رمضان في مناطق الحوثي .. من أجواء روحانية إلى موسم للقمع الطائفي والتلقين السياسي.. شوارع تعج بالمتسولين وأزقة تمتلئ بالجواسيس
العميد طارق : ما حدث في سوريا لن يكون بعيدًا عن اليمن وادعاء الحوثيين التصنيع الحربي مجرد وهم وكل أسلحتهم تأتي من إيران
اللجنة العليا للحج تؤكد على استكمال إجراءات السداد وتحويل المبالغ لضمان جاهزية الموسم
مقاومة قبيلة أرحب تدعو المجلس الرئاسي إلى اتخاذ قرار الحسم وتمويل معركة الخلاص وتعلن.جاهزيتها العالية لرفد الجبهات بكافة سبل الدعم
وول ستريت جورنال تسخر من تعامل الرئيس الأمريكي السابق مع الحوثيين وتورد بعض أخطائه
حنين اليمنيين يتجدد كل رمضان للراحل يحيى علاو وبرنامج ''فرسان الميدان''
عاجل: الدفاع الأمريكية تعلن مقتل عشرات القادة الحوثيين بينهم عسكريين وتكشف حصيلة ''الموجة الأولى'' من ضرباتها وعدد الأهداف التي قصفتها
الرئيس اليمني يدعو المجتمع الدولي لمعاقبة الحوثيين كما فعلت أمريكا ويتحدث عن السبيل الوحيد لإنهاء التهديدات الإرهـ.ابية
ترامب يتوعد إيران بعواقب وخيمة ويحملها مسؤولية هجمات الحوثيين
عاجل: أمريكا تكشف متى ستتوقف ضرباتها ضد الحوثيين
من أكثر القضايا التي يتم تشويهها وقلبها رأساً على عقب منذ سنوات قضية الانتفاضات الشعبية على أنظمة الظلم والطغيان والغزاة والمحتلين، فكلما حاول شعب أن يرفع صوته قليلاً مطالباً بأبسط حقوقه الإنسانية أو التخلص من ربقة الاحتلالات الداخلية والخارجية، سارع البعض فوراً ليتهمه بأنه يطلق النار على قدميه أو بأنه يدمر نفسه بنفسه أو يتآمر على وطنه.
وتبرز هذه الظاهرة السياسية والإعلامية اليوم أكثر من أي وقت مضى، وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث يحاول البعض شيطنة الشعب الفلسطيني وتحميله مسؤولية ما يحدث له أو لأي شعب آخر يقاوم الطغاة والغزاة والمحتلين ويطالب بحريته وكرامته ولقمة عيشه. وقبل أن ندخل في تفاصيل ما يحدث اليوم للشعب الفلسطيني من تجريم وشيطنة قذرة لمجرد أنه يهب من أجل استعادة حقوقه المسلوبة، فلنعد قليلاً إلى الشعوب العربية التي حاولت على مدى السنوات الماضية أن ترفع أصواتها ضد الطغاة والمجرمين الجاثمين فوق صدورها منذ عقود وعقود. دعكم من نظريات المؤامرة التي تحاول تصوير الانتفاضات الشعبية في هذا البلد أو ذاك بأنها مؤامرات خارجية على بلادنا، فهناك كما هو معلوم للجميع ألف سبب وسبب كي تنتفض الشعوب، حتى لو كانت هناك قوى كثيرة تريد استغلال الأوضاع وتحويل الانتفاضات وبالاً على الشعوب والأوطان، كما حدث فعلاً للعديد من البلدان العربية التي طالبت شعوبها بالتحرير والتغيير. ومن أكثر الشعوب المتهمة اليوم بأنه مسؤول عن تدمير وطنه هو الشعب السوري الجريح. تصوروا أن هناك من يتهم السوريين بأنهم دمروا وطنهم لمجرد أنهم انتفضوا على النظام الفاشي وطالبوا بأبسط حقوقهم.
تصوروا أن من يتهمون الشعب السوري بهذه التهم الباطلة يتجاهلون أن الطيران السوري والروسي والميليشيات الإيرانية هي المسؤولة عن الدمار الرهيب الذي لحق بالعديد من المناطق السورية. وكما يلاحظ الجميع فإن الدمار الذي حل بالمدن والقرى ناتج عن قصف جوي مفضوح، فمن المستحيل أن تدمر مناطق شاسعة بقنابل ورصاص. والمشاهد التي نراها اليوم في غزة بسبب قصف الطيران الإسرائيلي الوحشي هي صورة طبق الأصل عن المشاهد الرهيبة في عموم سوريا. ومع ذلك يأتيك بعض الأوغاد ليتهم السوريين بتدمير بلدهم وتحميلهم المسؤولية، وكأنهم هم الذين ألقوا آلاف البراميل المتفجرة على مدنهم وقراهم، وهم الذين استخدموا الأسلحة الكيماوية ضد أنفسهم، وهم الذين شردوا أنفسهم بأنفسهم بالملايين، وهم الذين اعتقلوا وقتلوا مئات الألوف من أنفسهم.
وما يتهمون به السوريين، ينسحب أيضاً على بقية الشعوب التي انتفضت في تونس واليمن والسودان والعراق واليمن وليبيا. هل اليمنيون والليبيون والعراقيون والسودانيون مثلاً هم من أوصل بلدانهم إلى الدرك الأسف؟ هل الشعب اليمني من دمر اليمن مثلاً وقتل أهله وجوعهم وشرد الملايين منهم؟ أم إن الذي دمره قوى خارجية وميليشيات محلية مرتهنة لإيران وغيرها؟ مع ذلك يتهمون الشعوب بأنها مسؤولة عن دمار أوطانها وتشريد نفسها. هل يعقل أن يكون الليبيون متآمرين على وطنهم مثلاً وإيصاله إلى وضع كارثي؟ مستحيل. مع هذا، فالذين طالبوا بالحرية في ليبيا متهمون اليوم بأنهم دمروا بلدهم. وكذلك السودانيون الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة أثناء ثورتهم على بعضهم البعض، مع ذلك فهناك من يحملونهم تبعات ما فعله ويفعله العسكر اليوم بالسودان وطناً وشعباً. تصورا هذا الهراء والتجريم المجاني للشعوب.
وما حصل للسوريين واليمنيين والليبيين والتونسيين والسودانيين والعراقيين من تجريم وافتراء يحصل اليوم بنفس الطريقة البشعة للفلسطينيين، وكأن تلك الشعوب المسحوقة كانت تعيش في جنات النعيم ثم تآمرت على نفسها وعلى بلدانها ودمرتها بأيدها. اليوم يحملّون الفلسطيني مسؤولية الدمار والخراب الرهيب الذي حل به لمجرد أنه يحاول لفت أنظار العالم إلى الكارثة الفظيعة التي يعيشها منذ عقود وعقود من احتلال غاشم وحصار وتجويع وترهيب وتنكيل. اليوم يتهمون الغزاويين بتحطيم القطاع، مع أن صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الرصينة تقول بالحرف الواحد «إن الدمار الذي ألحقه الطيران الإسرائيلي بغزة يفوق حجم الدمار الذي ألحقته طائرات الحلفاء بالمدن الألمانية كلها أثناء الحرب العالمية الثانية». إن ما فعلوه مع ثورات الربيع العربي يفعلونه الآن مع الفلسطيني، وينسبون الدمار للضحية وليس للجاني. وهي طبعاً رسالة مفضوحة لكل الشعوب المسحوقة: عليك أن تقبلي بواقعك المزري، وإلا إذا حاولت تغيير الواقع سنزيد من معاناتك ومحنتك أضعافاً مضاعفة وسنجعلك تتحسرين على الماضي الأليم. هذا ما حصل لكل الشعوب العربية التي طالبت بالتغيير والتحرر من الظلم والطغيان، وهذا ما يحصل اليوم للشعب الفلسطيني لنفس السبب.
وحتى لو تصدت الشعوب للمعتدين المحليين والغزاة والمحتلين، فإن حجم الدمار الذي يمكن أن تتسبب به لنفسها ولأوطانها لا يساوي واحداً بالمليون من حجم الدمار الذي تسببت به قوى الاحتلال الداخلي والخارجي للشعوب وبلدانها. هل يستحق الشعب السوري ما حصل له من تدمير وتهجير وتعذيب وتنكيل لمجرد أنه رفع صوته وواجه الطغيان؟ هل يستحق الشعب الفلسطيني هذه المحرقة الرهيبة لمجرد أنه تصدى لقوى الاحتلال؟ لهذا نقول للذين يتهمون الشعوب بتخريب أوطانها: كفاكم تجريماً للضحايا وتبرئة للجلادين. أنتم كذلك الذئب (في القصة الشهيرة) القابع في أعلى النبع الذي كان يتهم الحمل في أسفل النبع بأنه يلوث المياه.
كاتب سوري