منتخب عُمان يحول تأخره بهدف أمام قطر إلى فوز 2-1 النائب العام السوداني: 200 ألف مرتزق يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع معارضون في تل أبيب: يجب على إسرائيل أن تضرب إيران بشكل مباشر إذا كانت تريد وقف الحوثيين المليشيات الحوثية تعتدي على أحد التجار بمحافظة إب تحركات لطرد الحوثيين من العراق وإغلاق مكتبهم... مسؤول عراقي يكشف عن طلب أمريكي بوقف أنشطة الحوثيين في بغداد مناقشة مخطط ''استراتيجي" لمدينة المخا درجات الحرارة والطقس المتوقع في اليمن خلال الساعات القادمة وجه بإنشاء وإعادة تشكيل بعض الهيئات واللجان.. مجلس القيادة يشدد على عودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من اليمن اتفاق في سوريا على حل جميع الفصائل المسلحة ودمجها في وزارة الدفاع تصريحات مدرب اليمن قبل مواجهة السعودية الحاسمة في كأس الخليج.. ماذا قال؟
صور الخصوم القدماء والمعاصرون نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام منغلقاً متعصباً، متطرفاً إرهابياً، ضد حقوق الإنسان، ضد حقوق المرأة، ضد الأقليات الدينية، أحادي التفكير، يميل للعنف، رجل شهوات ودنيا، مدعياً للنبوة، زعيماً بدوياً لا علاقة له بالسماء، استدعوا التواريخ الزائفة، وركبوا القصص والحكايات، وحشدوا الألوان وفنون الرسم والتمثيل والكاركاتير، ودبجوا المقالات ورصدوا الأموال للأبحاث الأكاديمية، من أجل تشويه صورته في الأذهان. أما الكنيسة الغربية بأبعادها السياسية والسلطوية فقد دأبت على تصويره في صورة «الزنديق والكافر وصنم المسلمين والمسيح الدجال» وردد الشاعر الإنكليزي وليام لانغلاند في «ملحمته بيرس بلومان» في القرن الرابع عشر أسطورة مضحكة اخترعتها الكنيسة الغربية عن أن محمداً كان كاهناً مسيحياً في روما، ثم هرب بعد خلاف مع الكنيسة إلى الجزيرة العربية، ومنها ادعى النبوة. والغريب أن الكنيسة الغربية وقفت مشدوهة أمام نجاحات نبي الإسلام التي تتعارض مع ما تحاول تلك الكنيسة أن تلصقه به من تهم، فعللت ذلك في كتابات بعض أتباعها بأنه كان «مؤيداً بمعجزات المسيح الدجال» في تبرير سخيف يذكر بمحاولة معروف الرصافي التوفيق بين تأكيده أن محمداً كان صادقاً من جهة وإنكاره لنبوة النبي من جهة أخرى، وذلك بذهابه إلى أن محمداً كانت تأتيه وسوسات من الجن وتداعيات نفسية، وأنه كان يصدقها، في محاولة من الرصافي للهروب من الإيمان بوجود «وحي إلهي». وتستمر محاولات تشويه صورة النبي، ويأخذ كثير من المستشرقين على محمد أنه نبي محارب، ناسين أن داوود كان مقاتلاً، وأن سليمان كان يمتلك أضخم الجيوش، وحتى السيد المسيح عليه السلام قال: «ما جئت لألقي سلاماً، بل سيفاً» ويتغاضى البعض عن حقيقة أن القيم لا بد لها من قوة تحميها، وأن العلاقات الدولية محكومة بموازين القوى، لا بمعاهدات حقوق الإنسان، وأن شعارات المنظمات الحقوقية اليوم يُضرب بها عرض الحائط في صراع القوى الدولية، ولذا حرص النبي على مراكمة قوة للحماية، ولم يخدع نفسه بالمثاليات الزائفة، بل تصرف بواقعية عقلانية مدهشة، بعد أن مرّ بتجارب قاسية من الظلم والعدوان عليه، بلغت حد تعذيب وقتل أصحابه، وتكرار محاولات اغتياله في مكة، وممارسة التطهير الديني بتهجيرهم من ديارهم، وهو الذي «ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما» والذي قال يوم الحديبية، والسيوف مصلتة:»لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة رحم إلا أعطيتهم إياها» ومع ذلك لم يكن يتردد في استعمال القوة عند الضرورة، وهذا هو الذي يدهش في شخصيته اللينة القوية في الآن ذاته. ومن الحرص الواقعي لمحمد على اكتساب «قوة الردع» جاء الزعم بأن الإسلام انتشر بالسيف، وهذا خلط واضح بين «الفتح العسكري» و«الفتح الروحي» الفتح العسكري كان صداماً طبيعياً بين القوة العربية الإسلامية الوليدة والقوى التقليدية المحيطة بالجزيرة العربية شرقاً وغرباً، وكان لا بد لهذا الصدام من أن يحدث، وفقاً لقوانين صراع القوى، لكن الفتح الروحي لم يكن بحد بالسيف إطلاقاً، إذ لم يسجل التاريخ أن أصحاب محمد أجبروا أحداً على الدخول في الإسلام، وقد فتحت مصر الفتح العسكري في القرن الهجري الأول، إلا ان التحول المصري الكبير نحو الفتح الروحي للإسلام تأخر ثلاثة قرون، حين دخل المصريون في الإسلام دون إكراه. وترجع فكرة انتشار الإسلام بحد السيف إلى عدم التفريق بين الصراع السياسي والعسكري من جهة وبين الدخول الطوعي في الدين من جهة أخرى، حيث مثّل الصراع فتحاً عسكرياً للدولة الإسلامية ضد إمبراطوريتي فارس والروم، ضمن صراع مراكز القوى العالمية القديمة، بينما مثّل الدخول في الإسلام فتحاً روحياً للعقيدة الإسلامية بين شعوب هاتين الإمبراطوريتين، أو بعبارة أخرى: مثَّل الفتح العسكري انتصار الدولة فيما مثل الفتح الروحي انتشار الدين، وفرق كبير بين انتصار الدولة كقوة مادية زائلة وانتشار الدين كقوة روحية خالدة، حيث ذهبت الدول المتعاقبة وبقي الدين بعد ذهابها. وقد أدرك كثير من المستشرقين ضرورة امتلاك أسباب القوة وتفهموا ما فعل محمد من «حماية الكلمة بالسيف» لدرجة أن مايكل هارت، وعلى الرغم من تعصبه لثقافة الغرب «اليهودية-المسيحية» جعل محمداً أعظم مائة شخصية على مرّ التاريخ، وقال في تبريره لذلك: «إن محمداً يعتبر أكثر شخصية مؤثر في التاريخ الإنساني كله، في الجانبين الديني والدنيوي» فيما أكد المفكر الروحاني ابن القيم الجوزية قبل قرون أن محمداً «لم يُكره أحداً قط على الدين، وإنما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله، وأما من سالمه وهادنه فلم يقاتله ولم يُكرهه على الدخول في دينه». هكذا تحدث كبار المنصفين عن الشخصية المحمدية دون الالتفات لرأي فريق من المستشرقين الذين أخذوا على محمد حمله السيف، في وقت كانوا فيه في طليعة المبررين لجحافل المستعمر الأوروبي، وهي تجتاح بلدان المشرق أثناء الحروب الصليبية وفي فترات الاستعمار الحديث. وبغض النظر عن معتقد الباحث المنصف أو موقفه من الإسلام فإنه لا بد من أن يرى محمداً رجلاً استثنائياً، أحد الرجال القلائل الذين غيروا مجرى التاريخ، الرجال الذين يحظون بحضور كثيف حتى اللحظة الراهنة، رغم محاولات تغييبه وإلغاء حضوره المستمر عبر الأزمنة، وهي المحاولات التي لم تطمس حقيقة أن محمداً نجح في نقل مجموعة من القبائل التي يغلب عليها طابع البداوة من طورها الأعرابي إلى طور عربي إنساني امتد على رقعة جغرافية توسعت من حدود الصين إلى الأندلس وحدود فرنسا خلال المائة سنة الأولى من فترة الحكم العربي الإسلامي، قبل أن يمتد الإسلام إلى أوروبا الشرقية مع المسلمين الأتراك، وقبل ذلك وبعده كان المغول الذين دمروا عاصمة الخلافة العباسية، كانوا ينشئون امبراطوريتهم التي تحولت مع الزمن إلى سلطنات وخانيات إسلامية خلفت آثارها الخالدة في الهند وأواسط آسيا وأجزاء من شرق أوروبا، ووصلت إلى العاصمة الروسية موسكو التي دانت في فترة من فتراتها للسيطرة الإسلامية المغولية. وهنا يمكن أن نلحظ التباين بين فعل نوعين من القبائل البدوية: قبائل بدوية عربية بنتْ بعد إسلامها بغداد، وقبائل بدوية مغولية هدمت قبل إسلامها بغداد، لتعود هذه القبائل لتبني ـ بعد إسلامها ـ واحدة من أكثر الممالك الوسيطة تقدماً في بلاد الهند، فيما عرف بسلطنة المغول الإسلامية، التي بقي الكثير من آثارها، وظل «تاج محل» شاهداً على فن العمارة فيها، ناهيك عن ريادة في علوم اللغة والتراجم والفلك والفيزياء والرياضيات والتشريح والطب ومختلف الفلسفات والآداب والفنون والموسيقى وغيرها من المعارف التي شهدتها الحضارة العربية الإسلامية. كل هذا الثراء خرج من عباءة محمد التي يقال عنها اليوم إنها فرَّخت الإرهاب والتخلف والجمود، وكل هذه الدول والممالك والقوى جاءت بعد محمد الذي عُرضتْ عليه السلطة فرفضها، «وظل يصر على أنه عبدالله» على حد تعبير جيمس ميشنار، ليصبح فيما بعد أكثر الشخصيات العالمية تأثيراً في مجريات الأحداث. يتحدث ألفونس دي لامارتين عن محمد بلغة تبجيل خاصة، ويقول إنه «فيلسوف، خطيب، رسول، مشرع، محارب، فاتح الأفكار، باني العقائد العقلانية…ومؤسس عشرين إمبراطورية أرضية وإمبراطورية روحية واحدة…هل يوجد رجل أعظم منه؟». أخيراً: من كان يتصور تحقق كل هذا النجاح لذلك اليتيم الفقير الذي كان يرعى غنم الآخرين مقابل أجر زهيد في شعاب ووديان مكة، البلدة النائية المنعزلة وسط الجزيرة العربية؟!