|
والغريب في الأمر ان إقامة تلك الفعاليات والمخيمات الطلابية ترافقت مع الانباء التي تناقلتها وسائل الاعلام عن تحركات لرئيس اللجنة السعودية الخاصة في صنعاء وصرفه لمرتبات لمشايخ وأعيان ومتنفذين كانوا شكلوا نواة للجيش الشعبي الذي كان مفترضاً ان يشارك في حرب صعدة ،قبل أن يعلن رئيس الجمهورية إنهاء تلك الحرب.
وأثناء تنظيم تلك المخيمات نقلت وسائل الاعلام أيضا قيام مجموعة من المشايخ بزيارة ليبيا وتقديم وثيقة ممهورة بدمائهم للعقيد القذافي الذي يشتري ذمم اليمنيين ويتاجر بولائاتهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، واصبحت طرابلس الغرب محطة يتسابق عليها اصحاب الولاءات الوطنية وكله بحسابه.
تشرذمت ولاءات اليمنيين وبعثرت كرامتهم في شتى دول المنطقة ،وبات من المعروف إرتباط المشايخ والسياسيين بخزائن وحوالات خارج الحدود ،ولكل دولة مآرب أخرى ،باختصار يتعاملون معنا كسلة نفايات لتصدير خلافاتهم وصراعاتهم التي تكتسي برائحة النفط.
تلك التحركات والتسابق لتقديم الولاءات للدول الاقليمية التي يقوم بها مشايخ ومتنفذين ما هو موقعها من الاعراب ، لماذا تغض الحكومة الطرف عن تلك التصرفات التي تسوق صورة اليمني كمتسول وصائد جوائز ومساعدات،الدستور اليمني يحرم الارتزاق ،وجميع القوانين تعده خيانة،ومع ذلك لا أحد يجرؤ على الجهر بذلك ،هل الجميع متورطون الى هذا الحد؟، ولماذا هذا التواطئ على السقوط؟.
لم يعد الاستجداء والارتزاق من قبل العديد من الشخصيات مدعاة للخجل والتواري ،بل أصبح أداة للتفاخر والتباهي في أقبح صوره ، واصبح من يقوموا بالعمليات المكوكية بين تلك العواصم أبطالا ورجالا في الوعي الشعبي ،وراسمي خرائط للوصول نحو أسوأ وسائل الكسب التي تعتمد على السؤال الذليل ولا تخلوا من مديح الدواشين.
الارتهان للخارج من أجل تحقيق كسب مادي رخيص ،بالتأكيد يقابله دور يجب لعبه في الداخل ،لانه لاشيء لوجه الله ،ومعروف سياسيا أنه يدفع لهم في إطار تنمية الوسائل السياسية لتلك الدول داخل اليمن.
عشرات وربما مئات الشخصيات لا تتحرج استلام مبالغ مالية من دول وجهات خارجية ،هل يمكن أن تقف تلك الشخصيات ضد مصالح تلك الدول وتقف الى جوار المصلحة الوطنية.
الفعل السابق يحشر اليمنيين في خانة واحدة ضيقة ،تتعلق بكونهم كائنات قابلة للشراء ، وهذا الحكم في الاجمال ليس صحيحاً ، فاليمني كان قيمة قبل وجود هذه الكيانات ، والذاتية اليمنية هي الحقيقة الوحيدة في محيطها ،وما عداها ليس سوى طفرة نفطية.
الصراعات السياسية الضيقة وإنعدام مشروع الدولة وسطوة المتنفذين والفساد السياسي وتلف الاقتصاد ،عوامل تضعف ولاءات الناس ،وتجعلهم يبحثون عن مخارج وكلا بحسب قدرته ففي حين يتسلل الالاف اليمنيين عبر الحدود الى الشقيقة الكبرى بحثاً عن فرصة عمل محتملة ،يغادر مشائخ وسياسيين صالة التشريفات وبجوازات دبلوماسية للبحث عن حوالات بنكية.
واحدة من أسباب عدم استقرار اليمن ،وجود تدخلات اقليمية وصراعات بين السعودية وايران وليبيا ،تدور احداثها ووقائعها في اراض يمنية وبدماء يمنية ووكلاء محليين .
مطلوب إرادة سياسية يمنية حقيقية لاعادة الاعتبار للذات اليمنية والاعتذار للشعب اليمني الذي تعرض للاقصاء والتهميش والاذلال على يد عدد من السياسيين الذين تسببوا في تدمير الذات اليمنية .
والنظام السياسي الحاكم هو المعني الاول بالحفاظ على الهوية اليمنية وحمايتها ،وعدم السماح بالمساس بها ،وهذا يتطلب أولا إيجاد مشروع سياسي واقتصادي وثقافي يتسع لجميع اليمنيين دونما تمييز أو إقصاء ، لان الآخر المسكون بصراع السيطرة والتوسع وأكل أطراف جيرانه ، لايرى في اليمني سوى عامل نظافة بحسب ما تداولته الصحف السعودية التي قالت أن شركة سعودية تسعى لاستقطاب عشرة الاف عامل نظافة للعمل في المملكة.
وليست الصورة الثانية المتعلقة بكون اليمني متسلل لا يبحث عن فرصة عمل بل عن فرصة للتسول ،بحسب صحيفة سعودية قالت أن حرس الحدود السعودي منع دخول 350 الف يمني للملكة بغرض التسول.
من يحتاج لدروس في الولاء والانتماء الوطني هو ذلك السياسي الذي يقرأ مثل هذه الاخبار ولا يكلف نفسه عناء التفكير حول ماذا يجب ان يفعله ،وكيف هو السبيل لاعادة بناء الثقة للذات اليمنية التي حققت المعجزات وبنت حضارات تعد من اقدم حضارات العالم.
ودروس ومحاضرات الولاء والوطنية لا معنى لوجودها ما لم تكن جزء من مشروع متكامل هدفه الانسان كمنظومة متكاملة ،يعتز فيها اليمني بهويته وكينونته ، ويشعر بوجوده من خلال الانتماء لليمن ، عندها فقط لن نحتاج لمخيمات لتعليم الوطنية والولاء.
Alzorqa11@hotmail.com
في الأحد 31 أغسطس-آب 2008 10:19:47 م