تحوّل مثير.. ميتا تسمح باستخدام ذكائها الاصطناعي لأغراض عسكرية أمريكية انستغرام يطرح خيارات جديدة لتصفية الرسائل للمبدعين الجمهوريون يسيطرون على مجلس الشيوخ الأمريكي والتنافس مستمر على مجلس النواب سفينة حربية إيطالية تنضم إلى حملة حماية البحر الأحمر ترامب يفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وفق النتائج الأولية مفاجأة مدوية.. صلاح بديلا لنيمار في الهلال السعودي ترامب يعلن التقدم والفوز في 12 منطقة أمريكية … . نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لحظة بلحظة التحالف العربي ينفذ ثلاث عمليات إجلاء جوية في سقطرى الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن تهريب الأسلحة الإيرانية التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير
هل السياسة تخدم الدين أم الدين يخدم السياسة ؟ وهل بينهما علاقة، وفي حال [نعم] فهل هي علاقة وئام أم تنافر وضدية وصدام ؟ إذ نجد بعض الكتاب يقول: بأنه لا ينبغي أن ندنس الدين بالسياسة، وهو بذلك - طبعا - يهمه الدين ويخاف عليه من أن يدنس، وإنني قد ألتمس له العذر؛ فقد فهم السياسة كما صورها له السياسيون والحكام من أنها تحايل وخداع ونفاق وهكذا وضعونا في صورة سياسة مقيتة، مما أدى ببعض مغفلينا ومضلٍّليهم إلى الخوف على الدين منها ومن دنسها.
ومن هنا جاءت الفكرة المغلوطة وهي (خطورة استخدام الدين في السياسة) هكذا يتسنى للبعض أن يعبر، وأكثر ما تصب هذه الفكرة جام سخطها نار غضبها وعفونة قذارتها في صفوف المعارضات ذات التوجهات الإسلامية؛ إذ يتهمونها الناعقون والمعاقون فكريا - بحسن نية تارة وبسوء طوية تارة أخرى - بأنها معارضات تسعى لتوظيف الدين من أجل أهداف سياسية، وقد قال الغربيون - وهرول راءهم بعض الشرقيين من القادة وأنصاف المثقفين - إنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، وكأن الدين من السياسة براء براءة الذئب من دم يوسف. فتتهم المعارضات - وتحديدا الإسلامية منها – بأنها تستخدم الدين في السياسة للوصل إلى أهدافها. هكذا يقولون وهكذا تجدهم في وسائل الإعلام يكتبون ويتحدثون والناس يقرؤون ويسمعون، والطامة أن أغلبهم - بمثل هذه خزعبلات - يصدقون ويؤمنون.
قد يوجد من يوظف - فعلا - لكن الخطأ في التعميم، والأكبر منه التسليم والاقتناع بضدية العلاقة بين الدين السياسة، إذ من خلال أقوال الأبواق المنمقة والكتابات المغلوطة يحاول البعض وضعنا في صورة دين وسياسة هما في غاية الضدية والتنافر، ويحاولوا إقناعنا - وينخدع بهم أغلب المغفلين والمغلفين- بأن الدين والسياسة ليس بينهما رباط أو ارتباط، أو علاقة جامعة مانعة من الفصل فضلوا وأضلوا كثيرا من الناس ممن ليس لديه حسّ أو إحساس.
وبناء على زعمهم ومغالطاتهم يصبح الدين والسياسة ضدان لا يلتقيان ولا ينبغي لهما أن يجتمعان، وإذا ما حصل ذلك أو حاول أحد أن يجمع بينهما؛ فهو محط اتهام وهو بذلك يريد أن يستخدم الدين ويوظفه لصالح أو خدمة السياسة، وهي خدعة وأضحُوكة انطلت على الكثير منا وليس لها أصل أو نبت في ديننا الإسلامي ولا تربطه بها علاقة لا من قريب ولا من بعيد.
وإذا كان هذا هو رأي/زعم المضحوك عليهم والضالين، فإن العقلاء - بمثل ذلك تصور مغلوط وعقيم- لا يؤمنون؛ وعلى أثره لا يسيرون أو يهرولون كما هرول سواهم؛ لأنه تصور لا يمت إلى الدين والعقل والمنطق والواقع بأي صلة، إذ لا فرق عند العاقلين والواعين والفاهمين بين السياسة والدين، وإن كان هذا الفرق يسلم به المعاقون فكريا والعالقون بشباك صيد الغربيين، إذ استطاع هؤلاء الآخرون إقناع الكثير من السياسيين والمثقفين المسلمين بهذه الفكرة وهذه المهزلة، فكان من الآخرين أن جعلوا بين السياسة والدين حاجزا، ووضعوا لمن يحاول أن يجمع بينهما (في سلة واحدة) رادعا ومانعا؛ فتجد وسائل إعلامهم له بالمرصاد.
والسلة الواحدة للسياسة والدين هي الأصل الصحيح والقويم ولا ينكره إلا احد صنفين: جاهل لا يعلم، ومغرض يحاول أن يتماشى مع الأجندات الغربية الوافدة والدعوات الحاقدة على ديننا الإسلامي العظيم ودستورنا القرآن الكريم، إذ وجدنا في صدر الإسلام وخير القرون عدم ذكر لمصطلح [سياسة] بما يفهم أن السياسة كانت ملتحمة بالدين، لا تنفك عنه قيد أنملة، فهي جزء لا يتجزأ أو ينفصل عن الدين. ولا أحد يعترض على مصطلح [سياسة] إذ اقتضاه تحول وتطور العصر، بيد أن اعتراض العاقلين الفاهمين الواعين على سوء استخدامه؛ إذ حاول/ يحاول بعضهم أن يجرده أو يخلعه عن الدين ويلبسه جبة هوى السياسيين. بحيث تنحرف سياستهم عن طريقة/سياسة الدين الذي ساس الناس والعالم بالعدل والمساواة والحرية، وهم يريدون أن يسوسونهم بالجور والطبقية والعبودية، فلما كانت طريقة/سياسة الدين لا تعجبهم لأنها تذيب الفوارق الطبقية الاستعبادية وتنادي بالحرية؛ ولأنها جعلت التمايز والتفاضل بين الناس حاكمهم ومحكومهم قائما على أساس التقوى، فكان أن أُعجِب الحكام بفكرة فصل السياسة عن الدين (الوافد على ثقافتنا الإسلامية) ليلصقوها بهواهم، وبعد ذلك قعد المطبلين لهم بكل مرصد يشنون حربا إعلامية هوجاء لا ترحم على من يحاول أن يعيد المياه إلى مجاريها والسياسة إلى سابق عهدها ونصاعة وجهها بعد أن صار اليوم قاتما، فاستفادوا من الفكرة الوافدة [لا دين في السياسة] ليقصوا سياسة الدين عن الحياة بالكلية سياسة الدين التي تقول إن الرئيس وأصغر مواطن سواءٌ في الحقوق والواجبات، وأن الحاكم هو عبارة عن خادم للمحكوم يوفر له طلباته وأمنه وعيشه الرغيد الكريم.
هذه هي سياسة الدين، لكن السياسة المفصولة عن الدين جعلت العلاقة تحكمية إذ انقلب الحاكم سيد والمحكوم عبد ينبغي أن يسمع ويطيع حتى لو ربط على بطنه من شدة الجوع. فأصبحت سياسة الحاكم عندما فصلت عن الدين تهكمية وتحكمية على رقاب الناس لا تريهم إلا البأس والفأس. فهل عرفتم الآن لم كَثُر النهيق والنعيق من مُزمِّري ومُطبِّلي الأنظمة وهل عرفت كيف انخدع كثير من الناس وراء هذه الدعوات المضللة الداعية إلى ضرورة فصل السياسة عن الدين وهي دعوات ورسائل مغلوطة لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين وكل ذلك حفاظا على الدين أن يدنس لله درهم ما أشد حصافتهم على الدين وما أشد خوفهم من رب العالمين. وهكذا انجر وراءهم الكثير من الناس وكثير –بعد ذلك- حق عليهم الفقر والخوف ولجوع بما كسبت أيدينا
وهل عاب خير القرون وما تلاه أن كان الحاكم هو القائد في المعركة، وهو خطيب المسجد وهو إمام المصلين في الصلاة، فكان أن استقامت الحياة هنئ الناس بعيشها الرغيد، وذلك عندما كان الدين والسياسة لحمة واحدة؛ إذ كان الفصل بين ما هو ديني وسياسي ليس له أصل في ديننا الإسلامي الحنيف، وفي هويتنا الإسلامية. وهل أيقنتم وتيقنتم بأنه قد ضُحك علينا – من دون أن نعلم – أن هناك سياسة وأن هناك دين ولا دخل للدين في السياسة ولا للسياسة في الدين، فالدين في الجامع، والأدهى والأمر أن العالم والفقيه وهو في الجامع لا ينبغي له أن يتحدث في أمور السياسة، فهذه الأخيرة ليست من علوم الدين بل هي منفصلة عنه انفصال واضح مبين بشرع هؤلاء المجانين؛ فالفقيه ليس من السياسيين ولا ينبغي له أن يكون، ومنصب الرئيس أو الوزير أو قائد الجيش ليس له ولا ينبغي أن يكون لعالم أو فقيه؛ وإن وجد في هذه المناصب من هو متدين اتهم بالتطرف؛ إذ هذا الفقيه العالم الملتزم المتدين مكانه المسجد ووظيفته الفتوى ولا يحق له بعد ذلك أن يفتي إلا في أمور الدين والسياسة - طبعا - ليست من أمور الدين.
وهل عرفتم كيف نال منا أعدائنا وكيف أفقدونا قداستنا وكياستنا وحكمتنا، فصار بعض مثقفينا أكياس - ليس من الكياسة- يستوعب كل ما هب ودب من الخارج، وأصبح معلبا بالطريقة الغربية، فتم لهم ما يشاءون من فصل السياسة عن الدين، ثم فصل السياسة العلماء والفقهاء والدعاة والمتدينين بحجة أنهم [رجال دين] وللدين رجاله وللسياسة رجالها.
فأصبحنا ننهج نهج القسيسين لنتحدث عن رجال سياسة ورجال دين، ضُحك علينا بلعبة خسيسة وحوِّلنا إلى أشبه بقساوسة، نردد ما يقولون: الدين لله والوطن للجميع، وأنسونا بأن ديننا عظيم ومنهج حياة قويم، وبه يتحقق القول الفصل، وفصل الخطاب في السياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون وجميع العلوم، بيد أنه استطاع الأعداء أن يقنعونا بمهزلة [فصل الدين عن السياسة]، وهذا الفصل كان منطقيا عندهم إذ كانت الكنيسة تحارب العلم والتحضر، لكن ديننا جاء ليرتقي بالإنسان روحيا وفكريا وعلميا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، جاء ليقول للمسلم لا بد أن تكون الأول في كل شيء والأرقى في كل شيء والأنفع في كل شيء. وأختم بقول أحد الساسة الأمريكيين - لا أذكر اسمه - حيث قال: "أمريكا أمة قوية ولها نفوذ؛ لكن العظمة في الإسلام" إنني أخجل من بعض مثقفينا عندما ينسبون التخلف الذي نحن فيه إلى دين عظيم شهد له الأعداء قبل الأصدقاء والله المستعان.