النوم وضحاياها في رمضان
بقلم/ سوسن الجوفي
نشر منذ: 16 سنة و 3 أشهر و 16 يوماً
الثلاثاء 09 سبتمبر-أيلول 2008 02:55 م

في رمضان يصبح الكثير فريسة سهلة للنوم لأن النهار بالنسبة لهم أصبح ليلا والليل نهارا وهذا النمط من الحياة خلال الشهر الكريم يصاحبه بعض التغييرات الفسيولوجية في الجسم .

فساعة بدء الدوام تتأخر خلال رمضان وتنشط المحلات التجارية ليلا ويزيد عدد متابعي الفضائيات كما تكثر الزيارات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل وينتج عن السهر نقص حاد في عدد ساعات النوم خلال الليل لدى البعض مما قد يسبب الخمول والنعاس وتعكر المزاج خلال النهار .

في سطور وكالة الأنباء اليمنية/ س بأ / ناقشت العوامل التي تؤثر على فسيولوجية النوم خلال الصيام وعدد ساعات النوم الطبيعي للمراحل المختلفة في حياة الإنسان .

لكن أن يصبح النوم في رمضان ظاهرة مرضية بالنسبة لعائلة رويدا عباد هذا ما يحتاج إلى وقفة جادة لمحاولة التغيير تقول رويدا أن نهار رمضان بالنسبة لإخوانها الثلاثة رحلة نوم لا تنتهي حتى اللحظات الأخيرة التي يعلن فيها أذان المغرب بدء للفطور ..

حالة النوم هذه لا تلازم إخوانها إلا في رمضان وحتى لا يشعر الجميع بالجوع ومن أجل تعويض ساعات النوم التي فقدوها ليلا يظل طارق ورضوان وعلي غارقون في النوم إلى أن يتم إيقاظهم لتناول الفطور .

تشير رويدا أن كثير من الواجبات والالتزامات التي على إخوانها خلال الشهر الكريم لا يتم إنجازها ولا الاستشعار بها نظرا لحالة اللامبالاة في النوم التي تصيب الكل والتي تبدأ بدخول الشهر الكريم وحتى ينتهي ويؤثر ذلك سلبا على عمل رضوان وطارق ودراسة علي .

أضافت رويدا ان العادات والتقاليد تلعب دورا في تغيير نمط الحياة في شهر رمضان لكن ليس إلى سلبية النظام الذي يتبعه أخوانها الثلاثة طوال شهر العبادة والصوم والاستغفار .

ليست عائلة رويدا وحدها التي تعاني من نوم أفرادها طوال نهار رمضان كثير من الأسر تواجه نفس المشكلة ويعتبرها جابر العريقي إهانة في حق الشهر الكريم الذي ينفرد هذا الشهر بميزات دونا عن بقية أشهر العام بتكثيف العبادات فيه وتحسس المساكين والفقراء والتقرب إلى الله بالدعاء وقراءة القران وليس الهروب من الجوع والعطش بالنوم والصوم عن الكلام والعمل ...

الساعة العاشرة مساء هو وقت النوم الذي لا يمكن المساس بقدسيته بالنسبة لحياة أم عاصم المروني (40 عاما ) ولا يغير قدوم الشهر الكريم هذه الساعة لأن تغييرها يسبب لها اضطرابات في النوم وتلازمها الحالة طويلا إلى ان تعود الى حالتها الطبيعية لذلك وقت النوم بالنسبة لأم عاصم لا يرتبط بأي مناسبة زمانية او مكانية وفي رمضان تقول ام عاصم أن نظامها هو الاستيقاظ قبل وقت السحور لإعداد وتجهيز السحور والصلاة وقراءة بعض الآيات القرآنية ومن ثم تخلد للنوم مرة أخرى .

وبعد التاسعة صباحا يستحيل ان يقترب النعاس من ام عاصم حتى ساعة نومها العاشرة مساء لذلك تتمتع بنشاط وحيوية خلال شهر الصوم لأن مواعيد النوم والاستيقاظ ثابتة لم تتغير .

قليل من الناس من يضع له خطة ويلزم نفسه بتطبيقها في رمضان سحر ابو الرجال لديها ساعات محددة للنوم ولمتابعة التلفاز وزيارة قريب أو صديق ومثلها لقراءة القران وحتى لا يذهب دوام سحر الحكومي في رمضان ضحية للنوم فهي تلزم نفسها بتلك الخطة المحددة مسبقا حتى لا تفرط في النوم أو السهر بعد ذلك تحتاج إلى وقت وجهد لإعادة ترتيب نظامها اليومي .

النوم ودوام العيد

النوم عملية فسيولوجية في حياة الكائنات الحية ومنها الإنسان والحيوان، ولا يقل أهمية عن العمليات الفسيولوجية الأخرى مثل التنفس وضربات القلب، والإحساس بالجوع والعطش والإنسان بطبيعته لا يتحمل الحرمان من النوم مدة طويلة، وسرعان ما تظهر عليه علامات الإرهاق العام مع مظاهر عصبية كالنسيان ،وقلة التركيز ،وسرعة التهيج العصبي ،وقد يتعرض هذا الشخص لزيادة نسبة التوتر، والى حدوث نوبات من الصرع ،واضطرا بات نفسية أخرى، والى أعراض مرضية التهابية عديدة نظرا لتأثر جهاز المناعة لديه. وأخيرا يهدد فرط الحرمان من النوم حياة الشخص بتعريضه لارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر أمراض القلب وارتفاع سكر الدم.

يجد إبراهيم عامر صعوبة شديدة في النوم بعد رمضان فالدوام بحاجة إلى الاستيقاظ المبكر وإبراهيم يقضي ثلاثون يوما نهاره ليل وليله نهار وعندما يبدأ الدوام الرسمي للعمل بعد العيد تبدأ مشكلته مع النوم وصعوبة العودة للنوم ليلا والعمل نهارا .

يقول إبراهيم أنه يحتاج لفترة لا تقل عن أسبوعين حتى يبدأ نومه في الانتظام بعد رمضان ناهيك عن وابل الجزاءات التي يتم خصمها من راتبه بسبب تأخره في الساعات الدوام الأولى ..

وأضاف انه يحاول في كل شهر كريم أن يكيف نفسه خلال الأسبوع الأخير من الشهر الخلود إلى النوم مبكرا لكن هناك أمور كثيرة تعيق ذلك لأن خواتم رمضان لها مظاهرها الخاصة والممثلة بالعيد ومتطلباته التي لا تنتهي حتى ساعات الصباح الأولى لذلك فإن مشكلة إبراهيم مع النوم تلازمه حتى نصف شهر شوال حينها يستعيد حياته ونومه الطبيعي .

المشكلة التي يعاني منها إبراهيم بعد رمضان تعترض أم كهلان مع أبناءها الخمسة الذين تختلف مراحلهم الدراسية باختلاف أعمارهم فعندما يبدأ الدوام المدرسي تحتاج أم كهلان إلى جهد كبير تبذله حتى ينام ويستيقظ الجميع في الأوقات التي كانت محددة قبل رمضان فالجميع يدرس في الفترة الصباحية وأيام كثيرة تذهب ضحية النوم الذي يعجز أبناءها عن مقاومته الصباح ، أشارت أم كهلان إلى أن سهر أبناءها في رمضان سببه البرامج والمسلسلات التلفزيونية التي يختار كلا منهم برنامج ويصر على متابعته حتى النهاية ناهيك عن الألعاب التي يبتكرها الأطفال في شهر رمضان وحتى ساعات متأخرة من الليل ..

تشير الباحثة النفسية امة الله الشامي أن كثير من الدراسات تؤكد ان هناك عوامل تؤثر على فسيولوجية النوم خلال الصيام فتغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية من النهار إلى الليل قد ينتج عنها زيادة عمليات إنتاج الطاقة (الأيض) خلال الليل مما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم خلال الليل.

ففي العادة تنقص درجة حرارة الجسم حوالي نصف درجة مئوية قبل النوم مما يساعد على النوم ولكن نتيجة لزيادة الأكل في رمضان خلال الليل قد ترتفع درجة حرارة الجسم مما قد يؤدي زيادة النشاط وعدم الشعور بالنوم خلال الليل، ويتبع ذلك خلال الصيام انخفاض درجة حرارة الجسم أثناء النهار والشعور بالنعاس أو بصورة مبسطة تغير الساعة الحيوية في الجسم.. وهذه أحدى النظريات المطروحة عن علاقة الصوم بالنوم .

الخطأ الشائع عن النوم

وطبقا للدراسات والأبحاث هناك اعتقادات خاطئة حول النوم يجب توضيحها، حيث يحتاج الشخص العادي من أربع إلى تسع ساعات للنوم كل 24 ساعة للشعور بالنشاط في اليوم التالي .. كما إن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، فالكثيرون يعتقدون بأنهم يحتاجون إلى ثمان ساعات نوم يومياً، وأنه كلما زادوا من عدد ساعات النوم كلما كان ذلك صحياً أكثر، وهذا اعتقاد خاطئ.

فعلى سبيل المثال إذا كنت تنام لمدة خمس ساعات فقط بالليل وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني من مشاكل في النوم ، البعض الآخر يعزي قصور أداءه وفشله في بعض الأمور الحياتية إلى النقص في النوم، مما يؤدي إلى الإفراط في التركيز على النوم، وهذا التركيز يمنع صاحبه من الحصول على نوم مريح بالليل ويدخله في دائرة مغلقة.

لذلك يجب التمييز بين قصور الأداء الناتج عن نقص النوم وقصور الأداء الناتج عن أمور أخرى، كزيادة الضغوط في العمل وعدم القدرة على التعامل مع زيادة التوتر وغيرها. . ومراعاة أن يكون أغلب مدة النوم في فترة الليل، كذلك توفر الظروف والعوامل التي تساعد على النوم الهادئ العميق والمتواصل.