مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة تفاصيل لقاء وزير الداخلية مع قائد القوات المشتركة لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟ صدمة كبيرة بين فريق ترامب.. بسبب تعيين شخصية إعلامية في منصب سيادي حساس المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يوجه تحذيرا للمواطنين في خمس محافظات يمنية اليمن تزاحم كبرى دول العالم في قمة المناخ بإذربيجان .. وتبتعث 47 شخصًا يمثلون الحكومة و67 شخ يمثلون المنظمات غير الحكومية
قصة قصيرة..
منذ سنوات وهو يحاول الحصول على الوظيفة التي يحلم بها ولكن دون جدوى ، وحين اضطر ليعمل بأي عمل لم يكن يمكث في عمل أكثر من أسبوع فما إن يدخل في عمل حتى يتم فصله لسبب غريب وهو : شغفه الشديد بالقراءة .! كثيرا ما ينسى أنه في العمل فيعود للقراءة من هاتفه ، فالقراءة هي الإدمان الذي لا يستطيع الصبر عنه حتى لساعات .!
في البداية يحذرونه ثم ينذرونه ثم يفصلونه.! منذ صغره تسكنه أمنية بأن يطوف العالم مثل ابن بطوطة ثم يكتب عن رحلاته وما شاهد من عجائب وغرائب ، وعندما عجز عن تحقيق أمنيته عوض عنها بالقراءة في أدب الرحلة ، قرأ مئات الكتب عن الأسفار والرحلات . مؤخرا تراكمت عليه الديون فقد استلف من كل من يعرفه لكنه لا يخشى ديونه ، يخشى أن يطرده المؤجر من الغرفة التي يتقاسمها مع كتبه ، ولذا عليه أن يحصل على ايجار سكنه بأية وسيلة .! منذ ثلاثة أسابيع وهو يراقب الفيلا التي يسكنها طبيب القلب الدكتور عبد الغني سعيد فهي لا تبعد كثيرا عن سكنه ، جمع كل المعلومات ، الطبيب الثري في الستين من عمره يخرج كل صباح إلى عمله ، يقود سيارته الفارهة وبجواره زوجته التي تدير إحدى المدارس الأهلية ، ليس لهم أولاد ، في الباب حارس شاب كثيرا ما يترك الفيلا ويذهب إلى الكافتيريا المجاورة يرتشف الشاي ويتحدث مع صاحب الكافتيريا . الوقت يمضي ونهاية الشهر تقترب وهو مهدد بالطرد فصاحب الغرفة لا يرحم ولذا قرر أن يتسلل إلى فيلا الطبيب وان يسطو على جزء من أمواله الكثيرة ما يجعله يعيش برفاهية لمدة عام على الأقل . ترسخت الفكرة في ذهنه وبدأ ينفذها بتخطيط لص محترف . في البداية ذهب إلى عيادة الطبيب ، كانت مزدحمة ، لم يجد مكانا ليجلس فيه فطلب من السكرتير كرت فيه أرقام هاتف العيادة ليحجز موعدا للمعاينة وتسلم الكرت ، هذه هي الخطوة الأولى . الخطوة الثانية أحتاج لإنجازها إلى مساعدة كبيرة من ابن قريته الذي يعمل بوزارة الكهرباء ، زاره في منزله وعرض عليه الأمر : ـ عرضت علي وظيفة فني كهرباء في فيلا الدكتور جارنا ، حاجتي الماسة للعمل جعلتني أخبره بأنني فني كهرباء محترف وكلما أريده منك هو : ملابس فني كهرباء وعدة الشغل وأن توصلني بسيارة وزارة الكهرباء إلى باب الفيلا والباقي علي . كان يدرك أن ابن قريته لن يوافق على سرقة فيلا الطبيب فجاءه بالحيلة ونجح .
عندما وصل بسيارة الحكومية وعليها لفات الكهرباء والسلم الطويل لم يشك الحارس بأنه قد جاء من طرف الطبيب . أراه الكرت وسأله بجدية : ـ
أنت أحمد مهيوب ؟
رد بسرعة : ـ
نعم الدكتور طلب منا نركب له قناديل جديدة في باب الفيلا وفي الحوش وأشار إلى الكيس الذي يحتوي على القناديل الجديدة . تحرك الحارس بسرعة وفتح البوابة ودخلا وما إن وصلا باب الفيلا حتى رش على وجهه من المخدر القوي فتكوم بجوار الباب كأنه جثة هامدة . وضع أدوات الكهرباء جانبا ثم حطم زجاج إحدى النوافذ ودخل . بهره أثاث الفيلا الفاخر ، في الصالة صورة كبيرة للطبيب في شبابه يقف قرب شلالات نياجرا وأخرى في جسر البسفور في إسطنبول وثالثة في مركب على النيل بالقاهرة ، يعرف كل هذه الأماكن فقد قرأ عنها في الكتب .
تحرك سريعا نحو غرفة النوم ، فتحها ودخل ، لم تشغله صورة المرأة على الحائط ولا جمالها ، أسرع إلى دولابها يفتش في ثيابها حتى وجد صندوق الذهب ، سكب الذهب في جيوبه الواسعة وغادر . لولا انه يخشى أن يستيقظ الحارس من التخدير لدخل المطبخ وأكل فهو لم يذق لقمة منذ البارحة . في الصالة بهره ذلك الدولاب الفاخر الذي يحتوي على أنواع كثيرة من الأواني الزجاجية والأطباق الفاخرة ، أباريق مزركشة بألوان عجيبة وأطباق مطلية بالذهب وأكواب فيها نقوش ومنمنمات غريبة لم يشاهدها حتى في الأفلام . قرر الخروج لكنه لمح المكتبة فنسي كل شيء.! ـ
الله الله الله الله كل كتب الرحلات هنا وأنا أبحث عنها بالسراج .! هكذا حدث نفسه ، وبدأ يلتهم العناوين في الرفوف ويفتح الأبواب الزجاجية ويطالع بعض الكتب وهو غير مصدق ما يحدث . سمع صوت أبواق سيارة فتنبه لما يحدث له ، غادر الفيلا سريعا من النافذة ، صعق عندما رأى أن سيارة الوزارة ما تزال تنتظره ، ركب سريعا وأشار إلى ابن قريته بالتحرك بسرعة فسأله باستغراب : ـ أين العدة ؟ تلعثم وارتبك ولكن تماسك وأجابه : ـ
العدة سوف أرجع لها لا تقلق وأضاف : ـ
أكاد أدوخ من الجوع سأذهب للإفطار وسأعود بمفردي .. شكر ابن قريته على تعاونه ، عاد إلى غرفته ، خلع ملابس فني الكهرباء وأرتدى ملابسه وعند مغادرته رمى تلك الملابس في صندوق القمامة ، باع خاتمين ، دخل مطعم الشيباني لأول مرة منذ سنوات وتناول أفخر الطعام .
أشترى ملابس جديدة ثم حقيبة متوسطة طرح فيها الذهب وبعض الملابس وأودعها عند أحد أقاربه ، ثم عاد إلى فندق مجاور ، أستأجر غرفة تطل على فيلا الطبيب ليراقب ما سيحدث . ومن نافذة غرفته رأى جنود الشرطة حول النافذة المكسورة ، يبدو أنهم أخذوا البصمات ، تحدثوا مع الطبيب ومع الحارس لساعة ثم غادروا . مرت أيام وهو يطل على فيلا الطبيب ، يراقب ما سيحدث ويعود للقراءة ، تم استبدال الزجاج وتم تسييج النوافذ بقضبان حديدية قوية وانتهى الأمر . عاد إلى غرفته ، دفع الإيجار وسدد ديونه للبقالة ، ومضت أيام وهو يقرأ ويتناول أطيب الطعام ويمضغ أفخر القات ويفكر فيما حدث ، ثم أستبد به شوقه إلى تلك المكتبة في فيلا الطبيب ولكن السؤال الذي حاصره : ـ
كيف سيصل إليها ؟!
في هذه المرة سيتبع خطة جديدة توصله إلى الكتب ولكن كيف ؟ لابد أن يدخل الفيلا كصديق للطبيب ولكن كيف ؟! فكر كثيرا ثم قرر . الخطوة الأولى أن يؤلف كتابا عن أدب الرحلة ، بعدها سيذهب للطبيب كمريض ، سيجري معاينة ويتعرف على الطبيب ويهديه كتابه ، بعدها سيهديه كتابه الثاني وهكذا حتى تتوطد العلاقة بينهما . حين ذهب بكتابه الأول إلى إحدى دور النشر ، نظروا إليه بعدم اهتمام ووعدوه بنشر الكتاب إن أعجبهم ، وحين وضع على طاولة المدير مبلغ مالي يكفي لطباعة الكتاب تم توقيع عقد الطباعة والنشر معه فورا وخلال أسبوع صدر الكتاب .!
حجز موعد للمعاينة وجاء في موعده ، تعرف على الطبيب وأهداه كتابه فشكره وكانت الخطوة الأهم وبعدها تتابعت الزيارات والهدايا . كثيرا ما أنبه ضميره على سرقته لمنزل الطبيب لكنه قرر أن يعتبر ذلك الذهب قرضا سيقوم بسداده حين تتيسر أموره وبهذا تصالح مع ضميره .
حين استضافه الطبيب في منزله لم يصدق ، راودته المخاوف أن يتعرف الحارس عليه ، حاول تغيير شكله كثيرا حتى لا يتذكره الحارس ونجح . بعد استقبال قصير دعاه الطبيب إلى مكتبته الكبيرة وهناك حدث ما لم يخطر له على بال . لقد أندفع يتحدث : ـ هل تصدق أنني في المرة الأولى حين رأيت المكتبة خفق قلبي من شدة الفرحة ، كنت خائفا وأريد الهروب ولولا خوفي من الحارس لبقيت في المكتبة لأقرأ ما فيها ...
وحين أدرك أنه قد تورط وأعترف بأنه من أقتحم منزل الطبيب وسرقه غشيه العرق وأسود وجهه من الخجل وتمنى ان تنشق الأرض وتبتلعه ، وحين وجد الطبيب يبتسم انكب عليه يقبل رأسه ويعتذر ، وهوى ليقبل أقدامه لكن الطبيب منعه وعانقه قائلا : ـ لا تخف نحن أصدقاء وما أخذته سترجعه حين تتيسر أمورك لم يصدق ما قاله الطبيب ، ارتبك واضطربت مشاعره واستأذن الطبيب ، غادر مسرعا فلم يعد قادرا على مجرد النظر في وجه الطبيب بعد أن أعترف له بأنه من قام بسرقته .
غادر وهو مسود الوجه ، العرق يبلل ثيابه ، تمنى لو انه تسول الناس ولم يقم بسرقة الطبيب ، حاصرته الأسئلة والشكوك ، فكر أن يعيد ما بقي من الذهب إلى الطبيب ويكتب له سندا بقيمة ما باعه منه ثم تراجع عن الفكرة ، وظل في صراع رهيب طيلة يومه وليلته ولم يغمض له جفن . في الصباح وحين بدأ النوم يتسلل إلى عينيه طرق بابه فأيقن بأن الطبيب قد بلغ الشرطة وأنه قد قامت قيامته وحين فتح الباب وهو يرتجف من الخوف وجد الطبيب أمامه يبتسم ويقول له : ـ
لقد قررت مع الزوجة السفر إلى الخارج لعدة أشهر وجئت أودعك وأعرض عليك ان أردت ان تنتقل إلى المكتبة لتقرأ فيها حتى نعود . وأضاف : ـ سوف أعتبرك حارسا على المكتبة وأعطيك الراتب الذي تستحقه . تسمر في مكانه ولم يصدق ما سمعه من الطبيب الذي بدأ يضحك واندفع إلى الداخل يقلب الكتب ويقرا في العناوين وحينها تحرك وعانق الطبيب وهو يجهش بالبكاء غير مصدق ما يحدث له . ******