آخر الاخبار

الشرطة النسائية بمحافظة مأرب تختتم دورة تنمية العلوم الشرطية والقانونية رئيس الوزراء يتوجه إلى دولة قطر في مهمة رسمية  مليشيا الحوثي تقتحم منزل أحد المشايخ بالعاصمة صنعاء وتقوم بطرد أبنائه وبناته من داخله ونهب محتوياته مظاهرة حاشدة في أبين تطالب بالكشف عن مصير عشال والمخفيين قسراً، وضبط الجناة وتحدد مهلة 30 يوما لانسحاب اي قوات من غير أبناء المحافظة 3 دول عربية عظمى ودول أخرى تصدر بيانا جديدا بشأن المعابر في السودان.. تفاصيل حاسمة عاجل: اللواء سلطان العرادة يتوعد المخربين ويعلن: سندافع عن هذه الارض وسنقاتل القريب والبعيد للحفاظ عليها... وقبائل مارب تعلن دعمها لتحركات الدولة في حماية المنشات النفطية مواعيد مباريات وترتيب برشلونة في دوري أبطال أوروبا 2024 والقنوات الناقلة لم تكن في الحسبان… نجم برشلونة يتفوق على مبابي في رقم قياسي جديد تطورات جديدة بشأن مصير محمد صلاح مع ليفربول وموعد خروجة خبر سيء لريال مدريد .. ليفربول يعلن موعد تجديد عقد أرنولد

وعود النموذج الصومالي
بقلم/ د. عمر عبدالعزيز
نشر منذ: 6 سنوات و 7 أشهر و 27 يوماً
الأربعاء 10 يناير-كانون الثاني 2018 06:34 م

خلال العقود الثلاثة الماضية كانت الصومال تعتبر بمثابة النموذج الأكثر فداحة لمعنى الحرب الأهلية، ومتوالياتها السقيمة على كل اوجه الحياة ، وقد تتابعت الجهود الوطنية الصومالية منذ امد بعيد، بالترافق مع المبادرات الإقليمية والدولية، بحثا عن حلحلة الملف الصومالي، والوصول لاتفاقيات تلزم اطراف الصراع المحلي على الانخراط في العملية السياسية على قاعدة التنازلات الشجاعة، والتوافقات البناءة، لكن موتمرات نيروبي واديس وصنعاء وجيبوتي لم تسفر عن تحقيق تلك الآمال ، فجاء الجواب من الداخل ، وتحديدا من قبل الممسكين على جمرة الحقيقة على الارض ، وبهذا بدأت متوالية التصالح الوطني لتشمل عموم الطيف السياسي والمكونات الاجتماعية ، وصولا الى تحقيق سلسلة باهرة من المقدمات المؤشرة لمستقبل بناء .

خلال مخاظ العسر والتقلبات على جمر الظنى ، والادراك العميق بان حلول الخارج ليست سوى عامل مساعد، وان الحل والعقد يكمن في الداخل .. خلال تلك المرحلة توصلت الارادة الوطنية الصومالية الى الحقائق التالية نظريا وتطبيقيا :

التبادل السلمي للسلطة الرئاسية والبرلمانية والحكومية ، بحيث تحولت هذه السلطة من تجربة رمزية معنوية الى حقيقة موضوعية، حيث تبادل الرئاسة عديد الرؤساء خلال العقدين الماضيين، وبالمقبل تناوب في رئاسة الحكومة والبرلمان عشرات رؤساء الحكومة والبرلمان.

زيادة اللحمة الوطنية وتخطي الاصطفافات القبائلية، والبقاء عن حد الرمز الوحدوي الشامل للعلم الصومالي الأزرق ذو النجوم الخمسة، وبهذه المناسبة يجدر بالذكر ان ( جمهورية ارض الصومال ) التي اعلنت انفصالها في الشمال منذ اكثر من عقدين مازالت تأوي الصوماليين من مناطق الجنوب والوسط، ولا تفرق بينهم في الهوية الوطنية ، وتمنحهم كامل حقوق المواطنة الموازية لسكانها الاصليين ، بل ان نبرة الانفصال فيها تراجعت إلى حد كبير ، حتى ان الحكماء فيها ينظرون للنموذج الاتحادي الفدرالي كقيمة مستقبلية مؤكدة.

التنامي الواضح في النمو الشامل سمة يمكن ملاحظتها في العاصمة مقديشيو ومدن بوصاصو في الوسط، وهرجيسا في الشمال ، حتى ان بعض المنظمات الاحصائية الدولية اعتبرت مقديشيو واحدة من اكثر العواصم العربية الافريقية الواعدة بنمو كبير .

لاحظ المراقبون تراجع الهجرة الجماعية من البلاد، بالتوازي مع عودة اللاجئين والمستثمرين. ، بمن فيهم الكوادر التي تأهلت في بلدان اوروبا وامريكا وكندا خلال العقود الثلاثة الماضية للهجرة القسرية .

وبالر غم من هذه المقدمات والمؤشرات الايجابية مازال التحدي الأكبر ماثلا في مستويين:

يتعلق المستوى الأول في تنظيم الشباب المجاهد السلفي الذي يتحصن في القرى والمناطق النائية، ويجد حواضن مناسبة في الغابات والبراري ، ولا يخفي اعتقاده بان نظام الحكم الحالي يمثل طواغيت المال والسياسة المفارقين للملة ، علما بان هذا التنظيم خرج اساسا من رحم الدين السياسي للمحاكم الاسلامية ، لكنه رفض المحاكم بمجرد اختيار قياداتها للمسار السياسي السلمي كوسيلة للحل والعقد في عموم البلاد.

يتعلق المستوى الثاني باصرار بعض قيادات ( جمهورية ارض الصومال ) غير المعترف بها دوليا، على خيار الانفصال ، بالرغم من مرور ثلاثة عقود على إشهارها ، ربالرغم من التجربة العملية الوازنة للحضور الوطني الصومالي في عموم شمال الصومال وعاصمتها هرجيسا .

الصورة الماثلة في صومال اليوم تؤشر الى نضج سيكولوجي حقيقي عند فرقاء الداخل ، وادراك الثمن الباهض الذي تم دفعه جراء التقاتل العدمي وتدمير الدولة ، والذهاب بعيدا في خيار التوازن المنطقي ضمن دولة اتحادية فدرالية تحقق المواطنة والمشاركة ، والتخلي غير المأسوف عليه عن ثقافة الحرب الأهلية، رغما عن وجود ظلال باهتة لتك الثقافة هنا وهناك .

من المعلوم في تواريخ البشرية المرصودة ان الماضي السلبي لا يخبو او يتلاشى بين عشية وضحاها ، بل ينحسر تباعا بقوة دفع الجديد المتجدد.. هنالك حيث يتغير وعي الناس، تناسبا مع حياتهم الجديدة الخالية من القتل والرصاص والنهب والسلب، وهذا ما يمكن رؤيته بعين اليقين في الصومال الجديد الذي يخرج من أحشاء البؤس والظلام .