موقف حماس من فوز ترامب وخسارة الديمقراطيين عاجل: الرئيس العليمي يشيد بمواقف ترامب السابقة ويهنئه بـ ''الفوز الكبير'' خطاب النصر لدونالد ترامب إستطلاع لـ ''مأرب برس'': أكثر من نصف المشاركين توقعوا فوز ترامب على هاريس تحوّل مثير.. ميتا تسمح باستخدام ذكائها الاصطناعي لأغراض عسكرية أمريكية انستغرام يطرح خيارات جديدة لتصفية الرسائل للمبدعين الجمهوريون يسيطرون على مجلس الشيوخ الأمريكي والتنافس مستمر على مجلس النواب سفينة حربية إيطالية تنضم إلى حملة حماية البحر الأحمر ترامب يفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وفق النتائج الأولية مفاجأة مدوية.. صلاح بديلا لنيمار في الهلال السعودي
أعترف مسبقا بأنني لم اشعر بأي تعاطف مع القادة والمسؤولين العرب، الذين فضحت وثائق موقع ويكيليكس مواقفهم المزدوجة، وعمليات الخداع التي يمارسونها لتضليل شعوبهم، كما انني لم اصدق نفيهم، او محاولتهم تخفيف، او تبرير، ما ورد في هذه الوثائق.
وظيفة اجهزة الاعلام الحقيقية ليست حماية السلطات الحاكمة، والتستر على سياساتها الخاطئة، وانقاذها من الاحراجات التي تواجهها، خاصة اذا كانت هذه السلطات ديكتاتورية قمعية فاسدة، واذا كان من يتولى فضح ازدواجية معاييرها ومواقفها المتناقضة هو حليفها الامريكي.
الانظمة القوية الواثقة من نفسها، المستندة الى دعم شعوبها، والمرتكزة على حكم المؤسسات الدستورية المنتخبة لا تخشى من الوثائق المسربة، لان ما تقوله في السر، هو ما تؤكده في العلن امام البرلمانات، وفي الاجابة على اسئلة الصحافة المستقلة.
فلم يكن من قبيل الصدفة ان يحتل الزعماء العرب نصيبا كبيرا، بل النصيب الاكبر، في هذه الوثائق الامريكية المسربة، لأن هؤلاء ضعفاء امام الادارة الامريكية ومسؤوليها وسفرائها، اقوياء فقط على شعوبهم. فالوحدة العربية تحققت للأسف في الفضائح والتآمر على اذلال شعوبهم.
الوثائق المسربة لم تعرض ارواح مواطنين للخطر مثلما زعمت وتزعم الادارة الامريكية، وانما عرضت وجود انظمة منافقة تدور في الفلك الامريكي لهزات عنيفة، اما الذين يمكن ان تتعرض ارواحهم للخطر حقيقة، فهم العملاء الذين خانوا الامانة، وتعاونوا مع المشاريع الامريكية والاسرائيلية ضد مصلحة بلادهم وشعوبهم.
لا جديد في معظم هذه الوثائق بالنسبة الينا، فالحقائق التي تضمنتها يعرفها معظم المواطنين العرب، فمن كان لا يعرف ان انظمة الاعتدال العربي تتآمر مع امريكا في حروبها السابقة في افغانستان والعراق، والمقبلة ضد ايران؟
وهل ان فساد حامد كرزاي وحكومته بحاجة الى وثائق وتقارير السفراء الامريكيين لاثباته؟
الجديد الذي فاجأنا، وصدمنا في الوقت نفسه، هو التحريض العربي الرسمي لامريكا على 'قطع رأس الافعى' الايرانية مثلما ورد على لسان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتحريض مسؤولين آخرين في الامارات والبحرين على استعجال الضربات العسكرية لايران.
ما هي مصلحتنا كعرب ومسلمين في التورط في حرب دموية مع ايران، او اذكاء نيران الصراع العربي الفارسي، او السني الشيعي في وقت نعيش فيه اسوأ مراحل ضعفنا وانهيارنا على الصعد كافة؟
لماذا نخوض حربا، او حتى ندعم حربا ضد ايران لمصلحة امريكية اسرائيلية صرفة، خاصة بعد ان رأينا وسمعنا، بالصوت والصورة، النتائج الكارثية للحربين الاخيرتين اللتين ساندتهما حكوماتنا، باملاء امريكي، في كل من العراق وافغانستان، وهي نتائج كارثية بكل المقاييس؟
* * *
الحكام العرب الذين طالبوا وحرضوا واستعجلوا الهجوم الامريكي، وربما الاسرائيلي على ايران، هم انفسهم الذين فعلوا الشيء نفسه بالنسبة الى العراق، وكانوا دائما ضد رغبات شعوبهم في الحالتين، لانهم وبكل بساطة غير منتخبين وغير ديمقراطيين، ويعتمدون بشكل اساسي على الولايات المتحدة الامريكية للبقاء على كراسي الحكم ولأطول فترة ممكنة.
لا نتردد لحظة في القول، ودون اي خجل، بان الزعماء المسلمين الذين يكرههم الزعماء العرب، ويتآمرون ضد بلدانهم، هم الاكثر شعبية في الاوساط العربية. ولنأخذ السيدين رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي، وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله كمثالين في هذا المضمار، فبينما يخرج مئات الآلاف لاستقبال السيد اردوغان عندما يحط الرحال في بيروت، نجد زعماء عرباً يزورون لبنان متسللين وسط غابة من السرية والحراسة المشددة.
آخر استطلاعات الرأي التي اجريت في المنطقة العربية (حسب صحيفة الغارديان البريطانية عدد يوم امس الثلاثاء) اكد ان 88' من المستطلعين العرب يعتبرون اسرائيل التهديد الاكبر لأمن بلدانهم، وجاءت بعدها امريكا بنسبة 77' بينما احتلت ايران مرتبة متدنية لا تزيد عن 10'.
وحتى اذا افترضنا ان ايران هي مصدر التهديد الحقيقي، فانه لا توجد دولة عربية، او حتى دول عربية مجتمعة، تملك القدرات العسكرية الكافية لشن حرب ضد ايران رغم انفاق مئات المليارات من الدولارات على شراء صفقات اسلحة امريكية متطورة. ثم من حقنا ان نسأل اولئك الذين يريدون ان يقطعوا رأس الافعى الايرانية، ولكن ماذا لو ظل رأس الأفعى وفشلت محاولات قطعه كيف سيتعاملون معها بعد ذلك؟
لا نعرف ماذا دهى حكام العرب هذه الايام بحيث باتوا لا يرون الحقائق من منظار مصالح شعوبهم، فالعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي طالب بقطع رأس الافعى الايرانية رفض، عندما كان ولياً للعهد، مطلب السيدة مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية السابقة بوجود قوات امريكية دائمة على ارض المملكة لحمايتها من العراق ورئيسه في ذلك الوقت صدام حسين، وروى لها طرفة بليغة عن ذلك البدوي الذي اشتكى مراراً من مهاجمة الذئب لقطيع اغنامه، وعندما 'نصحه' الخبراء باستقدام كلاب حراسة قوية لحماية القطيع وافق فجاءت النتائج كارثية، فبعد ان كان الذئب يلتهم رأساً من الغنم كل يوم او يومين، بات عليه ان يذبح ثلاثة رؤوس يومياً لاطعام كلاب الحراسة. السيدة اولبرايت فهمت المغزى ولكنها لم تستسغ هذه الرواية.
الشيء نفسه فعله الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الامارات (رحمه الله واسكنه فسيح جناته) عندما طلب منه الامريكان السماح لهم بتواجد قوات على ارض الامارات للتحرش بايران وافتعال أزمات معها، فكان رده الرفض الكامل، وقال للجنرال الامريكي الزائر في حينها: ماذا لو هربتم بعد ذلك وتركتمونا لوحدنا في مواجهة ايران مثلما هربتم من الصومال؟
***
تظل الوثائق المنشورة ناقصة، فلم نر اي وثيقة حقيقية عن حرب لبنان الاخيرة، ولا عن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، ولم نسمع عن المواقف من حصار قطاع غزة، واغتيالات المسؤولين في حركة حماس، او عن تسميم الرئيس الراحل ياسر عرفات، او عن عراق صدام حسين، او اغتيال الشهيد محمود المبحوح.
اسرار كثيرة نتحرق شوقاً للاطلاع عليها، ومعرفة كل جوانبها، فمن غير المنطقي ان تظل اسرائيل الخطر النووي الاكبر في المنطقة ومصدر كل حروبها 'محصنة' من الفضائح، فهل هناك رقابة خفية متعمدة، ام ان المسألة مسألة وقت فقط؟ سننتظر قبل اصدار اي حكم.
زمن كتم الاسرار، والانتظار ثلاثين او خمسين عاماً لمعرفة ما جرى طبخه في الغرف المغلقة من وراء ظهر الشعوب قد انتهى او في طريقه الى الانتهاء. لا يوجد شيء اسمه ارشيف اليكتروني آمن، مهما كانت الاجراءات الامنية المتخذة لحمايته. كما انه سيكون من الصعب على الادارة الامريكية الحالية، والادارات اللاحقة تجنيد العملاء من المستويات كافة.
السؤال الاكبر والمحير، هو عن اسباب اصرار حكام عرب على ان يتعرضوا للدغ من جحر الافعى الامريكية المرة تلو الأخرى؟!