آخر الاخبار

واتساب يحظر الرسائل من هذه الحسابات تعرف على اللاعب الأكثر تسجيلا للأهداف فى افتتاحية الدورى الإنجليزى عبر التاريخ وزير الخارجية الأمريكي يعلن أن اسرائيل وافقت على مقترح وقف إطلاق النار ويتحدث عن الخطوة القادمة هيئة التشاور والمصالحة :جهود السلام والحالة الاقتصادية التي يمر بها اليمن تستدعي معالجات عاجلة من التحالف مسؤول حكومي رفيع يكشف حقيقة تلقي الحكومة مقترحات أممية لتوحيد العملة والبنك المركزي بيان مشترك لـ أكثر من 45 منظمة يدعو لتعليق العمل الأممي في مناطق سيطرة المليشيات قبائل لقموش بـ شبوة تحدد مهلة زمنية للكشف عن مصير أبنائها المخفيين منذ سنوات في عدن قيادي حوثي ينهي حياة مواطن رمياً بالرصاص والقبائل تنفذ هجوماً واسعاً على مواقع المليشيات رداً على الجريمة سلطنة عمان تكشف عن إجمالي أصولها السيادية .. تعرف على ثروة السلطنة المليارية وكالة الاستخبارات الأميركية توثق شيخوخة السكان حول العالم وتحدد سكان الدول الأكثر تراجعاً واليمن تتصدر ضمن اعلى الدول نموا في السكان

الجوف التي في خاطري
بقلم/ إبراهيم عبدالقادر
نشر منذ: 10 سنوات و يومين
الأحد 17 أغسطس-آب 2014 10:54 ص

يتكلم الجميع عن الجوف بإعتبارها منطقة قبلية وبدوية متخلفة، وحين يذكرها رجال المال والأثرياء لا يذكرونها إلّا في سياق الطمع والبحث عن الغنيمة بإعتبارها منطقة ثرية بالوقود والذهب، يتكلم عنها رجال السياسة من على كراسي السلطة بإعتبارها منطقة نفوذ وسند قوي يتقوون به من أجل السطو والإستيلاء على حق الناس، ولا تحضر الجوف التاريخ العريق، الجوف الإنسان، المواطن البسيط الذي يمشي حافي القدمين سعيًا خلف لقمة يقتات بها لأسرته، تغيب الجوف الكادحة التي وقفت منذ عقدٍ من الزمن خارج سياق الإجماع الوطني، وبعيدة عن الدولة ولا زالت إلى اللحظة، لكنها ستظل تدافع عن القيم الشريفة التي تعطي للدولة هيبة وإن تم ذبحها، وتقف في الصفوف الأولى بحثًا عن الدولة المدنية التي تنهار يوميًا بفعل سياسة الإستحمار التي ينتهجها القائمون على حكم هذه البلاد، تبحث الجوف عن المواطنة وهي الآن في المقدمة وحيدة، وغاب كل الأدعياء، والمروجين للبضاعة البخسة القادمة من الكروش المتخمة، والعقول المتفحّمة!

ساندت الجوف الثورة منذ إنطلاقة شرارتها، بحّت حناجرهم وهم يرددون " لن ترى الدنيا على أرضي وصيا " كانت أصواتهم أنقى الأصوات كيف لا وهم الرجال القادمون من عتبات الصحراء شعثًا غبرًا يلتحفون العلم الوطني، رافعين أكفهم البيضاء وخلفهم كل مخلفات الماضي العنيف من أسلحة وتخلف وكل الصفات المقيته التي ظلت الجوف مرتبطة تعريفيًا بها على المستوى الجغرافي والإنساني معًا، جاءوا كغيرهم من مناطقهم للثورة راضيين مطمأنين وفرحين أيضًا، لا يطلب المواطن الجوفي سوى النظام، سوى الدولة التي غابت عقود عنه، لا يحلم بغير العدالة، التي حينما غابت قسرًا ورثوا الثارات التي كانت أحد أعمدة تثبيت دعائم الحكماء المتعاقبين على هذه البلاد، الإنسان الجوفي ينشد الوطن؛ الوطن الذي حينما يغيب تُنكّس الرايات ولا يجد الناس متسعًا إلّا للفوضى، والخراب ، والدمار.

الجوف التي في خاطري، هي تلك الحنونة، الواثقة من نفسها حد الزهو، هي تلك التي تمنح أبناءها الورد بلا مقابل، والحضن الدافئ في شدة البرد، هي تلك الشامخة التي تهدي فلذات أكبادها الحب والإهتمام، وتشعرهم بالإنتماء الحقيقي لها في زحمة إنشغالاتهم بالكد والتعب بحثًا عن لقمة العيش ورغيف الخبز، الجوف التي أعيشها هي تلك الروح الهانئة التي لا تغيب ولا تنكسر، تمنحني العطاء، والكبرياء، والأمل، وحين تتكلم لا أريد لكلامها النهاية، وإن صمتت فلصمتها هيبة، وحين تبتسم تشرق الشمس ولا تختفي، الجوف التي في خاطري هي هذه التي تحضن أبناءها وتمنحهم الأمل، وتعطيهم قبلة الوداع، وترسلهم رجالًا أقوياء يدافعون عن الحب المُستباح من قبل عصابات الكراهية، ومليشيات الفُرقة والشتات، تمنحهم الورد، وتستودعهم الله.

تقف الجوف اليوم وحيدة، تدافع عن الدولة المدنية التي حاضر عنها جميع الأدعياء وغابوا، وأصيبوا بالمس، تضحّي اليوم بأنبل أبناءها دفاعًا عن شرف الدولة التي بيع في أسواق النخاسة والمزاد العلني، لقد تخلى عنها الجميع وتركوها تواجه الموت بلا رحمة، أرادوا لها كما أرادوا لغيرها، لكنها قطعت الطريق، وهاهي تقف صامدة بأبطالها، برجالها الشجعان، حاملين وصية الجوف الحنونة على أوراحهم ويمضون للأمام، ولا يعرفون لليأس طريقًا، ولا للتهاون سبيلًا، الطريق التي يشقها أبناء الجوف طريق إستثنائية خالصة، رأس هرمها إنتصار لكل القيم الوطنية الشريفة التي تُذبح يوميًا بسكاكين وزارة الدفاع ودار الرئاسة، طريق عامة تنتصر لكل إنسان سوي الفطرة يرفض ثقافة الخنوع والذل وبيع الكرامة، لم يكن الإنسان الجوفي سوى مدافع عن أرض وعرض أريد لهما أن يتحولا لسراب، ليتحول القوم بعدها إلى قطيع تابعين للسيد، مخالفين فطرة الله التي فطر عليها الناس، مسلّمين لفطرة الإنتكاسة والبيع والشراء، التي يريدون لها أن تبقى كذلك، لكنها أبت، لإنها لا تعرف الإنكسار!.

تكلم الكثيرون عن الدولة المدنية، عن القبيلة المتخلفة التي تتناقض مع فكرة القانون، حاضر الناس عن البدوي الذي يجب عليه أن يتمدن ويتحضر، أوعظتنا المنظمات، ورواد السفارات عن البلد اليمنية القبلية، إختفى الجميع، وهاهي القبيلة اليوم تدافع عن الدولة التي تتهاوى يوميًا، غاب وعّاظ الوهم، وحضر أبناء الجوف، كما حضر قبلهم أبناء عمران، واليمنيين ككل، يسطر أبناء الجوف أروع صور التضحية، التضحية لهذا البلد الذي لا حول له ولا قوة إلا بالله، يخرج رجل الجوف وهو رافعًا علم الوطن فوق سيارته، على فوهة بندقه، ويواجهة معتدي غازي، لا يعرف الوطن إلا في سياق الجلوس في طاولة البيع والشراء، طاولة الخيانة والإرتزاق، لا يعرف عن اليمن إلا بلدًا تابعًا لعمائم العصبوية والطائفية النتنة، إستخدم سلاحه ضد كل فكر يرى فيه خطرًا يوقف تمدده الإحتلالي، فوصل الجوف، ولكنه قوبل برجال، بشباب يحملون الحب، والعشق لبلدهم كما لو أنهم في صحراء، يرفعون أصواتهم بزوامل البداوة ( رحال با طير السماء ) ينشدون ويغازلون العدالة التي غابت عنهم، فأضطرتهم للدفاع عنها، والذود عن الملايين الذين يحلمون بنفس الحلم، ويمنون أنفسهم بنفس الأمنية!

فكرة الحروب فكرة عبثية، رجعية، متخلفة، من يعتقد أنها فكرة قوة، فكرة سيطرة وتوسع هو واهمٌ أحمق، ولو كانت فكرة تستحق العمل حولها، لكانت الثورة أولى بأن تحقق أهدافها بقوة السلاح، لكن الحروب فكرة الشيطان، فكرة الغواية، فكرة الكهانة والدجل، قد تُصبح الحرب فضيلة وشرفًا، حينما تُفرض عليك، توجب عليك حمل سلاحك للدفاع عن أمتك، عرضك، وطنك، ووقتها أنت في جهاد، حتى ترجع، أو شهيدًا يختارك الله سفيرًا له، وهو ما يقوم به رجال الجوف، وكل إنسان أبى إلّا الدفاع عن أمته، رافضًا الكهنوت الطائفي والعصبوي، راميًا الذل والخوف والخنوع خلف ظهره، وذهب لقول ما يجب أن يُقال بصوتٍ عال، دون أدنى مبالاة، والله لا يشتري إلا النفيس والغالي.!

الجوف فكرة، والفكرة لا تموت، والأوطان الخالدة أشياء لا تُشترى إلّا بالحب، وكما أن لي فيها روحٌ تحلق، ووردٌ تنبت، سيكون لي فيها بكل تاكيد مشاتل ضخمة من الأزهار الفاتحة، والورد المنبثقة بالأمل والحب والخير، ومستقبل يليق بهؤلاء العِظام، الذين يمنحونا المجد في عز الخذلان، والقوة في أوجّ الضعف والهزائم النفسية.

سلامٌ عليكم يا رجال الجوف بلا حدود..