|
مأرب برس – خاص
عام مضى من عمر الوعود بيمن جديد ومستقبل أفضل البرنامج الذي تعهد به صالح لناخبيه أنه سيكون واقعا عمليا في حياة اليمنين لكن اتضحت للناس خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة المنصرمة مصداقية وعود الرئيس من عدمها وكذا برنامجه ( يمن جديد . . مستقبل أفضل )ان كان حقائق ام زيف واكاذيب وما لمسه الناس على أرض الواقع بمرور عام على يمن جديد ومستقبل أفضل هو أن هذا اليمن الجديد قد صار جحيما من الفقر والغلاء واستفحال الظلم والفساد وكذلك تبينت حقيقة المستقبل الأفضل الموعود به اليمنين والذي دفع بالملايين منهم الىحافة الجوع والفقر والبطالة وأصبح الكيس القمح بحد ذاته أقصى ما يمكن الحلم به
في أقل من عام واحد أدرك اليمنيين أن وعود اليمن الجديد تبخرت وذهبت أدراج الرياح و بدلا عنها ت
حقق نقيض كل وعود الصالح التي بشر بها مواطنيه عندما كان ينافس فيصل بن شملان العام الماضي اذ لم تكن تسويفات صالح بمكافحة الفقر و استئصال الفساد وانهاء البطالة خلال عامي 2007 و2008 غير رد فعل انفعالي غير محسوب منه على جدية موقف المعارضة ومرشحها النزيه في تخليص الوطن من الاستبداد وسياسات الفساد والظلم التي خلقها الحكم الفردي ويعيش عليها ولذلك فان فترة عام كانت كافية لكشف مصداقية الوعود بيمن جديد من عدمها وفي أقصى درجات السخرية والاستخفاف بحال هذا الشعب طبق الرئيس برنامجه على أرض الواقع ولكن بصورة عكسية لما كان يبشر ويخطب به اثناء الانتخابات مثل حديثه لناخبيه في احدى مهرجاناته الانتخابية عندما قال : ( لا جرع بعد اليوم وان من يتحدث عن الجرع هم المشترك وهي ليست الا في رؤؤسهم فقط ) واليوم أصبح كيس القمح الذي تجاوز الـ 6000 ريال حلما بعيد المنال للسواد الأعظم من سكان هذه البلاد والذين صار حالهم الى عمال سخرة يكدون ويهدرون اعمارهم من أجل تخمة الفاسدين و بناء أرصدتهم في الداخل والخارج .
ولم يكن يتوقع مجموع الشعب أن تكون حقيقة اليمن الجديد والمستقبل الأفضل بهذا الشكل المأساوي المريع القائم اليوم في حياة الشعب وأكثر من هذا لا يجد أحدا تفسير لمكافأة الرئيس للفاسدين واطلاق أيديهم في النهب والعبث واحتكار لقمة العيش واستكمال تنفيذ سياسات التجويع والافقار حد المثل العربي الشهير ( جوع كلبك يتبعك ) على الرغم من أن أغلبية الشعب صوتوا ليمن جديد ومستقبل أفضلأ الا اذا كان صالح يعتقد ان نسبة فوزه التي حصل عليها كانت نتيجة التزوير والفساد وشراء الذمم واولاءت ونتيجة استخدام المال العام ومقدرات الدولة والجيش مالم يكن موجودا في اليمن القديم هو اليوم واقعا حقيقيا معاشا في ظل اليمن الجديد عندما يتمنى رب الأسرة الموت لأطفاله وهو يراهم أمامه يتضورون ويبكون من الجوع وهو عاجز عن توفير قيمة كيس قمح لاشباع جوعهم والرئيس طبعا لايهمه ذلك أو لن يصدقه مثلما أنكر ان جزءا من شعبه يقتات من براميل القمامة لأنه يأكل هو ومراكز التسلط والنهب مالذ وطاب وطبق السلطة يأتيه من فرنسا في مقابل شعب عليه ان يدفع من حياته ودمه ولقمة عيشه ثمن تكلفة الفساد
قتل المعتصمين ليس حلا
ومثلما ساق الرئيس لمواطنيه قبل عام الوعود الوردية والكلام المعسول بيمن جديد ومستقبل أفضل الا أنه اليوم لم يكن بنفس الاريحية وسعة الصدر والتودد للناخبين كما كان أنذاك اذ لم يعد قادرا لان يسمع شعبه أو على الأقل يتركه يئن من الجوع و يسمع اهاته والامه سلميا باعتصامات ومظاهرات مدنية تشكو ممارسات الفساد و ترفض اليمن الجديد المرسوم بهذه الصورة البشعة التي أجهزت على لقمة العيش ومعها اتت على أخر رمق للحياة .
لم يجد الجوعى و البطالى والعاطلين عن العمل وضحايا الظلم والنهب والفساد في طول الوطن وعرضه الا الاعتصام السلمي المدني المعبر عن الرفض لحال الوطن الذي آل إلى جحيم من الظلم والفساد والجوع ومع ذلك بدلا من الاعتراف بفشل سياسات الفساد التي تقود الوطن الى الهاوية كان الخيار أمام الرئيس هو تحريضه المباشر للجيش على الشعب والمعارضة و اللجوء الى استخدام القوة العسكرية في قمع المعتصمين من ضحايا الجوع والظلم والفساد وارهابهم عن مطالبهم العادلة في رفع الظلم واستعادة الحقوق وذلك من أجل اجبار الناس على القبول بالنسخة الحالية المطبقة من اليمن والجديد والمستقبل الأفضل والمكونة من مفردات الجوع والظلم والنهب والفساد .
لا ندري أن كان بلغ جنون الاستبداد بمصدر القرار ومالكه في هذه البلاد أن يرى أن القمع و نشر الجيش في الشوارع واحياء المدن و فرض حالة طوارئ لإرهاب الناس هو حلا مناسبا لمطالب الشعب العادلة بوقف سياسات التجويع والإفقار وكف أيدي المفسدين عن نهب الأرضي والثروات ورد الحقوق المستلبة الى أهلها ويا ترى من أقنع الرئيس بأن مواجهة المظلومين والجوعى بان الرصاصات الحية التي تسكن بطونهم الخاوية جوعا كفيلة بان تشبعهم من الجوع وتخرس السنة المظلومين عن المطالبة بحقوقهم في حياة انسانية حرة كريمة
ما أخرج الشعب في اعتصامات ومظاهرات سلمية هو الجوع الذي أفقد الناس إنسانيتهم وقضى على أي امل لديهم في الحياة عندما يرى الانسان نفسه عاجزا عن توفير لقمة العيش لاطعام أطفاله فيما المفسدون يعانون التخمة والرئيس بنفس الوقت يدافع عنهم وينكر فسادهم و يبرر أيضا لسياسات النهب والعبث والفساد التي يمارسها نظامه وأركان سلطته التي صارت حسب تقرير دولي صدر مؤخرا وصفها بانها شبكة فساد هائلة تتكون من مجموعات معقدة التركيب تجمعها مصالحها في نهب المال العام وسرقة موارد البلاد وانها الغت الدولة ومؤسساتها وحولتها الى حكم عصابات تنهب وتسرق لأجل مصالحها غير المشروعة وليست سياسات التجويع والافقار والجرع الا جزءا بسيطا من موارد الفساد والتي توسعت الى احتكار ونهب لقمة عيش الشعب خاصة بعد مؤشرات حول نضوب النفط الذي كان المورد الرئيسي لتوازنات الفساد .، ومن ثم بعد ذلك يكون الحل بمواجهة الشعب وجوعه ومظالمه بانزال الجيش الى المدن لقمع المواطنين وقتل المعتصمين المطالبين برفع الظلم عنهم واسترداد حقوقهم المغتصبة
هل يعقل ان سلطة عاثت في الأرض فسادا ونهبا ترى ضحاياها الجوعى والمظلومين بأنهم مجرد مخربين وحاقدين على الوطن والا كيف يمكن فهم ان مجموع هذا الشعب الجائع المنهوب المستلبة حريته وحقه في الحياة بأنهم ليس الا خونة وانفصاليين وارهابيين واعداء الوطن والثورة والوحدة والجمهورية كما يراهم رئيس الجمهورية ؟
عشرات القتلى والجرحى من المواطنين المسالمين ومئات المعتقلين في السجون هؤلاء ليسوا ضحايا حروب أو مجرمين و لكنهم اناس مظلومين أبرياء سقطوا في مظاهرات واعتصامات سلمية مدنية في عدن والضالع وحضرموت وتعز واب بسبب مطالباتها بوقف سياسات التجويع وكف أيدي المفسدين عن النهب وتدمير الوطن، هؤلاء ذهبوا ضحايا سلطة ترى في البطش والقمع والقتل اللغة المناسبة للتفاهم والرد على مطالب شعب بحقوقه في حياة انسانية حرة كريمة ، هؤلاء وغيرهم أرادتهم عبثا سلطة الفساد ان يكونوا عبرة لردع ضحاياها المظلومين عن مواصلة مسيرة الثورة الشعبية التي حددت مطالبها بوضع نهاية للظلم والفساد والطغيان و لكن باذن الله مسيرة الحق ماضية في طريقها لاجتثاث الحكم الفردي بعد ان اكتمل فساده وطغيانه في هذه الأرض ولم يعد امامه الا النهاية
ان الكذب على الشعب ابتداء بأنه سوف يكون هناك يمن جديد ومستقبل أفضل ثم تسليط المفسدين على حياة الناس ولقمة عيشهم وبعد ذلك اللجوء الى خيار القوة العسكرية لقمع المظاهرات السلمية ومواجهة المطالب الشعبية العادلة بالرصاصات الحية في صدور المعتصمين ليس حلا وليس من العقل في شئ بقدر ما يؤجج حالة الغضب والقهر والغليان الشعبي وهو مايدفع بالتعجيل من وضع نهاية للاستبداد والحكم الفردي كحال نظام تشاوسيسكو الذي لقى حتفه تحت أقدام شعبه ، وبنفس الوقت فان مواجهة أساليب النضال المدني السلمي بقوات الجيش يكشف عن النزعة الدموية لسلطة تعيش على الحروب والصراعات ولم تكتف بكل هذا الظلم والفساد والعبث بحياة الناس ومستقبل الأجيال
دولة مؤسسات والبداية اصلاح الادارة الانتخابية
ان مواجهة الوضع الكارثي الذي تعيشه البلاد نتيجة فشل سياسات الفساد والاستبداد في ادارة البلاد انما يكون أولا بالاعتراف بمعاناة الناس التي أوصلتهم الى فقدان الأمل بحياة مستلبة الحرية ومنهوبة منها لقمة العيش ومن ثم دراسة تداعيات وظواهر اوضاع البلاد ومعالجة الأسباب الجوهرية وازالة مصادر الشر التي تدفع نحو المزيد من تأزيم الاوضاع باعتماد المزيد من سياسات الفساد و تسليط المفسدين وتضع البلاد على شفا الهاوية ، وتشخيص الحالة اليمنية تدركها السلطة قبل المعارضة بحكم انها هي من أنتج السياسات الفاشلة واداربها الوطن منذ عقود ولا شك بأن جوهر المعالجات والاصلاحات للخروج من النفق المظلم هو اقامة دولة المؤسسات التي ستعيد الاعتبار للدستور والقانون و ستحقق المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية وذلك بديلا للحكم الفردي الذي أسس ورعى كل هذا الفساد الذي خرج عن السيطرة وأباح له البلاد والعباد املا في البقاء بالسلطة للأبد وتوريثها الى جانب الاستحواذ على الثروة حتى صارت لقمة العيش بعد مؤشرات نضوب النفط هي موردا رئيسا من موارد الفساد وشراكة تجارية قائمة بين أركان السلطة ومافيا الفساد ، وأي اصلاح حقيقي يهدف تجنيب اليمن الوصول الى الهاوية وتفجر الكارثة انما يبدأ من اصلاح الاليات الانتخابية ادارة ونظاما مالم فان الاليات القائمة سوف تعيد انتاج الأوضاع القائمة والأسوأ منها ولن يكون هناك الا المزيد من الفساد وتشريع الاستبداد والوطن لم يعد يحتمل فسادا وظلما وعبثية اكثر من حاله اليوم .
في الأحد 16 سبتمبر-أيلول 2007 10:15:13 م