ماذا يعني قرار مجلس الأمن الأخير بشأن اليمن؟ إنهيار مخيف للريال اليمني في عدن صباح اليوم الخميس محكمة الاستئناف الكويت تحجز قضية طارق السويدان للحكم أردوغان يحسم موفقة من حرب غزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس
مأرب برس – خاص
كاتب ومفكر كبير كمعالي الدكتور/ عبد الله النفيسي ، تسبق أفكاره وآراؤه الزمن ، لعل رأيه الذي أعلنه مؤخراً كان - كعادة آرائه - بمثابة تفجير قنبلة فكرية وسياسية ، ولذا سارعت بتناقله وسائل الإعلام المختلفة ، أعني رأيه بضرورة حل جماعة الإخوان وتحويلها إلى تيار شعبي عام ، بعيداً عن التنظيم وتعقيداته ومشكلاته السياسية والفكرية ..وأعتقد أن هذه الدعوة لم تكن وليدة الساعة ، فقد تبادرت مثل هذه الدعوة إلى سمعي شخصياً منذ زمن ، لا سيما من بعض المشيخيات الفقهية الذين يصعب على بعضهم التقيد بالنظم واللوائح الصارمة للجماعة ، ويحلوا لهم كما يطربون كثيراً للنظام الفردي القائم على الذاتية والشخصانية والفوضوية المعتادة عن بعضهم ، ولعلّ دعوى كهذه من مفكر وكاتب كبير كالدكتور النفيسي تجعلنا نقف إزاءها لبيان بعض الحقائق التي ربما غابت عن الدكتور النفيسي ، ربما نسيها لطول انقطاعه عن تنظيم الجماعة ، أو لعدم قراءته الشاملة لمواقف الحركة في عدد من الأقطار العربية والإسلامية والدولية ، أشير إلى بعضها مذكّراً معاليه بها ، سائلاً من الله تعالى أن يلهمنا جميعاً الصواب في القول والعمل .
الحقيقة الأولى:
لم تزدهر في الوقت الراهن في المنطقة دعوة ولا حركة كحركة الإخوان المسلمين ، بتاريخها ونضالها وجهادها واستيعابها للآخر، ولا سيما بعد أن أحرزت تقدماً كبيراً ملحوظاً في عدد من البلدان ، تأتي على رأسها فلسطين والكويت ومصر والبحرين والأردن واليمن وباكستان وتركيا ، إضافة إلى السودان ، الأمر الذي يجعلنا نتعامل مع دعوة معالي الدكتور النفيسي بصورة أخرى ، وذلك بالدعوة بأن تتجاوز الحركة إطار "الجماعة" إلى إطار أكبر وأرحب وأوسع وهو إطار "الأمة" فلم تعد الجماعة تحتضن آلافاً من الناس على المستوى الإسلامي بل باتت تحتضن أمة من الناس على مستوى البلد الإسلامي الواحد ، وبالتالي فالمفترض أن يدعوا معاليه إلى تعزيز تنظيم الجماعة وتعزيز آلياته وإمكانياته ليواكب هذا الاتساع الكبير، ولينتظم كل الأمة ، ولتسير الأمة معه وفي ركابه ، لا فكرة الحل والإلغاء ، لأن حل الجماعة معناه إهدار لجهد وجهاد الأمة الطويل ، وإجهاض للمرحلة التي وصلت إليها ، وهذا ما لا أحسب أنّ معالي الدكتور النفيسي يعنيه أو يقصده ، ولولا قول الدكتور بحل التنظيم لأمكننا ربما أن نفهم هذه الدعوة له لأن تنتقل الجماعة من إطار الجماعة إلى إطار التيار الشعبي الذي ينتظم كل الأمة ، إذ الواجب يقتضي ترشيد هذا التيار الشعبي الكبير والعارم ، ولا يكون ولا يتم هذا إلا عبر تنظيم الجماعة ، لا حله .
الحقيقة الثانية:
لم تعد حركة الإخوان حركة قائمة على الانزواء والانغلاق والتقوقع ، وعدم التعامل مع المعطيات الدولية ، أو أن لوائحها ونظامها الداخلي غير مرن أو غير قابل للتعامل مع المعطيات والمتغيرات المحلية والدولية ، بل الظاهر الجلي أن الجماعة لديها من المرونة والقدرة الفائقة والكافية للتعامل مع المتغيرات والأحداث ، وليس هذا شأنها بل هو شأن الإسلام الذي يقوم على المرونة أيضاً ، فقد كان عليه رحمة الله الإمام البنا مثلاً ضد نشأة الأحزاب السياسية ، لما تلحقه من ضرر فتّاك بالأمة آنذاك ، بيد أننا في الآونة الأخيرة نرى الجماعة لم تأخذ بهذا الاجتهاد للإمام البنا لتغير المعطيات الدولية والمحلية والوطنية حيث أصبحت الأحزاب السياسية ضرورة وطنيه لمجابهة الفساد وفضح ألاعيب الحكومات المستبدة ، كما أن الجماعة اختطت لنفسها خطاً متطوراً في كثير من القضايا كقضايا المرأة والمجتمع والثقافة والتعامل مع الآخر ، ولذا رأينا الجماعة تتعامل حتى مع الأحزاب اليسارية والليبرالية تعاملاً أكسبها مزيداً من الحفاوة الشعبية والعمق الجماهيري ، والاحترام الدولي من بعض المنصفين من قادة الغرب ومفكريه وعلمائه ، ففي فلسطين رأينا حركة حماس الإخوانية تتعامل مع حركة فتح وتصلان إلى اتفاق مكة وتمد يدها حتى إلى محمد دحلان الذي يحظى بملف أسود معها ومع كوادرها ، ويعزو كثير من المراقبين أعمال التخريب والفساد والفتنة إليه .
كذلك الحال في اليمن رأينا: ما يسمى بالتجمع اليمني للإصلاح المحسوب ظاهراً وباطناً على حركة الإخوان يجلس مع الأحزاب الاشتراكية واليسارية على طاولة واحدة ومائدة واحدة ، وميثاق واحد ، عبر مسمى اللقاء المشترك .
كذلك الحال بالنسبة للحركة الإسلامية في السودان التي مدت يدها لمتمردي الجنوب واحتضنتهم عبر النظام السياسي هناك ، وأضحى نصارى الجنوب جزءاً لا يتجزأ من النظام السوداني ، يتبوؤن بمقعد نائب الرئيس السوداني ، ويشاطرون الشمال في الثروة والقرار .
قل ذلك في العراق وتركيا وباكستان وموريتانيا ..وغيرها ، إلا اللهم تستثنى في ظني الحركة الإسلامية في السعودية لظروف خاصة بها ، هذا الاستثناء النادر لا يغيّر من القاعدة شيئا .
أحسب أنّ هذا الخط العام للحركة الإسلامية في هذا المسار خطوة يباركها رب السماء جل جلاله ، ويباركها الإسلام ، ويباركها المخلصون من أبناء هذه الأمة المباركة ، حتى قال أحد كتّاب جريدة الشرق الأوسط إن الإخوان المسلمين في مصر استولوا على الصحف الرسمية المصرية فليس للحزب الوطني منها إلا الصفحة الأولى والأخيرة فقط ، وما بنيهما لكتّاب الإخوان المسلمين ، وإن كان هذا أيضا فيه تحريض مكشوف على الجماعة واستعداء للنظام ، إلا أنه يعبّر عن عمق شعبي وقدرة لهذه الجماعة على التعامل مع متغيرات الواقع وظروف الحياة السياسية والوطنية ، وفق المرجعية الشرعية الإسلامية .
الحقيقة الثالثة:
ما ذكرناه في الحقيقتين السابقتين يجعلنا نفسّر دعوة الدكتور النفيسي – ما بين السطور - على أنها دعوة لتعزيز تنظيم الجماعة ليواكب الزخم الشعبي والالتفاف الجماهيري حولها ، لا القول بحله ، إذا أذن لي معاليه بهذا الأخير .
والله من وراء القصد .