آخر الاخبار

واتساب يحظر الرسائل من هذه الحسابات تعرف على اللاعب الأكثر تسجيلا للأهداف فى افتتاحية الدورى الإنجليزى عبر التاريخ وزير الخارجية الأمريكي يعلن أن اسرائيل وافقت على مقترح وقف إطلاق النار ويتحدث عن الخطوة القادمة هيئة التشاور والمصالحة :جهود السلام والحالة الاقتصادية التي يمر بها اليمن تستدعي معالجات عاجلة من التحالف مسؤول حكومي رفيع يكشف حقيقة تلقي الحكومة مقترحات أممية لتوحيد العملة والبنك المركزي بيان مشترك لـ أكثر من 45 منظمة يدعو لتعليق العمل الأممي في مناطق سيطرة المليشيات قبائل لقموش بـ شبوة تحدد مهلة زمنية للكشف عن مصير أبنائها المخفيين منذ سنوات في عدن قيادي حوثي ينهي حياة مواطن رمياً بالرصاص والقبائل تنفذ هجوماً واسعاً على مواقع المليشيات رداً على الجريمة سلطنة عمان تكشف عن إجمالي أصولها السيادية .. تعرف على ثروة السلطنة المليارية وكالة الاستخبارات الأميركية توثق شيخوخة السكان حول العالم وتحدد سكان الدول الأكثر تراجعاً واليمن تتصدر ضمن اعلى الدول نموا في السكان

أن تكون إنساناً.. أو لا تكون!
بقلم/ روعة أوجيه
نشر منذ: 6 سنوات و 4 أشهر و 8 أيام
الأربعاء 11 إبريل-نيسان 2018 04:46 م
 

ما الذي يميّز الإنسان عن الحيوان؟ الحيوان يأكل، يتكاثر، يشرب، ينام.. كثيرون سيقولون إنّ الفرق هو أن الحيوان لا يفكّر. شخصياً أعتقد أنّ هذه نظرية مغرورة، مبنية على أن الإنسان متطوّرٌ فكرياً أكثر من الحيوان، قد يكون الحيوان يفكّر بطريقة مختلفة عنّا، لكن لا يمكننا الجزم بأنّه لا يفكّر. فنحن لا نقرأ الأفكار.

كيف نعرف أن الإنسان يفكّر أساساً ونحن نراه يتصرّف كالحيوان؟ وفقاً لغرائزه وشهواته؟ لأنّه يخبرنا بأفكاره؟ هي اللغة إذاً، لكن للحيوانات بفصائلها لغاتها أيضاً.

الفرق كل الفرق، برأيي، أن الإنسان استخدم اللغة ليتناقل معرفته ويطوّر هذه المعرفة ليبني عليها حضارات..

لم نكتفِ بالأكل والشرب والتزاوج.

طوال آلاف السنين، تطوّر الإنسان وارتقى، سافر، وتاجر، وبنى حضارات، واكتسب معرفة جديدة، وتفلسف، وتبحّر في أفكاره وفي أفكار غيره. فلماذا تريدون منّا اليوم أن نكتفي بالأكل والشرب، وبالزواج إذا سمحت لنا الظروف المادية، وأن نسكت؟

لماذا تريدون أن نحدّ حواراتنا بتبادل النكات، وترديد الأغاني الهابطة، ونقاش آخر حلقة من مسلسل تركيٍ رديء ما كان ليحقّق أرباحاً لولا أنّا دبلجناه؟

نحن، أمّة "اقرأ"، نحتلّ المراتب الدنيا من نسبة القراءة والمطالعة على مستوى العالم. التصنيفات ليست مهمّة في جميع الأحوال. لكن أن يأتي من يدعونا لنأكل ونشرب ونصمت كي لا نلقى الويلات بسبب أفكارنا، هذا مهمٌ جداً. هذا هو الأهم. هذا يعني أنّه هناك من يريدنا بصفّ الحيوانات. لا نتطوّر، ولا يسمع أفكارنا ولا يعرفها أحد حتّى لو فكّرنا.

من أين سيشرق هذا المستقبل ونحن نضحك على من يلتزم بدراسته ونصفه بالأهبل؟ ونضحك على من يطالع ونصفه بدودة الكتب؟ ونضحك على من يفكّر ونصفه بالمتفلسف بمعنىً سلبي للفلسفة؟

لو قرأنا التاريخ لعرفنا أن أوروبا لم تنهض إلا بعدما ثارت على الكنيسة. وهي لم تثر على الكنيسة لأنّها ناهضت الدين. بل ناهضت الكنيسة التي حرّمت القراءة على العامّة. كانت أوّل ثورة للمطالبة بالحقّ في قراءة الكتب. الحقّ في التفكير. حينها انتهت القرون الوسطى وبدأ عصر النهضة، ومن عصر النهضة انتقلت أوروبا إلى عصر التطوّر الصناعي.

فلماذا تريدون منّا أن ندفن تاريخ الغزالي والفرابي وابن سينا والخوارزمي وابن رشد، وأن نسير قدماً في نسختنا المدبلجة من القرون الوسطى؟ ربّما نحتاج لتعلّم تذوّق الفنّ لنتوقّف عن التعلّق بالمسلسلات الرديئة!

اتركونا من التاريخ. فلنبقَ في الحاضر اليوم. لا تقرؤوا التاريخ. فلنقرأ الحاضر. أمّةٌ عربية مشرذمة، تتناحر وتتقاتل. قدسها محتلّة، وأبناؤها يخوّنون بعضهم بعضاً. يقول لنا الغرب إنّه لن يساعدنا لأننا منقسمون، فننقسم أكثر. نسبّ الغرب لأنّه احتلّنا يوماً وتسبّب بأكبر مشاكلنا، ثم نركض نطرق أبوابه ليستقبلنا. نغلق أبوابنا بوجه بعضنا البعض، ثم نتّهم الغرب بالعنصرية لأنّه لا يفتح أبوابه لنا.

عندما يفوز واحدٌ منّا بميدالية نرفع رؤوسنا جميعنا فخراً، رغم أنّنا على الأرجح استهزأنا يوماً بكفاءاته إلى حين قدّرها غيرنا.. وعندما يسقط أحدنا نضع سوراً بيننا وبينه نخطّ عليه كل ما يفرّقنا عنه: دينه، لونه، مدينته، بلده، قبيلته.. عندما يستقوي أحدنا على الضعيف فينا، أغلبنا يقف في صفّ القوي ويطبّل له، ويبرّر له، ويغفل أنّ دوره آتٍ لا محالة.. ثم تقوم ذات الأغلبية بالبكاء لأنّها ضحية.

ضحية الزمن، ضحية الجغرافيا، ضحية مؤامرة كونية، لا يهمّ. المهمّ ضحيّة، كي لا تجرؤ الضحية الحقيقية على الشكوى. ضحايا جلادون.

نبكي على تاريخٍ أغلبنا لا يعرف عنه سوى بضع أسطرٍ رددها أمامه الكبار، أو ربما قرأها في كتب الدراسة المشوّهة.

نبكي على حاضرٍ أغلبنا لا يعرف عنه سوى ما سمعه من فتات نقاش دار على الطاولة المجاورة في المقهى حيث كان يلعب الورق.

نبكي على مستقبلٍ لا نعرف عنه سوى أنّه أسود. في هذا تبدو نظرتنا محقّة. فمن أين سيشرق هذا المستقبل ونحن نضحك على من يلتزم بدراسته ونصفه بالأهبل؟ ونضحك على من يطالع ونصفه بدودة الكتب؟ ونضحك على من يفكّر ونصفه بالمتفلسف بمعنىً سلبي للفلسفة؟ أساساً كيف يشرق مستقبلنا وأغلبنا يعتقد أن الفلسفة هي كثرة كلامٍ فصيح الشكل، خالي المعنى؟

أن تكون إنساناً هي أن تفكّر أولاً، أن تتعلّم، لتفكّر أكثر، أن تناقش، لتفكّر أكثر وأكثر.

أو لا تكون..