آخر الاخبار

دراسة جديدة تناقش انهيار الأذرع الإيرانية وانحسار الوهم الإمبراطوري الهلال السعودي يوجه صدمة إلى أحد أبرز نجومه عاجل قائد القوات المركزية الأمريكية يلتقي بالرياض برئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية وكبار أركانه وبحضور رئيس هيئة الأركان اليمني الفريق بن عزيز الحوثيون يحولون جامعة صنعاء إلى معسكر إرهابي ويجبرون الطلاب على حضور دورات طائفية مقابل الدرجات هل حقا حرائق كاليفورنيا تحاصر شركة ميتا فيسبوك وهل ستتوقف خدمات وتساب وانستجرام؟ الرابطة الوطنية للجرحى والمعاقين تعقد اجتماعًا استثنائيًا بمأرب وتنتخب الرمال رئيسًا وزير الأوقاف يطالب بزيادة حصة اليمن من الحجاج ويوقع مع مع نظيره السعودي اتفاقية ترتيبات حج 1446هـ تعليمات حول اصدار تأشيرة خروج نهائي للمقيمين في السعودية ومدة صلاحية الهوية قرارات لمجلس القضاء الأعلى وحركة تنقلات واسعة في المحاكم والنيابات.. تفاصيل تطورات السودان.. حميدتي يعترف بالخسارة والبرهان يتعهد باستعادة كامل البلاد

في عيد الثورة اين الميثاق الجمهوري
بقلم/ موسى عبدالله قاسم
نشر منذ: 4 سنوات و 3 أشهر و 6 أيام
الثلاثاء 06 أكتوبر-تشرين الأول 2020 09:42 م
 

 زرت اليمن للمرة الأولى عام 1948م حيث كان يحكمها خلال تلك الأيام طغيان بربري من جانب الإمام أحمد، ومن بين كل البلدان التي سافرت إليها لم أخرج بذلك الانطباع الذي خرجت به من خلال زيارتي لليمن، وهو الرجوع القهقرى إلى فترة العصور الوسطى.

وإذا ما كان هناك بلد مهيأ لثورة أكثر من غيره فهو اليمن بلا جدال، وعندما قام الثوار اليمنيون بثورة 26 سبتمبر 1962م، كانت المفاجأة الوحيدة هي أنهم تأخروا في القيام بها لفترة طويلة. هذا ما قاله الصحافي البريطاني إدجار أوبلاس في كتابه "اليمن .. الثورة والحرب" واصفاً حال اليمن شمالاً تحت حكم الإرهاب السلالي الهاشمي، وضرورة تفجير ثورة لاجتثاثه؛ وهو في توصيفه هذا لحال اليمن مجرد شاهد عيان عابر، لم ينله أي من صنوف الظلم والقمع والحرمان التي نالها الشعب اليمني من العصابات الهاشمية العنصرية.

لقد شكّل النظام الجمهوري الذي صنعته أيادي اليمانيين قبل أكثر من نصف قرن من الزمن، البوابة الكبرى التي عبر من خلالها الشعب اليمني من حياة العصور الوسطى، ببؤسها وتخلفها واستعبادها، إلى رحاب القرن العشرين بكل ما يحمله من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. هذا العبور العظيم لم يكن سهلاً بكل تأكيد، بل كان حصيلة تضحيات الشعب اليمني وقواه الحيّة شمالاً وجنوباً، تلك التضحيات الجسام من الدماء والدموع والتشرّد، كانت الجسر الوطني الذي نقل الأمة اليمنية من دهاليز قيودها وعوَزها إلى رحاب حرّيتها وكرامتها؛ ذلك الثمن الوطني الباهض كان يتوجب على كل يمني أن يحافظ على مكتسباته، وأولها النظام الجمهوري، ويستعذب الدم قبل المال في سبيل الجمهورية بأهدافها ومبادئها ورايتها الوحدوية.

إن واقع اليمن المرير الذي نعيشه اليوم ومآلات التفريط بتضحيات الأحرار لم يدر في خلَد أغلب اليمنيين، فمن كان يتوقع أن تعود الهاشمية الإرهابية بعد هذه السنين الطويلة من عمر الجمهورية، لضرب أهم حدث في تاريخ اليمن منذ أكثر من ألف عام؟ لم يكن في حسبان أحد أن يقف الجيش الجمهوري متفرّجاً على صنعاء ومؤسساتها الجمهورية وهي تتساقط بيد السلاليين وبتواطؤ فاضح منه، مُلقياً صمود ثوار سبتمبر وتضحيات الجيش المصري الذي هبّ لمساندتهم، خلف ظهره، وكأن الجمهورية التي نبت لحمه منها لا تعنيه والقسم الذي أداه في الحفاظ عليها ذهب مع الريح!! لاشك أن كل هذه التساؤلات لن تغيّر من واقعنا اليوم، فالفأس كما يُقال وقع على الرأس، لكننا في هذه اللحظة الفارقة من حياتنا كيمنيين، ونحن نحتفل بعيد الثورة الخالدة سبتمبر وأكتوبر، أمام واجب وطني تفرضه المرحلة، وهو العمل على توحيد كل الجهود الوطنية ومظافرتها تحت عنوان الميثاق الجمهوري، لمواجهة الهجمة السلالية الإمامية الإرهابية، فلا شيء يضفي عمراً وديمومةً لهذه العصابات العنصرية سوى تفرّق الصف الجمهوري وشتاته، ولاشيء يعجّل بزوالها وإعادة الإعتبار للجمهورية وثورتها التحررية سبتمبر وأكتوبر، سوى تشابك أيدي أقيال سبأ وحِمْيَر حول ميثاقٍ جمهوريٍ جامع، يتجاوز كل جراحات الماضي القريب وخلافاته، ذلك لأن مواصلة استجرار هذه الجراحات والخلافات البينية وإبقائها ماثلة في الوعي الشعبي، يُبقى الهوّة بين الجمهوريين ويوسّعها، وما من شك أن الأيادي التي تقف خلف هذا الاصطراع البيني هي أيادٍ سُلالية متوردة اتخذت مكانها على طرفي النقيض لتغذيته، وهذا ما بات واضحاً لكل من يتابع الماكينة الإعلامية لهذا الطرف أو ذاك. إنّ الإحتفاء بعيد الثورة الخالدة سبتمبر وأكتوبر لن يكون ذا معنىً وطنياً حقيقاً ما لم نعمل على سبر أغوار الوجع اليمني ونضمّد جراحاته، ونُعلي مصلحة الأمة اليمنية فوق كل مصلحة، فردية كانت أو حزبية، ونجعل قيمة الإيثار الوطني القيمة العليا في كل جهد سياسي أو عسكري، لاسيما أولئك الذين شاءت لهم الأقدار أن يمسكوا بما تبقى من خارطة الوطن الجريح، عليهم أن يعتبروا من خلافات وصراعات اليمنيين خلال مرحلة الستينيات وما تلاها، تلك التباينات كانت النافذة التي عادت منها السلالة الكهنوتية لنخر الجمهورية من داخلها، ثم شرعت في التخطيط لالتهامها طيلة ثلاثة عقود، حتى تمكّنت في العام 2014 وسط شتات اليمنيين وأحقادهم، وما لبثت أن أدخلت اليمن في هذه الحرب المدمرة التي قتلت عشرات الآلاف وشرّدت مئات الآلاف في الشتات الداخلي والخارجي.