إنهيار مخيف للريال اليمني في عدن صباح اليوم الخميس محكمة الاستئناف الكويت تحجز قضية طارق السويدان للحكم أردوغان يحسم موفقة من حرب غزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة
يجب ان يدرك الجميع ان نجاح الثورة ليس الا مسألة وقت و حسب. و يجب ايضا على شباب الثورة ان يعملوا على التهيؤ لمرحلة ما بعد نجاح الثورة من الآن. ذلك ان هذه المهمة ليست سهلة على الاطلاق. فبعد انقشاع قناع التضليل و الكذب سيظهر مستوى قتامة الاوضاع باليمن و بالتالي ضخامة الجهود المطلوبة للتعامل مع ذلك.
إن المسئولية الأساسية لشباب الثورة تكمن في التعامل مع هذه الاوضاع وتغييرها للأفضل. فما يقوم به شباب الثورة ليس انقلابا وإنما ثورة حقيقية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. وما من شك بأن هناك فرقا بين مهام الثورات الشعبية ومهام الانقلابات العسكرية او السياسية. فالثورات الشعبية تسعى الى تغير الواقع بكل تفاصيله في حين ان الانقلابات العسكرية او السياسية تهدف فقط الى تغيير الوجوه الحاكمة. الثورات الشعبية تقوم بها كل فئات الشعب في حين ان الانقلابات تقوم بها بعض مكونات النخب الحاكمة. الثورات الشعبية تكون نتيجة لتفشي الظلم و غياب العدل في حين أن الانقلابات تكون بهدف الصراع على السلطة. الثورات الشعبية تهدف الى تدمير الاسس التي قام عليها الظلم و احلالها بالأسس التي تحقق العدل في حين ان الانقلابات تهدف الى الحفاظ على الظلم. الظلم هنا هو الظلم الذي يتعرض له جميع ابناء الشعب باستثناء النخب الحاكمة و العدل هنا هو العدل الذي ينبغي ان ينعم به جميع افراد الشعب بما في ذلك النخب الحاكمة. الثورات لا تقوم الا في ظروف استثنائية و خلال فترات طويلة في حين ان الانقلابات تتكرر بتكرر الصراع على السلطة بين النخب الحاكمة.
ان المهمة الأساسية اذن لشباب الثورة هي احداث تغيرات عميقة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و ليس فقط تغير الوجوه الحاكمة مع بقاء الأمور الأخرى على ما هي عليه. ولذلك فان عليهم ان يرفضوا كل المبادرات التي تهدف إلى تغيير الطبقة الحاكمة بطبقة أخرى.
فدون ذلك لا يمكن القضاء على الظلم الذي وصل الى مستويات لا يمكن السكوت عنها ولا تحملها. فيجب ان يكون مطلبكم الاساسي يا شباب الثورة هو رفع كل أنواع الظلم و اسقاط كل الظالمين. فبذلك فإنكم ستمثلون مطالب كل المظلومين جميعا سواء أولئك الذي يعتصمون معكم أو الذين لم يفعلوا ذلك بعد. فهدم معاقل الظلم و بناء محاضن العدل مطلب لكل اليمنيين على اختلاف توجهاتهم و مواقفهم.
يجب ان تطوروا مطلبكم الوحيد المتمثل في اسقاط النظام الى مطالب في تحقيق العدل. و لن يتحقق ذلك الا إذا أجبرتم الظالمين على التوفق عن ممارسة الظلم و التشجيع عليه و دعمتم من يتبنى العدل و يبشر به. فلا تفرقوا ببن مظلوم و مظلوم آخر لأي سبب من الأسباب ولا تطالبوا بالعدل للبعض دون البعض الآخر.
يا شباب الثورة عليكم ان تركزوا على رفع الظلم و تحقيق العدل في الوقت ولا تنجروا إلى مواضيع غير مهمة مثل من سيحكم بعد نجاح الثورة و لا من هو الحزب الافضل و لا ما بالمطالب الفئوية. ذلك ان أي نقاش من هذا القبيل سيفرقكم و يشغلكم عن مهمتكم الاساسية مما قد يتسبب -لا سمح الله- في ذهاب ريحكم وإجهاض ثورتكم و زيادة تكاليفها. ومن اجل ذلك فان عليكم ان تتوحدوا حول نقطتين اساسيتين هما القطيعة الكاملة مع الدكتاتورية ممارسة و تصورا و فكرا و ثقافة و قوانين وأجهزة بل حتى أحزابا وأحلالها بممارسات و تصورات و ثقافة و قوانين و اجهزة و احزاب ديمقراطية. فبذلك ستؤسسون لمسار ديمقراطي فعال حقيقي قابل للاستمرار.
ان هذه هي مهمتكم الاساسية، لان النخب السياسية الحالية قد فشلت في تحقيق ذلك بعد ان اوصلوا المسار الديمقراطي في الوقت الحاضر -للأسف الشديد- إلى طريق مسدود. الأمر الذي يحتم عليكم ان تبدأوا من قبل نقطة الصفر. فقد تم خلال العشرين السنة الماضي تشويه وافساد كل مضمون جميل للديمقراطية. و لا شك ان ذلك يمثل في الوقت الحاضر عوائق حقيقية امام اي انطلاقة حقيقية في المسار الديمقراطي.
فقد تم تفصيل دستور اليمن الموحد على مقاس الحزبين الحاكمين في الشطرين سابقا. و تم بعد ذلك تنقيته من اي اشارة الى الديمقراطية من التعديلات التي اجريت عليه من السلطة بعد انفراد الحزب الحاكم بالسلطة. و قد ترافق ذلك مع تشويه المنظمة القانونية و خصوصا تلك التي تتعلق بالحريات العامة او التي تنظم عمل مؤسسات الدولة المختلفة. و لقد ترتب على ذلك افراغ كل مؤسسات الدولة (مجلس النواب و القضاء والحكومة والمؤسسات التابعة لها) من اي وظيفة او معنى. و قد استخدم مجلس النواب فقط اعطاء الشرعية لأي قانون او اجراء او سياسية يرغب بها الرئيس. و تحول القضاء الى عصا بيد الرئيس يحاكم بواسطته من يريد و يلغي الاحكام الصادرة منه متى ما يريد. اما الحكومة و المؤسسات التابعة لها فقد تحولت الى وسيلة لمكافأة الموالين وإسكات المتذمرين. ونتيجة لذلك فقد تمكن كل من الرئيس و الحزب الحاكم من احتكار السلطة. و تم التماهي بين مؤسسات الدولة و كوادر الحزب الحاكم. و نتيجة لذلك فقد سوي المسرح السياسي فقط اما للتمديد او التوريث او التعيين وسد كل منافذ التداول السلمي للسلطة.
ان وضع اليمن على مسار ديمقراطي يتطلب احداث تغيرات شاملة و عميقة و حقيقية وليس فقط تغييرا في بعض السياسات و التوجهات و الاجراءات. اي انه لا بد من إسقاط النظام الحالي بالكامل حتى يكون بالإمكان احلال نظام جديد مختلف عنه تماما محله. إذ انه لا يمكن بناء الديمقراطية في ظل وجود الدكتاتورية بأي شكل من الاشكال.
و من اجل ان لا يتم اجهاض ثورتكم او الالتفاف عليها فيما بعد فان عليكم ان تكسروا حلقة الديمقراطية المفرغة و ان تعبدوا الطريق لمسار ديمقراطي فعال و مستقر و قابل للتطور. ان ذلك يتطلب ان تكون مرجعيتكم في أي نقاش او اتفاق هو توفير الكرامة و العيش الكريم لكل اليمنين. و ان تغيير الظروف السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية يجب ان يهدف الى تحقيق ذلك.و من اجل ذلك ينبغي ان تنافس الاحلام و الرؤى. و من اجل ذلك يجب ان تسخر الامكانيات و القدرات. و وفقا لذلك يجب ان تصمم مؤسسات الدولة و مؤسسات المجتمع المدني.
و من اجل ذلك و من خلال اعتصاماتكم فان عليكم ان تعملوا على اقناع كل من ينضم اليكم بالتخلي عن تصوراته القديمة و تبني رؤى الثورة الجديدة هذه. و على اساس هذه القيم فإن عليكم ان تضعوا القواعد و المعايير التي تحكم اختيار كل من السياسيين والموظفين الحكوميين وتلك التي يجب عليهم أن يلتزموا بها عند قيامهم بواجباتهم و كذلك الظروف التي يجب فيها عزلهم من مواقعهم. فمن خلال الاتفاق على هذه القيم كمرجعية لثورتكم فإنكم ستهيئون المناخ المناسب لبناء مؤسسات الدولة الحديثة. ان الاتفاق عليه و حشد التأييد لها سيمكن من المفاضلة بين مختلف التصورات حول القواعد و المعايير الاساسية لبناء الدولة المدنية الحديثة. و لذلك فلا فائدة في الوقت الحاضر في الدخول في اي نقاش حول مميزات و عيوب كل من النظام الرئاسي او البرلماني او نظام الانتخاب الفردية او القائمة النسبية قبل الاتفاق على هذه القيم. فمن هذه القيم سيكون المعيار المقبول لاختيار الحكام هو الرضا الشعبي و الانجاز و ليس اي شيء آخر. و من ثم فانه لا شرعية لأي حاكم لا يحظى بقبول الشعب. و من يفقد ذلك فعليه الخروج من الحكم فورا. و سيترتب على ذلك تحديد وقت الحاكم و صلاحياته بشكل لا يقبل اللبس او الغموض او التلاعب او التحايل تحت اي ظرف من الظروف. و من اجل ذلك فلا بد و ان يعطى من الصلاحيات ما يمكنه فقط من القيام بما كلفه الشعب القيام به. ان ذلك يعني انه لا بد و ان تكون مهامهم محددة مسبقا بكل دقة و تفاصيل ان يختار الحاكم بعد ان تحدد سلطاته و صلاحياته حتى لا يتحايل على الشعب بعد ان يصل الى الحكم و ان كان رضاهم فيستمر في الحكم و ان لم يرضوا قبل ان يطلب منه اعتزال الحكم فلا يستجيب و يتحول هو الحاكم و الشعب محكوم من قبله.
فعلى الحاكم ان يقدم كل الضمانات الضرورية لعدم تجاوزه الصلاحيات الممنوحة له من قبل الشعب و التي يجب ان تكون في الحدود الدنيا التي توفر له القدر الكافي منها كي يتمكن من اتخاذ القرارات الضرورية للقيام بالوظائف السياسية و الاقتصادية المطلوبة منه. ولعل من اهم ذلك الفصل الدقيق و الواضح بين سلطات الدولة و مؤسساتها و بين الاحزاب السياسية و مؤسسات الدولة بحث يتم ضمان حقوق هذه الاحزاب سواء كانت حاكمة او معارضة و حقوق الشعب ككل. و في نفس القدر من الاهتمام يجب تحديد دور و حقوق وواجبات المؤسسات العسكرية و الامنية بما يضمن لها ان تقوم بمهامها بدون زيادة او نقصان.
في هذه الحالة سيكون من الممكن بناء الدولة الحديثة و حمايتها من الانحراف في المستقبل. اذ ان على مؤسسات الدولة ان تقوم على هذه الاسس التي تحددونها و ليس تلك الاسس التي تخدم مصالحها و تتجاهل مصالح الشعب. في هذه الحالة سيكون من الممكن ان يعاد تأسيس الاحزاب السياسية بما يخدم الممارسات الديمقراطية و ليس بما يخدم رؤى و مصالح هذه الاحزاب الضيقة. و في هذه الحالة فان المجتمع سيختار منظمات المجتمع المدني التي تستجيب لحاجاته و ليس لحاجات الحكومة او الاحزاب السياسية او القائم عليها. في هذه الحالة سيكون من الممكن توزيع السلطة و الثورة بشكل عادل. و في هذه الحالة سيكون تغيير السياسيات و الاجراءات اقل تكلفة بما يكفل اختيار افضلها واكفاءة واقلها تكلفة. بل انه سيكون من الممكن ان يصبح التداول السلمي حقيقة و ليس خيالا.