آخر الاخبار

قرابة مليار دولار خلال عدة أشهر ..مليشيا الحوثي تجني أموال مهولة من موانئ الحديدة لتمويل أنشطتها العسكرية . اللجنة الدولية للصليب الأحمر تكشف عن دعمها للمرافق الصحية والمستشفيات في مناطق سيطرة الحوثيين عقب الهجمات الأميركية عقوبات أمريكية جديدة على إيران وكيانات وشبكات تهريب تموّل الحوثيين هل تغيّر واشنطن خطتها ضد الحوثيين لتكون أكثر حسماً.. أم ستكرر السيناريو؟ نتائج المنتخبات العربية في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026 خلال اجتماع موسع مع قادة الكتائب والسرايا والضباط..قائد شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات بمأرب يشدد على رفع الجاهزية وتثبيت الأمن مأرب: الجمعية الخيرية لتعليم القرآن تنظم برنامج سرد القرآني ل200 طالب. تتضمن 59 مادة موزعة على 6 أبواب.. الفريق القانوني يسلم الرئيس مسودة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة تمهيداً لاعتمادها وإصدارها بقانون فعالية حاشدة لمؤتمر مأرب الجامع ومجلس الجوف الوطني... دعوات لوحدة الصف الوطني لمواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية. سياسي عراقي شيعي موالي لإيران يظهر فجأة في صنعاء.. وتقرير يكشف انتشار عسكريين من ''الحشد الشعبي'' في اليمن

يا أهالي عدنَ تراحموا
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 3 سنوات و 6 أشهر و 8 أيام
الجمعة 10 سبتمبر-أيلول 2021 06:50 م

فيما عُرِفَ بمجزرةِ 13 يناير 1986م ، وفي خضمِ القتالِ بين رفاقِ الحزبِ الواحدِ ، عاشت محافظةُ عدنَ أزمةً معيشيةً خانقةً ، تركز خطرُها الأكبرُ في انقطاعِ الماءِ ، وللتغلبِ عليه كنا نستقي من البحرِ الماءَ للتنظيف ، ونذهبُ بعيدا للاستقاءِ من بعضِ المساجدِ التي تتواجدُ فيها آبارٌ قديمةٌ ، تم فتحُها أمامَ الناسِ ، وكم عانينا حينها الويلَ من التدافعِ والصراعِ الشديدِ . يومها تذكرَ البعضُ وجودَ بئرٍ قديمةٍ في معبدٍ مهجورٍ لطائفةٍ هنديةٍ بشارع حسن علي المجاورِ لشارعنا ، وبموافقةِ القائمِ على المعبدِ قامَ بعضُ الأهالي بفتحه وكشفِ غطاءِ البئرِ ، لتواجههم عقبةُ عمقِها وطولِ فترةِ ركودِ الماءِ فيها ، مما جعله غيرَ صالحٍ للشربِ ، ما لم يتم شفطُ الماءِ الآسنِ بواسطة دينامو عبر عدةِ أنابيبَ . فكان الحلُ يتمثلُ في وجودِ مهندسِ ربطِ الأنابيب بالدينامو ، وفريقِ عملٍ يساعده ، وفي توفيرِ المعدات اللازمةِ ، وهو ما يكلف مبلغا كبيرا نتيجةً لعمقِ المسافةِ . وهنا تَقدمَ والدي (رحمه اللهُ) لمهمة المهندس ، حيث كان يملكُ خبرةً كافيةً في عمل التوصيل والربطِ ، وشكلَ أبناءُ الحي فريقَ العملِ المساعدِ له . وبقي أمرُ توفيرِ المواد المطلوبة هاجسا . وهنا تجلت الرجولةُ في تجسيدِ صدق الإنسانيةِ بعيدا عن الكسبِ المادي والإعلامي ، متمثلةً في شخصِ الرجلِ المُسِنِ السيد يس (رحمه الله) من سكان شارعِ الشيخ عبدالله المجاور ، ومالكِ محلِ أدواتٍ لمواد السباكةِ ومستلزماتها الهندسية والمهنيةِ بشارع السبيلِ ، للتبرع بالدينامو وكافةِ القصابِ اللازمة وما يلحق بها من أدواتِ ربطٍ وتسنين ، وكانت الأنابيبُ حينها حديديةً لا بلاستيكيةً كما هي اليوم . وبدأ العملُ مستغرقا يوما ونصف اليوم في الربطِ ، ونصفَ يومٍ لشفط الماء الآسنِ . وخلال ذلك كان السكانُ بالخارج ينتظرون الفرج ، وهم يحملون الأوانيَ والسطولَ والدببَ للتزود بالماء ، فقام الشبابُ برصها في طابورٍ منتظم ، وبعد ظهر اليوم الثالثِ بدأ ضخُ الماءِ النقي ، وسط تهليلِ الأهالي وفرحتهم الغامرةِ . وتم تعبئةُ مئات الأواني التي تراصت لترويَ ظمأَها . أتذكرُ هذا الجهدَ الجماعي والبذلَ الإنساني ، والفرحَ الطاغي بتحقق الأملِ المنشود ، أمام ما تعانيه عدنُ اليومَ من شظف العيشِ والفاقة ، وتدني الخدمات وتوقفِ الرواتبِ ، وغيرها من المحنِ والآفاتِ . وكلُ ذلك لن يتمَ تجاوزُه إلا بتجسيدِ ما سبق من التكاتفِ والتعاون والتوافقِ والبذل بين الجميعِ . فليتم حصرُ الأُسرِ الفقيرة والمحتاجةِ المتعففة في كل شارعٍ وَحَي جغرافي ، ويقومُ التجارُ في مربعاتِ عملهم بكفالة عددٍ من الأُسر شهريا ، ويتكفل أصحابُ المطاعمِ بتقديم وجباتِ طعامٍ لعدد من الأُسر يوميا . وتقدم البقالاتُ والسوبراتُ ومحلاتُ الجملةِ شهريا موادَ التغذيةِ والكماليات للعوائل ، وفي المناسبات تكسو محلاتُ الملابسِ الأطفالَ وغيرَهم ، ويتنازل أصحابُ الحرفِ عن ثلثي أجورِهم مقابلَ ترميم ما يحتاجه منزلُ المحتاجِ . وليفتحْ كلُ فردٍ مننا اليومَ دولابَ ملابسِه وكمالياته ، وليتنازل عن بعضِ المكتنز فيها من الثياب والأحذيةِ من كل عُمْرٍ وجنسٍ ، ومن الأواني المنزليةِ وألعابِ الأطفالِ وغيرها من الحاجيات ، وليقدمها لأُسرة فقيرةٍ ، فإنَّها ستُدخِلُ عليهم فرحةً نسيتها قلوبُهم ، وترسم فيهم بسمةً فقدتها وجوهُهم . فلنجعلْ جميعا من ذلك العملِ الإنساني والبذلِ الخيري صدقةَ حَمدٍ وزكاةَ شُكرٍ لما وهبنا اللهُ إياه من النعمةِ والعافيةِ ، والتوفيقِ في العمل المهني والحرفي . وبها ستغمرنا من الله بركةٌ في الرزق وراحةٌ في النفس وسكينةٌ وأمنٌ في الحياة . اليومَ غابت دولةُ الوطنِ ، فليُشرِقِ تلاحمُ الشعبِ ، فُقدِتِ حكومةُ الأمنِ فليحضر تراحمُ الجماهير ، قَعَدَ الراعيُ المسؤولُ فلينهض الأخُ المأمولُ . أثقُ أنَّها بهمة أهلِها وأبنائها ستتخلصُ عدنُ من كل الفتنِ وتودعُ كلَ المحنِ . والأمرُ عينُه في كل محافظةٍ منكوبةٍ منهوبةٍ .