البدو ودورهم في صنع الحضارات عبر التاريخ
بقلم/ كاتب/محمد ميقان
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 16 يوماً
الثلاثاء 18 ديسمبر-كانون الأول 2012 09:50 ص

يقلل بعض القرويين خصوصاً بعض سكان المرتفعات الشمالية للجمهورية اليمنية  من شأن البدو... بل إنهم يقللون من أهمية دورهم في المجتمع ..ويضربون بهم المثل في التخلف.. وحب القتل والتخريب..بل وسرقة الأموال والنهب والتقطع في الطرقات ..غير أبهين بملكيتهم الخاصة لأكثر من 80%من الحضارات العربية ودورهم في صناعتها على مر العصور،وكذلك فالبدو هم أصحاب الفصاحة في الكلام  ،،وهم أصحاب المروءة والكرم والشجاعة،والإيثار ...الخ..من الصفات الحميدة ..

البدو غالباً ما يعيشون في البادية فهو المجتمع أو المكان المفضل لديهم للعيش بعيداً عن نكد القرى وضيق العيش فيها ..ولكن ذلك لا يمنعهم من العيش في القرية أو تشييد المباني والحصون العالية والمعابد والسدود التي لاتزال شاهدةً على حضارة بدوية منذ آلاف السنين لاتزال معالمها قائمة على الأرض .. وكالنحت في عقل من ينتمي إلى تلك الحضارة العريقة..

فالمجتمع العربي مجتمع بدوي فالبدو هم العرب العاربة ومن لاينتسب إلى هذا العرق فليس بعربي؟؟.....ومن يسكن المدينة أو الريف يعود نسبه لأصولٍ بدوية ...ومن ينكر ذلك فعليه أن يبحث عن أبائه وأجداده في سجلات فارس والترك والحبش فهو من بقاياهم..

وإذا رجعنا لنشأة البدو سنجدهم منذ فجر التاريخ ..وسنورد مثالاً واحداً يدل على أزلية هذا العرق وارتباطه بالحضارة والإبداع منذ الأزل..لقد كان سيدنا يوسف عليه السلام بدوياً بنص القران (إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو)..سورة يوسف..وكذلك أبويه ومع ذلك فهو صاحب اكبر حضارةً في زمانه حيث صمم نظاماً اقتصاديا رائعاً في زمانه وحقق لمملكة مصر فائضاً بدلاً من العجز الذي حير الملك في ذلك الحين وجعله يفكر في مخرج لبلاده لكي لا يكون مصيرها مصير الممالك الأخرى.. لان الأمصار كلها تعاني من قحط شديد ..فجاء سيدنا يوسف ليؤسس نظام المخزون بطريقة اقتصادية رائعة حتى أستطاع أن يستغل الموارد المتاحة استغلالا أمثل ..فقد تمكن من سد العجز في موازنة الدولة وحقق فائضاً جنبها خطر المجاعة التي كانت تهدد البلاد برمتها..وكذلك طريقته في التعامل مع إخوته الذين كادوا له وفرقوا بينه وبين أهله لسنين طويلة حقداً عليه ..قال لهم( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم)..مع انه قادرٌ على الاقتصاص منهم ولكنها فطرة الله التي يتمتع بها البدو فهم أصحاب العفو والتسامح عند المقدرة..

نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تربى في مجتمعٍ بدوي وكان يفتخر بذلك فقد مكث في البادية سنيناً طويلة لتعلم الفصاحة في الكلام ..وليأخذ من ذلك المجتمع الكريم العادات الحسنة في الكرم في الضيافة وحسن الخلق ..

ومن صناع الحضارة في الماضي القريب الزعيم جمال عبد الناصر..الذي يعود نسبة لبدو الصعيد المصري الذي تربى فيه وترعرع ومع ذلك هو أول من أسس لنظامٍ عربيٍ لا عنصري يقوم على العدل والمساواة ولا يفرق بين هذا ولا ذاك فقد صخر كنوز مصر لوحدةٍ عربية شاملة ....وكذلك الشهيد صدام حسين المجيد رحمهم الله جميعاً من بدو تكريت.

أما في دول الجزيرة العربية فيكفينا الشيخ زايد بن سلطان أل نهيان ذلك (الانسان ) الذي ينتمي لأصول بدوية وخصوصاً لمحافظة مأرب ..ويفتخر بذلك فهو يحب العيش بالطريقة البدوية في بلاده في زمن الحضارة وناطحات السحاب ..فهو الرجل الذي له في كل مجتمعٍ شاهداً على إنسانيته..

فمن يزدري البدو أو يريد أن يقلل من شأنهم أو يصفهم بما ليس فيهم فذلك دليل على حقده وعدم وصوله إلى ذلك الشرف والنسب الكريم.. وخاصةً عندما ينظر إلى دول الخليج ويرى كيف حكمها البدو وطوروها وأنشئوا فيها الحضارات العملاقة...فلا يجد إلا أن يموت حقداً على البدو عندما يقارن بين دول الخليج وبين جارتهن اليمن التي حكمها من لا ينتمون إلى ترابها ومع ذلك يفتخرون بقرويتهم وهم من البقايا التي ذكرناها أنفاً ..فاليمن أصبحت بفضل حكم هذه البقايا من أكثر الدول تخلفاً..وفساداً ..حيث لايهم حكامها سوى جني الأموال حتى ولو كان على حساب ترابها الغالي وشعبها المسكين فقد باعوا العباد وثروات البلاد وأفسدوا وأهلكوا الحرث والنسل..

فالبدو يكفيهم شرف الكرم والفصاحة في الكلام والشجاعة ...الخ من الصفات الحميدة والأخلاق النبيلة ..فمن زار المحافظات البدوية مثل محافظة مأرب والجوف وشبوة فسيجدهم من أفصح الناس وأكرم الناس في الضيافة ..ومن أحسن الناس خلقاً ووفاءً ونظافةً في الظاهر والباطن ..وذلك على عكس المجتمعات التي تفاخر بقرويتها وتنتقص من البدو مع أنهم لايحملون راجلاً ولا يكرمون ضيفاً ولا يؤمنون خائفاً وليس لهم مايفتخرون به فلأنسب ولأحسب ولأخلق كريم ولا تاريخ ..!!..إذا أقبلت عليهم لايقومون للسلام عليك..إذا سلمت عليهم لم تسمع التراحيب الحارة التي يتصف بها البدو ... بل تجد قذارتهم على أبواب بيوتهم ..

البدو..يصفهم بعض الحاقدين عليهم وعلى تاريخهم المشرف بإنهم أول من غزا صنعاء في 1948..وانأ أقول له نعم ..لقد فعل ذلك الشهيد البطل الشيخ على ناصر القردعي لتحريركم من الظلم والاستبداد وطغيان الحاكم على المحكوم..

والبعض الأخر يقول إنهم من أجتاح عدن في 1994..نعم لقد ثبتوا الوحدة بدمائهم الطاهرة وقدموا قوافل من الشهداء إذا كان الضعفاء لم يفعلوا شيئاً للوطن..

فنحن بدو ولنا الشرف ببداوتنا ..فالبدو هم أصحاب الفصاحة ..وهم أصحاب المروءة والكرم..وهم أصحاب الشجاعة والشهامة والإقدام ..وهم أصحاب الصفات الحميدة ..والأخلاق العالية ..فهم صناع الحضارات على مر العصور لأنهم دائماً يعيشون لمجتمعاتهم ولشعوبهم لذلك خلدهم التاريخ..أما من يعيش لنفسه فلا يستطيع أن يصنع الحدث...

..البدو ..ما ينسب إليهم من الصفات الذميمة فهم بريئين منها براءة الذئب من دم يوسف.(فالمجتمع البدوي لم يسمع عن الصفات الذميمة إلا عندما اختلطت به المجتمعات التي لا تنتمي إلى العرق البدوي .. بقايا الفرس والحبش).