من أقاصي شرق اليمن بمحافظة المهرة.. حيث الانسان ينهي معاناة أكثر من 10 آلاف نسمة ويخفف عليهم خسائر الوقت والمال
الشرعية تلوح مجددا بخيار الحرب وتتحدث عن الضرر الذي جاء من البحر الأحمر
رئيس الوزراء يتوعد بالتصدي للفساد ومحاربة الإختلالات ومواجهة المشروع الكهنوتي ورئاسة الجمهورية تؤكد دعمها له
الكشف عن الدور الأمريكي حول ابرام أكراد سوريا اتفاق مع الحكومة السورية
ما هي الأسباب التي دفعت قسد والقيادة السورية لتوحيد الرؤى في إطار اتفاق تاريخي؟
عيدروس الزبيدي يدعو لاعتماد شبوة منطقة عسكرية مستقلة لا تخضع للوصاية ويتحدث عن إنشاء شركة ''بتروشبوة'' النفطية
توجيهات عاجلة برفع الجاهزية بعد أحداث الخشعة بوادي حضرموت ومقتل أحد الجنود
بن مبارك: ''ننسق مع المجلس الرئاسي وملتزمون بمحاربة الفساد مهما كانت التحديات و التكلفة''
مجلس السلم الإفريقي يؤكد الرفض الدولي لمؤامرة الدعم السريع في السودان
الصحف العالمية: ''سوريا بقيادة الشرع وجهت ضربة قاسية لإسرائيل''
رحم الله الشيخ الداعية المربي مهيوب سعيد مدهش كان مهيبا سعيدا مدهشا، تماما كاسمه. في عام 1394هـ وهو لم يبلغ الثلاثين من عمره، بعد أن أكمل تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حاملا شهادة البكالوريوس التي لم يحملها ذلك الحين في اليمن إلا أقل القليل، وكان بإمكانه أن ينال بها منصبا مرموقا في مدينته تعز أو في العاصمة صنعاء، لكنه آثر أن يهاجر في سبيل الله داعيا إلى الله.
كانت صحراء مأرب خالية من مظاهر المدنية عامرة بقيم الإسلام وشيم العرب ظمئى ترقب سحابة علم غديقة تنبت الزرع وتدر الضرع.. فكان موعدها مع شاب أحب الدعوة وسلك سبيل الراشدين نزل مهيوب سعيد مأرب هناك في قرية الجثوة في وسط وادي عبيدة حط رحاله في رحاب الشيخ حمد بن صالح بن جرادان أحد كبار مشايخ عبيدة فأحسن وفادته، ليتفرغ المعلم لمهمته.
نذر الشيخ مهيوب نفسه وحياته لتنشئة جيل متعلم يحظى بتربية دينية واعية، فاندمج في المجتمع مع ثلة من المشايخ والدعاة منهم الشيخ عبدالله البازلي والشيخ راشد عوض الوصابي رحمه الله والشيخ سعيد بن سهيل رحمه الله والشيخ عبدالله بن عمر الحداد رحمه الله وعدد من إخوانهم، عملوا على نشر العلم والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فنفع الله بجهودهم وتأثر بهم أهل مأرب والجوف وشبوة ووادي حضرموت، وأقاموا المعاهد العلمية والندوات المسجدية والمخيمات والمراكز الصيفية وغيرها من الأنشطة الدعوية والوسائل التعليمية، وشيدوا الأسس الصحيحة التي أثمرت كل تلك التضحيات العظيمة التي ينحني لها التاريخ إجلالا عندما وقفت مأرب فكانت مأرز اليمنيين وحصنهم الحصين أمام جحافل الحوثية وطغيانها وإفكها ودجلها. من شتات الذاكرة موقف لا أنساه هو أول يوم رأيت فيه الشيخ مهيوب رحمه الله عام 1990ميلادية في أول أسبوع من المركز الصيفي بمعهد الصديق العلمي الذي أصبح دارا للعلوم الشرعية فيما بعد، شجعنا أحد أقربائنا وهو علي بن صالح طعيمان رحمه الله للمشاركة في المركز الصيفي، فذهبت معه ومعي أخي الأصغر مني وابن عمنا بعمره، وكنا نتساءل في الطريق فيما بيننا بفضول الأطفال ما هو المركز الصيفي؟! وماذا يتعلمون فيه؟!، وأسئلة وتصورات أخرى، حتى وصلنا فدخلنا لمقابلة لجنة القبول في المركز، وكان رئيسها هو الشيخ مهيوب رحمه الله، وبعد حوار قصير قررت اللجنة عدم قبولنا لصغر سننا، فكانت صدمة بالنسبة لي وخيبة أمل ولّيت بعدها إلى الباب وعيوني ترقرق بالدمع فقلت ببراءة الأطفال: لم يوافق لنا أهلنا إلا بصعوبة ثم لما جئناكم رددتمونا، فناداني الشيخ مهيوب رحمه الله واحتضنني بحنان، وقال أنت مقبول وإخوانك يرجعون في العام القادم إن شاء الله. فغمرتني الفرحة وأحببته كثيرا من تلك اللحظة رحمه الله وجزاه عنا خير الجزاء.
درسنا على يديه دروس الإيمان والعقيدة، وأتذكر جيدا أنني كنت أسأله عن الشيعة فكان له الفضل علينا - بعد الله- في بيان زيغهم وضلالهم، وكان له بعد نظر -رحمه الله - في استشراف خطرهم وتحذير الناس منهم. تميز الشيخ مهيوب رحمه الله بمهابة ممزوجة بمحبة، فكنا نهاب أن نتكلم معه، فإذا تكلم معنا شعرنا بالأنس، وكان رحمه الله قليل الكلام كثير العمل، ربما يقسو أحيانا على من يحب أمامه، ويسعى لمنفعته من وراءه دون أن يشعره أو يخجله. عاش زاهدا ورحل مخفا من تبعات المناصب والمسؤوليات التي أشاح وجهه عنها، ونرجو له ميزانا ثقيلا من الخير والهدى والحسنات التي دعا لها وأرشد إليها، والله يتولى الصالحين.
رحمك الله يا أبا صلاح وأبا الإصلاح... ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة *** غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر