حرب صنعاء مع الحوثيين المنطلقات والأبعاد
بقلم/ فارس السقاف
نشر منذ: 14 سنة و 11 شهراً و 15 يوماً
السبت 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 04:47 م

لم يكن أحد يحسب أن اندلاع المواجهات المسلحة بين الدولة اليمنية المركزية، وجماعة الحوثيين في محافظة صعدة شمال اليمن بادئ الأمر في 20 يونيو / حزيران 2004م ستتواصل لسنوات، وأن تتجاوز حدودها إلى تخوم المملكة العربية السعودية، بل وجرها طرفاً في الحرب السادسة الدائرة منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر لتكتسب بذلك بعداً إقليميا إن لم يكن دولياً .

وفي هذه المرحلة تستدعي الذاكرة الحرب بين الملكيين والجمهوريين في أعقاب انتصار ثورة 26 سبتمبر 1962 ووصول تأثيراتها إلى حدود السعودية، ومن محافظة صعدة ذاتها قبل أربعة عقود والتي انتهت بالمصالحة في العام 1970.

الفارق بين الزمنين وسياقاتهما كبير ومختلف، ولكن كيف بدأت جماعة الحوثية وتطورت حتى وصلت إلى أن تكون قوة بهذا الحجم؟

ما قبل ساعة الصفر

من كان يتابع كل التحركات وهي ما يمكن عنونتها "إرهاصات الحرب" بين الدولة ومشروع النفوذ الحوثي سيلاحظ أنها ممهدات للمواجهات لاسيما بعد أن مسّت اختصاصات الدولة وسلطتها المحلية الصميمية والمتمثلة في:

- الاعتداء على المؤسسات الحكومية في مديرية حيدان.
- منع دفع الزكاة للسلطة المحلية وتولي جبايتها.
- اقتحام المساجد بقوة السلاح وترديد شعارات غريبة على طبيعة المساجد.
- الدعوة للخروج وجهاد الباطل بالإعداد لمواجهة النظام الحليف للأعداء.
- تمجيد ثورة الخميني, وحزب الله اللبناني.

وقد سبق ذلك خروجهم عن جلدهم الزيدي والخلوص إلى جماعة لا تخضع ولا تتبع أي كيان بل هي تتميز عنها وتعلو عليها قائدة لما سواها.. وذلك عبر النقد الموجه لجوهر المذهب وأعلامه السابقين واللاحقين بالقول في كتاب "دروس من هدي القرآن الكريم" (.. إن الزيدية ليست مخلصة في ولائها لأهل البيت, وإن الإسماعيلية والجعفرية أفضل في هذا الجانب) واعتبار "علماء الزيدية متبطلين".

إذن وبعد هذا الإعلان الصريح فلتبدأ ساعة الصفر حرباً مسلحة مع السلطة المحلية بصعدة لتتسع من بعد مواجهة شاملة مع قوات الدولة.

لم يكن حسين الحوثي يحتاج سوى حجة واهية لإشعال الحرب وجدها في الهجوم على حاملة جنود توجهت إلى مقر إقامته للتحقيق في شكاوى مواطنين، فقتل ستة جنود منهم وهنا بدأت الحرب المسلحة الشاملة في 20 يونيو/ حزيران2004 ثم انهالت من بعد حرب كبرى تلد أخرى.. حتى الحرب السادسة الدائرة حالياً، ولم تتوقف بل توسعت إلى حدود السعودية لتدخل الأخيرة بعد أكثر من ثلاثة أشهر طرفاً في الحرب في 3 نوفمبر تحديداً استخدمت الأسلحة المختلفة جواً وبراً وبحرا ًفي النهاية.

سلسلة حروب صعدة

رقم الحرب

تاريخ بداية الحرب

السبب والنتيجة

نهاية الحرب

الأولى

20 يونيو 2004

قامت السلطة المحلية بتحريك حملة إلى مران معقل حسين الحوثي بعد شكوى مواطنين فقام أتباع الحوثي بقتل 6 جنود.. ثم توالت الحملات إلى أن اندلعت حرب شاملة.

10 سبتمبر 2004

بمقتل حسين الحوثي

الثانية

19 مارس 2005

تم استدعاء بدر الدين الحوثي إلى صنعاء للتباحث ووضع في إقامة جبرية لفترة قام بالهرب بعدها دون أن يقابل الرئيس. فشنت الدولة حربها على معاقلهم في صعدة

12 أبريل 2005

الثالثة

12 يوليو2005

بعد مناوشات اندلعت الحرب بقيادة الابن الأصغر عبد الملك الحوثي

28 فبراير 2006

لتهيئة مناخات آمنة للانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2006

الرابعة

27 يناير 2007

قامت الحرب هذه المرة على خلفية اتهام الحكومة للحوثيين بطرد اليهود من محافظة صعدة (آل سالم) والعمل على الانفصال عن الدولة

2 فبراير 2008

بعد تدخل قطر والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ولكن لم تعمر سوى أسابيع

الخامسة

مايو 2008

 مناوشات واتهامات الدوحة بحرب مديدة وتميزت هذه الحرب بتوسع الحوثيين حتى وصلوا مديرية بني حشيش على مداخل صنعاء وحرف سفيان- عمران

17 يوليو 2008

بإعلان الرئيس وقفها وذكرى توليه الحكم الثلاثين

السادسة

11 أغسطس2009

3 نوفمبر 2009 دخلت السعودية طرفاً في الحرب من حدودها الجنوبية

مناوشات ومواجهات محدودة تطورت إلى حرب

لا تزال مستمرة بل توسعت لتدخل السعودية طرفاً

إذا توقفنا برهة مع هذا التحول وقد تجاوزت الحرب اليمنية حدودها, فإننا أمام انعطافة دراماتيكية.. كيف حدث هذا التحول ؟ ومن المستفيد من إقحام السعودية في الحرب, وهل كان مخططاً له ؟ وما مدى تأثيرات ذلك؟ وسيناريوهات المستقبل؟

يبدو أن الحوثيين نجحوا في إعادة رسم الهلال الشيعي في سماء حدود السعودية الجنوبية على مدى البصر من "نجران" و"جازان" حيث تسكن في نجران طائفة الإسماعيلية الشيعية (700 ألف) وأقلية زيدية تعد بالمئات وفي المنطقة الشرقية الملاصقة المتواصلة مع نجران وجازان الحدود الملتهبة مع الحوثيين يقطنها مئات الآلاف من الشيعة الاثنى عشرية (القطيف والإحساء) وهي منطقة ترقد على مخزون نفطي هائل. وتتسم علاقة حكومة المملكة وهذه الطائفة بعلاقة شك وحذر ومواطنة متمايزة أحد عناوينها العداء مع الوهابية كما يطلق عليها خصومها الشيعة ويدعونها، وهي التي تحاول تكريس زعامتها الدينية على جماعة أهل السنة.

خلع البعد الإقليمي على الحرب

ويحاول الحوثيون منذ الحرب السادسة لفت الانتباه إلى دور سعودي في مساندة القوات اليمنية ضدهم, وتوفير منطلقات في الأرض السعودية لاستهداف جماعتهم، وهي في ذلك تهدف إلى جر السعودية لتكون طرفاً في الحرب حتى تدّول الصراع بما يسمح بدخول أطراف أخرى وفي الصدارة إيران, إضافة إلى كف يد العون المادي السعودي للحكومة اليمنية في قتالها ضدهم بعد أن انتظروا حدوث عجز في تمويل الحرب من خزينة الدولة فتلحق خسارة الحرب بها مما يضطرهم لإيقافها والتسليم بشروطهم بالأمر الواقع.

وقد عمد الحوثيون بعد دخول السعودية على خط الحرب إلى إكساب حربهم معها التأييد الشعبي معتمدين على وضع أنفسهم في موقف الضحية لقوة السعودية المتربصة بهم بدوافع مذهبية وطائفية؛ وهذا التأييد المتوخى قد يمتد إلى المحيط العربي والإسلامي من بعد ذلك، وانتهاء بالمحيط الإنساني من خلال معاناة النازحين، ولهذا تقاطرت دعوات الوساطة والمصالحة والمؤتمرات لإيقاف الحرب مؤخراً.

لقد أضحت القضية قضية رأي عام دولي ضاغط للحل بالتسوية بعد أن نجحت الحكومة اليمنية في إغلاق منافذ الوسائط الإعلامية، ورفض كل مبادرات إنهاء الحرب على كل المستويات، على أساس أنها قادرة على الحسم عسكرياً وحتى بالتسليم الكامل من الحوثيين لشروط المبادرة الحكومية الخمسة التي أطلقت بداية الحرب السادسة في أغسطس/ آب 2009 والقاضية في مجملها بتسليم المواقع والعتاد العسكري والخضوع للسلطة المحلية.

وفي سبيل كسب التأييد الشعبي الداخلي في اليمن فإن الحوثيين يحاولون تحريك عواطف اليمن تجاه السعودية بالضرب على إيقاع الوطنية بتّصوير أنفسهم مدافعين عن السيادة التي تخرقها القوات السعودية بالتحرك في الأرض اليمنية واستهداف يمنيين فيها، محاولة التذكير بنسبة تلك الأراضي إلى اليمن تاريخياً ضد الترسيم الحدودي النهائي في يونيو 2000.

رغم هذه التضمينات التاريخية والعاطفية إلا أن الحوثيين لم يفلحوا في إيصال هذه الرسائل يمنياً وعربياً، ودولياً.

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن فإن الحوثيين كشفوا عن أطماعهم التوسعية حين تجاوزوا حدود سكناهم في مديريات محدودة من مديرات محافظة صعده الـ15 إلى محافظات أخرى عديدة ليست مقراً لإقامتهم حتى اقتربوا من تخوم العاصمة (بني حشيش).

وهناك على الطرف الآخر زحفهم إلى حدود السعودية الجنوبية مما أسقط دعواهم المكرورة (الدفاع عن النفس) لاسيما بعد أن ظهر التسليح والإمداد والتدريب ليؤكد مشروع الدويلة الواقعية الحاكمة.

ثم إن دعوتهم المتمحورة حول الحق الإلهي في الحكم وأفضلية تمثيل الدين في سلالتهم (البطنين) ظهرت بشكل جلي في تصريحاتهم وردودهم، وبلغت كل المتلقين بوضوح ولم تجد قبولاً ولا رضا.

إن الذريعة لإقحام السعودية في الحرب هي معلومات مؤكدة تمثلت في تسلل الحوثيين والاعتداء على السعودية فكان الرد الطبيعي، وبالتالي لم يعد مقبولاً أن السعودية دبرت الانخراط في الحرب، وقد تستثمر السعودية ذلك لتحقيق مكاسب فهذا حقها انطلاقاً من تقديراتها وبتوافق مع تقديرات وحسابات يمنية.

أما وقد توالت تصريحات المسؤولين الإيرانيين المتعاطفة مع الحوثيين واعتبارهم شيعة، وتناصر الحوزات والمرجعيات وعرض الوساطات، فقد بدا واضحاً أن إيران بشكل وبآخر تدعمهم وإن لم تُقدّم الأدلة القاطعة على هذا الدعم في جانبه المادي، إذا استثنينا الدعم الإعلامي والسياسي.

ومادام الصراع في اليمن جر إلى دائرته أو حوّم حول حماها هذه الدولة الإقليمية الكبرى إيران بعد الاصطفاف السعودي مع اليمن بشكل غير مباشر وأخيراً مباشرة، فإن ذلك يستدعي مراكز دولية معتبرة وملحقاتها من الأطراف بالضرورة.

فإيران هي اليوم محور الصراع المتفاعل دولياً في منطقة الخليج والشرق الأوسط الحيوية بعمقها الإستراتيجي ومكوناتها الدينية والمذهبية والإثنية، وبمخزون ثرواتها الهائلة المستدامة.

أميركا أبدت قلقها، ودعت إلى عدم اللجوء إلى العنف والحوار السلمي. الاتحاد الأوروبي سار على ذات الموقف الأميركي.

وهذا هو الموقف الأخير لهما، وقد كان في بادئ الأمر يعطي الحكومة اليمنية حق إنهاء التمرد مع دعم وحدة اليمن واستقراره، وبقيت الولايات المتحدة الأميركية في عدم موافقتها على تصنيف الحوثيين في خانة (الإرهاب) رغم شعاراتها (الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل) وأخيراً أبدت عدم قناعتها بوجود أدلة تثبت تورط إيران في دعم الحوثيين.

يثير هذا الموقف الأميركي شكوك بعض المراقبين الذين يذهبون إلى احتمال استخدام هذه الأوضاع المضطربة ورقة ضغط على الرئيس صالح لتقديم تنازلات والقبول بتسويات ما بعد "الفوضى الخلاَقة" والتسليم بالحلول الأميركية في مواجهة حكم الرئيس بتحالفاته القبلية والدينية المناقضة للمصالح الأميركية.

وإلحاقا بالموقف الأميركي فإن الحضور الإيراني في مشهد الحرب اليمنية وتحقيق مكاسب عسكرية ميدانية وسياسة لحليفتها الحوثية يثير الفزع الإسرائيلي بعد أن تمدد النفوذ الإيراني في لبنان (حزب الله) وفي فلسطين عبر حماس، وفى العراق (مليشيات المهدي).

من المستفيد من دخول السعودية؟
منذ الأيام الأولى لدخول السعودية طرفاً في الحرب واتساع نطاق المواجهات طرح التساؤل الكبير: من خطط لاستدراج السعودية؟ هل السعودية كانت مستعدة لهذا التحول وجاهزة لتطور كهذا؟ وهل كانت ردة فعلها -وهي حق سيادي لها- على مستوى الفعل أم أنها بالغت فانزلق الوضع إلى هذا المدى؟.. باختصار من المستفيد؟

لنبدأ باليمن, ولنسلّم أنها لم تكن المدبّر لهذه المشاركة في فصول الحرب معاً ضد الحوثية، ولكن ستكسب دعماً فاعلاً رسمياً بعد أن دعمت في إطار التفاهمات الأمنية دون الولوج في استخدام القوات المسلحة السعودية.

وهي نقلة نوعية، ودفعة قوية للجهود اليمنية في معركتها الطويلة مع الحوثيين بعد أن ظهر جلياً أن الخطر الحوثي يشمل الجميع وأنه حقيقي وجاد.

إيران والحوثيون يمكن وضعهما في خانة واحدة نظراً للخيط الرابط بينهما، إذ أن إيران تتوفر حولها القرائن المشيرة لدعم سياسي ومالي وإعلامي وإن لم تصل إلى مرتبة الأدلة الدامغة.

وفي ضوء ذلك فإن الحوثيين أرادوا أقلمة الصراع وتدويله ليصبحوا رقماً في المعادلة السياسية الحاكمة بما توفر لهم من مكاسب على الأرض ستبقي بعد أن ينقشع غبار الحرب في التسويات اللاحقة.

وقد وجدت إيران في الحوثيين وقد وصلوا إلى هذا المدى المهدّد للسعودية ودول الخليج ورقة رابحة تمكنَها من اللعب بها في نزاعاتها وحضورها كلاعب إقليمي يحسب له ألف حساب.

وهي –أي إيران– فازت بنفوذ في المناطق التي وصل إليها الحوثيون مشكليّن رأس حربة في خاصرة السعودية، وتسمح لها بموقع إطلالة على البحر الأحمر بعد أن تناقلت وسائل إعلامية معلومات (لم تتأكد) عن إقامة إيران معسكرات تدريب الحوثيين، ووجوداً في الجزر الإريترية وفي عصب، وهي معلومات تواترت مع مساع حوثية لضمان السيطرة على ميناء ميدي اليمني لضمان وصول إمدادات عسكرية.

أما السعودية فهي تريد أن تقطع بقوة جرأة إعادة المحاولة للاعتداء عليها مرة أخرى.

ولا ريب أن المملكة تعاني كثيراً على امتداد الحدود المقدّرة بـ1500 كلم إذ تنفذ منها موجات متواصلة من تهريب الأسلحة والمخدرات وسواهما من السلع خارج إطار القانون ناهيك عن تسلل اليمنيين وسواهم عبر الحدود طلباً للعمل داخل المملكة.

وما هو أخطر من كل ذلك هجمات القاعدة المتلاحقة عبر هذه الحدود الطويلة، ولهذا فقد وجدت في اشتعال الحرب مع السعودية ثغرات جديدة للتسلل بسبب انشغال السلطات السعودية بيوميات الحرب مع الحوثيين.. وهناك يمكن ملاحظة التقاطع بين الحوثيين والقاعدة في غاية إضعاف النظامين السعودي واليمني.

بسبب كل ذلك فإن السعودية ستجد نفسها مضطرة لتحقيق مصالحها عبر تأمين حدودها بشكل قانوني في صورة اتفاقات، وتحصين مناطق فاصلة بين اليمن والسعودية أعمق وأبعد.

وأخيراً لن يكون الحراك الجنوبي بعيداً عن ذلك، وهو المتفاعل والمتطور من العام 2007 بالمطالبة بمعالجة مشاكل المتقاعدين العسكريين في الجنوب ثم انتقاله في جزء من مكونات هذا الحراك إلى المطالبة بالانفصال عن الوحدة الناشئة في العام 1990، وإن كانت أجزاء أخرى من مكوناته خلصت إلى الحراك تحت شعار (التغيير لا التشطير) فهذا الحراك يرقب ما يجري في تطورات الحرب مع الحوثيين ليستقوي بضعف النظام وانهياره حسب توقعاته فيحقق مقاصده الانفصالية.

ومواجهة النظام مع هذا الحراك أضحت مؤجلة لكنه استحقاق سيجيء أوانه، وهو أحد مهددّات نظام الرئيس علي عبد الله صالح إلى جانب الحوثية والقاعدة والأزمة السياسية بين جماعات العمل السياسي (المعارضة) والحزب الحاكم في محك الاستحقاق الانتخابي البرلماني المؤجل إلى 2011.

وهو ما ينذر بفراغ دستوري حاد إذا لم يذهب الجميع إلى الانتخابات بعد الطريق المسدود الذي وصلوا إليه بعدم التوافق على إجراءات الانتخابات وسجلاتها ولجنتها الانتخابية ونظامها.

آفاق المستقبل
إزاء هذا المشهد المتطور بتداعياته، وتشكلاته المتلاحقة الداخلية وإطاراته المرتسمة في أبعاده وخلفياته الخارجية، يمكننا الإطلالة على مشارف مستقبل الحرب اليمنية الحوثية السعودية.

هناك فرق بين إنهاء الحرب، والحل النهائي لدواعي الحرب. فالحرب مع الحوثيين على طرفيها اليمني والسعودي يمكن أن تنتهي مهما طالت فصولها بحسم عسكري ينتهي بهزيمة قاضية حسب خطة الحكومة اليمنية والسعودية من بعد أو بنهاية تفاوضية تصالحية بوساطة محلية وطنية، أو عربية أو حتى عالمية.. وقد بدأت مع طول أمد الحرب وتزايد الضحايا وسواء كان توقف الحرب على قاعدة شروط الحكومة اليمنية والتي ستلتزم بها جماعة الحوثي (هكذا نفترض) أو بناء على شروط جديدة، فهنا يمكن احتمال أن يؤدي استمرار الحرب وطول أمدها وتجاوز حدودها إلى انهيارات غير محسوبة تنقل آثار الحرب إلى المراكز.

ولكن عودة الحرب ستكون محتملة في أي لحظة لأن أسباب الحرب والاختلاف لم تُعالج ولم تُجفف.

فالمطلوب عندها هو حل متعدد الأبعاد.. يتعامل مع جماعة الحوثي بأتباعه المسلحين وأسلحته وعتاده ومواقعه التي سيطر عليها بعد توقف الحرب. وهو لابد أن يجد طريقه في تحول الجماعة إلى حزب سياسي يدمج في النظام السياسي التعددي والمجتمع المدني. وستبقى أسباب الانفجار إذا لم تدمج الجماعة في بقية النظام السياسي، والأبعاد الأخرى هي ثقافية تعليمية تنموية واقتصادية.

والحل أيضا يكمن في اعتماد نظام حكم محلي حقيقي في المحافظات وفق تقسيم إداري جديد يضمن التداخل والتمازج الوطني.

وبهذا الحل يمكن مداواة الأزمات الأخرى على نهجه حتى يتجاوز اليمن محنه وتحدياته التي تكالبت عليه.

لا يزال في الوقت بقية لتدارك التداعيات واستدراك ما فات، وفي الجماعة الوطنية والحاكمة على رأسها قدرة وإمكانية، والمهم أن يبدأ شركاء العمل الوطني في اليمن. فهل نرى بدايات ذلك قريباً قبل فوات الأوان؟