب الروسي الإشارة ( علما أن روسيا تمارس سياسة نفاقية مع طهران كالتي إستعملتها إتجاه العراق قبيل العدوان على العراق) لهذا عطل الروس تطبيق الإتفاقيات في مخطة ( خرمشهر)، ومن الجانب الآخر ذهب الرئيس الأميركي جورج بوش صوب أمريكا اللاتينة من أجل البحث عن الحلفاء الجدد ضد إيران ومن ثم إيجاد الطاقة البديلة فيما لو تعطل ضخ النفط من الخليج بسبب إغلاق أو تفجير مضيق هرمز أو في حالة إغلاق تصدير النفط الإيراني.

سؤال: كيف تقرأ عمليات التصعيد من قبل المعارضة في الداخل الإيراني، وكيف تقرأ عملية إختفاء و خطف أو هروب نائب وزير الدفاع الإيراني السابق الجنرال علي رضا عسكري؟

ج/ أولا يجب أن نقرأ عن الجغرافية التي حدثت بها التفجيرات والأحداث داخل إيران، فهي جغرافية سنيّة، وهذا يخيف إيران بل مؤشر على تحريك المشروع الطائفي في إيران، وهو بمثابة إشارة الى تصعيد العمل المعارض داخل إيران، أما عملية إختفاء الجنرال (علي رضا عسكري) فهو لم يختفي بل تم الإصال به ومنذ زمن من خلال طرف خليجي مهم وبعلم دولته وعلى أعلى المستويات ، ولقد لعب شخص وهو طابور خامس داخل أحد حلفاء أيران بالمنطقة دور الوسيط، وربط العلاقة بين الجنرال عسكري والطرف الخليجي الذي أغدق ملايين الدولارات على الجنرال وقدمه الى طرف أوربي والذي قدمه بدوره الى الأميركيين علما أنه لا زال في أوربا، والهدف من هذا أراد الطرف الخليجي إعلان الولاء للولايات المتحدة، ومن ثم كي يتم سحب الملفات التي أثيرت ضد بعض الشخصيات المهمة في تلك الدولة الخليجية في الولايات المتحدة الأميركية، وأن الجنرال عسكري أوصل وأودع قسم كبير من الوثائق والخطط عند الطرف الخليجي وقبيل عملية خروجه نحو الخارج، وأن قسما من هذه الوثائق وصلت للأوربيين عن طريق ذلك الطرف الخليجي و قبيل قرار الجنرال عسكري بالخروج صوب الغرب، ولهذا فسوف تحرك الولايات المتحدة ملفات خطيرة جدا ضد عدد من الشخصيات والأطراف اللبنانية والسورية المهمة، وحتى ضد شخصيات مهمة في داخل إيران والعراق وبعض الدول، أي ستكون تلك الملفات محشوة بالكذب والدجل الذي تريده واشنطن ضد خصومها بحجة أنها معلومات أدلى بها الجنرال عسكري، وهكذا سوف يتم ومن خلال الجنرال عسكري الضغط على الشخصية السورية العسكرية التي تقيم في المنفى أيضا من أجل دعم بعض الفبركات الأميركية ضد سوريا ، ولم ينته الأمر عند هذا الحد.

فأن هناك مفاجأة كبيرة ضد طهران وستكون بعد أقل من عشرة أيام، وستنطلق من دولة أوربية ووراءها من ناحية الدعم المالي واللوجستي دولة خليجية صغيرة ، حيث ستكون قنبلة سياسية ضد طهران وهناك إحتمال كبير سيبرز من خلالها الجنرال عسكري وبعض الوجوه الإيرانية السياسية والدبلوماسية والدينية، وستغير طابع اللعبة وستعطي دفعا كبيرا لتحريك الملفات الساخنة في إيران، خصوصا بعد أن نجحت الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي بتكوين شبكة إعلامية كبيرة لدعم هذه القنبلة السياسية ولقد لعبت دولة خليجية صغيرة دورا في بلورة هذه القنبلة التي ستنطلق بعد أيام قليلة، ولقد لعبت هذه الدولة الخليجية مع الأوربيين دعم المعارضات الإيرانية التي سوف تتحرك جميعا في نسق واحد ضد إيران، وهناك أطرافا سوف تطالب بإعلان حكومة المنفى للجغرافيات التي تعنيها، وهناك دعما أوربيا لهذه الأفكار وللقنبلة السياسية وستكون هناك مفاجأة لتركيبة الحكم في إيران وخصوصا الى رجال الدين ولوزارة الخارجية الإيرانية، ومن النوع الذي سيخلق دوارا وضجة كبيرة.

سؤال: فكم كان بودنا التطرق الى الملف العراقي، ولكن نؤجل ذلك الى مناسبات أخرى.... وفي الختام هل هناك كلمة تريد قولها؟

ج/ نعم فالملف العراقي يحتاج وقتا أكثر ومادة أوسع ، أن ما أود قوله هو رفضي التام لجميع الحروب، وأني من الرافضين تماما للتحرش بسوريا أو بأي دولة عربية، بل من المؤيدين للمبادرات الخلاقة وللحوار وسوف لن نسمح ومعنا ملايين الخيرين من الإعتداء على دمشق أو غيرها من العواصم العربية.

وبنفس الوقت نطالب القيادة في سوريا بالإنفتاح والإصلاح وترتيب الجبهة الداخلية.... وكذلك لا نرضى ولن نوافق بتوجيه ضربات نحو إيران، أو أية دولة إسلامية ، ولكن الجانب الإيراني تمادى كثيرا في العراق، وبسقف طلباته ونواياه، لهذا فقد القاعدة التي تدافع عن إيران في العراق وفي الدول العربية، فنطالب الجانب الإيراني بأخذ زمام المبادرة وإعلان الندم والإعتذار من العراقيين والعرب، وتقديم العربون هذا من خلال إنسحابها من العراق وتوقفها عن دعم من يواليها في العراق، أي رفع شعار عدم التدخل في الشؤون العراقية والعربية كي تتيح مجالا للوقوف معها ضد من يريد شن العدوان عليها ،كي تباشر بعمليات الإصلاح الداخلي والإنفتاح على المعارضة في الداخل والخارج ومعالجة الملف الإحوازي ضمن أسس دينية وأخلاقية وقانونية.

شكرا جزيلا لكم..