معهد أميركي يكشف أسباب الحذر السعودي من الملف اليمني وكيف جعل التصنيف الأمريكي للحوثيين يتخبطون الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وقوات الدعم السريع توسع عمليات الهروب من الخرطوم قرار قضائي يثير غضب إيلون ماسك.. عصابة أثيوبية تختطف اكثر من أربعين شخصا من جنوب اليمن وأجهزة الأمن تتدخل قناصو المليشيات الحوثية تستهدف النساء بمحافظة تعز الرئيس من الرياض يوجه بعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من الداخل ويؤكد على الوفاء بالالتزامات الاقتصادية والخدمية أمام الشعب جيش الإحتلال ينسحب من محور نتساريم الإستراتيجي.. شاهد كيف أصبح عدن: الداخلية تعلن بدء صرف مرتبات منتسبيها لشهر يناير وتعليمات لغير الحاصلين على البطاقة الشخصية الذكية تراجع مستمر في قيمة العملة اليمنية.. ''أسعار الصرف الآن'' مأرب في عين العاصفة... هل يدق الحوثيون طبول الحرب مجددا؟ وماهو أخطر ما يقلقهم اليوم ...تحركات خطيرة ومريبة
في زحمة الانشغال بالأنباء المتصلة بمحادثات مسقط السرية، لم يعد أحد يسأل أين هو المؤتمر الشعبي العام، الحزب الذي شغل واجهة السياسية طيلة ثلاثة عقود من عمر الجمهورية، ولماذا يغيب عن محادثات مسقط السرية، وعما إذا كانت السلطة الشرعية هي الضحية القادمة لهذه الحرب.
لقد أكلت الحرب اللاعب الأبرز في هذه الحرب والطرف الذي خطط للانقلاب، وكان زعيمه علي عبد الله صالح يعتقد أن بوسعه أن يستعيد السلطة عبر القفازة الحوثية، قبل أن يلقى حتفه بعد ثلاث سنوات من الحرب ويفقد كل مظاهر السلطة وثرائها وعائداتها، بعد أن منح الحوثيين خبرات المؤسسة العسكرية التابعة له، ومكنهم من خوض حرب واسعة كالتي تجري اليوم على الأرض اليمنية.
المؤشرات القادمة من مسقط تنبئ بإمكانية أن تواجه الحكومة الشرعية قريباً مصيرا مشابهاً للمصير الذي واجهه المؤتمر الشعبي العام وزعيمه علي عبد الله صالح، لتقتصر المعركة على طرفين لا ثالث لهما: تحالف أبو ظبي الرياض العسكري، والحوثيين ومن خلفهم إيران.
حينما سألت سياسياً مؤتمرياً واسع الاطلاع على خفايا الأمور؛ عن محادثات مسقط، أجابني بأن الأمور تزداد غموضاً، بما يعني أنه هو أيضاً بدأ يفقد المعلومات شيئاً فشيئاً، والسبب أن المؤتمر لم يعد له حضور في هذه المحادثات ولم يعد طرفاً سياسياً فيها.
هذه الحقيقة المرة يجب أن يستوعبها المؤتمريون قبل غيرهم، ويجب أن تستوعبها الحكومة التي لا تزال تعتقد أنها تمثل من الناحية السياسية إرث المؤتمر وأحد أثقاله الوازنة في الساحة السياسية.
تكاد الحرب أن تبتلع الحكومة الشرعية، ولولا حاجة هذا التحالف إلى الغطاء السياسي لما بقي الرئيس عبد ربه منصور هادي ساعة واحدة في المشهد السياسي، ومع ذلك لا يمكن تفسير ما يجري على الأرض إلا أنه جزء من مخطط إفناء السلطة الشرعية، والتخلص التدريجي من سلطة الرئيس هادي الاسمية.
فالحكومة الشرعية لم تعد موجودة على الأرض، خصوصاً في المناطق الجنوبية المحررة التي دخلت مرحلة شديدة القتامة؛ بعد أن قدم أصحاب المجلس الانتقالي الجنوبي أنفسهم حصان طروادة لأبو ظبي، لتدخل البلاد في مرحلة جديدة من الاستعمار الجديد؛ مقدماته عربية وخلفياته بريطانية وأمريكية وإسرائيلية.
في هذه المرحلة المفصلية من التاريخ ترتهن المنطقة لإرادة رجلين، هما الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية؛ الأحدث سناً والأحدث عهداً بالسياسة.
والسيء في الأمر أن هذين الرجلين، ارتهنا سلفاً لإرادة أكثر شراً وفتكاً وأكثر حقداً على المنطقة ونموذج حياتها وحضارتها وجوهرها الأهم، وهو الدين الإسلامي.
ويمثل اليمن الساحة الأكثر انكشافاً للمخطط الذي ينفذه هذان الرجلان؛ في طريق تقدمهما نحو السلطة في بلديهما الأكثر ثراء على مستوى المنطقة.
فالسعودية والإمارات لا ينطلقان من أي أسس أخلاقية في تعاطيهما مع الأزمة والحرب في اليمن، وأهداف حربهما في اليمن متغيرة وليست ثابثة، واستعدادهما للتضحية بالشريك السياسي الأهم والأقوى على الساحة اليمنية، يتجلى في العمل الممنهج والدؤوب لتفتيت قوة هذا الشريك وشيطنته وتقليص نفوذه على نحو ما؛ تواجهه السلطة الشرعية في المناطق التي اندحر الحوثيون منها قبل ثلاث سنوات، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية.
ترفع المملكة وأزلامها شعار مواجهة إيران ومدها الشيعي الرافضي في اليمن، وتحاول أن تظهر الحرب على أنها مواجهة طائفية وليست حرباً سياسية؛ هدفها إعادة الشرعية بإنهاء الانقلاب والقضاء على المتمردين الحوثيين.
الحقيقة أن الرياض، ومن خلفها أبو ظبي، لا تريد أن تنتهي الحرب، وفق الرواية الرسمية المعتمدة واستناداً إلى المرجعيات المتفق عليها؛ لأن من شأن ذلك أن يعيد الدولة اليمنية الاتحادية الديمقراطية أكثر قوة وحضوراً وتأثيراً في المنطقة.
اعتمدت الرياض في القرن الماضي على وكلاء مؤثرين في تكريس نفوذها الدائم في اليمن، كان نظام علي عبد الله صالح أحد أهم هؤلاء الوكلاء، بالإضافة إلى شبكة واسعة من الولاء القبلي للرياض والمرتبط بحجم لا بأس به من المصالح الاقتصادية التي تمتع بها رؤساء القبائل اليمنية في الشمال والجنوب.
الجديد في محادثات مسقط أنها وضعت الرياض على قدم المساواة مع الحوثيين، وهذا يعني أن الرياض تقدم التنازلات التي قد تكون مؤشراً على طبيعة التسوية القادمة، والتي لن تأتي بشريك مرن ومنقاد للرياض (كما كان عليه الحال في السابق)، بل شريك أُعد باحتراف من جانب لاعب إقليمي خطير هو إيران، وليس بوسعه التنازل عن أهم أدواته في المنطقة.
وهذا يكفي وحده ليكشف عن المستقبل المأساوي الذي ينتظر اليمن والسعودية معاً؛ إذا ما قرر وعلي عهد السعودية المضي قدما في مخطط إنهاء الحرب بأي ثمن، سعياً منه في ترتيب انتقال بدون منغصات للسلطة في بلاده.
*عربي 21