هل تغيرت الاستراتيجية الفرنسية تجاه لبنان؟
بقلم/ كلادس صعب
نشر منذ: 21 ساعة و 18 دقيقة
الثلاثاء 21 يناير-كانون الثاني 2025 08:45 م
 

يحاول الرئيس ايمانويل ماكرون رأب الصدع الذي تسببت فيه سياسته تجاه لبنان منذ إعلان دعمه لمرشح الثنائي “حزب الله- حركة أمل” الوزير السابق سليمان فرنجية ومحاولة مندوبيه الذين تنابوا على هذه المهمة، تدوير الزوايا بما يؤدي إلى قبول المعارضة بهذا الترشيح، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق أي ثغرة في جدار المحور السيادي.

رغم هذا الفشل لم تخرج فرنسا من المشهد السياسي الساعي إلى إنهاء الفراغ الرئاسي، بل باتت من الشركاء في اللجنة الخماسية التي ضمت إلى جانب فرنسا الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، ومصر وقطر.

زيارة ماكرون الاولى للبنان اثر انفجار مرفأ بيروت، اعادت الالق الى النفوذ الفرنسي التاريخي بعدما تزعزع، نتيجة التعاون الفرنسي المباشر وغير المباشر مع “محور الممانعة”، رأى البعض انها محصورة بمصالح فرنسا الاقتصادية التي تعيش أزمة مالية وحضورية ، فهي عمقها الاقتصادي في القارة الأفريقية، كما ان الحرب الاوكرانية- الروسية ارخت بظلالها على فرنسا التي تعتبر قائدة المحور الاوروبي، ومحاولتها فك الارتباط والتبعية للولايات المتحدة الاميركية من خلال دعم اوكرانيا عسكريا في مواجهة روسيا، وخسارتها صفقة القرن مع أستراليا التي فسخت عقد شراء 12 غواصة من مجموعة “نافال غروب” للصناعات الدفاعية تتجاوز قيمتها ال50 مليار دولار لصالح الولايات المتحدة الأميركية.

ادارة ماكرون التي حاولت مرارا تكرس نفسها كعرابة للحل السياسي في لبنان ، لم تتمكن من اكمال مسيرة الادارات السابقة التي كانت يتربع على عرشها الرئيس القرنسي الراحل جاك شيراك الذي لم يكن اهتمامه بلبنان يرتبط بمصلحة تجارية فقط بل العلاقة التاريخية التي جعلت من بلده يحمل لقب “الام الحنون”، وعززها الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي شكلة صداقته مع شيراك جسراً للتعاون المتبادل، ليس فقط على صعيد لبنان انما على صعيد علاقة فرنسا بالدول العربية والخليجية.

مصادر مطلعة على زيارة ماكرون الثانية لا تشبه تلك التي قام بها عقب انفجار المرفأ وهو وصل الى مطار الشهيد رفيق الحريري لتهنئة الرئيس جوزاف عون بانتخابه رئيس للجمهورية ، الذي غاب عن مراسم الاستقبال، وقد عرج ماكرون على منطقة الجميزة لاعادة احياء وعده الذي مضى عليه 4 سنوات ولم يتحقق فيه اي خرق لناحية المحاسبة وكشف الحقيقة، الا ان ما رشح عن الزيارة يؤكد ان السياسة التي كانت تنتهجها فرنسا تجاه المحور لم تعد قابلة للحياة بعد التغيرات الجذرية التي حصلت في المنطقة ، وان تسوية 2016 لا يمكن ان يعاد انعاشها ، وهذا الامر ظهر جليا لناحية الشخصيات التي التقاها خلال زيارة التهنئة للرئيس عون ، واقتصرت لقاءاته الرسمية مع عراب المندوبين جان ايف لودريان على رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ولم يعقد اي اتفاق مع الرئيس عون باستثناء ترحيب الاخير لعودة شركة “توتال” الفرنسية الى التنقيب في المياه اللبنانية.