|
ماذا أضاف صالح في خطابه الذي ظلت أبواقه تبشر به وبما سيحفل به من مفاجئات؟ لا جديد في قاموس صالح سوى سلسلة جديدة من التهم الجاهزة،
يمكنه أن يتخلى عن أي شيء لكن أن يترك هذا الأسلوب الدعائي المنطوي على التضليل فهذا من سابع المستحيلات، وفي ثنايا خطابه الأخير ما يشي بذلك، مع إننا لا ندري هل ما سمعناه خطابا أم ثرثرة فارغة لا تتضمن شيئا جادا يتناسب وما يعيشه الوطن من ثورة عارمة خرجت في كافة ربوع البلاد لاجتثاث سلطة الفساد التي يتزعمها فخامته.
عباراته المتناثرة في كلمته التي بدت مسجلة ومرتجلة في آن معاً، لا تفيد غير فكرة واحدة مفادها: صالح مضطرب وغير صالح، انتهت فترة الصلاحية لديه، مثلما انتهت شرعيته منذ زمن بعيد،
تخبط فخامته كثيرا واتهم خصومه كثيرا وناقض نفسه الأمارة بالسوء أكثر من مرة،
لأول مرة يصف ثورة سبتمبر بأنها إنسانية! لا ندري ما الذي جعله يتذكر البعد الإنساني للثورة؟
هل يحتاج هو الآخر من يذكره أن الإمام كان يتحلى بوازع انساني حتى وهو يواجه الثوار الساعين للإطاحة بعرشه،
في غالبية خطاباته يبدو أنانيا مفرطا في حب الذات، وفي هذه الكلمة لم يتذكر من الحوادث إلا حادثة استهدافه هو ومساعديه فيما عرف بحادثة النهدين، ذكرها اكثر من مرة وبالغ في توصيفها، لكنه لم يشر ولو مجرد إشارة لشهداء مجزرة الكرامة 18 مارس، ولم يتحدث عن المواطنين الذين قصفتهم طائراته في ابين، ولم يتحدث عن شهداء المجازر الجديدة التي يرتكبها حاليا حرس نجله بعيدا عن سلطات النائب المغلوب على أمره،
لا ندري ما المانع لدى فخامته من ذكر هذه المجازر البشعة بشاعة مرتكبيها، طبعا جميع من سقطوا فيها يمنيون أبرياء لا ذنب لهم إلا كونهم مواطنين في بلد صار السفاح فيه هو الحاكم، لماذا لم يتحدث عن شهداء الثورة رغم أنه يقول كعادته كلاما كثيرا؟ هل خذلته لسانه التي لا تجيد سوى التلفيق أم خانته ذاكرته التي لا تحتفظ بغير أفكاره البالية.
قطعا يا صاحب الفخامة الهزيلة، لا يشرف الشهداء أن تمر أسماؤهم على شفاه القاتل الذي نعرفه ويعرفونه كما تعرفه أنت، و شهداؤنا الأبرار لم يذهبوا لساحات الكرامة وميادين الشرف كي يحظوا بإشادة من سفاح لا يجيد سوى ارتكاب الجريمة ولا يتقن غير الإبادة ولو بطرق بربرية يمارسها رجال العصابات،
الطفل الشهيد أنس ذو العشرة أشهر أصغر شهداء الثورة، لم يخبروك عنه، أو أنهم ضللوك وقالوا انه ضابط في الفرقة وقيادي في الإصلاح، و أنت صدقتهم كما صدقوك في مهازل أخرى،
(الركض وراء السلطة ونهب الثروة وإقلاق السكينة العامة وترويع المواطنين في الأحياء والمدن والطرق، وما حدث خلال تلك الأشهر والأسابيع من إرهاب....)
ما بين الأقواس قاله صالح عن خصومه، تبا لك أضحكت العالم علينا بهذه السخافات، الجميع صاروا على علم بمن يرتكب أبشع الجرائم بحق شعبه لأنهم قالوا له ارحل أيها الفاسد والقاتل، من يصدقك بعد اليوم؟ لا أحد، حتى عبده الجندي يتندر عليك ضاحكا مسرورا لأنه استطاع أن يرمي كرة الكذب والدجل في مرماك المفتوح على آخره.
أما القاعدة فقد جاء ذكرها على لسان صالح ليس بسبب ما ارتكبت ولكن ليقول بكل جرأة إنها (مدعومة تماماً من قبل العناصر الخارجة عن النظام والقانون.. والخارجين عن الشرعية الدستورية الذين زودوهم بالمعلومات والدعم المالي والعسكري،) قديما قالوا: رمتني بدائها وانسلت، لو أن صالح أكمل سيناريو أبين و أخبر المواطنين كيف وجه السلطات الأمنية والعسكرية بتسليم المحافظة لأبنائه الذين كثيرا ما رضعوا من أثداء قصره، وشبعوا من (النهدين)، مشكلة صالح أنه كان أول من فضح نفسه وكشف مخططه حين قال ان أبين سوف تسقط في يد القاعدة، كانت العرب تقول يا صالح : إذا كنت كذوبا فكن ذكورا، لا تنس أنك اول من بشر على الملأ بسقوط المحافظة ثم جاءت التوجيهات السرية التي لم تعد خافية على أحد،
الثورة ماضية في طريقها لاستئصال بقايا فسادك، ولن يغلب شعب على يد طاغية مستبد، وفي عبر التاريخ ودروسه ما يكفي لو كان في بطانتك ناصح أمين.
في الأربعاء 28 سبتمبر-أيلول 2011 02:08:04 ص