أردوغان والسيسي يوقعان اتفاقيات استراتيجية كبيرة بمناسبة اليوبيل الفضي لتوليه مقاليد الحكم...زعيم خليجي يصدر عفوا عن مئات المحكومين كويكب يضرب الأرض خلال ساعات.. والعلماء يحددون بأي دولة سيسقط الحوثي يسرق اليمنيين بأسم النبي.. هذا ماحدث في مديريتين من مديريات صنعاء فقط كارثة غير مسبوقة.. انفجار وشيك للناقلة النفطية (سونيون) في البحر الأحمر وزير في الحكومة الشرعية يوجه نداءً هاماً لجميع اليمنيين في الداخل والخارج مسؤول حكومي يعري الاعترافات المُفبركة التي تنشرها مليشيا الحوثي لنخبة المجتمع في صنعاء إغلاق مصانع وإلغاء وظائف.. ما الذي يحدث في قطاع السيارات الأوروبية؟ الكشف عن أكبر صفقة فساد جديدة في دولة عربية بقيمة 18 مليار دولار ضربة موجعة وغير متوقعة… مانشستر سيتي يقطع الطريق على ريال مدريد
منذ وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الحكم في تركيا، والمحاولات الأوروبية الأمريكية لا تفتر عن الإطاحة بحكمه، سواء عبر الانقلابات العسكرية المباشرة، أو عبر دعم المعارضة في الانتخابات التركية.
لم تحقق هذه الدول أياً من أهدافها في الإطاحة بالرجل رغم الاحتشاد العالمي ضده بكل الوسائل، واستنفار كل وسائل الإعلام لمحاربته ودعم معارضيه. بقي طريق واحد فقط للتعامل معه، وهو طريق ناجع إلى حد ما تستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا مع خصومها على الدوام إن هي لم ترد الدخول في مواجهات مباشرة.
هذا الطريق هو طريق الاحتواء، وهي سياسة مبتكرة ونظر لها جورج كينان أثناء الفترة الأخير من الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي. استوحى كينان هذه السياسة من النظرية الثورية في التقاليد القيصرية، واقترح احتواء هذا الضغط بـ"قوة مضادة".
فمفهوم الاحتواء الذي ما يزال ناجعاً برأيهم يطبقونه مع الدول والأنظمة التي لم يستطيعوا كسرها، كما هو الحال مع روسيا من قبل، أو إيران بعدها وإلى اليوم، ومؤخراً يستخدمونها مع تركيا والرئيس أردوغان. بعد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1990 كثفوا من استعمال هذه النظرية (الاحتواء)، ليخترعوا عدواً جديداً في مواجهته، وهو الإسلام. هو يرون أن أردوغان يمثل واحدة من أدوات الإسلام الحديث التي يجب أن تتوقف. عيون الغرب دوماً على الشرق الإسلامي، وعقولهم وأفكارهم دوماً لا تتجاوز حادثة حصار العثمانيين لفيينا، وهذا ما عكسته كثير من سياساتهم تجاه الشرق.
فوليام. س. ليند، الذي عمل من قبل مستشاراً لمرشح الرئاسة الأمريكي غاري هارت، كان يحذر دائماً من أن إشكالية الانهيار السوفييتي قد تنطوي على احتمال أن تقوم الجيوش الإسلامية بمحاصرة بوابات فيينا من جديد. وكان بيتر جينكز، المندوب البريطاني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية يرى مشكلات العصر في ضوء صراع يعود الى ستة قرون ونصف، وأن رد الإسلام هو شغل أوروبا الشاغل منذ عام 1354 حين سقطت غاليبولي وحتى آخر مناسبة وقف فيها الأتراك على أبواب فيينا عام 1683، إنها من جديد الشغل الشاغل في وجه الثورة الإسلامية، كما يقول.
إنهم يرون هذه الصورة في سياسة الرئيس أردوغان، فهم يخشون من عملية إحياء الإمبراطورية العثمانية من جديد، فصورة حصار العثمانيين لفيينا لم تبارح مخيلتهم. لذلك، وبعد محاولات شتى للإطاحة بأردوغان من الحكم مرات عديدة عبر الانقلابات، ومرات عبر الانتخابات، هم يبادرون إلى سياسة الاحتواء المؤقتة معه، خاصة بعد فوزه مرة ثالثة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
تعتبر الإمارات العربية المتحدة بوابة خلفية للمشروع البريطاني في المنطقة، ولهذا نفذ الأوروبيون لأردوغان من هذا المنفذ، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة. من المعلوم لدى الجميع أن محمد بن زايد أحد داعمي انقلاب 2016 على أردوغان، وحيث فشل الانقلاب، كانت المحاولة الأخيرة عبر دعم مرشح المعارضة كليشدار أوغلو، لكن مع فوز أردوغان سارع بن زايد لتهنئته على الفوز قبل الجميع، ولم يكتف بذلك بل كان أول رئيس عربي يجري لقاءً رسمياً مع أردوغان قبل أيام، وتوقيع اتفاقات استثمارية واقتصادية بعشرات مليارات الدولارات.
هذه الخطوة أثارت استغراب جميع المتابعين لسياسة الرجلين ولصداقتهما اللدودة، وليس كما يقال سياسياً لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، بل مصالح متبادلة! هذه المصالح، وهذه الأموال التي دفعت كاستثمارات إماراتية في تركيا تندرج ضمن المشروع البريطاني/الأوروبي العام في سياسة الاحتواء التركي، فهي مقابل تكبيل أي مشروع تركي يتوجه نحو الجزيرة العربية، ويقطع الطريق على أي تحالف مع تركياً مستقبلاً؛ خاصة في الخليج واليمن والسودان.
من المعلوم أن الحضور الإماراتي في السودان كان على حساب الحضور التركي، والحضور التركي في الصومال أيضاً جاء على حساب الحضور الإماراتي، لكن وحتى لا يتمدد المشروع التركي نحو اليمن كمنطقة مرشحة لهذا الوجود، وحتى لا يكون على حساب الحضور الإماراتي القوي المتحكم في الجنوب والغرب كممثل للمشروع البريطاني الممسك بخيوط اللعبة السياسية في اليمن، تم تفعيل سياسة الاحتواء هذه بأموال كثيرة قد تكون أكثر مما ستجنيه تركيا من أي تدخل في المنطقة.
في الحقيقة هو ثمن بديل ومغرٍ لتركيا مقابل قطع الطريق عليها، خاصة إذا ما علمنا البرجماتية للرئيس التركي لتحقيق مصالح بلاده قبل كل شيء، وهو أيضاً سيخفف الضغط عليه في المواجهات السياسية المستمرة سواء على الأرض التركية أم خارجها. على الرغم من أن تركيا لا تستطيع أن تجازف بأي تدخل أو تمدد في اليمن التي باتت مسرحاً للقوى الدولية، إلا أن تصريحات أردوغان بين فترة وأخرى، أو التلميح لليمن يثير حساسية شديدة لدى تلك الدول، وهنا سيكون المحك الحقيقي لصدقية هذه العلاقات، إذا ما حاول أردوغان التمدد جنوباً في الجزيرة العربية.