كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية صحيفة عبرية: ''إسرائيل كانت تتواصل مع بشار الأسد عبر واتساب'' بمشاركة دولية.. الإخوان المسلمون يقيمون مجلس عزاء الأستاذ يوسف ندا
مأرب برس – لندن – خاص
استفزني أمس خبر تناقلته كثير من المواقع الإخبارية اليمنية عن رغبة خليجية بإبعاد عبد القادر باجمال رئيس الوزراء من منصبة نقلها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية للرئيس علي عبد الله صالح خلال زيارته الأخيرة لليمن الذي أعلن خلالها عن تأجيل انعقاد مؤتمر فرص الاستثمار أمام الشركات الخليجية من مطلع فبراير المقبل إلى شهر فبراير المقبل ، ولم يقتصر الطلب الخليجي في تغيير أرفع منصب سيادي بعد رئيس الجمهورية ( رئيس الوزراء ) بل أنهم وحسب تلك المواقع الإخبارية قدموا قائمة بأسماء بعض الوزراء المطلوب إبعادهم في التعديل الحكومي المرتقب .
الخبر نشر في مواقع صادرة في اليمن ومستندة إلى مصادر وثيقة الاطلاع في الدولة ، بمعنى أن السلطة هي وراء تسريب الخبر وهي التي وبسذاجة مسربيها من مستشاري الرئيس يريدوا إن يقنعوا الشارع إن باجمال هو العائق أمام التنمية ، وهو الفاسد الوحيد في اليمن وبشهادة دول الخليج المانحة التي طلبت رأسه مقابل استمرار المساعدات المالية ، وان تأجيل مؤتمر رجل الأعمال الخليجيين في اليمن لمدة شهرين كان شرطا للتأكد من استجابة اليمن لهذا الطلب .. ما يجعلني مقتنعا بأن الطلب الخليجي هذا حقيقي وأن باجمال هو كبش الفداء الذي ستقدمه الدولة قربانا لإرضاء دول مجلس التعاون هو صمت السلطة وعدم نفيها للخبر بعد ساعات من نشره بل أنها نفت خبر التشكيل الحكومي ولم تنفي خبر الطلب الخليجي بإزاحة باجمال او موقفها منه ، والصمت كما هو معروف تأكيد للخبر الذي أصبح حديث الناس حتى خارج اليمن .
لقد أصبحت اليمن ومنذ تسريب الخبر وحتى تنفيذه ليست تحت الوصاية المالية للمساعدات التي حصلت عليها بلادنا من مؤتمر لندن والتي ستدار عبر صندوق هي تشرف عليه ، بل لقد انتزعت السيادة أيضا ولم يبقى لمن هم على رأس الدولة إلا تنفيذ ما سيطلبه العطية الذي سيأتي إلى صنعاء عقب كل اجتماع وزاري لدول المجلس لتقديم طلبات على اليمن تنفيذها وإلا ستتوقف المساعدات وستطلب من الشركات الخليجية مغادرة اليمن .
ربما يسخر من هم في السلطة على رؤية كهذه ولكنهم ليسوا ببعيدين عن تنفيذها وقريبا جدا إن استمرت سياسة إملاء الشروط على اليمن سنجد أن العطية هو من يسير الدولة وليس غيره ، وتسريب شائعة إبعاد باجمال من منصبه بعد لقاؤه بالرئيس في عدن وعدم نفي من هم حول الرئيس هذه الشائعة هو موافقة مبطنة على طلب العطية الذي لم يبادر من جانبه تكذيب الخبر .
فالسيادة المنزوعة من السلطة في اليمن سمحت للآخرين بقتل مواطن يمني داخل بلده في مأرب بحجة انتماؤه لتنظيم القاعدة وتحت ذريعة التعاون مع الخارج في مكافحة الإرهاب ، هي نفسها التي تنتزع من الدولة قرارها في إقالة رئيس الوزراء وتغيير الحكومة ، ومن يعتقد بعد اليوم أن لليمن سيادة عليه أن يدلل عليها ويقول لنا ماذا تعني السيادة بالنسبة له عندما يأتي قرار إبعاد وتعيين رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة من الخارج وبحجة مواصلة الدعم المالي وفتح الأبواب لتدفق الشركات الخليجية الى اليمن لان رئيس الوزراء فاسد ولا يصلح للمنصب ..
بهذا يكون باجمال هو كبش الفداء الذي تضحي به الدولة مرتين بسبب أوامر العطية التي تمثل الإجماع الخليجي .. أولا عندما أقصي من رئاسة وفد اليمن إلى مؤتمر لندن للدول المانحة لأنه فاسد ولن يثق العالم بأي تعهدات يقدمها ، ولكنهم قبلوا تعهدات رئيس دولة الفساد العربية الأولى والذي يقود حزبا هو سبب الفساد في اليمن وهو من أوصل حال المواطن في الداخل وسمعة البلد في الخارج الى هذا المستوى .. ثانيا عندما اشترطت دول الخليج ( حسب التسريبات غير المنفية من السلطة ولا الحزب الحاكم أيضا ) بإخراج باجمال من منصبه كشرط أساسي لتطبيق مقررات مؤتمر لندن . فعن أي سيادة تتحدثون وعن إي قيمة للإصلاح في ظل دولة تدار عبر صندوق للوصاية بسبب الفساد التي نخرها ، وأصبحت ألان منقوصة السيادة بعد شرط إبعاد باجمال وتغيير الوزراء ، فماذا تبقت لرئيس الدولة من صلاحيات ؟.
لقد قدمت المواقع الإخبارية التي تسارعت في نقل خبر إقالة باجمال او ان التغيير المرتقب سيخرج رئيس الوزراء من منصبه كشرط خارجي وكأنه مكسب كبير سيخلص اليمن من أزماتها .. صحيح أن باجمال يعد أحد أركان الفساد في النظام اليمني ولكنه ليس هو مهندسة ولا هو حاميه ولا هو المدافع عن قافلة المتنفذين الفاسدين في السلطة .. باجمال كبر بفساده عندما دخل " مستنقع الفساد " وعندما وجد أن الأمور سايبه طالما أن الشرط يقضي اقتسام الغنائم لا الاستحواذ عليها ، ومن يتجرأ على الاستحواذ فيغرق ويذوب وينتهي داخل ذلك المستنقع .. فالفساد موجود قبل وجود باجمال الذي تحول إلى واجهة له فقط ، أفاد واستفاد ونفع واستنفع .. هل باجمال هو سبب هروب كل الشركات من اليمن .. هل باجمال هو الذي يعطي الأوامر للعسكر والمتنفذين للبسط على الأراضي ، هل باجمال وراء أسماء المتنفذين الموجودين كشركاء مع شركات النفط ، العالمية ، هل باجمال أبتلع كل مؤسسات ومصانع الدولة في الجنوب بعد حرب 94 ، هل باجمال يملك سلطة قرار إبعاد حتى وزير في حكومته .
فهل باجمال يملك 16 حسابا شخصيا في البنك المركزي
وهل باجمال هو المتصرف والمالك للمؤسسة الاقتصادية العسكرية
وهل باجمال يملك الأرصفة والموانئ في الصليف التي تستخدم لعمليات التهريب
وهل باجمال هو الشريك الخفي مع غالبية البيوت التجارية في اليمن
وهل باجمال من يدفع مرتبات للجنود في المحور الشرقي بعملة محلية مزيفة
وهل لباجمال سلطة على المحافظين القادة العسكريين في المحافظات الذين يطفشوا بالمستثمرين بشرطهم المشاركة معهم مقابل الحماية .
صحيح أن إبعاد باجمال من أجل مكافحة الفساد يعد قرارا صائبا ، ولكنه يبقى قرارا ظاهريا فقط لان الفساد معشش في رأس السلطة التي تتحمل كل كوارث البلاد .. فهل باجمال هو من يعطل قيام دولة المؤسسات ، وهل هو من يتحمل اتخاذ القرارات الإستراتيجية والمصيرية لهذه الأمة ، لا أعتقد ذلك ، ومن هلل وكبر بتسريبات إبعاد رئيس الوزراء إنما أراد من خلالها إعطاء للخارج صورة مغالطة لإخطبوط الفساد في اليمن .. فالشعب يعرف ويدرك تماما أنه وبخروج باجمال لن تنتهي مشاكلنا ، لان الوجع في الرأس ، وإذا أستمر ألم الرأس لن يجد الجسد العافية .
لا أدافع عن باجمال في مقالي هذا ولا أريده أن يفسر كذلك ، ولكن من يعرف حقائق وبواطن الأمور في بلادنا فلن ينساق وراء تسريبات السلطة حول قرار تغيير رئيس الوزراء ، فاليمن تتضاءل وتتشوه سمعتها في الخارج بسبب الفساد الذي تحول الى مؤسسة كاملة يصعب إجثثاتها بعمليات تجميل جديدة تزيد وجه اليمن تشوها بسبب كثرة القيام بعمليات التجميل والتي جرت وتجري على مدى 28 عاما .. فسيذهب باجمال وسيأتي أخر اما فاسدا ناشئا سيكتسب مهارات كبيرة عندما يدخل المستنقع وتتلقفه حيتان الفساد التي ستتولى ترويضه أولا وتكبيره ، وإما سيأتي شريفا مصدقا أنه سيعمل على محاربة الفساد حتى تعترضه الحيتان فتقذف به إلى خارج المستنقع .
فاليمن والفساد وجهان لعملة واحدة صنعها نظام فاسد لا يزال يتشبث بسلطة تتلاشى من تحت قدميه يوما بعد يوم .. بدأ بالوصاية المالية ثم انتزاع السيادة بقبول املاءات الخارج .. السؤال ماذا تبقى للسلطة في اليمن؟ .
صحافي وكاتب بريطاني – يمني مقيم في لندن