مدونة الحوثي تنتهك حقوق الإنسان
بقلم/ فهمي الزبيري
نشر منذ: سنة و 11 شهراً و 18 يوماً
الأحد 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 05:32 م
 

احمد عايض: تمارس مليشيا الحوثي انتهاكات واسعة منذ وقت مبكر بحق الموظفين ، منها القمع وتقييد الحريات والتعسف الوظيفي والاقصاء واستبدال الكفاءات الوطنية المخلصة بعناصر سلالية وتفرض على الموظفين حضور دوراتها الطائفية مستخدمة الترهيب والتهديد بالفصل من الوظيفة. يعاني موظفو الدولة منذ أكثر من سبع سنوات من انتهاكات منها نهب حقوقهم وانقطاع المرتبات ومقاساة الفقر والعوز، في الوقت الذي تشيد قيادات مليشيا الحوثي العمارات والفلل الفخمة ، وتنشئ كبرى الشركات التجارية والنفطية. واليوم، تضاعف من انتهاكاتها بإلزام الموظفين بالتوقيع على وثيقة مشبعة بالتمييز العنصري والتفوق العرقي، وثيقة تتنافى مع كل القيم الانسانية والفطرة البشرية السليمة والسلوك السوي، وتتنافى مع النظام الجمهوري والدستور اليمني. وبالرغم من الاستهجان والغضب الشعبي لمدونة الحوثي، إلا أن المليشيات ماضية في إجراءاتها التعسفية ضد الموظفين، وهناك مخاوف من ارتكاب المزيد من انتهاكات الاختطافات والقمع ضد الموظفين الرافضين لهذه الوثيقة

القوانين المحلية والدولية

ينص الدستور اليمني في مادته الخامسة على "يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين." كما يؤكد في المادة السادسة على الالتزام بمواثيق الأمم المتحدة "تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة." والدستور اليمني، قد ساوى بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات طبقاً للمادة(4) التي تنص على: "المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة"، كما تكفَّل الدستور بالحفاظ على كرامة المواطنين وحمايتها من أي فعل مهين أو قاسٍ أو غير إنساني وتمثل مدونة الحوثي الوظيفية التي تتعارض مع كل القوانين والمواثيق الدولية خطرا يهدد مبادئ احترام حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية التي تعتبر جوهر حقوق الإنسان، وتنصلا من الالتزامات الوطنية والدولية في الحفاظ على هذه الحقوق التي كفلها الدستور والقوانين النافذة بنصوص تشريعية صريحة لا تقبل الشك أو التأويل.

*الحق في حرية التعبير*

حرية الرأي والتعبير حق أصيل للإنسان منصوص عليها في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تبين بالمعنى الواسع للعبارة الحقوق الإنسانية التي يتمتع بها. وتناول العهد الدولي للحقوق المدينة والسياسية النص المعني بحرية الرأي والتعبير في العهد الدولي أن "لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة" ونص على الحق في التعبير عن الرأي "لكل إنسان حق في حرية التعبير.

ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها" ، وهو ما تعارضه مدونة الحوثي الطائفية السلالية. كما تنتهك الوثيقة، حق المواطنين في حرية النشر و إنشاء حسابات في أي موقع من مواقع التواصـل الاجتماعـي، ضمن سلسلة انتهاكاتها في تقييد الحريات ، والتضييق على المواطنين، كون وسائل التواصل وفضاء الإعلام هو المتنفس الوحيد للمواطنين، بعد حرمانهم من العيش الكريم ومصادرة الحياة السياسية والتعددية الحزبية واقتحام ونهب مقرات الأحزاب والصحف والقنوات التليفزيونية والإذاعات المحلية وكل وسائل الاعلام التي لاتوافق سياستهم الطائفية التابعة لدولة إيران.

*مرجعيات طائفية وسلالية*

يشير الإطار المرجعي للمدونة والمرتكزات الأساسية التي تتضمن دروس ومحاضرات مؤسس مليشيات الحوثي، وخطابات ومحاضرات عبدالملك الحوثي، والاعتماد على هذه المراجع المشبعة بأفكار طائفية، وبعيدة عن قيم الجمهورية تعد نسفا لمبادئ ومكتسبات وأهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد، التي دعت للتحرر من العبودية والاستبداد وآزالة الفوارق بين الطبقات.

*تهديد وابتزاز للموظفين*

في مخالفة لقوانين الخدمة المدنية والقوانين الوطنية وفي عملية إرهاب وتعسف وظيفي، تناولت (مدونة العبودية الحوثية) تهديدات واضحة وصريحة لمن يرفض الافكار المتطرفة والطائفية في فقرة ضمانات تطبيق المدونة، التي نصت على "المساءلة وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب فيما يتعلق (بالالتزام من عدمه) بالمدونة"، وذهبت المليشيات أبعد من ذلك في اجراءاتها وانتهاكاتها ضد الموظفين، بإلزام جميع الموظفين بالتوقيع على تعهد خطي بما جاء في المدونة وحفظه في ملف الموظف، وهذا يعد انتهاكا لحقوق الموظفين في حرية الرأي والتعبير ومصادرة حقوقهم في حرية المعتقد، حيث تتضمن الوثيقة إجبارهم في الاعتقاد بأفكار طائفتهم وطريقة تفكيرهم، وانتهاكات لخصوصية الموظفين. وتمعن المليشيات في انتهاكات التجريف واستبدال الموظفين الوطنيين ذوي الخبرة والكفاءة ممن يخالفونهم بعناصر سلالية لتضمن احتكار الوظيفة العامة بشكل كلي لعناصرهم، الأمر الذي يرفضه كل أحرار اليمن فقد جاء في مدونة العبودية "لا يتم استكمال إجراءات التوظيف أو التعيين لشغل الوظيفة العامة إلا بالتوقيع على تعهد الالتزام بالمدونة" ، وهي اجراءات غير قانونية وتتناقض مع القوانين اليمنية والدولية.

تطييف المجتمع

تمارس مليشيا الحوثي عمليات التطييف والتجريف للهوية الدينية والوطنية منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة، سواء في المؤسسات التربوية والتعليم العالي والجامعات وفي مختلف المؤسسات المدنية والعسكرية، ولأن معتقداتهم الطائفية واجهت رفضا شعبيا واسعا، لجأت لتقنيين التجريف وممارسة طريقة حرث الأرض، وهي طريقة إيرانية ممنهجة، حيث نصت مدونتهم على "التزامات وحدات الخدمة العامة تجاه المجتمع, العمـل مـع بقية الجهات على تفعيل البرامج، والأنشطة التي تحافظ على الهوية الإيمانية، ومواجهة كافة الأنشطة العدائية التي تستهدف وحدة المجتمع وقيمه وأخلاقه" ، وتعتبر انتهاكات لحقوق الانسان في إلغاء شخصيته لفرض آراء تتوافق مع منهجهم السلالي. كما تنص وثيقتهم الطائفية على "السعي المستمر للارتقاء الإيمـاني مـن خـلال التفاعـل الجـاد مـع الـدورات الثقافيـة والبرامج التربويـة, والالتحاق بالبرامج التدريبية" ، وتهدف من ذلك استغلالهم سياسيا وعسكريا، وهو ما يثبث عدمية مدونتهم، ومخالفة القوانين الوطنية وقوانين الخدمة المدنية لشغل الوظيفة العامة.

المشاركة في مناسباتهم الطائفية

تعمل مليشيات الحوثي بشكل متواصل على إحياء فعالياتها وطقوسها المذهبية على مدار العام، لتحقيق أهداف سياسية ومكاسب مالية، حيث تفرض إتاوات ومبالغ مالية على الشركات والتجار وأصحاب المحلات والمواطنين وتجني منها مليارات الريالات، والتي تذهب لقيادات ومشرفي الجماعة، فيما الشعب يعاني اقتصاديا وانسانيا في ظل وضع قاس وانقطاع المرتبات لسبع سنوات، حيث نصت مدونتهم على "حمل الروح الثورية، والمشاركة في إحياء المناسبات الدينية والوطنية", وهي انتهاك لحرية الانتماء السياسي للمواطنين، فإجبار الناس حضور مناسباتهم وفعالياتهم تحت التهديد بالفصل من الوظيفة، وأحيانا بالقمع والاختطاف والسجن والتعذيب بسبب اختلافهم مع مليشيات الحوثي ليس جديدا، فما تزال السجون تعج بآلاف الضحايا حتى اللحظة.

*الولاية الحوثية*

في مخالفة جريئة للدستور اليمني والحق في الانتخاب والترشح والتعايش السلمي ومبادئ الديمقراطية والمواطنة المتساوية ، وفي تجاوز للقوانين الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية نصت مدونتهم على مبدأ الولاية، في انتهاك صارخ لكل قيم الحرية والكرامة الانسانية، بل ويتجرأون ويفاخرون بممارسة التمييز العنصري والتفوق العرقي، يتوهمون با العودة إلى زمن العبودية، غير مدركين أن الشعب اليمني الذي تذوق طعم الحرية أكثر وعيا ضد خرافاتهم ومعتقداتهم الكهنوتية المنحرفة.

إن كل ما جاء في هذه الوثيقة انتهاكات لحقوق الانسان توجب على جميع الأحرار والناشطين والاعلاميين والاحزاب والتكوينات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الفعاليات الوطنية، تكثيف أنشطة الرفض المجتمعي ومناصرة الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي، والوقوف بحزم أمام هذه انتهاكات الوثيقة العنصرية، التي تسعى من خلالها المليشيات الحوثية لتجريف هوية المجتمع بشكل ممنهج، ووضع المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية الدولية والأممية أمام انتهاكات الحوثي ضد موظفي الدولة، وتصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية.

*مدير عام حقوق الإنسان بأمانة العاصمة