|
قامت بعض القنوات الفضائية بالضحك على الذقون عبر تخصيص برامج عن السحر والشعوذة، فلعبت بذلك على عقول الحمقى، وتحول الموقف إلى مهزلة مضحكة ومسرحية عابثة، وتصدر هذه البرامج كل أفّاك أثيم وكل مفترٍ دجّال، ممن أُصيب بمرض انفصام الشخصية أو الكبت القهري أو المرض النفسي، فصار يخبر المتصل بترّهات وسخافات؛ فيسأله عن مولده متى كان، ثم يجيبه بقوله: أنت من فصيلة برج الثور أو الحمل أو الأسد، وأنت تهوى كذا وكذا، ومصاب بكذا وكذا، ثم يصف له علاجاً يخالف الدِّين والعقل والطب؛ فيوصيه ـ مثلاً ـ بذبح ديك أسود ـ سوَّد الله وجهه ـ أو بسحق قرون الثوم ونشرها في غرفة النوم، أو بصيد حمامة بيضاء وذبحها وغمس ريشها بالدم، ثم يأمره بوضع الريش تحت رأسه إذا نام، ومنهم من يسأل عن اسم أم المريض؛ فإذا قال السائل مثلاً: اسم أمي فاطمة قال: أنت مصاب بعين المحبة، وعلاجك أن تغمس يديك في دم خروف أسود ـ سوَّد الله وجهه ـ ثم تمسح بها وجهك، وبعضهم عنده عملة نقدية يقلبها في أثناء الحلقة، وفي أثناء اتصال المتصل يخبره بمرضه، وهذه القنوات جعلت مصدر دعمها اتصال الحمقى والسفهاء والمعتوهين؛ فبمجرد الاتصال يبدأ رصيد القناة المالي في الارتفاع، وقد سمعنا ورأينا مئات الاتصالات من هؤلاء المرضى، ولكننا لم نشاهد واحداً منهم تعافى وتشافى بهذه الوصفة المكذوبة، والعجب أن هذه القنوات المدمِّرة للدِّين والعقل والعرض والمروءة تنتشر في ربوع العالم الإسلامي جهاراً نهاراً، ولم تتخذ أي دولة تصرفاً حازماً أمام هذا الدَّجل وابتزاز أموال الناس والتلاعب بعقولهم والعبث بصحتهم وتدمير بيوتهم، وكأن أ
با الطيب معنا يوم قال: يا أُمَّةً ضَحِكَت مِن جَهلِها الأُمَمُ. أين الحكومات التي تراقب أنفاس الناس وتسجل عُطاسهم، وتصورهم وهم يتثاءبون؟ أين هذه الحكومات من عصابات الشعوذة والإفك والخرافة التي حوَّلت بعض الشباب والفتيات إلى مجانين ومعتوهين؛ لأنهم صدقوا الوهم وآمنوا بالخرافة؛ فركبهم الشك، وتلبَّس بهم الوهم؛ فأصبحوا مرضى عاطلين عن العمل والإنتاج؟ ثم إن الأخطر من ذلك أنها تحول المؤمن إلى ملحد شرير، وقد حمى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، جناب التوحيد من هؤلاء الفجرة الأشرار بقوله: «من أتى عرَّافاً أو كاهناً أو ساحراً فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد». أفٍ لهذه العقول السخيفة التي باعت طاعة الله بطاعة الشيطان، تفٍ على هذه القنوات الحقيرة التي خرَّبت البيوت ودمَّرت القيم، الخيبة والندامة لشياطين الإنس الذين تصدروا الشاشات ليقدِّموا الدَّجل والزور والبهتان للناس، حتى الرقية الشرعية الصحيحة أصبحت تمارس بطرق مضحكة غايةً في المهزلة ونهايةً في الغباء؛ فأحدهم وضع له قناة، يرقي ويقرأ وينفث عبر الشاشة على المشاهدين الكرام من إندونيسيا إلى موريتانيا؛ لتنالهم بركة ريقه الطاهر المطهَّر عبر ذبذبات الأثير، وعلَّ لعابه المبارك ينقل لهم عبر الأقمار الصناعية، ولا يستحيي أن يخبرنا أن الله شافى بريقه ـ عبر الشاشة ـ الملايين، وقد كذب وافترى، بل هو بحاجة ماسة إلى من يبرك على صدره، ويقرأ عليه آية الكرسي، ثم يودعه المارستان، ومثل هذا يجب أن يُحجر عليه؛ لئلا ينقل عدواه وهِباله إلى الأمة. مخجل ما تعرضه قنوات السحر والشعوذة، مؤسف ما نراه من هذه العصابات المشبوهة والوجوه الكالحة. أيها الحكام، أيها العلماء، أيها العقلاء، أوقِفوا هذا الخزي، تصدوا لهذه الظاهرة البشعة القبيحة، أنقذوا عقول الشعوب ودينهم وأموالهم، أحيلوا القائمين على هذه القنوات والكهان والسحرة والمشعوذين إلى العدالة، قدِّموهم إلى القضاء، أنصفوا الناس الذين ذهب إيمانهم وأموالهم وعقولهم، كفى شماتة بنا، وكفى ضحكاً على ذقوننا، الشرق والغرب تزخر مصانعهم وتعج معاملهم بالإبداع والإنتاج، وعندنا القنوات الوثنية الخرافية تعيدنا إلى مغارات سحرة بابل وكهوف شعوذة قدماء الهند، وعهود اللاّت والعزّى ومنات الثالثة الأخرى، الغرب يشاهد روّاد فضائه عبر الشاشات يهبطون على المريخ، وبعضنا يشاهد الشيخ الشيطان عبر الشاشة يكذب على الله وعلى الأمة وعلى التاريخ «ألا لعنة الله على الكاذبين»، ولعن الله المشعوذين والأفَّاكين والدَّجالين، أفٍ وتفٍ على سماحة الشيخ الشيطان المشعوذ المشرك «إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار».
في الجمعة 18 مايو 2007 02:26:22 م