السفير اليمني بالدوحة يبحث مع وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية تعزيز التعاون المشترك رئيس الوزراء يبلغ المبعوث الأممي بعد عودته من إيران: السلام لن يمر الا عبر المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً وزير دفاع خليجي يصدر بحقه حكم قضائي بسجنه 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار حكم قضائي بسجن وزير داخلية خليجي 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار . تعرف على القائمة الكاملة للأسماء الخليجية التي توجت في حفل Joy Awards 2025 بيان عاجل من مصلحة شؤون القبائل بخصوص هجوم الحوثيين على قرية حنكة آل مسعود .. دعوة للمواجهة بايدن: حشدنا أكثر من 20 دولة لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر .. هل سيصدق في استهداف الحوثيين تحركات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد اليمني .. والحاجة لمعركة وطنية يقودها اليمنيون بعيدا عن التدخلات ملتقى الفنانين والأدباء ينظم المؤتمر الفني والأدبي الثاني للأدب والفن المقاوم بمأرب بمشاركة أكثر من 100 دولة و280 جهة عارضة اليمن تشارك في مؤتمر ومعرض الحج 1446هـ بجدة
لقد آن الأوان لأن نعيد تعريف الأمية، فلم تعد تلك المفردة، في مفاهيم اليوم تعني الأشخاص الذين لا يعرفون القراءة أو الكتابة، بل اتخذت معنى جديداً في عصر العولمة الإلكترونية ممثلة بشبكة الانترنت والكومبيوتر. وكل من لا يستطيع السير في ما أسماه نائب الرئيس الأمريكي السابق آل غور بـ"السوبر هاي واي"، أي الطريق الإلكتروني الواسع، فهو بالضرورة أمي، حتى لو كان يتقن خمس لغات، ويقرأ صفحة في جريدة بدقائق معدودة، ويكتب صفحات بلمح البصر، أو يحمل شهادات عليا. لقد تغيرت وسائل الاتصال والمعرفة والثقافة بشكل لم يشهد له التاريخ مثيلاً، وبالتالي لا بد من اكتساب مهارات جديدة تماماً تناسب العصر، إذا كان لنا أن نجاريه، وننخرط فيه، ونتفاعل معه، ولا نعيش على قارعته.
كم كان أحد السياسيين في العالم المتقدم على حق عندما قال: "إن الإنسان الأمي الحقيقي في بلادنا هو ذلك الشخص الذي ليس لديه جهاز كومبيوتر يستطيع من خلاله أن يبحر في عالم الانترنت الهائل وينجز معاملاته الثقافية والحياتية كومبيوترياً وإلكترونياً". واعتقد أن ذلك السياسي كان مصيباً في تحليله، فقد انتقل الكثير من وسائل الاتصال والمعرفة والثقافة من الورق إلى شاشة الكومبيوتر. وقد اعترف تايكون الصحافة العالمي الشهير روبرت ميردوخ بأن "الصحافة الإلكترونية زلزال يهز عرش الصحافة الورقية". وقد توقع بيل غيتس صاحب امبراطورية "مايكروسوفت" للكومبيوتر والبرمجيات أن "أكثر من خمسين بالمائة من سكان العالم سيقرأون الصحف خلال خمسة أعوام عبر الانترنت". وإذا ظل الوضع كذلك فإننا قد نشهد زوال الصحافة الورقية شيئاً فشيئاً، ناهيك عن أن الكتب الإلكترونية تشهد رواجاً منقطع النظير. ولا ننسى أن سرعة البحث عن المعلومات وإيجادها على الشبكة العنكبوتية تجعل لعاب الباحثين والكتاب والصحفيين والمثقفين يسيل لدخول العصر الإلكتروني وهجر عالم الورق.
لقد انتقلت البلدان المتطورة من حالة معرفية إلى حالة معرفية أخرى، مع الإشارة طبعاً إلى أن ذلك الانتقال تم بعد أن تخلصت تلك البلدان من الأمية الأساسية تماماً منذ عشرات السنين، ولم يعد لديها شخص واحد لا يتقن القراءة والكتابة، فجاء الانتقال سلساً إلى العالم الإلكتروني الرهيب. أما نحن فما زال أمامنا ربما عشرات السنين كي نتخلص من أمية القراءة والكتابة قبل أن نفكر بالانتقال إلى دنيا التواصل الإلكتروني. أي أننا أصبحنا، بمقاييس اليوم، في مرحلة ما قبل الأمية الحديثة معرفياً، تماماً كما نحن في مرحلة ما قبل التصنيع صناعياًً وتكنولوجياً، خاصة وأن نسبة الأمية الأساسية في بعض الدول العربية مرعبة بكل المقاييس.
لا عجب إذن أن دخولنا العصر الإلكتروني يبدو بطيئاً جداً ليس فقط بسبب نسبة الأمية الهائلة في بلادنا، بل لأن طلائعنا وقياداتنا الثقافية والسياسية المسؤولة مسؤولية مباشرة عن الفشل المخيف في انتشال السواد الأعظم من الشعوب من براثن الأمية، تحاول أن تلعب اللعبة ذاتها بالتباطؤ في فتح السموات الإلكترونية لمن استطاع إليها سبيلاً، هذا إذا لم تسدها وتحاربها، وكأنها بذلك تطبق نفس السياسة الغوبلزية والهتلرية المعروفة، فقد كان هتلر وأتباعه يقولون: "كلما سمعنا كلمة "ثقافة" كنا نتحسس مسدساتنا". بعبارة أخرى، فإن الثقافة والمثقفين في نواميس وأقانيم أنظمتنا العربية خطر يجب مقاومته بالحديد والنار. ولا أحد يلومها على ذلك، فلولا نسبة الأمية الهائلة في مجتمعاتنا لما تمكنت تلك الأنظمة من إحكام قبضتها على رقاب الشعوب والدول بتلك السهولة المهولة. فكيف تطلب من شعب يعيش بعقلية القرون الوسطى والقبلية الجاهلية أو ما قبل العصر الزراعي وثقافة الأنهار، كما يسميها كارل ماركس، أن يطالب بحقوقه وينادي بالتغيير والإصلاح والنهضة. طبعاً لن يفعل، وسنظل نرى الملايين من الأميين المغفلين تخرج لمناشدة هذا الزعيم أو ذاك كي يبقى في السلطة، لأنها ما زالت تعتقد أن شق طريق لها في هذه القرية أو تلك، أو حفر بئر ارتوازي يروي عطشها، أو إنارة بعض الطرق المظلمة كل عشر سنوات أو أكثر، أو تأمين الخبز بسعر مخفض هو منتهى أحلامها، إن لم يكن قمة الإنجاز البشري.
لا شك أن التغيير بأمة من الأميين عملية في غاية الصعوبة، هذا إذا كانت ممكنة أصلاً. لهذا فإن النهوض والتطور والإصلاح في بلادنا سيظل مرتبطاً بمدى تقدم تلك البلاد على طريق التربية والتعليم والثقافة، خاصة وأن نخبنا الحاكمة تستغل حالة الأمية والتخلف لكي تسهل عليها عملية الحكم، بدلاً من الارتقاء بمجتمعاتنا ووضعها في مصاف المجتمعات المتقدمة. لهذا فإن سلاح التعتيم والتجهيل سيظل مسلطاً على رقاب المجتمعات العربية إلى ما شاء الله.
هل يعقل أن نسبة الذين يملكون أجهزة كومبيوتر في العالم العربي، حسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة، نسبة متندية للغاية، إن لم تكن فضيحة ثقافية وتربوية بامتياز؟ هل يعقل أن نسبة المشتركين في شبكة الانترنت في العالم العربي لا يتجاوز الستة في المائة، بينما تبلغ في أمريكا مثلاً ثمانين بالمائة، ناهيك عن أن عدد مستخدمي الانترنت باللغة العربية لا يتجاوز بضعة ملايين في كل أنحاء العالم، بينما يزيد عدد مستخدمي اللغة الفرنسية على ذلك بكثير، مع العلم أن عدد سكان فرنسا حوالي ستين مليوناً، بينما عدد العرب أكثر من ثلاثمائة مليون. ولا داعي للمزيد من المقارنات العبثية.
فهل قدرنا أن لا ندخل عصراً حتى يكون الآخرون قد خرجوا منه إلى عصر أحدث؟