طلاب كلية مأرب صراعات ونزاعات تحرمهم التعليم .. وكفاح دوؤب حتى الوصول إلى الغايات
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 20 يوماً
الخميس 07 مايو 2009 07:33 م
 

ولأن التعليم أصبح حقاً للجميع فأراد طلاب محافظة مأرب الحصول على تعليمهم وخاصة التعليم الجامعي أسوة ب أقرانهم في بقية المحافظات اليمنية , وبالرغم من وجود النزاعات والصراعات المتكررة بالمحافظة إلا أن الطلاب هناك وهم يروون لك مغامرتهم في الوصول إلى الكلية عبر التنقل بأكثر من سيارة وأحيانا المشي على الأقدام في الصحراء كفاحاً في سبيل التعليم يجعلك تقف مندهشاً على إصرارهم في مواصلة تعليمهم الجامعي مهما كلفهم الأمر ,, إلا أنهم يستنكرون بذات الوقت الصراعات التي يصبحوا ضحية لها حتى وان كانت بين أطراف ليسوا فيها.. ولأنهم اكتووا بالحرمان من التعليم والتوقف والتقطع المتكرر فيطالبون وبشدة حماية الكلية وطلابها والسعي لتكون " هجر" يحرم المساس بها ,, وبعد أن حرموا من التعليم الجامعي سنوات عدة وأتى لهم الأمل بافتتاح كلية الآداب والعلوم والتربية من سنتين إلا أنهم يعانون اشد المعاناة من النزاعات والصراعات أحياناً تحول بينهم وبين الوصول إلى الكلية .. وفي هذا التحقيق يروي بعض طلاب الكلية من مختلف مديريات مأرب معاناتهم في تعليمهم الجامعي:

تحقـيق وتصوير – جـبر صـبر

jabir_nn@hotmail.com 

jabir_nn@hotmail.com 

مشقة السفر والتقطع:

سعيد هذال طالب سنة ثانية – كلية آداب – مديرية صرواح يقول إن الصعوبات التي توجههم بعد المسافة ومشقة التنقل بالإضافة إلى صعوبة السكن وك ذا عدم وجود معامل ومكتبة في الكلية .

واعتبر المشاكل لها دور كبير في عرقلة عملية التعليم إلا انه قال إن الجو كان أفضل بالنسبة لهم السنة الماضية ,ويؤكد كلامه مدير التسجيل والقبول صالح العكيبي والذي أوضح أن عدد المتقدمين خلال السنة الماضية 1548 طالب وطالبة فيما كان عدد الطلاب المتقدمين لهذا العام تراجع إلى 674 طالب وطالبة. ولاشك أن السبب الرئيس في التراجع يعود إلى الثأر, إذ كل من له علاقة بالثأر انقطع عن التعليم , وبذلك يطالب سعيد هذال : بحصر قضايا الثأر على الجناة أنفسهم وعدم إدخال البقية فيها , فضلاً عن أن الكلية وطلابها ومنتسبيها تعتبر حرمة محصنة وبعيدة عن تلك القضايا والتي من شأنها تعرقل العملية التعليمية فيها. كما يدعوا إلى كتابة وثيقة توقع عليها كل القبائل تؤكد على حرمة الكلية لتصبح" هجر" بمنتسبيها وممتلكاتها. ويوافقه على ذلك الطالب – ناجي محمد الروقي – طالب مستوى ثانية – آثار وسياحة " واعتبر المواصلات هي أهم الصعوبات التي تواجه الطلاب بشكل يومي مضيفاً : بعض الأيام نتفا جئ بوجود نقاط وتقطعات على الطريق سواء أثناء عودتنا من الكلية أو ذهابنا بسبب وجود مشاكل بين قبيلتين وندفع ثمنها نحن الطلاب وكان الأصل أن نكون بعيدين عنها , ويضرب الروقي لذلك مثال فيقول : في احد الأيام ونحن خارجين من الكلية اخبرونا أن هناك قطاع طريق الأمر الذي جعلنا نضطر أن نمشي في الصحراء على الأقدام لمدة 5 ساعات وبعد كل هذه المسافة نتفا جئ بوجودهم متقطعين أيضا في الصحراء , وتنقلنا في أكثر من مرة بأكثر من سيارة ويختتم ذلك بقوله: أصبح حالنا أشبه بحالة التهريب".مطالباً بإيجاد حلول جذريه لمشاكلهم وليس لمجرد الصلح المؤقت. وبهذه المطالبة تلمس هموم ومشاكل عديد من الطلاب الملتحقين بالكلية من بعض المناطق المتفقة على صلح فيما بينها لمدة معينة وبذلك يصبح الدارسون ضمن ذلك الصلح مهددين بانتهاء الصلح وبذلك يتوقفون عن التعليم.

الامتحانات فرصة المتنازعين:

عبد الله صالح التام – مستوى أول – آثار وسياحة " تكمن مشكلته وغيره من أبناء مديريته رحابة والتي تبعد 140 كم عن مركز المحافظة " في التوقف عن التعليم والانقطاع لفترات لوجود نزاعات بين طرفين يكونوا هم ضحيته وتحول بينهم وبين الوصول الى الكلية وأحيانا حسب قوله يضطرون الى التنقل من سيارة الى أخرى حتى يصلون إلى الكلية.

ويطالب عبد الله " كافة مشائخ مأرب بالنظر الى مشاكلهم بعين الاعتبار حيث يوجد العديد من الطلاب والطالبات محرومين من الدراسة بسبب مشاكل النزاعات وأضاف لذلك عدم وفرة السكن .

وكل من التقيناه من طلاب الكلية يجمع على مشكلة أساسية يعانون منها إضافة الى ما يعانوه من مشاكل النزاعات وهي مشكلة وحيدة لطلاب المحافظات الأخرى الذين يدرسون في الكلية وهي عدم وفرة السكن بالإضافة الى عدم وجود المعامل والمكتبات بالكلية.

ويزداد الحرمان أكثر وتتوقف المسيرة التعليمية لطلاب مأرب أثناء استغلال بعض أطراف النزاعات بتحين فرصة الامتحانات للطلاب حيث يتواجد كافة الطلاب دون غياب ,وهي فرصة كما قال الطالب : سالم ناصر بن قردع العبيدي –مستوى ثاني إحياء كلية العلوم " يترصد فيها طرف النزاع لوجود كافة الطلاب واستهداف طرفهم الآخر . معبراً عن عدم رضاه لمثل هكذا فعل الا انه اعتبرها مشاكل متجذرة .

وتصبح التوعية بالحد من النزاعات وإيقاف ظاهرة الثأر مسؤولية الجميع ويكون للطالب الجامعي الدور الأكبر في التوعية لما يحمل من ثقافة ووعي إلا ان سالم – مديرية الوادي يقول" ان الطالب لايستطيع القيام بتوعية قبيلته لان تخليه عنهم يعتبر عيبا.

ورغم ما يعانيه طلاب كليات مأرب من انقطاعات متكررة بسبب النزاعات الان ان هناك بصيص أمل بدأ يظهر نوره لهم من خلال وثيقة تحرم المساس بالكلية ومنتسبيها وطلابها والعاملين فيها وممتلكاتها حتى تصبح "هجرة" أي عيب اسود في العرف القبلي ان احد تجاوزه .

وثيقة عهد بارقة أمل:

الوثيقة التي أتت بعد اختطاف باص الكلية قبل بضعة أشهر وتبناها الدكتور عبد الله النجار عميد الكلية ومعه إدارة الكلية " بدأ بعض كبار مشائخ محافظة مأرب بالتوقيع عليها ولا زالت بصدد استكمال التوقيعات من المشائخ الآخرين والشخصيات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية في المحافظة – حتى تصبح ملزمة للجميع على ان من يقوم بالمساس بالكلية والاعتداء عليها اوطلابها او العاملين عليها او ممتلكاتها فإن الجميع يد واحدة ضده ولا يقفوا معه ولا يناصروه ويتخلون عنه ويتبرءون منه.

النزاع وتراجع الطلاب:

وعلى اثر ذلك يطالب مدير التسجيل والقبول بالكلية – صالح العكيمي " بسرعة استكمال التوقيع على الوثيقة والالتزام ببنودها وإخراجها إلى حيز التنفيذ حت ى يصبح الطالب آمناً في دخول الكلية والخروج منها بعيداً عن الصراعات والنزاعات , إضافة إلى إيجاد جو آمن للعاملين فيها.

وتتجلى تداعيات النزاعات وآثارها على طلاب الكلية من خلال الكشوفات التي اطلعنا عليها لدى مدير قبول وتسجيل الكلية حيث توضح ان عدد الطلاب الذين سجلوا في الكلية منذ افتتاحها بثلاثة أقسام– التربية , العلوم , الآداب " وبأقسامها التسعة ومن 14 مديرية في المحافظة" 1548 طالب بينهم 213 طالبة تقدم للامتحانات في المستوى الأول 1200 طالب وطالبه وغاب 348 , انتقل إلى المستوى الثاني 646 طالب منهم 153 طالبة , فيما التحق في الكلية خلال العام الحالي 2007م-2008م 647 طالب وطالبة .

وطالبات يرجعن من الطريق أكثر من مرة:

ليس الطلاب وحدهم من تتبعهم النزاعات القبلية إلى باحة الجامعة، الطالبات أيضاً يعانين. وربما السبب ذاته من يقف حائلاً دون تعلم الفتاة في مأرب.

ما يقرب من 320 طالبة مقيدات في كشوفات كلية التربية والآداب والعلوم هناك. لكن مستوى الحضور ليس مطمئناً.

وفي زيارة الأسبوع الفائت للكلية، قامت بها "النداء " و" مأرب برس" والتقت بعدداً من الطالبات وفضلَّن جميعهن عدم ذكر أسمائهن. المعاناة مشتركة بين الذكور والإناث كما هو التعليم للجميع. غير أن وضع المرأة أكثر تعقيداً في تلك المحافظة. ورغم أن المجتمع هناك يحترم المرأة، ويربأ بها جانب اً عن الصراعات والنزاع، إلا أنها تكون الضحية في كل الأحوال.

قصص إنسانية مؤثرة تحكيها الطالبات عن رحلة الأسفار إلى الجامعة. بدءاً بإقناع الأسرة ومروراً بالطريق الطويل إلى قاعة الدرس، وصولاً إلى قاعة دراسية خالية من المعامل التطبيقية والمكتبات.

تقطع طالبات مديرية الجوبة 40كم للوصول إلى كلية التربية. إنها رحلة شاقة، لكنها ممتعة بالنسبة لفتيات حالفهن الحظ في الدراسة الجامعية. على خلاف سواهن بالآلاف اللائي انتزع منهن الحق في التعليم. هناك تمثيل لكل مديريات مأرب الـ14 في الجامعة لكنه ضئيل جداً لدرجة أن بعض المديريات ليس منها سوى طالبة واحدة تدرس.

وتحول عوامل عدة دون التحاق الأخريات بالجامعة. فإلى ضآلة نسبة خريجات الثانوية العامة، وتراجع أعداد المتعلمات كلما انتقلت الطالبة من صف لآخر، يقف عامل النزاع القبلي حاجزاً صعباً في طريق البنات.

طالبات مأرب تحدثن إلى «النداء» عن تأثيرات النزاعات والثأر على التعليم في كل مستوياته (من الابتدائية حتى الجامعة)، وأكدت إحداهن: «مافي شهر إلا وفي مشاكل». وأضافت: «تقريباً في نهاية كل شهر تحدث مشكلة».

وشكَت الطالبات، وبالذات اللاتي يأتين من مديريات بعيدة، قطاعات الطريق «إذا في قطاع خلاص نرجع البيوت».

في العام الماضي حالت النزاعات بين القبائل دون وصول الطالبات إلى الكلية لأكثر من مرة. وفي هذه السنة: «المشاكل أكثر»، قالت إحداهن.

وأخذت الطالبات، اللاتي يأتين من مديرية الجوبة، يعددن نزاعات هذا العام التي اعترضت طريقهن.

وفي سياق الكلام عن النزاعات وانعكاساتها المدمرة على العملية التعليمية، قالت إحدى الطالبات إن النزاع والثأر القبلي «لا يؤثر على تعليم الفتاة وحسب، بل ويؤثر على المرأة سواء المتعلمة أو الامية». وسألتها «النداء» كيف؟ فردَّت بأسى: «لأن المرأة هي التي تخسر زوجها أوأخاها أوأباها في الثأر. ومافي قضية نزاع أو ثأر إلا والمرأة تكون الخاسر الأكبر».

للكلية دور في التوعية:

ويرى الدكتور حسين عبد الله الموساي - أستاذ النحو والصرف بالكلية " ان للكلية دورا كبير في نشر الوعي لدى الطلاب من خلال إقامة فعاليات ندوات وبرامج كخطوة أولى تساهم في إيجاد القناعة لدى منتسبي الكلية حتى إذا ترسخت القناعة لدى الطالب سيكون مؤثرا على مساحة كبيرة من قبيلته وفي مقدمتهم الجيل الذي سيقوم بتعليم هم وسيكون قائداً لهم في المدارس, وأضاف الدكتور الموساي: ان كل من انغمر بهذه المشاكل أصبح لديه ملل وسأم منها ويتمنى حلها لكن لاتوجد إجراءات عملية لاتخاذها ولا من يوجههم .

وأوعز غياب وتأخر بعض الطلاب الى صعوبة التنقل لوجود مشاكل بين أطراف مختلفة فيكون الطالب ضحية لذلك , اما الطلاب المرتبطين بالمشاكل فمستواهم التعليمي متدني وأنفسهم متحطمة وحالتهم غير مستقرة , وكل من له علاقة بالثأر فدراسته تصبح غير طبيعية حتى وان تخرج يبقى تأثير الثأر عليه قائم .

وطالب أستاذ النحو والصرف والذي ينتمي إلى ذات المحافظة مديرية حريب: العمل على نشر الوعي وفي مقدمته التعليم الأساسي , مناشداً كافة أبناء مأرب أن يدركوا ان الكلية اكبر محسنة حصلوا عليها منذ قيام الثورة وسيكسبون ثمارها في المستقبل , وان يسعوا الى تأمينها وتطويرها وتوسيعها والارتقاء بها حتى يلحقوا بركب غيرهم لأنها وسيلة التحضر والارتقاء حسب قوله , مناشدهم أيضا: أن يقاوموا كل من يسيء أو يعرقل أو يسعى إلى المساس بالكلية الصرح العلمي والمنجز الكبير.

ترحيب وتعاون العميد:

أما الدكتور عبد الله النجار– عميد كلية التربية " فلا يرى مع الثأر مشكلة وإنما عدم وجود الإمكانيات اللازمة للكلية حيث مرت سنتين على افتتاح الكلية ولا توجد فيها معامل ولا مكتبة بالإضافة الى العجز الكبير في القاعات وكادر التدريس بسبب عدم وجود الميزانية حسب قوله.

ووصف العملية التربوية وقضية التعليم في مأرب معقدة وصعبة ليس السبب الرئيس في ذلك الخلافات القبلية وإنما عدم وجود المدرس الكفوء وعدم وجود المدارس , مضيفاً : ان لديه بعض من طلاب الكلية لايجيدون القراءة والكتابة الا انه أوعز ذلك كونهم ضحية التعليم الأساسي لوجود الإهمال فيه إضافة الى الفساد الذي انتشر في التعليم بشكل خطير جداً.

عميد كلية التربية من جانبه رحب بمبادرة جمعية المستقبل للتنمية والسلم بمأرب والتي تم تدشينها بالتعاون مع المعهد الديمقراطي – برنامج الحد من النزاعات وموقع "مأرب برس " وصحيفة النداء " والتي تستهدف محافظة مأرب والجوف وشبوة والهادفة إلى السعي إلى التوعية بالحد من الثأر وإيجاد جو آمن لطلاب الكلية بعيدين عن الصراعات والنزاعات ليدخلوا في إطار " الهجر". معلناً تعاونه في ذلك لما فيه مصلحة أبناء محافظة مأرب.

الجوف : حرمان التعليم:

ولأن محافظة الجوف ضمن الثلاث المحافظات المستهدفة في حملة التوعية " فما يحدث فيها من تدهور للعملية التعليمية الأساسية وحرمان آلاف الط لاب من مواصلة تعليمهم الأساسي شيء يحتاج الى تكاتف شعبي ورسمي حتى يتهيأ الجو الآمن للطلاب , وحسب إحصائية مكتب التربية في محافظة الجوف وحسب تأكيد نائب مدير مكتب التربية – عبد الحميد عامر " فهناك8 مدارس مغلقة تماماً منذ 3 سنوات في منطقة آل صايده والمرازيق بسبب الصراعات , إضافة الى ان مخرجات الثانوية للعام من 2001م – 2007م تجاوز 10 ألف طالب وطالبة 2الفين طالب فقط منهم واصل التعليم الجامعي .

وقال عامر: إن المبادرة تحتاج إلى إيجاد وعي عام وتضافر الجهود من الجميع, وإيجاد توعية لجهات الاختصاص ومن يديرون المحافظة وإذا اقتنعوا سيقتنع الآخرين.