العطاس: المبادرة الخليجية فرصة أخيرة أعطيت لصالح
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر
الإثنين 02 مايو 2011 04:59 م

نص الحوار الذي أجراه صادق ناشر مع حيدر العطاس للخليج الإماراتية

* كيف تنظرون إلى المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية؟ وكيف تقرؤون مواقف الأطراف منها. وهل يمكن أن يكتب لها النجاح؟. وفي حالة عدم تطبيقها. ما السيناريو المتوقع للأوضاع برأيكم؟

  كل جهد من قبل الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي مطلوب ومرحب به ولن يكون إلا مع وفي صف الشعب لأنه الباقي. أما الأنظمة فمتغيرة والأشخاص زائلون وفانون. صحيح كنا ننتظرها مع اشتداد دموية قمع السلطة للحراك الجنوبي السلمي وحروب صعدة العبثية وحروب القاعدة الوهمية. ووحشية الفساد الذي اغتال كل جهد تنموي خليجي ودولي صادق لمساعدة شعب اليمن شمالاً وجنوباً. مع ما رافق هذه السياسة من حالة صلف وإنكار دفعت نظام الرئيس صالح إلى ممارسة سلسلة طويلة من الكذب والخداع وحتى الابتزاز المحلي والإقليمي والدولي. فلم تزد سياسة الصلف والإنكار والكذب والخداع النظام إلا تآكلاً وتهالكاً والمواطن إلا فقراً وبطالة وخوفاً وقلقاً. حتى أصبحت اليمن على أعتاب “الدول الفاشلة” إن لم تكن قد ولجت قائمتها فعلياً .

كسر الحراك الجنوبي السلمي عبر سنوات خمس قاسية حاجز الخوف من جبروت نظام اعتد واغتر بما استثمره من أموال الشعب هي من مأكل وملبس المواطن وصحته وتعليمه على المؤسسات العسكرية والأمنية. لا لمواجهة عدو محيط بالبلاد لأنه لا يوجد. وإنما. كما هو حال اليوم. لمواجهة الشعب بماله وأبنائه . وبانطلاقة ثورتي شباب تونس ومصر تحرك شباب اليمن شمالاً وجنوباً ملتحماً بالحراك الجنوبي السلمي. فاهتزت فرائص النظام تحت هدير أصوات الشباب في ساحات التغيير “الشعب يريد إسقاط النظام”. فقدم الرئيس خلال أسبوع ما كان يرفض بصلف ووقاحة تقديمه قبل أيام من اندلاع “ثورة الشباب” المباركة والمؤيدة بنصر الله تعالى. فجاءت الأصوات إقليمياً وعربياً ودولياً على النظام الاستماع لصوت الشعب. وكان على المعارضة ترك الأمر لساحات التغيير فهي قادرة بسلمية تضحياتها. تحتضنها إرادة شعبية عارمة وترعاها عناية الله وبعونه أن تنجز مهمتها .

لقد جاءت المبادرة الأولى أكثر تحديداً وتوقع الجميع أن يلتقط الرئيس الفرصة في المهرجان الذي رتبه ويعلن تنحيه نزولاً عند رغبة الشعب ويطلب منه الصفح عن أي أخطاء غير مقصودة وقعت في أثناء فترة حكمه. لكن ردة فعله العكسية الصاخبة وما لحقها من ممارسات تؤسس لتمزيق السلم الاجتماعي والتعايش الوطني وتهديد الأمن الداخلي والإقليمي. دفع بالأشقاء إلى الاجتهاد لإيجاد مخرج يمتص ردة الفعل هذه. لكن النتيجة النهائية حسمتها مبكراً ساحات التغيير الصامدة وستظل صامدة بمشيئة الله حتى تنجزها تماماً .

وفي الوقت الذي نرحب بجهد الأشقاء نرى أن المبادرة المعدلة فرصة أخيرة أعطيت للرئيس. وهو وحده سيكون المسؤول تاريخياً. لا من يوسوس في أذنه. عن الالتزام بتنفيذها بخياره. إما مع الشعب بالحفاظ على سلمه الاجتماعي وتعايشه الوطني. وإما مع ذاته وزمرة الموسوسين والمنشدين من حوله .

ولمعرفتي الشخصية بالرئيس علي عبدالله صالح فإنه لن يجازف بمستقبل اليمن بأمنه واستقراره وبأمن واستقرار محيطه وبمستقبله الشخصي ومستقبل أولاده وأولاد إخوته .

  * هل تتوقعون للمبادرة النجاح في ظل حالة الاستقطاب الداخلي والخارجي في اليمن؟ وكيف تقيمون موقف الغرب عموماً والأمريكي بشكل خاص في الأزمة القائمة؟

  نظام كنظام الرئيس صالح لا يكرس تفكيره في المخارج والنوايا الطيبة والمخلصة التي تتضمنها المبادرات والنصائح. وإنما في كيفية اللف والدوران وإيجاد الحجج الواهية لتجنبها وتعطيلها. غير مدرك أن الأمور التي أوصل البلد إليها قد تجاوزت ألاعيبه. وأن الفرص أمامه محدودة جداً وتكاد تكون معدومة بعد هذه المبادرة الخليجية المدعومة أوروبياً وأمريكياً

  * هل شاركتم في المشاورات مع الأطراف الخليجية للوصول إلى هذه المبادرة. وهل تشاورتم مع الأطراف في الداخل؟

  لا. لم نشارك في المشاورات. إنما اطلعنا على المبادرة الأولى ورحبنا بها وعبرنا عن شكرنا للأشقاء وأبدينا وجهة نظرنا حول معالجة الأزمة اليمنية المركبة ومحورها القضية الجنوبية. أما مع الداخل فتبادل الرأي مستمر مع الجميع في المعارضة وساحات التغيير والحراك الجنوبي السلمي وغيرهم من القوى السياسية والفعاليات والشخصيات الاجتماعية .

يمن جديد يتخلق اليوم

  * أي مشهد تصفونه اليوم في اليمن؟ أي وجه لليمن يرسم اليوم برأيكم؟

  أولاً نترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا في ساحات الحراك الجنوبي السلمي ثم لاحقاً في ساحات التغيير جنوباً وشمالاً. سائلين المولى العلي القدير أن يتغمدهم بواسع رحمته ويلهم ذويهم الصبر والسلوان. كما ندعو بالشفاء العاجل للجرحى والفرج للمعتقلين. كما نحيّي باعتزاز جموع الشباب الصامدة في ساحات التغيير شمالاً وجنوباً ونشد على أيديهم ونقول لهم إنهم بنضالهم السلمي وبكل الدماء الزكية التي تراق بآلة قمع النظام المتهالك. إنما يصنعون فجراً جديداً من الحرية والكرامة لمستقبل آمن ومستقر .

وبصرف النظر عما يقوم به النظام المتهاوي. وهو في ساعات رمقه الأخيرة. من أفعال تنسجم مع ممارساته وفلسفة حكمه. فإنها تسيء إليه قبل أن تسيء إلى الشعب الذي يرسم بثورة شبابه المنصورة. بإذن الله. في ساحات التغيير شمالاً وجنوباً لوحة نضالية سلمية حضارية فاجأت الرئيس صالح ونظامه الذي كرس جل جهده ووقته خلال عقود حكمه الثلاثة ما قبل الوحدة التي طعنها وبعدها. لتغذية الخلافات والانقسامات على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والثارات القبلية وحتى الأسرية .

إن اللوحة التي ترسم اليوم هي أصل ومكنون الشعب. وأن ترى هذه الملايين الهادرة في ساحات التغيير متعاونين ومتآخين ومن دون سلاح كما يصفهم دائماً بحملة السلاح ويخوف المحيط والعالم بهم ومن شرورهم. يعني أن الشعب غير ما يصفه به النظام. إنه شعب يريد معانقة الحياة ويلحق بركب الحضارة والتقدم وهو من سلالة بناتها في عصورها القديمة .

أرى شعباً يولد من جديد بزخمه الشبابي الناصع يحمل روحه بيد وباليد الأخرى يحمل مستقبله ومستقبل الأجيال يمضي بعزم لا يلين وتصميم لا يقهر لإزالة نظام ألحق به عن قصد بالغ الضرر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً. متطلعاً لإعادة صياغة وحدته التي دمرها نظام أسري فاسد وغاشم. وبناء نظام يحترم الخصوصية والتنوع. الجميع فيه سواسية أمام القانون. العدل رايته والأمن والاستقرار دعامته والتنمية المستدامة البشرية والمادية نهجه. وقواه هم شباب وشابات التغيير في ميادين النضال السلمي في الجنوب والشمال. هم من يواجهون بصدور عارية آلة قمع وحشية لنظام يلفظ أنفاسه. تسال دماؤهم من أجل الأهداف التي أخرجتهم من كلياتهم ومدارسهم ومكاتبهم ومزارعهم ومصانعهم وقوارب صيدهم ومتاجرهم. ولن يعودوا إلا بتحقيقها بالوفاء والتمام .

الحرب الأهلية وانقسام المؤسسة العسكرية

* كيف تقيمون انقسام المؤسسة العسكرية في البلاد وانضمام بعضها إلى قوى التغيير؟ وكيف تقيمون خطوة اللواء علي محسن الأحمر؟

  في الأصل المؤسسات العسكرية والأمنية مقسمة لأن النظام لا يثق بمؤسسات وطنية. وإلا لما عمد إلى تعددها وتولية أولاده وإخوته وأولاد إخوته على هذه المؤسسات وهم صغار السن وأقل خبرة وكفاءة ممن سبقهم من القيادات الوطنية العسكرية والأمنية من شمال وجنوب البلاد. وأنا على ثقة بأن في هذه المؤسسات التي يرأسها الأولاد قيادات وأفراداً وطنيين لن يسمحوا بالتمادي في قتل إخوتهم وأبنائهم وبناتهم ولن يكونوا أقل وطنية من الجيش المصري. صحيح أن الأخير مؤسسة وطنية موحدة لا يرأس أي من وحداتها ابن أو أخ أو قريب للرئيس. لأن ذلك يفقد المؤسسة صفتها الوطنية ويحولها إلى مؤسسة أسرية. كما هو الحال عند الرئيس صالح .

من هذا المنطلق جاء النص في وثيقة العهد والاتفاق عام 1994 على ألا يرأس أي من هذه المؤسسات قريب حتى الدرجة الرابعة للرئيس أو رئيس الوزراء أو غيرهم من القيادات العليا حفاظا على وطنية هذه المؤسسات. لكنه كان نهجاً عند الرئيس صالح منذ بدايات حكمه ورسخه بعد الانقلاب على الوحدة ووثيقة العهد والاتفاق .

أما خروج اللواء علي محسن الأحمر وانضمامه إلى صفوف الثورة الشبابية فقد كان موفقاً جداً. وقد تحدثت إليه بعد محاولة تعرضه للاغتيال بسبب انضمامه للثورة. وأنا أدعو جميع القيادات الوطنية في القوات المسلحة والأمن وكذا الضباط وصف الضباط والأفراد بأن يسارعوا إلى الانضمام لثورة الشباب. وألا يكونوا أداة وسبباً في قتل شباب الثورة. فهم بذلك يسهمون بوعي أو من دون وعي في اغتيال حاضر ومستقبل أبنائهم. إلى جانب تعريض أنفسهم للمساءلة القانونية ولا أحداً يتمنى لهم ذلك. فالوقت مازال يتسع لأخذ مثل هذه المواقف الوطنية والشجاعة التي سيسجلها لهم التاريخ وسترفع رؤوس أبنائهم وأحفادهم .

* كيف تبدو لكم المخاوف من احتمال حرب أهلية في البلد؟ وما هي الضمان لوقف مكابح هذا التوجه؟

  لا تبدو لي عملية الانجرار إلى حرب أهلية ممكنة لأسباب عدة منها: حرص أهل البلاد وإدراكهم لعواقبها. مثل الصومال الشقيق والجار ماثل أمام الجميع والموقع الخاص لليمن شمالاً وجنوباً. وإذا افترضنا أن هناك احتمالاً بالخطر فمن أين يأتي. وما هي الضمانة لكبحه؟ أرى أن الخطر لن يأتي من جانب الثوار. فالثورة الشبابية انطلقت سلمية حضارية وقبلها انطلق الحراك الجنوبي السلمي في نضال سلمي حضاري هو الآخر. ورغم تعرض شباب الحراك ومن بعدهم شباب الثورة لنيران نظام الرئيس صالح وسقط المئات من الشهداء وآلاف الجرحى والمعوقين. وترملت النساء وتيتم الأطفال. فإن الإصرار على سلمية النضال هو عنوان عدالة نضال هذا الشعب العظيم شمالاً وجنوباً وضمان الانتصار بمشيئة الله .

أما الاحتمال الثاني أن يأتي هذا الخطر من جهة الرئيس شخصياً وجوقة المغنين من حوله. فوارد لأسباب عدة أولها أن الرئيس ولطول فترة اغتصاب الحكم انفصل عن الشعب والأرض وتخيل أو خيل له أنهما ملكية خاصة له ولأسرته. وثانيها: جوقة المغنيين والمزمرين من حوله الذي قال أحد المحبين للرئيس له عنهم: “إنهم سيقاتلون لآخر قطرة من دمك لعلهم يحتفظون بمكاسبهم غير المشروعة”. أما الثالث فهو الخوف من المحاسبة والمساءلة القانونية البشرية لكثرة الخطايا العامة والخاصة. وتناسوا المساءلة الكبرى والعقاب الأشد عند رب العباد على ما اقترفوه من أخطاء بحق البشر. فهو الغفور لما عداها والرحيم لمن رحم البشر على الأرض .

الضمانة هنا لمنع هذا الاحتمال الأسود هو سرعة تنحي الرئيس صالح وخروجه وأولاده وأولاد إخوته من البلاد ليعيش الخمسة والعشرون مليون إنسان بأمن وسلام. ويعيدوا صياغة حياتهم التي أفسدتها فترة حكمه الطويل وصدق المثل الشعبي “المياه الراكدة تفسد” .

نؤيد مطالب شباب التغيير

  * هل تؤيدون مطالب شباب التغيير؟ وهل تتواصلون معهم. وهل برأيكم توحدت مطالبهم في الشمال والجنوب؟ وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى مصالحة داخلية بين أبناء البلد الواحد؟

  نعم نتواصل ونؤيد مطلبهم في إسقاط النظام وسرعة تنحي الرئيس. لأنه سبب رئيس في خلق وتعميق المشكلات والانشقاقات. كما أشرت في إجابة سابقة. واليمن شماله وجنوبه كل منهما بحاجة إلى مصالحة. وستكون أحد إفرازات هذه الثورة المباركة. إن شاء الله. وما زلت أتذكر كيف تمت محاربة فكرة المصالحة وحل الخلافات السياسية والثارات القبلية ما قبل الوحدة في إطار برنامج البناء الوطني والإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي عام1991 .

وعن فرعية سؤالكم فيما إذا توحدت مطالب ساحات التغيير في الشمال والجنوب فأقول: نعم هم متوحدون على الهدف الرئيس كما أشرت. وكما بينت في إجابتي على سؤال سابق. فإن هناك تفاعلاً بين الساحتين والثوار دائماً وسيجدون طريقاً للتفاهم حول مجمل المشكلات. وفي المقدمة محور الأزمة الراهنة (القضية الجنوبية) لأنه لا تشدهم أي مصالح خاصة بل يحملون أرواحهم على أكفهم لأجل المصلحة العامة. وذلك بعد إسقاط النظام وتنحي الرئيس. وأنا واثق بأن شباب التغيير في الساحات الشمالية يدركون حقيقة الوضع في الجنوب وما وقع عليه وليس لهم يد فيه. ولا أعتقد أنهم يحملون أفكار من سبقهم حول مفهوم الوحدة وغيرها من المسائل. وإلا لما قاموا بثورتهم المظفرة بمشيئة الله. ولندع شباب ساحات التغيير إلى مزيد من التفاعل والحوار البناء .

  * هل تجدون فرزاً سياسياً أو مجتمعياً فيما يحدث اليوم في الساحة اليمنية؟ وماذا عن التركيبة القبلية وحتى الدينية التي تنقسم اليوم بين مؤيد ومعارض للنظام؟

  اليمن بلد متنوع في مجالات متعددة في الأرض والمناخ والعادات والتقاليد والثقافة والموارد البشرية والمادية وفي تياراته السياسية والدينية والقبلية. وهذا في تقديري مصدر قوة. فالتنوع يخلق التنافس الإيجابي إذا تمت رعايته وإدارته بصورة سليمة أساسها الاعتراف بهذا التنوع .

أما هذا الانقسام الظاهر بين مؤيد ومعارض للنظام. فله أسبابه وخاصة في جانب المؤيدين. وستزول حدته بزوال النظام ورأسه. لأنه من سعى له ويحاول تعميقه وهذه آخر أفعاله السيئة والممقوتة قبل رحيله. وسيرتاح الجميع أكان مؤيداً أو معارضاً وسيجدون طريقهم من دونه للتعايش والبناء معاً بثقة وحرية وكرامة .

لا أريد أن يفهم كلامي أنني أرسم صورة وردية. ولكن ما أريد تأكيده أن النظام بنهجه سبب رئيس ومغذ لهذا النوع من الفرز. وإذا غاب المتسبب الذي أساء إلى هذا التنوع واستخدمه لمصلحة تثبيت حكمه وفق قاعدة “فرق تحكم” فإن قاعدة الاعتراف بالتنوع متعدد الجوانب ستكون مصدر قوة للعيش المشترك وللنماء والأمن والاستقرار .

  * برأيكم هل كان النظام قادراً على إصلاحات تجنب البلد الفوضى خلال السنوات السابقة. أم أن هناك خللاً في النظام نفسه وآلياته؟

  منذ أن اغتال النظام الوحدة السلمية التي أعلنت بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وأعلن انتصاره بحربه على شريكه في 7 يوليو/تموز 1994 وتنكره لوثيقة الإجماع الوطني “وثيقة العهد والاتفاق” ودعوات المصالحة الوطنية بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي رقمي 924 و931 لعام 1994 التي تؤكد أنّ القوة لا تحسم أي مشكلة سياسية. والتفت حوله شلة منتفعين وجدت في الجنوب غنيمة أغرته على الانقضاض على ما تبقى من الوحدة ودستورها ثم رديفها الديمقراطية. حينها فقط فقد القدرة على الإصلاح أو حتى الترميم. فزاد البناء دماراً فوجب إسقاطه لإعادة البناء وحتى لا يهدم كامل المبنى .

صياغة جديدة للوحدة بإقليمين

  * برأيكم هل صمدت الوحدة طوال السنوات العشرين الماضية. أم أنها أصيبت باختلالات عميقة؟ وما هي طبيعة هذه الاختلالات؟

  برأيي أن الوحدة الاندماجية كانت خطأ بحق الشعب في الشمال والجنوب وهدفه النبيل في التوحد بمعنى الشراكة والتكامل. وحين كان إصلاحها ممكناً تم الانقضاض عليها بالحرب وما تلاها من ممارسات لا تمت إلى الوحدة بصلة .

  * هناك قلق من مستقبل وحدة البلد في ظل مساع للانفصال من قبل بعض الأطراف. ما مستقبل الجنوب برأيك بعد رحيل الرئيس صالح؟ وهل القيادات في الخارج والداخل متفقة على حل. بخاصة علي سالم البيض؟

  الجنوبيون هم من نادوا بالوحدة وذهبوا إليها سلماً وطوعاً لا كرهاً. وقد غدر بهم ولم يتحرك أحد رغم الأصوات العالية. لهذا خرجوا ومنذ سنوات وهم موجودون في الميادين والساحات. وقدموا ومازالوا يقدمون تضحيات جساماً في سبيل انتصار قضيتهم (القضية الجنوبية) ويشاركون بقوة مع إخوتهم في الشمال النضال السلمي من أجل “إسقاط النظام”. ولن يتوقف نضالهم السلمي بعد إسقاط النظام إلا بحل عادل لقضيتهم. والتي أكرر أنها محور الأزمة في اليمن. ذلك هو موقف أبناء الجنوب. كل أبناء الجنوب في السلطة والمعارضة وفي ساحات التغيير والحراك وإن تباينت الرؤى . 

* هل تعتقد أن تغيير النظام يمكن أن يكتب شكلاً جديداً من النظام. بمعنى هل أنتم مع بقاء الوحدة بصيغتها الحالية أم بصيغة اتحادية أو فيدرالية؟ وهل يمكن لهذا المشروع أن يكتب اليوم. أم سيخضع لحوار القوى السياسية بعد إسقاط النظام؟ وهل لديكم مبادرة محددة تناقشونها مع حلفائكم في الداخل والخارج؟

  الهدف من إسقاط النظام هو أنه لم يعد صالحاً. بل يشكل عبئاً على البلاد. وإذا كان هذا هو الهدف فمن الطبيعي أن ينشأ على أنقاضه نظام جديد يختلف عنه في الشكل والمضمون. وبما أن القضية الجنوبية تشكل محور الأزمة اليمنية المركبة. أي أن هناك خللا في الوحدة. وكما أسلفت وأثبتت الأيام بأن الوحدة الاندماجية خطأ. فلابد إذاً. من إعادة صياغة الوحدة. نعم لدينا مشروع محدد بهذا الصدد. وقد تداولنا فيه خلال العام المنصرم مع العديد من القوى السياسية المحلية والإقليمية والدولية بإعادة صياغة الوحدة في دولة اتحادية بإقليمين شمالي وجنوبي. بنظام فيدرالي - برلماني - ديمقراطي وإدارة لامركزية في المحافظات. شرط اقترانها بإقامة دولة مدنية في الشمال والجنوب ترعى الحقوق والحريات العامة والخاصة يتساوى فيها الجميع أمام القانون. ونرى أن هذا المشروع لا يعيد الاعتبار فقط للوحدة. وإنما يشكل حلاً لنظام الحكم في اليمن ويحترم خصوصيات المناطق بإعطائها الحق في إدارة شؤونها من دون فرض إرادة مركزية عليها من مركز الإقليم أو الاتحاد .

* إذا ما طلب منكم العودة إلى اليمن للعب دور سياسي معين. هل تقبلون؟ وهل تتواصل معكم الفعاليات السياسية في الداخل للتنسيق؟

  لدينا قضية عامة نعمل لها ومن أجلها. ولنا آراؤنا ومواقفنا المعلنة والتي في سياقها نحدد خطواتنا وتعاوننا مع كل الأطراف. وليست لدينا أية أهداف أو رغبات شخصية .