آخر الاخبار

أول محافظة يمنية تخرج في تظاهرة شعبية تأييدا لقرارات البنك المركزي ورقة بحثية تكشف عن ازمة سيولة حادة في مناطق الحوثيين ومخاطر التعثر وإفلاس البنوك أكد جهوزية الجيش لردع المليشيات.. وزير الدفاع يوجه رسالة ساخرة للمتورد عبد الملك الحوثي بشأن تهديداته الاخيرة ضد المملكة تقرير استخباراتي أمريكي يتحدث عن مصدر الأسلحة التي تستخدمها المليشيات في هجماتها بالبحر الأحمر واتساب يطرح ميزة جديدة.. “تحويل الرسائل الصوتية لنصوص مكتوبة” بـ5 لغات بالتزامن مع وصول حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» إلى المنطقة.. ضربات أمريكية تدمّر أهدافاً حوثية مليشيا الحوثي تشيع قيادات برتب رفيعة.. وإقرار بمقتل 312 عنصرا خلال بضعة اشهر في مواجهات مع قوات الشرعية رسمياً.. مليشيات الحوثي تنصّب زعيمها نبياً مقدما على أفضلية نبينا الكريم ومغردون يردون :لهذة الدرجة فوق الرسل والانبياء محكمة العدل الدولية تحدد موعدًا للإعلان عن موقفها من احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بعد مغادرته ليفربول.. كلوب يرد على عرض لتدريب المنتخب الأمريكي

نعملُ لآخرتنا كأننا نموت بعد 2022
بقلم/ محمد الحمّار
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 3 أيام
الأربعاء 08 ديسمبر-كانون الأول 2010 05:08 م


سأكون واضحا من الوهلة الأولى. لستُ إسلاميا ولا علمانيا. لستُ ضد الرياضة بل أنا من عشاق كرة القدم (التونسية والعربية) ومن روّاد الملاعب. كما أني أكنّ مودة ثابتة لشعوب الخليج العربي وحنينا مطبوعا إلى ربوع بلدانهم الحالمة وأحمل في نفسي أشواقا إلى البقاع التي قضيت فيها سنتين كاملتين من عمري.

أمّا حدث إعلان "فوز" قطر الشقيق بقرار احتضان دورة كأس العالم لكرة القدم في سنة 2022 فلم يخطر لي بالبال ولم يثبت لي في النفس. ففي ذلك اليوم، الخميس 2-12-2010، كنتُ صحبة نجلي في صالون الحلاقة بالحي مسقط رأسي بالعاصمة لمّا تفطنتُ أنّ ربما كل الناس عدا أنا كانوا بانتظار ما كنتُ جاهله. وقد نزل عليّ الخبر المُعلن (على شاشة التلفزيون) على التوّ في دفعة من الشحنات المتحَدية لإحساسي بالأصالة العربية الإسلامية، والمتجاوزة لطموحاتي في الإسهام في إعداد جيل عربي جديد يعرف نفسه بنفسه وواثق بها، والمحبطة لكثير من آمالي وأحلامي بأمة تعمل لآخرتها كأنها تموت غدا مع عملها لدنياها كأنها تعيش أبدا.

لقد تزامن خبر قطر محتضنا لكأس العالم في سنة 2022 مع غصّ أحد الحلاقين الاثنين بالأكل وشرقه بسائل من الشراب. وهو الذي كان متفرغا في تلك اللحظة و مغروسا في كرسي الزبون، مشرئبّ العنق قبالة الشاشة المعلقة في أعلى الحائط، يلتهم حلوى "المقروض" القيرواني القطعة تلو القطعة، و يسقيها بين الفينة والأخرى، وبين كلمة لجوزيف بلاتر وأخرى، بسائل الياغرط.

لقد غصّ الحلاق العاطل وقد غصّت ربما من ورائه ملايين البلاعيم العربية الصامتة والمشتاقة لِما يسدّ الرمق و يحلو للذوق. سارع الحضور بمدّ يد المساعدة والإغاثة للحلاق 'عبد الله الفرحان' حتى استرجع أنفاسه ونفض الغبار عن عينية ليتأمل على نحو أفضل صورة الزعيم العالمي جوزيف بلاتر وهو يعرب عن ارتياحٍ غير مسبوق لنجاحه في أن يضمن، الآن وقبل 8 أعوام و 12 سنة من موعدها، السيل الهائل من الدفوعات الذي سيتدفق من عند البلدين المضيفين على التوالي (روسيا وقطر).

وما فتئ أن أتمّ الحضور تراتيب الإغاثة حتى شرع كل واحد منهم، وكذلك بعض المارة المستأنسين بالصالون ذي الباب المفتوح للجميع، في أداء بعض الحسابات الغريبة التي أثارها الخبر المُعَولِم. وكانت المُساءلات تحوم، كلّ حسب عمره وما تسمح له به طموحاته، حول مَن سيعمّر إلى ذلك الحين ومَن سيقصد وجه ربّه قبل أوان اللحظة الحاسمة للموعد الكروي العالمي؛ حول ما إذا كان أكبر شيوخ الحي سيلحق بركب 2022 أم لا، وحول ما إذا كان الفتى زيد سيتوفاه الأجل المحتوم قبل الشيخ عمرو، وحول ما إذا كان الرضيع فلان ستأخذه يد المَنون قبل المعمّر علاّن.

في الأثناء كنتُ أراجع حسابات وأثبّتُ حسابات.ولاحظتُ أنّ للعرب والمسلمين مشكلة أخرى كانت كامنة وإذا بالحدث الرياضي الاستباقي يخرجها إلى السطح: إننا نأخذ عن العالم السياسات باسم العلم (علم الاستشراف وعلم التخطيط وعلم الاستراتيجيا، على المدى القصير والمتوسط والبعيد) وباسم تكافؤ الفرص وباسم التضامن وباسم التسامح والإخاء وباسم التقدم وباسم الحرية، وبعناوين عديدة أخرى، بينما لا نشارك في تصميم تلك السياسات، لا بالارتكاز على فلسفتنا في الحياة، ولا بالإدلاء بدلونا في مجال الحقيقة حسب ما تُمليه علينا أصالتنا، ولا بتحيين تلكم البرامج والسياسات حسب متطلبات الفكر المعاصر لدينا وبإرادة مستمدة من حقيقة كونية نكون قد ساهمنا في تشكلها. وبهذا النقصان في المهارات الوجودية نكون قد حوّلنا، من حيثُ لا نشعر، كلمة الخير إلى كلمة أريد بها شرّ، والنعمة إلى نقمة والعياذ بالله.

بالتأكيد، المطلوب أن نعمل على أن يكون بالإمكان الانتظار إلى غاية 2021 لأخذ القرار حول من سيستضيف دورة العام الموالي. إذ حين يكون عاما واحدا كافيا لتحضير دورة في كأس العالم، يكون الفكر (العربي، المساهم فعليا في القرار) مبرهنا على أنه صار قادرا على أن يكون غير مسبوقٍ بإرادة الآخر، ولا مطبوعٍ بالعولمة ولا منفصلٍ عن الحداثة.

لست ممّن يُحوّلون النعمة إلى نقمة لكني من هؤلاء الذين يعتبرون الرياضة نعمة فقط لمّا لا تؤثر فينا إلى درجة تقلّب الحقيقة لدينا رأسا على عقب، ولمّا نكرّس واقعا غير الواقع الذي ينبغي أن يتولّد من الإرادة الذاتية، ولمّا لا نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبدا بل نعمل لآخرتنا كأننا نموت بعد سنة 2022.

محمد الحمّار

*كاتب تونسي

  
عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
د. لمياء الكندي
تحولات الحرب في اليمن صناعة الإرهاب وتضخيم الحوثيين
د. لمياء الكندي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
كاتب صحفي/ خالد سلمان
الحوثي يشتري أوراق قوة الشرعية الأخيرة بثمن بخس.
كاتب صحفي/ خالد سلمان
كتابات
محمد مصطفى العمرانيانتخابات نتائجها تدبر بليل
محمد مصطفى العمراني
عبد الواحد الشرفي.شعب معتوه !!
عبد الواحد الشرفي.
ابو الحسنين محسن معيضالهجرة .. معالم على الطريق ( 2 - 3 )
ابو الحسنين محسن معيض
مشاهدة المزيد