حوار مجلة الأهرام العربي مع الرئيس هادي
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 5 سنوات و 11 شهراً و 22 يوماً
الجمعة 04 يناير-كانون الثاني 2019 06:08 م

 

 

نص الحوار ...

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس...نقترب من 4 سنوات على بدء عاصفة الحزم في فجر 26 مارس 2015 وتحرير الكثير من الأراضي اليمنية، كيف ترى اليمن بعد الجهود الكبيرة التي بذلتها الشرعية خلال السنوات الأربع الماضية، والدعم المصري للقضية اليمنية ؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. بداية أرحب برئيس تحرير مجلة «الأهرام العربي» وأشكره على هذا اللقاء، وأود التأكيد على أن مصر حاضرة دوماً في ذاكرة ووجدان شعبنا اليمنى، والإعلام المصري كان المرآة العاكسة للواقع العربي خلال عقود خاصة في حقبة الستينيات، حيث كان صوت العرب هو الإعلام المقروء والمسموع، ونبض الشارع العربي من أقصاه إلى أقصاه.

 

وتربطنا علاقة أخوية حميمة بالرئيس عبد الفتاح السيسى لمواقفه الأخوية الصادقة تجاه اليمن، أرضا وإنسانا، تجسيدا للحمة الواحدة والمصير المشترك، ومصر كعادتها دوماً تقف مدافعاً صلبا عن قضايا الأمة العربية، وموقفها على الدوام هو مناصرة لقضاياها، ووجود مصر ضمن دول التحالف العربي، يؤكد على هذا الموقف الثابت لمصر العروبة، لمؤازرة ونصرة اليمن حتى تحقيق كامل أهداف التحالف العربي وعودة الشرعية، واستعادة الدولة وتحقيق أمن اليمن، واستقراره المنشود، ليسهم اليمن بدوره المأمول في بنيان الكيان العربي الواحد.

 

مصر هي القلب العربي النابض، وهى بما تشكله من عمق حضارى وإرث تاريخي وحضور فاعل في كل قضايا الأمة، يؤهلها للعب أدوار قيادية كبيرة لمصلحة الأمة وقضاياها. هذه الأمة اليوم لها جناحان قويان للتحليق بهما، يتمثلان في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وهذان الركنان المتينان هما مركز الاعتماد الذي تركن إليه كل الأمة في حماية أمنها واستقرارها.

 

والأمة العربية الْيَوْمَ معنية بتوحيد جهودها وطاقاتها لمواجهة التحديات المتربصة بها، وللرفع من شأن الأمة في ظل المخاطر المحدقة بمنطقتنا العربية، ومواجهة آفات التطرف والإرهاب التي أرهقت شعوبنا، ونالت من مقدراتها.

ونثمن في هذا الصدد حنكة وحكمة أخي الرئيس عبد الفتاح السيسى، للعبور بمصر إلى آفاق رحبة من الأمن والاستقرار والبناء والسلام، وترجمة لنتائج ناجحة للسياسات الحكيمة والتوجهات الوطنية المخلصة التي انتهجت لمواجهة التحديات الشائكة والتعامل مع مجمل القضايا الاجتماعية والاقتصادية العاجلة والمُلِحّة، فضلاً عن تثبيت وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار في مصر، على الرغم من الأوضاع والاضطرابات الخطيرة التي تمر بها منطقتنا العربية.

 

ومصر لها يد عليا من الدعم والإسناد لليمن وشعبه، ولم تكن عاصفة الحزم هى البداية ولا المواقف العظيمة للشعب المصري والقيادة المصرية مع الشعب اليمنى فحسب، بل كل هذا يأتي مستنداً إلى تاريخ عريق من العلاقات التي تربط شعب مصر الطيب بشعبنا اليمنى الوفي، الذي لم ولن ينسى هذه المواقف الأخوية الرائعة.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس.. كيف ترى الواقع اليمنى والإنجازات التى حققتها الشرعية منذ بداية عاصفة الحزم في فجر 26 مارس 2015؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. فيما يتصل بواقع اليمن الراهن، فقد شهد البلد جملة من التغيرات والتحولات على الصعيد الميداني العسكري، وكذلك في إطار استعادة الدولة وتطبيع الحياة في المحافظات والمناطق المحررة التي تتجاوز نسبتها اليوم 85٪ من إجمالي مساحة البلد.

 

وأعدنا بناء مؤسسات الدولة من الصفر، سواء في الجوانب العسكرية والأمنية أم الإدارية بعد سقوط العاصمة، واجهنا ولا يزال كثيرًا من التحديات على المستويين الأمني والاقتصادى، وحققنا نجاحات جيدة في هذه الملفات، فالمناطق المحررة تحقق استقرارا معقولا على كل الأصعدة، ومن يعرف وضع هذه المحافظات قبل عامين يدرك الفارق الكبير الذي تحقق.

إنه ليس أمرا هينا، أن تبنى دولة من الصفر، وأن تؤسس لكل الهياكل الإدارية والعسكرية والأمنية بعد انهيارها بصورة تامة.

 

أسسنا جيشا وطنيا كاملا، وأسسنا منظومة أمنية كاملة من اللاشيء، وأعدنا العمل في جميع المؤسسات الحكومية، نواجه أزمات اقتصادية عاصفة، ونقوم بمعالجتها بصورة مستمرة، عبر آليات وقرارات وهيئات، وعملنا على تخفيفها بالتعاون مع أشقائنا في التحالف.

 

الأمور ليست كما نريد، لكن الأهم أن الأمور تسير بصورة معقولة نحو مستقبل أفضل. نقلنا البنك المركزي من يد الميليشيات وهو الآن يمارس عمله من العاصمة المؤقتة عدن، ويقوم بمهامه بصورة أفضل. واستقرت مسألة صرف الرواتب لكل موظفي الدولة في كل المناطق التي التزمت بتوريد مواردها للبنك المركزي، وسنعمل على ضمان إيصال الرواتب لجميع موظفي الدولة، بعد أن نضمن الترتيبات الصحيحة لضبط مسألة الموارد، بشكل عام الأمور تمضى نحو الأمام، وهذا هو الأهم.

 

ـ الأهرام العربي.. ما رؤيتكم لاتفاق الحديدة الذي تم التوصل إليه في مشاورات استوكهولم؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. نعمل دوماً من أجل السلام، ونستنفد كل الفرص المتاحة نحو السلام الذي ننشده، وقدمنا في سبيل ذلك العديد من الجهود، استجابة لمسئوليتنا التاريخية أمام الشعب اليمنى، ومن أجل التخفيف من معاناته أولا، وثانيا استجابة لمساعي الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن وجهود المجتمع الدولي، وقبل كل ذلك دور الأشقاء في دول التحالف العربي.

 

ـ الأهرام العربي.. هل نجاح مفاوضات استوكهولم يعنى أن الحل العسكري انتهى وأن الفترة المقبلة فترة الحلول السياسية؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. لقد شاركنا في كل جولات السلام وقدمنا الكثير من التنازلات، ذهبنا وأيادينا ممدودة للسلام في السويد وقبله في محطات عدة في جنيف وبيل والكويت، لحقن الدماء وعودة الحياة والأمن والاستقرار لربوع الوطن، لتحقيق السلام المرتكز على المرجعيات الثلاث، المتمثلة في المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الأممية ذات الصلة، وفى مقدمتها القرار 2216، وذهب وفدنا الوطني للمشاورات، حاملاً معه قضية وطن ومصير شعب، ومشروع بناء الدولة الاتحادية الجديدة، والمدعوم وطنياً وإقليمياً ودولياً، وبمرجعيات الحل السياسي الثلاث.

 

ورؤيتنا للوضع تتلخص في أن بلادنا كانت تمضى في طريق سياسي انتقالي بعد المبادرة الخليجية، التي تم التوافق عليها بعد الأحداث التي شهدها اليمن فى العام 2011، كانت البلاد كلها تمضى وفق هذه المبادرة التي اقترحت مساراً سياسيا واضحا، يبدأ بنقل السلطة، وينتهى بحوار وطني يفضى إلى دستور وانتخابات

 

هذه العملية، تم قطعها عبر انقلاب شامل، تم بعد أن أنجزنا حواراً وطنياً مع كل أطراف العمل السياسي في اليمن، وتم إعداد مسودة الدستور تمهيداً للاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات. هذا الانقلاب الذي أوقف الحياة السياسية وصادر الدولة ونهب السلاح والمال العام ومزق المجتمع، يجب أن يتوقف وينتهى، لتعود الحياة السياسية وتستقر الحياة،هذه هي رؤيتنا التي أقرتها القرارات الدولية، وأكدتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهى مقتضى المسار السياسي الذي تم التوافق عليه في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس كيف ترى الأضرار التي ألحقتها الميليشيات الحوثية باليمن والشعب اليمنى؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. لا شك أن تداعيات الحرب الانقلابية للميليشيات الحوثية - الإيرانية، قد ألحقت أضراراً جسيمة باليمن وطناً ومجتمعاً، والتي طالت تداعياتها الأبرياء والعزل من الأطفال والنساء، الذين هجرتهم الميليشيات من مدنهم ومناطقهم وقتلت آباءهم في حربها الإجرامية التي استباحت معظم محافظات الوطن لفرض تجربة دخيلة بقوة السلاح، وبدعم مادي وعسكري من قبل إيران، ولتجاوز ذلك وللحد من تداعياته بعد تحرير معظم محافظات الوطن، نعمل جاهدين في إطار مسئولياتنا تجاه شعبنا لإنهاء تلك المعاناة التي تسببت بها الميليشيات الانقلابية.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس... كيف تعاملتم وتتعاملون مع هذه التحديات؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. نعمل بكل ما أوتينا من إمكانات وموارد لمواجهة التحديات المعيشية والخدماتية وتطبيع الأوضاع الأمنية، ومحاربة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله في ظروف صعبة ومعقدة، والوضع الإنساني في اليمن يتطلب حتماً ضغط المجتمع الدولي على إيران، ابتداء بوقف تدخلاتها في الشئون اليمنية، واحترام السيادة الوطنية، انتهاء بالتوقف عن تهريب الصواريخ للميليشيا، التي تستهدف بها الأشقاء في السعودية، في انتهاك سافر لقرار الحظر الدولي.

 

ـ الأهرام العربي.. هل نجاح مفاوضات استوكهولم يعنى عودة الشرعية بالكامل لكل الأراضي اليمنية؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. أحكمنا السيطرة على الحديدة، وكان باستطاعتنا طرد الميليشيات في عمق المدينة وتحرير الميناء، لكننا فضلنا إعطاء فرصة لتسلمها سلميا عبر آليات الأمم المتحدة، في تنفيذ القرارات بطريقة سلمية، للمحافظة على المدينة والميناء والحفاظ على المدنيين، والبني التحتية للدولة مسألة نضعها في الحسبان، لقد حصلنا في اتفاق استكهولم على نصوص واضحة مبنية على القانون الدولي واليمنى، وهى في المحصلة تؤدى لعودة الحكومة الشرعية لبسط نفوذها على المدينة، نحن في مرحلة اختبار حقيقي للإرادة الدولية في تنفيذ قراراتها والتزاماتها بتسليم الحديدة، ولا شك أن المسألة اليوم متعلقة بمدى استجابة الانقلابيين للسلام وتطبيقهم للاتفاقات، وإذا ما فشلت هذه الجهود، فإننا لن نتخلى عن أى شبر في اليمن قبل عودته لحضن الدولة.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس إلى أى مدى يؤمن اتفاق استوكهولم توصيل المساعدات الإنسانية لأبناء اليمن؟

ـ رئيس الجمهورية.. للأسف عبثت الميليشيات الحوثية بالمساعدات القادمة للشعب اليمنى، عبر ميناء الحديدة ومسار المساعدات الإنسانية، من خلال مصادرتها وبيعها للفقراء وتسخير عائداتها لمجهودهم الحربي، وهذا ما يجب أن نضع حداً له، لضمان تدفق المساعدات لمستحقيها الحقيقيين، ووقف شحنات الأسلحة وقطع الصواريخ والألغام التي تزودهم بها إيران بأدواتها وأساليبها المختلفة لقتل الشعب اليمنى وتهديد الأشقاء في الجوار، نحن نعطى فرصاً حقيقية للسلام ونتعامل بإيجابية كبيرة، ولكننا نعلم يقيناً أننا أصحاب الحق، ولن ندخر جهداً في الحصول عليه.

 

ـ الأهرام العربي.. الآن فخامة الرئيس.. هل يمكن القول إن ما نتج عن مشاورات استوكهولم والقرار الأممى 2451 يؤسس لحل نهائي للأوضاع في اليمن؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. عمليا الحل السياسي بدأ منذ المبادرة الخليجية، ونحن على الدوام دعاة سلام ووئام، نحمل هم شعب، ومشروع وطن، يتوق للعيش في ظله وكنفه الجميع، بأمن، وأمان، واستقرار، وعدالة ومساواة دون انتقاص، أو إقصاء أو تهميش، لأحد، وهذا مشروعنا الوطني المتمثل في اليمن الاتحادي الجديد، الذي كان ثمرة مخاض حوار وطني شامل، استوعب كل قضايا الوطن، وصاغ مخرجاته كل فئات المجتمع ونخبه المشاركة في الحوار الوطني، المتمثل في القوى والمكونات السياسية، والمرأة، والشباب، ومنظمات المجتمع المدني، بما فيهم الحوثيون أنفسهم قبل ارتدادهم عليه.

 

وخرجنا من خلاله بمسودة دستور اليمن الاتحادى الجديد، التي ارتد عليها للأسف تحالف قوى الانقلاب الحوثية، ومن خلفهم الداعم والموجه إيران وأدواتها، وفرضوا الحرب في اليمن، بهدف تنفيذ أجندتهم الدخيلة، ومن أجل ذلك استباحوا المدن وقتلوا وشردوا العزل الأبرياء من الأطفال والنساء، واستخدموا كل ترسانتهم العسكرية في تحقيق ذلك الهدف، بما فيها سلاح الطيران لقصف مقر الرئيس الشرعي في عدن، في سابقة خطيرة ودموية لعصابات، استخدمت كل ما تقدر عليه لتدمير البلاد. وعلى الرغم من كل ذلك تعاملنا بمسئولية وإيجابية مع كل دعوات ومساعي السلام، انطلاقا من مسئولياتنا تجاه أبناء شعبنا اليمنى.

 

ـ الأهرام العربي.. كيف تنظرون فخامة الرئيس للجهود الكبيرة التي بذلها التحالف العربي من أجل عودة الشرعية؟

ـ رئيس الجمهورية.. بالنسبة للتحالف العربي، فمنذ الوهلة الأولى لانطلاق عاصفة الحزم، كان الموقف والصوت العربي واحدا، وبإجماع ليس له نظير في دعم اليمن وشرعيته الدستورية ضد الفعل الانقلابى الغاشم، وتأييد ومباركة جهود دول التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن عبر عاصفة الحزم، وهذا ما أكدته القمة العربية الـ 26 في شرم الشيخ، التي عقدت بعد يومين من انطلاق عاصفة الحزم ودعمها المطلق وتأييدها لها، وكذلك فإن التأييد مستمر لدعم اليمن وشرعيته الدستورية في مختلف التجمعات والمحافل العربية والإقليمية والدولية.

 

كما أن جهود دول التحالف شاخصة وشاهدة للعيان، ولا يمكن لأحد إنكارها، وهى على الدوام محط تقدير وامتنان واحترام كل أبناء اليمن، التواقين للحرية والعدالة والانعتاق من براثن الطائفية، ومن يمولها ويواليها، وهذه المواقف الأخوية الصادقة تجسد روح الأخوة والأصالة والهدف الواحد والمصير المشترك، وستظل على الدوام محل فخر واعتزاز شعبنا اليمنى، وأجياله المتعاقبة تجاه أشقائنا.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس ما رؤيتكم لما تقوم به المملكة العربية السعودية ومركز الملك سلمان للإغاثة فى سبيل التخفيف من تداعيات الأزمة اليمنية على المواطن اليمنى؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. للمملكة أياد بيضاء، ليس على اليمن فحسب، بل في مختلف البلدان والأقطار التى بحاجة للإغاثة والعون والمساعدة، أما فيما يتصل بجهود مركز الملك سلمان وإسهاماته الإغاثية في اليمن، فإنها تمثل حجر الزاوية فى كل المساعدات الإنسانية التي تقدم لليمن، ولا تقارن مطلقاً مع أية مساعدات وعون، يقدم من جهات دولية ومنظمات مانحة، فمركز الملك سلمان قدم، ويقدم للشعب اليمنى الغذاء والدواء والإيواء ومعالجة الجرحى، وتسيير رحلات جوية لنقل الجرحى والمنقطعين إلى اليمن من دول شتى منذ بداية الحرب والأزمة، ولم يقتصر ذلك على المحافظات المحررة فحسب، بل شمل مناطق اليمن دون استثناء عبر المنظمات التي يقدم لها الدعم بصورة كبيرة هذا المركز، والتي استحوذ وللأسف الانقلابيون على معظم تلك المساعدات في المناطق الخاضعة لهم، والمتاجرة بها في تحد صارخ للإنسانية.

 

ـ الأهرام العربي.. البعض يحاول أو يشكك في المرجعيات الثلاث، فخامة الرئيس.. إلى أى مدى تعتقدون أن المرجعيات الثلاث ما زالت صالحة وأساسا قويًا لحل شامل للأزمة اليمنية؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. عندما جلسنا جميعا للحوار وبدأ الحوار السياسي وأوقفنا إطلاق النار فى صنعاء، ووقتها كان الجيش والأمن والمجتمع فى حالة انقسام حاد والمواجهات في شوارع صنعاء، وعملنا على إيقاف المعارك وجاءت المبادرة الخليجية ووضعت إطارا واضحا للعملية الانتقالية، وبعد ذلك ذهبنا فى تنفيذ المبادرة الخليجية، ورأينا بأنها بوابة عبور، فكان مع مبعوث الأمم المتحدة السابق جمال بن عمر فريق خبراء من مجلس الأمن، وجلسنا معهم لبحث كيف يمكن أن ننهى كل المشاكل في اليمن، ونفتح صفحة جديدة، ووضعنا الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وانطلقنا بعزيمة وإصرار في تنفيذ بنودها، باعتبارها خارطة طريق آمنة، وذهبنا بعدها إلى مؤتمر الحوار الوطني، وناقشنا بسقوف مفتوحة كل مشاكل اليمن، فكانت القضية الجنوبية ومشكلة صعدة غير موجودة في المبادرة الخليجية، فوضعناها في الآلية التنفيذية، واستمرت العملية ستة أشهر لوضع الآليات التنظيمية، وتمكنا من تجاوز كل الخلافات الصعبة التي كانت تظهر بصورة مستمرة أمامنا، وبعد ستة أشهر أعلنا الحوار الوطني، بحضور 565 مندوبا من كل فئات وقوى المجتمع تنظيمات وأحزاب وشباب وامرأة ومنظمات مجتمع مدني للمشاركة، والذي استمر أكثر من سنة، حتى خرجنا بوثيقة مخرجات الحوار الوطني، ومسودة دستور اليمن الاتحادي الجديد، الذي جرى الإعداد له عبر فريق متخصص من واقع نصوص مخرجات الحوار الوطني الشامل.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس... ماذا تقول للقارئ العربي عن الساعات الصعبة لفخامتكم فى الإقامة الجبرية، وكيف نجحتم في الخروج إلى عدن ومنها للخارج؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. لم يكن يتوقع الانقلابيون على الإطلاق عاصفة الحزم، أو تدخلًا عربيًا ودوليًا لصالح الشرعية، حتى عندما خرجت من الإقامة الجبرية، واتجهت لعدن قاموا بضرب القصر الجمهوري بالطائرات.

 

ووقتها كنت أتراسل مع الأمير الراحل سعود الفيصل، وجاء سفراء دول مجلس التعاون الخليجى إلى عدن، وهناك أعلنت عن وصول ستة سفراء إلى عدن ليتضح الموقف الخليجى وقتها، لكن لم يكن يتوقع الانقلابيون موقفاً واضحاً من قبل الأشقاء بهذه القوة والوضوح.

 

ولو لم يكن التدخل العسكري لاستولى الحوثى على اليمن، وبعد أيام معدودة سنجد الطائرات الإيرانية في الجو، وفى كل المطارات اليمنية، ولكن كانت "عاصفة الحزم" هى مفاجأة للميليشيات الحوثية وإيران.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس... هل تشرحون لنا كيف تم الطلب من جانبكم للأشقاء فى المملكة والدول العربية بالتدخل واستعادة الشرعية؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. نعم لقد طلبت التدخل من الأشقاء فى المملكة العربية السعودية، بعد أن وصل الحوثى لعدن، كنت قد وقعت حينها أمام أمرين، إما أن أطلب تدخلا أو أن أسلم اليمن لإيران، ولم يكن أمامى أى خيار آخر، لأن تسليم اليمن لإيران لا يعنى نهاية اليمن، بل يعنى وضع المنطقة بكاملها في دائرة الخطر.

 

كما أنني رجل عسكري، وأفهم الأهداف الإستراتيجية والبعيدة لإيران، ولو تأخرت ثلاثة أيام كان الحوثى سيصل إلى المهرة وحضر موت، لأنه استولى على جميع الأسلحة والمعدات والجيش أصبح معهم وبأيديهم.

 

ومثل قرار عاصفة الحزم أفضل قرار عربي في تاريخ أمتنا وهويتنا العربية، وكان قراراً شجاعاً اتخذه الملك سلمان، وهو قرار إستراتيجى لا ينقذ اليمن فقط، بل يوحد المنطقة ككل فى وجه التطاولات الإيرانية، فلو كان هناك أى تأخر فى اليمن لكانت المنطقة ككل ستدفع الثمن، كما أن هذا القرار سرع فى الكشف عن المخطط الفارسي، وكشف أوراق إيران أمام جميع دول العالم.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس كيف تنظرون لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال اليمن؟

ـ رئيس الجمهورية.. علاقتنا الراهنة مع الإدارة الأمريكية الحالية فى عهد دونالد ترامب ممتازة جداً لدعمها للشرعية ولتوافقها، لرفض أن يكون للحوثى أى نفوذ ومطالب، وتصنيفه كجماعة إرهابية، ورفض كذلك أى توسع لإيران في الشرق الأوسط، وتعاوننا وثيق فى ملف مكافحة الإرهاب.

 

نحن نثمن هذه المواقف الأمريكية الصلبة فى مواجهة التدخلات الإيرانية التى تهدد استقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين.

 

ـ الأهرام العربي.. فخامة الرئيس.. هناك تقارير دولية ويمنية كثيرة عن الوضع الإنسانى، والشرعية تبذل قصارى جهدها في هذا الملف، ما آخر جهودكم فيما يتعلق بهذا الجانب خاصة بتنفيذ الاتفاق الخاص بتبادل الأسرى والمعتقلين الذي جاء في مشاورات استوكهولم؟

 

ـ رئيس الجمهورية.. ملف الأسرى والمعتقلين يأخذ على الدوام جل اهتمامنا، باعتباره ملفا إنسانيا يعانى من تبعاته وتداعياته أسر وأطفال، كلهم يمنيون، ولهذا تحدثنا وبصريح العبارة مع المبعوث الأممى السابق والحالي عن أهمية وضرورة إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين من الطرفين، وبدون تحفظ، الكل مقابل الكل، وقد وافق وفدنا خلال مشاورات السويد وقبلها على طي هذا الملف بصورة كاملة.

 

ومع فارق أن وضع الأسرى من الانقلابيين الموجودين مع السلطات الشرعية يحظون بالرعاية والاهتمام، بل وتم فتح مدارس خاصة لتعليم الأطفال والقصر منهم الذين يزجّ بهم الانقلابيون إلى الجبهات كوقود حرب لمعركتهم العبثية تجاه الشعب اليمنى، وتم في هذا الإطار تأهيل العديد منهم، وإطلاق سراحهم من طرف واحد وعودتهم لأسرهم.

 

وقدمنا تنازلات وتجاوزنا المحاذير القانونية بمبادلة أسير بمعتقل، حرصاً على الجوانب الإنسانية وسعيا لإنقاذ آلاف المعتقلين من وطأة التعذيب والأسر والاعتقال غير القانوني، والملف الآن في مرحلة التنفيذ، ونحن في انتظار النتائج التي نتطلع لأن تكون إيجابية.