آخر الاخبار

عاجل : السعودية تشارك في تطوير وتصنيع مقاتلات الجيل السادس مع ثلاث دول أخرى أعضاء في الكونجرس الأمريكي يقدمون للرئيس ترامب مقترحا حاسما للقضاء على تهديد مليشيا الحوثي .. عاجل تحرك رئاسي لإجراء مشاورات مع الفاعلين الاقليميين والدوليين حول مستجدات الاوضاع المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يكشف عن توقعاته بوضع الطقس في المحافظات الشماليه والجنوبية خلال الساعات القادمة ملتقى الفنانين والأدباء يُحيي عيد الفطر المبارك بفعالية ثقافية وفنية بمحافطة مأرب الحكومة اليمنية توجه انتقاداً لاذعاً لزيارة غروندبرغ إلى إيران العراق يتعهد بمنع أنشطة الحوثيين على أراضيه ... ويقيد حركتهم العليمي يغادر عدن في مهمة ومصدر في الرئاسة يكشف التفاصيل وزير دفاع الحوثيين يخاطب الإدارة الأميركية: ستدفعون الثمن باهطاً وستهزمون فنحن قوة جبارة يُصعب النيل منها وتسليحنا متطور لا مثيل له على مستوى جيوش المنطقة وقد أعددنا انفسنا لمواجهتكم. عاجل بعد عودته من إيران.. المبعوث الأممي يوصي بمقترحات جديدة عقب الضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي

ماذا تعني حشود تعز العيدية؟!
بقلم/ توفيق السامعي
نشر منذ: يوم واحد و 14 ساعة و 46 دقيقة
الإثنين 31 مارس - آذار 2025 04:35 م

 

سيول بشرية تحتشد في ساحة الحرية بتعز. كان المنظر عظيماً، أكثر روعة، لم تشهده تعز إلا في مسيرات الاصطفاف الوطني قبل الانقلاب الحوثي على الدولة في أواخر أغسطس 2014.

ما إن هل هلال شوال المؤذِنُ بفجر عيد الفطر المبارك حتى تدافعت الحشود، وتدفقت من كل مديريات ومناطق مدينة تعز المختلفة، كسيول بشرية هادرة إلى ساحة الحرية لأداء صلاة العيد، وسط ابتهاج الجميع، وفي منظر اعتادت عليها تعز في كل المناسبات.

لكن اللافت هذه المرة في هذا الحشد الأخير هو تدفق المواطنين من مناطق الحوبان التي تقع تحت سيطرة مليشيا الإرهاب الحوثي، في دلالة كبيرة تبعث رسائل كثيرة وعظيمة لليمنيين، لا يستطيع أي إنسان تجاهلها، أو كاتب أن يغض الطرف عنها.

كان كثير من الناس يعتقدون أن مليشيا الإرهاب الحوثي قد استطاعت تدجين المواطنين في مناطق سيطرتها بالحديد والنار والإرهاب، ولا نخقي سراً أن القلوب كانت مكلومة فعلاً جراء هذا العمل الحوثي المقيت في تطييف وتدجين المواطنين في عمق السُّنّة اليمنية، لكن توجههم الأخير صوب مدينة تعز التي تقع تحت سيطرة الشرعية له بالغ الأثر والأهمية أظهر أن المواطنين متلاحمون قلباً وقالباً، وأنهم جميعاً متطلعون إلى تحرير محافظتهم من الإرهاب الحوثي الذي جثم على صدورهم، وكتم أنفاسهم، وأرهقهم بالإتاوات والجبايات وغلاء الأسعار.

كان الحوثيون والمتحوثون من أبناء تلك المناطق يبثون في روع الناس أن الغلاء هو فقط في مناطق سيطرة الشرعية، ويوهمونهم أنهم في نعيم مقيم تحت سلطتهم، يبثون سمومهم ضد مناطق الشرعية وقياداتها ومواطنيها، لكن الأحداث الأخيرة كشفت كل زيفهم وادعاءاتهم.

ما إن تم فتح نافذة ضيقة من مداخل الحوبان نحو المدينة حتى تدفقت جموع المواطنين من الحوبان صوب المدينة للإقامة والتبضع والتواصل المجتمعي، ووجدوا فوارق شاسعة في كل شيء؛ حرية وبضاعة وسكنا وأمناً، وخدمات متوفرة، ولم تأت مناسبة العيد حتى تدفقوا أفواجاً للصلاة في ساحة الحرية.

هي رسالة على الجميع أن يدرسها ويعيها؛ سلطة شرعية ومواطنين ومليشيا حوثية، الكل على حد سواء؛ فللسلطة أن تعمل على توحيد الجميع وتوجيه جهودهم لتحرير محافظتهم، وللشعب أن يتلاحم ويتآزر ويدرك قدرته وواجبه على التحرر، وللحوثيين أن الشعب يمقتكم، يرفضكم، لا مقام لكم بيننا، ولا بد أن يأتي يوم الخلاص من إرهابكم، وترحلون كما رحل أسلافكم الأئمة.

ما تفعله المقاومة الشعبية من إحياء روح التحرر شيء عظيم، ربما كان أحد أسباب تداعي الجموع الغفيرة لتشهد صلاة العيد في ساحة الحرية، ولا ينبغي للمقاومة ولا السلطة الشرعية أن تتغافل عن ذلك، مع كثيرٍ من الحذر الطبيعي تجاه من يريد الاختراق الاستخباراتي من قبل مليشيا إرهابية تدس عناصرها وسط تلك الجموع.

يتواصل بي مصلون من ساحة الحرية أن الحشود بلغت مساحات غير مسبوقة من ساحة الحرية وحاراتها المجاورة وحتى مدرسة الشعب جنوباً، وهو ما توضحه التسجيلات المصورة، في حشد من حشود تعز النادرة التي تعزز أواصر القربى وتشابك الأرحام، وتمتين صف الصداقات الداخلية بين جموع الشعب كأرضية صلبة نحو التحرير.

أجمل ما في هذه الحشود أنها بشكل تلقائي دون تعبئة عامة، ولا دعوة ولا حشداً ولا تنظيماً من أحد؛ بل هي تعبير ذاتي للناس عن ضيقهم بمليشيا الإرهاب الحوثي، والتطلع ليوم الخلاص الكبير.

يتجمهر الشعب اليمني في مناسبات كثيرة كسيل يشق مجراه، ويبحث عن مخرج لتدفقاته الهادرة، يتمثل في البحث عن قيادة تقود هذه الجماهير نحو التحرير، دون أن تجد من يلتقط هذه الفرصة للمضي به نحو الخلاص، كما تخلصت بقية الشعوب من جلاديها، ولربما أنتج الشعب قيادته الميدانية بنفسه، بعد أن يئس من المتصدرين المشهد اليوم من كل الأحزاب.

كم نتمنى أن لا تتحول هذه الحشود غير المسبوقة في تعز كمسيرات الاصطفاف الوطني المليونية في أواخر أغسطس 2014 في صنعاء، التي كانت على قلب رجل واحد للتصدي للانقلاب الحوثي وخذلها حينها الرئيس هادي ولم يعرها أي اهتمام، ولا حتى ببنت شفة واحدة، حتى لا يحبط الشعب اليمني ويفقد أمله في التحرير، كما كان عليه الحال في 2014.

تحرير تعز هو بوابة التحرير الكلي لليمن، ومنها ستكون الانطلاقة الكبرى، ولا يستهينن أحد بالأمر، فلهذه الرؤية أسبابها وعواملها ومرتكزاتها، ولا يمكن التقليل من شأنها، وأظن أن العامل الخارجي يدرك ذلك، ومن أجل ذلك تتم عرقلة كل خطوة نحو تحرير ونهوض تعز بشكل خاص، بغض النظر عمن يتصدر مشهدها، أو الذرائع التي يسوقونها بين حين وآخر.

كيف تكون تعز بوابة التحرير؟

تعز على الدوام هي حاملة المشروع الجمهوري اليمني، كما هي حاملة مشروع الوحدة اليمنية لموقعها الجغرافي الموازن بين الشمال والجنوب، ولا ترى نهضة اليمن إلا بالمشروع الوحدوي الذي من أجله تحارَب هذه المحافظة.

كما تعتبر تعز نموذج اليمن المصغر من التعايش، ومن القيم الثورية الجمهورية الحريصة على انتصار الثورة والجمهورية والوحدة التي هي ثوابت اليمن الكلية والكبرى، كما إن تعز لا تحمل المشاريع التفتيتية الصغيرة؛ فليس لها مشاريع انفصالية، ولا أيديولوجية منغلقة، ولا عرقية أنانية مقيتة، ولا مناطقية ضيقة.

ولعل أهم عوامل النصر هي العامل الديموغرافي الكبير الذي يوزع أبناءها في كل جبهة من جبهات الوطن، لا ينقصهم سوى التسليح والدعم المالي، والسند اللوجيستي، والغطاء السياسي، فما بالنا لو اتحدت مع محافظة إب كثاني تعداد سكاني في اليمن، ولهم نفس التوجهات الثقافية والمشاريع التي تتكامل تاريخياً مع تعز، وهي غالباً وتاريخياً تتحرك بتحرك تعز.