دهشة الانطباع الأول
بقلم/ سمية غازي
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 3 أيام
الأربعاء 11 إبريل-نيسان 2007 04:50 م

 مأرب برس ـ سمية غازي

ربما لم يقولوا شيئاً جديداًَ بالنسبة لنا لأننا واثقون من سحر مدينتنا وفتنتها.. لكنهم غرقوا في عشق لا متناهي اسمه صنعاء، المدينة الشرقية التي تختصر التاريخ بين أروقتها وعلى شرفاتها وتنقش حروفها في شقوق الذاكرة.

فبمجرد أن وطأت أقدامهم صرح المدينة حتي تناهت إلى مسامعنا شهقات الإعجاب والذهول وكأنهم يعيشون تفاصيل أسطورة يسردونها لنا ويبثون بعض ما أصابهم من انعتاق ..

* وجهة نظر :

تيم رادفور-المحرر البيئي في صحيفة الجارديان البريطانية - يعترف بأن صنعاء من أكثر المدن التي رأها تشويقا وفتنة وحميمية في العالم، ويعتقد أن ذلك يرجع للتلائم بين بيوت صنعاء الطيبنية والحجرية، والطبيعة والجبال التي تحتضنها برفق.

ويقول تيم:" صنعاء مدينة مزدحمة مشوقة ومشغولة يعيش أهلها نمط خاص بودهم ولطفهم، ويشعرونك بأنهم أصدقاء لطفاء ورائعين كباراً كانوا أم صغاراً فهم يلتفتون إليك ويحدثونك كأن ثمة علاقة قديمة تربطك بهم"..

لكن تيم لم يخف انزعاجه من إضاعة اليمنيين لجل أوقاتهم في مضغ القات في تأمل غير نافع.. وقال: " الحياة ممتعة ومشوقة.. فلماذا نضيعها بهذا الشكل"، ومع تأكيده بوجود أشياء مختلفة في العالم أكثر سوءاً من القات إلا أنه يتمنى أن يرى صنعاء مدينة نابضة بالحياة، خالية من القات ..مشيراً إلى أنه سيخصص جزءاً من كتابه القادم للحديث بإسهاب عن روعة صنعاء التي بهرته بكل ما تحويه من معانٍ جمة للتفرد مؤكداً أنه وزوجته قد تأثروا كثيراً بما رأوه في صنعاء من حضارة وتميز.

* صنعاء مدينة الروح :

الإماراتي يوسف الصائغ - ناشط بيئي وتربوي - أعجبته بساطة المدينة التي تنأى بنفسها على حد تعبيره عن المَدنية الرتيبة باعتبارها مدينة الروح التي غلب طابعها الإنساني على الطابع المادي في معظم المدن، وقال:" إن التغيير لم يطال تلك المدينة فقط بل لم تمس عفوية أهلها وترابطهم وألفتهم التي تبدو جلية من خلال الشارع".

وقال الصائغ:" نحن في الخليج نفتقد هذه البساطة، باعتبار المظاهر العصرية أصبحت هي السائدة، والحضارة الغربية ألقت بظلالها على مختلف المظاهر لم تستثني الإنسان نفسه بل أصبحت جزءاً من مكوناته".. ويرى أن من أكثر الأشياء التي استدعت انتباهه أيضا قلة العناصر الوافدة إلى هذه المدينة من الأجانب رغم التنوع التراثي الحضاري للمدينة.. متمنياً أن تفتح اليمن أبوابها للاستثمارات لكن دون إخلال بتراثها وثقافتها باعتبار تلك المقومات هي الثروة الحقيقية لليمن.. لافتاً إلى أهمية استغلال هذه الثروة بأسلوب صحيح واحترافي ليتحقق انتعاشها النوعي في مجال السياحة بمختلف مجالاتها.

*"الشرق والغرب يجتمعان في صنعاء"

كريستينا فين بملامحها الغربية لم يستمر تذمرها كثيراً فهي لم تكن تتصور أن تكون صنعاء آخذة بلباب العقل إلى تلك الدرجة، كما نقلتها إلينا، حيث تجد كريستينا صنعاء مدينة مختلفة تماماً عن مدن العالم التي زارتها من قبل.

وقالت عنها "من المستحيل أن ترى نسخة مكررة عن صنعاء في أي جزء من العالم يكفي أنها استطاعت المحافظة على أصالتها وحضارتها وفنها المعماري الأصيل المتناسق دونما إنجرار خلف القوالب الإسمنتية الحديثة التي أخذت في التسارع في نمط المعمار العالمي اليوم.

كريستينا تتمنى أن تتاح لها فرصة زيارة اليمن مرة أخرى، ورؤية الأشخاص الذين تعرفت عليهم من جديد.. وأضافت:" عندما تعود إلى بلدها ستحدث أصدقاءها والشباب في سنها عن تجربتها في اليمن وممارستها للحياة الطبيعية في مدينة صنعاء، والتي تخلو من إيقاع العصر المزعج الذي اكتسح مدينتهم وستحثهم على زيارة صنعاء باعتبارها مدينة لا يمكن أن تتكرر"..

و قالت:" إنها لم تنس أن تأخذ العديد من الهدايا المتميزة لأهلها فقد أخذت مصابيح قديمة لوالدتها وخناجر صغيرة وجنبية لوالدها وأخيها"..

ملكة يمنية " من البحرين "

في طريق العودة من دار الحجر تحدثنا عن انطباعها الأول، خولة المهندي- رئيسة جمعية أصدقاء البيئة البحرينية – التي عادت إلى بلادها بالكثير من الذكريات الجميلة عن صنعاء ..لم تفوت خولة فرصة الاستمتاع بكل شيء في صنعاء ابتداءً من شوارعها و انتهاءً بدار الحجر وعقود الفضة، ولم تخفي سعادتها بارتداء الحلى اليمنية التي تقول:" إنها جعلتها تبدو وكأنها ملكة يمنية متوجة كأحدى ملكات اليمن التي طالما قرأت عنهن في كتب التأريخ".

وتضيف خولة :" علمنا الكثير عن اليمن من خلال كتب التاريخ العربي والإسلامي والأدوار التي لعبتها في مختلف المراحل لكن هذه الزيارة الأولى، وقد رأيت فيها ما كان يستحيل أن تترجمها أو تنقلها الكتب ".. مؤكدة أن اليمن مكان خصب لاجتذاب السياحة باختلاف أنواعها التراثية والثقافية والبيئية وغيرها.

وأكثر ما لفت انتباه خولة منذ لحظة وصولها هي اللهجة اليمنية المتميزة، والتي قالت :" إنها رائعة ومتميزة وقريبة كثيراً للغة العربية الأم" ..

خولة مع أنها ناشطة بيئية متميزة إلا أنها لم تنس أنها امرأة عربية تهتم كثيراً بزينتها فقد حرصت على شراء الحناء الحضرمي المتميز وحلى فضية قديمة وأحجار كريمة.. بالإضافة إلى بعض المنتجات اليمنية ذات الجودة العالمية، مثل العسل والبن اليمني وأنواع مختلفة من الأقمشة والاكسسوارات والهدايا التذكارية اليمنية الصنع.

خولة كذلك ليست الوحيدة التي تتمني العودة لليمن مرة أخرى للسياحة والتفرغ للتعرف عليها أكثر.. إنما جميع المشاركين في الندوة البيئية التي عقدت في صنعاء آواخر الشهر الماضي، والتي نظمها المجلس الثقافي البريطاني بالتعاون مع وزارة المياه والبيئة.. بالإضافة إلى أن المشاركين الذين جاءوا من البحرين والامارات وعمان والكويت والمملكة المتحدة منهم وسن نبيل، محمد القنوبي، محمد النجار،جرهام هوكينز، والدكتور سالم الرواحي، أبدوا سعادة بالغة بالمكان والشخوص في صنعاء.. لافتين إلى أهمية زيارتها مرة أخرى باعتبار صنعاء امرأة هطلت في ثياب الندى ثم صارت مدينة

المصدر / سبأنت