كاد أن يموت هلعا في مطار صنعاء الدولي.. المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يكشف عن أحلك لحظات حياته . عاجل لهذه الأسباب تسعى إسرائيل الى تضخيم قدرات الحوثيين العسكرية في اليمن؟ إسرائيل تسعى لإنتزاع إدانة رسمية من مجلس الأمن ضد الحوثيين في اليمن وزارة الأوقاف تكرم 183 حافظاً وحافظة بمحافظة مأرب وزير الأوقاف يدعو الى تعزيز التعاون مع الدول العربية التي حققت نجاحات في مجال الأوقاف رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع يلتقي رئيس المنظمات الأوروبية المتحالفة لأجل السلام عاجل: غارات جديدة على اليمن المعبقي محافظ البنك المركزي يتحدث عن أهمية الدعم المالي السعودي الأخير للقطاع المصرفي ودفع رواتب الموظفين تعز: مقتل جندي وإصابة آخرين في قصف مدفعي حوثي بجبهة الدفاع الجوي اليمن تبحث عن فوزها الأول في كأس الخليج اليوم أمام البحرين وحكم اماراتي يدير اللقاء
ها هو ذا هلال رمضان يهلّ من جديد في دورته السنوية منذ فجر الإسلام إلى قيام الساعة . .
ألفٌ وأربعُمائةٍ وواحدٌ وثلاثون عاماً من هجرة نبيِّ الرحمة . . هي عُمْرُ النور حتى هذا العام . .
كأنما هي عمرُ الرحمة المهداة لا عمرَ الإسلام . . وكأنما هي تاريخُ بزوغ شمس الرحمة لا تاريخَ بزوغ فجر الدين الحق . .
وهل الدينُ إلا الرحمة ذاتها؟؟ . . وهل هي إلا قلبه النابض؟!
منذ ذلك الحين وحتى زمن آبائنا الآخِرين كان لرؤية هلال رمضانَ معنىً آخرُ غيرُ معنى رؤيته وإعلان صومه ساعتئذ . .
كان إذ يهلّ عليهم في السماء له معنى السُّمُوِّ في نفوسهم .. فيتجلى في أبصارهم معنى البصر. . . وفي قلوبهم معنى البصيرة . . وفي أرواحهم معنى الروح . . فكانت نفوسهم تسمو بهذه المعاني من مَهبِط آدمَ الأرضي حيثُ معنى العداوةِ والبغضاءِ متحقّقٌ بين آدمَ وبنيه وإبليسَ وقبيله . . إلى مستقر الرحمة وقرارها . دار السلام .
كانت أبصارُهم –وهم في الأرض- لتِحقّقَ معنى البصر فيتحقق معنى السُّمُوِّ البصري . . لا تنظر سوى في آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها ، وسوى في آثار رحمته –تعالى- في مخلوقاته . . فيرتد أثر هذه الرحمة الإلهية عليهم رحمةً وتراحماً فيما بينهم .
وكانت قلوبهم –وهم كذلك- حتى تحقّقَ معنى البصيرة فيتحقق معنى السُّمُوِّ القلبي . . تتحرّرُ من فساد مضغتها بصلاح النية ، وإخلاص القول والعمل ، وتحقيق معنى الإسلام في نفوسهم ومعناه في سلوكهم . . فينعكس أثر ذلك أن يشهد الله لهم – وقد شهد - بحسن ما صلُح من نياتهم ، وحققوا معناه في أعمالهم وأقوالهم استسلاماً وانقياداً لله. . ورحمةً بأنفسهم : ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. . ولعَمْري إن هي إلا شهادةٌ سماويةٌ بالرحمة للرحماء من أهل الأرض .
وكانت أرواحهم حتى تؤكدَ معنى حقيقة الروح في الأرض ، فيتحقق معنى السُّمُوِّ الروحي. . تتخلص من كل معنى أرضي دنيوي يشدّها نحو مادة الأرض ، التي عمل فيها الإنسان عملَه المخالفَ لسنة الاستخلاف فيها ، وعمارِها العَمار الذي ينبغي . . فتبقى مشدودةً نحو المصدر السماوي . . مصدر كنهها وحقيقتها عند مليك مقتدر . . فكانت تسمو في الأرض – عن الأرض- عن كل ما ينزعها إليها. . لتظل في سُمُوِّها السمائي عند ذي العرش . . فيتحقق لهم بذلك معنى الرحمة في الأرض ومعناها في السماء .
* * *
كما كان لرمضانَ –عند أسلافنا- لونٌ آخرُ غيرُ ألوان الموائد ، ومذاقٌ آخرُ غيرُ مذاق طعامه ، وريحٌ أخرى غيرُ المنبعثة منه .
أما اللون فكان متعدداً في ذاته متوحّداً في مصدره : لون الصدق ، لون الإخلاص ، لون الوفاء ، لون الخشية ، لون التسامح ، لون الشعور ، لون الألم . . سبعةُ ألوانٍ رئيسة انبثقت من مصدر واحد هو شمسُ الرحمة التي أشرقت ببزوغ فجر الإسلام على أمم الأرض .
للطبيعة سبعةُ ألوانٍ منبثقةٍ من شمس السماء ظاهرةٍ طوال نهار اليوم الواحد . . ولرمضانَ سبعةُ ألوانٍ مشتقةٍ من شمس الرحمة . . متحققةٍ طوال أيامه الثلاثين . . بل إنَّ العام كلَّه - لدى أولئك الأسلافِ - كان يمثّل رمضانَ . . فيتحقق لديهم معناه وحقيقته بما كان له عليهم من تأثير في أبصارهم وقلوبهم وأرواحهم . . .
كأنما هذه الألوانُ السبعةُ في عددها المتحققةُ في معانيها . . ألوانٌ هبطت من الجنة مع هبوط آدمَ منها . . وتحققت معانيها مع انتشار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. . رسالة الإسلام دين الرحمة . . ويتأكد تحقيقها أكثر مع حلولك يا شهر الرحمة . .
وأما مذاقُ رمضانَ وريحُهُ - عندهم - فكان من طعم الجنة وريحها . . والجنةُ فيها ما لا عينٌ رأت ، ولا أُذُنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . . لكنها العبادةُ حين يؤديها العبد بروحها. . حين تُظلّه غمامةٌ من الوجل والخشية لخالقه . . خشيةٍ في نفسه على نفسه ، وخشية من نفسه على أهله وقرابته وجيرانه والناس أجمعين . . رحمةًً بنفسه قبلُ ورحمة بأولئك من ثمّ . .
حين ذاك يشعر بأنه إنسان من الجنة لا من الأرض . . أو يشعر بأن آدمَ الأولَ. . آدمَ الجنة حلّ فيه في الأرض . . فصارَ جسدُهُ في الأرض وروحُه في رُتَب الجنة .
كان ذلك هو حال أولئكم السابقين في سائر أيامهم ، وفي أيام رمضان خاصةً . . لأنهم كانوا بشراً من الجنة حين سَمَوا بأنفسهم عن الأرض .
* * *
ولرمضانَ – عندهم – معنىً آخرُ غيرُ معنى الجوع والعطش . . فلو تفكّر الناس في حقيقتهما لكانا خيرَ واعظ مخلص لهم ، ولاستخلصوا منهما أعظم عبر الجوع والعطش. . . فما أعظمك يا رمضان!
-ثلاثون يوماً . . يمسك المسلم فيها عن الطعام والشراب . . عن الملذات والشهوات . . إن هي إلا ثلاثون حصةً دراسيةً في تأديب البطن والفرج . . بل في تهذيب النفس الإنسانية عن أن تتساوى والنفس البهيمية في الأكل والشرب والشعور . .
- إن هي إلا ثلاثون ساعةً دراسيةً في التوحّد والاجتماع والألفة . .
-إن هي إلا ثلاثون درساً في إلغاء التمايز الطبقي والتفاضل الاجتماعي . . وحذف كبرياء الأرض من قاموس الإنسان .
- إن هي إلا ثلاثون درساً في الشعور الواحد بالجوع ، و ثلاثون درسـاً في الجوع إلى وحدة الشعور . .
- إن هي إلا ثلاثون باباً من أبواب الرحمة للغني والفقير ، للحاكم والمحكوم ، للجّبار والضعيف ، على السواء ، طوال ثلاثين يوماً . . فإذا ما تحقق ذلك خلالها . . فإنَّ العامَ كلَّه رمضانُ . . فما أعظمك يا شهرَ الرحمة!
أولئكم هم الناس إذ كانوا . . . . وتلك هي جامعة ُ رمضان .. جامعة الرحمة إذ تربوا فيها فتخرّجوا رحماء!!.