الثورة ومفترق الطرق
بقلم/ طارق العيني
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 7 أيام
الثلاثاء 06 سبتمبر-أيلول 2011 08:05 م

هل تعثرت الثورة اليمنية؟ كان متوقع منها اختيار الطريق والمضي قدماً ولكن ترددت الثورة وفضلت الوقوف مما أضر بالثورة وأساء بالبلاد والعباد وما استفاد إلا النظام الذي استطاع إعادة نَفسه ولملمت أفراده وترويج قصة حولت الثورة إلى أزمة، والحق أنه نجح في ذلك واليوم الولايات المتحدة والسعودية وحتى الجزيرة يشفقوا عليه. على أي حال، ثورتنا ليست ثورة الجزيرة وشرعيتها ليست مربوطة برضاء واشنطن أو الرياض فشرعيتنا مكتسبة من مياديننا واكتتبت بدم شهدائنا، ولكن حتى مع ذلك علينا إعادة تقييم الوضع بحسبان المستجدات ولو لم تكن في صالحنا دائماً فلا يمكننا العيش في خيال منتظرين تسليمنا مفتاح الدولة. قصر الرئاسة في صنعاء وليس في الرياض... اذا، ما هي المستجدات وما هي الخيارات؟ الثورة ليست متعثرة وليست في مطب أو حالة ركود ولكنها أمام مفترق مهم وأمامنا خيارات محدودة وهي مرتبة من الأفضل إلى الأسوأ كما يلي:

١. الحسم الثوري

(أ) الضم سلمياً على مؤسسات الشعب، بحماية القوى القبلية والعسكرية الذي وعدت وتعهدت بذلك، على كلا من:

وزارة الدفاع - وزارة الداخلية - وزارة الخارجية - البنك المركزي - الإذاعة والتلفزيون.

(ب) تعيين مجلس أعلى من ثلاثة إلى خمسة أشخاص فقط يديروا تنسيق شئون البلاد لمدة ثلاثة اشهر فقط ومهمتهم إدارة الشئون الأمنية والمالية والخدمية فقط ولا يحق لهم اتخاذ أي قرار مصيري أو حتى قرار يؤثر على مرحلة ما بعد فترة الثلاثة اشهر، وهذا مهم لكسب ثقة الناس بقدرتهم على العمل فلا يمكن التنسيق والإنجاز بعدد أكثر من ذلك ومهامهم إداري وتنفيذي وليس تمثيلي. 

(ج) اثناء هذه الفترة، المجلسان الوطني والانتقالي يعملوا على نص دستور جديد ولإعداد والإشراف على الانتخابات البرلمانية، ويقوم البرلمان الجديد بالتصديق على الدستور أو إعداد استفتاء شعبي لذلك ومن ثم تشكل الحكومة حسب النتائج ويختار رئيس طبقاً لما نص عليه الدستور، ومهم أن يكون البدء كذلك لكي نضمن ديمقراطية تأسيس نظامنا فلا يمكن يكون أول عمل بعد الثورة هو القتال على المناصب بمحاولة تشكيل حكومة قبل الانتخابات وإلا لا فرق بيننا وسلفنا... 

(د) تقديم ضمانات نزاهة القضاء واستقلاله في عملية محاسبة النظام السابق لكي لا نقع في مهزلة مثل مسرحية محاكمة حسني مبارك، وهذا مهم فمن دون ذلك سيكون كل من لم ينظم للثورة مستميت لمقاومتها بينما يفترض أن نطمئنهم لكي يرحبوا بالقوى الثورية عند وصولها لأبواب مؤسسات الدولة. 

(ه) تقديم ضمانات احترام الحقوق الوطنية وهذا مهم لكسب كل من لا زال متردد أو مشكك في الثورة.

٢. المفاوضات

(أ) تفاوض القوى المعارضة والمجلسان الوطني والانتقالي مع النظام لقيام انتخابات برلمانية ومهمة القوى الثورية هي ضمان ما يلي:

- المساهمة في إعادة الأمن ووقف سفك الدماء وحماية المعتصمين في كل ميادين التغيير.

- ضمان استمرار الخدمات الحكومية وتأمين المشتقات النفطية للشعب، وإذ لزم ذلك تشكيل حكومة مع السلطة فليكن.

- ضمان نزاهة الانتخابات القادمة وتحييد القوات المسلحة والمال العام والإعلام الحكومي من التأثير على ذلك.

- تهيئة أجهزة الدولة وحياد القوات المسلحة واستقلال السلطة القضائية للقيام بمهمتهم الوطنية لما بعد الانتخابات.

٣. العمالة والنذالة

(أ) مطالبة أمريكا والناتو بالتدخل العسكري وإباحة البلاد والعباد لنزواتهم كما عملت ليبيا.

(ب) مطالبة السعودية بدعم الثورة بضمان استمرار الخضوع لهم وتمسكنا بالتخلف كما عملت مصر.

٤. الانفصال الفعلي لمن استطاع

(أ) ترك صنعاء وتعز وعدن لفلول السلطة والمعارضة والقاعدة يتقاتلوا فيها كالقرود.

(ب) الهجرة للخارج أو الريف ونعود لحياة كما كانت قبل ثورتي ٢٦ سبتمبر و١٤ أكتوبر كما عملوا الصوماليين

من الواضح ان الخيارات الأخيرة غير مقبولة لأي وطني أو ثوري حقيقي فعلينا إما الحسم الثوري أو التفاوض. ومن يريد ان ينتقدني اذكره انه بالنسبة للسلطة يوجد خيار أخر لم اذكره وهو خيار محاولة السحق العسكري للمعتصمين ومن يظن أن هذا لا يمكن بسبب المجتمع الدولي اضحك فالتحليل السليم لركود ثورتنا هو اللامبالاة من أطراف إقليمية وأما من يراهن على محبة المجتمع الدولي لنا أضيف له انه من كثر ما يحبوا اليمن قد لا تكفيهم يمن واحد فربما يريدوا ٣ يمنات من شدة حبهم لنا... فلا تخدعوا أنفسكم فلسنا أهم من الصومال ولا من العراق ولا من السودان، وإن لم نتصرف نحن قد يتصرف غيرنا وترك الأمور على ما هي عليه ما هو ألا الانتحار البطيء... فعليه، نطلب القوى السياسية أن تفكر وتدبر وتنسق وتعد وتتوكل، والله مع المتوكلين. والله الموفق...

kitabhukm@ymail.com