آخر الاخبار

اليوم في نصف نهائي كأس السوبر السعودي.. الهلال يصطدم بالأهلي ''التوقيت والقنوات الناقلة'' نصف أطفال اليمن يعانون سوء التغذية.. وزير الصحة يحذر من تبعات تراجع التمويل الدولي النشرة الجوية: نصائح للمواطنين وتوقعات الطقس خلال الـ48 ساعة القادمة متى ستردّ إيران؟ كيف ستردّ؟ لن تردّ إيران؟! تحليل يجيب على التساؤلات وخيار ثالث يتعلق بالحوثيين مفوض أممي يخرج ببيان يفضح الحوثيين ويكشف ما فعلوه في مقرات حقوق الإنسان بصنعاء أكثر من 2200 مستوطنا متطرفا اقتحموا المسجد الاقصى لإقامة طقوسا يهودية في بيان شديد اللهجة.. الحكومة تهاجم ''الغوغاء'' التابعين للإنتقالي الذين اقتحموا احتفالية للشباب في عدن ومزقوا صور العليمي ظاهرة كونية لن تتكرر… غداً المريخ والمشتري في سماء الليل أقرب من أي وقت أمريكا تعلن استئناف بيع الأسلحة الهجومية للسعودية بعد توقف طويل ومصادر تكشف الأسباب أوكرانيا تعلن السيطرة والتقدم و تعزز أكبر توغل في أراضي روسيا بغارات مسيرات هجومية

أغلاط الأطباء
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 12 يوماً
الجمعة 30 مايو 2008 08:52 م

أتت الشريعة الإسلامية بمحاكمة المتطبب وهو الجاهل بالطب، ومحاكمة الطبيب إذا فرّط وأهمل، وغلطة الطبيب تنتهي بالمريض إلى القبر، حتى قال ابن الرومي الشاعر المشهور وهو في سكرات الموت بعدما قتله الطبيب الجاهل: غلط الطبيبُ عليّ يوماً غلطة صارت مواردها مع الإصدار وعندنا أطباء متطبّبون يدخل عليهم المريض يمشي على قدميه ويخرج في عربة، وربما خرج جثة هامدة، ومن الأطباء من أتى بشهادة مزوّرة وأقام عيادة وصدقه الناس، فأخذ أموالهم وأمرض أجسامهم، ومن الأطباء من هو متخصص في كل مرض؛ فهو يعالج من السكري والضغط والركب والطحال والكبد وتخصصه أصلا في بيطرة البقر!! ومنهم من يصف دواءً واحداً للصداع والدوسنتاريا والحمى المالطية. والأطباء مثلهم مثل الفقهاء المفتين؛ منهم الراسخ في تخصصه والوسط والهزيل الهش، وإذا لم يُقد الطبيب المتطبب المخطئ إلى المحكمة ويحاكم محاكمة شرعية عادلة فسوف يستمر هذا الخطر العظيم والمجازفة بحياة الناس، وينبغي أن تُشكل نقابة للأطباء يرأسها مجلس من كبار الأطباء للمحاسبة والتدقيق والمتابعة، وصار عندي بحكم داء الرُّكَب شبه معرفة باضطراب وتذبذب كثير من الأطباء، فإن مرض الرُّكَب عندي جعلني أفكر في رُكَب الناس، وحولت كثيراً من الحديث في المجلس إلى الحديث عن الرُّكَب، وإذا رأيتُ الناس يمشون في الشارع تعجبتُ من سلامة رُكَبهم، وإذا لقيني صديق سألته عن رُكَب والديه وأول سؤال أسأله من لقيته بقولي: بشّر عن الرُّكَب؟ وقد راجعتُ أكثر من عشرة أطباء كلٌ له وجهة نظر في تقديم العملية أو تأخيرها أو التقوس أو الاحتكاك أو العلاج الطبيعي، بل إن بعضهم كان يسخر من قول الطبيب الآخر، فعلينا أن نحترم حياة الناس ونحاسب المقصر، وكما قال بعض الحكماء: أهلك الناس صنفان: جهلة المفتين وجهلة الأطباء، فالمفتي الجاهل يدمّر الأديان، والطبيب الجاهل يمزّق الأبدان، فالغلو في الدّين والخروج عن الإجماع جاء من مفتٍ جاهل، والوصفة الطبية الخاطئة والعلاج الضار جاء من الطبيب الجاهل، والشريعة أتت بمحاكمة هذا وذاك، وقد حاكم خلفاء الإسلام وولاة أمرهم جهلة المفتين وجهلة الأطباء، وقدّموهم للعدالة، فكيف يُسكت عن أطباء جهلة جعلوا طبهم طريقاً لطلب الرزق وابتزاز أموال الناس، بعضهم يفتي في الباطنيّة والأذن والحنجرة والمفاصل والجلدية والأمعاء والنخاع الشوكي وجنون البقر وحمى الوادي المتصدع والإيدز، فهو قاتله الله عالم بالكل ماهر في الجميع ولكنه سوف يتوب من هذا الهذيان إذا جلس للمحاكمة وأُوقف عند حده، وأنا أعلم أن في أطبائنا مهرة وعباقرة شهد لهم العالم، واحتفلت بهم الأمة، وحيتهم القلوب وهم وسام فخر على الصدور، ولهم منّا كل تحية وتقدير وإجلال، وإنما قصدي المتطبّبون الجهلة الذين جمعوا بين الغشامة في الطب وموت الضمير وصاروا كما قال الشاعر: خلا لكِ الجو فبيضي واصفري ونقِّري ما شئتِ أن تنقّري فيا أهل الحكم ويا أهل العلم أدركوا الأمة وأنقذوها من أغبياء المفتين وجهلة الأطباء؛ لأن حفظ النفوس والدماء والأبدان والعقول من أهم مقاصد الشريعة الربانية، ومن أراد أن يمارس تجاربه في الطب فليمارسها في الفئران والكلاب، ولا يجعل أجساد الناس حقولا لتجاربه الفاشلة، والإسلام عبر حضارته حاكم كل خائن لرسالته، ونصّ الفقهاء في كتبهم على محاكمة الطبيب المتطبب بدفع أرش الجناية التي تسبب بها وإيقافه عند حدّه وإلغاء مؤهله وشهادته ونزع الثقة منه وتحذير الناس منه، فحياة الناس أجلّ وأغلى من أن تترك للعابثين السفهاء في المجال العلمي الشرعي أو الطبي البدني أو المالي والاقتصادي أو الفكري والثقافي؛ لأن الشريعة أتت بالرباط على ثغور الأفكار والأموال والأعمال والتصرفات لتعيش الأمة سعيدة مطمئنة آمنة، وصدق الله : «وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ».

* الشرق الأوسط

مشاهدة المزيد