وباء الكوليرا يجتاح محافظة يمنية والسلطات تحذر المنتخبات المتأهلة لنهائيات كأس آسيا في السعودية 2025 بدون طيار امريكية تشن غارة على هدف في حضرموت طائرة أمريكية تستهدف مركبة في حضرموت اشتعال حرب المسيرات من جديد ..أوكرانيا تستهدف مصنع إيثانول في 21 من الطائرات المسيرة إسرائيل تستهدف منشآت خلط وقود الصواريخ: صور أقمار صناعية تكشف التفاصيل اشتعال معركة الانتخابات في أمريكا وبطريقة مجنونة بين ترامب وهاريس حول الناخبين أرقام جديدة مقلقة ومخيفة عن النزوح الداخلي في اليمن الأكثر من 3000 أسرة روسيا تستولي على أراض جديدة في دونيتسك وتحقق نجاحات في إسقاط الطائرات إنهيارات جديدة تعصف في الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم
للبعض حنين إلى طقوس العصور الوسطى، يخلطون الحداثة بمقارنات تعود بنا مباشرة إلى فوارق النكهة والطعم والذوق والحركة. إنه صراع "خزف الحيسي والمدر" مع إناء زجاجي أو وعاء ميلامين حديث.
سمن اليوم لم يعد كما الأمس لأن الأبقار لم تعد تأكل قضب بلا سماد. خبز اليوم تحرقه المطاحن الكهربية والغاز فلم يعد مثل خبز الرحى وتنور الحطب المنقرض. لحوم هذه الأيام بلا طعم لأن الأغنام أصبحت تأكل القات والقراطيس، وربما خبز وأرز الزبالة مثل البشر. الوقوف العابر في محطة وقود ليس له نكهة التوقف في سمسرة للراحة وعلف دابة الركوب. قواعد سرعة الطرقات لاتستقيم وحوافر بغل الجد. سيمفونيات بتهوفن لاتطرب كدفوف حضرة المولد والدندنة على إيقاع تنكة كيروسين فارغة !!!
هكذا قُدّر لي أن أقرأ إطروحات الإسلام السياسي حول رحلة الزمن القادم وإستعداد قواعدهم لتبني الحداثة والتطور من أجل إستلاب الحضارة من عين الشمس.
لكني لم أقرأ في طياته سوى حنين مثقل للحبو إلى الماضي لإستلهام مشاريع الذروة والنهضة من أيام أمجاد قروسطية لن تعود.
ففي كل لحظة من لحظات حدائه اليومي صحة لقول الفيلسوف الإنجليزي برنارد رسل: إن الأمم عندما تشيخ وتهرم، وعندما تغرب عنها شمس ماضيها الساخنة، تعود بالغناء لأمجاد تلك الشمس كأشبه ما تكون في حالة انقسام بين زمنين، بين اللحظة التي تعيشها مجبرة ولكنها تكرهها، وبين الحنين إلى المفقود التائه المنصرف من زمن لا يعيد التاريخ استرجاعه ونسخه.
الأخ حمود المتوكل أثرى المقال بإضافته: أبدع الفيلسوف المفكر الجابري في نقد الفكر العربي حين قال «أننا لازلنا نعيش في حقبة زمنية واحدة، وأننا ننتقل مكانياً عند كتابة التاريخ ولاننـتقل زمنياً»، فالسيرة النبوية والخلافة الراشدة تُستحضران دائماً في مخيلتنا، لكننا لا نلقي بالاً للتغير الزمني. في الوقت الراهن، لن تجد غربياً واحداً يتمنى عودة نابليون بونابرت أو يوليوس قيصر، أو صينياً واحداً يريد عودة زمن إبن السماء الإمبراطور تيان زه. الشعوب هناك إنتقلت زمنياً وتتعامل مع أولئك كتاريخ، وليس كملهمين ومصدر من مصادر صياغة حياتهم !
طالما أننا مازلنا نستخدم التاريخ كمصدر لشرعيتنا السياسية، فإننا سنظل رهن الماضي وستظل جدرانه سداً منيعاً أمام تطورنا. عندما تنتهي - وحتماً ستنتهي - هذه الحقبة الزمنية الطويلة، سنتمكن من قراءة تاريخنا كما كان فعلاً، لا كما نريده أن يكون، وسنكتشف أنه فيما عدا الرسالة كان كل شيء آخر بشرياً وإنسانياً.
والخلاصة، في فكر العالقين في جُب الماضي، لايوجد طريق للوصول إلى المجد إلاّ بإستدعاء الماضي بكل رفاته من المقابر.
فالقادم لن يتم إلاّ بإستلهام مقاييس القرون الغابرة وذكرياته التي تنطبق مع تفاصيل ذات الرحلة. - وبذلك نحن نبرهن أننا مثل كل الأمم الساقطة، نعيش على أمجاد خلت فننظر دائماً إلى الوراء، ونظن أن الأمس قادم غداً لا محالة.
abdulla@faris.com