في العدين، مات الرجل بعد أن ذهب لشراء كيس ووجد سعره قد ارتفع على السعر الذي عرفه قبل أسبوع.. عاد إلى منزله فأصيب بنوبة ومات.
هذا ليس للمزايدة.. فالمزايدة أصبحت قوتا يوميا نطعمه من السلطة و المعارضة معا، لكن الأكثر قساوة أن تجد المواطن نفسه أمام اختبار عسير اسمه (كيس القمح).. مأساة لم تقتصر على ذلك الكيس ذي اللون غير المعروف فقط، بل ارتبط الأمر بكل شيء، من علبة الفول والزبادي الذي ينتج في مصانع شركات هائل وثابت وردمان وغيرهم إلى علبة حليب الشاي والحليب وحبة الشوكولاتة التي تكاد توازي حجم غلافها.
في 18 سبتمبر من العام 2006 كان الرئيس يمد صوته عاليا أمام مواطني محافظة رداع في البيضاء.. كان يتحدث عن اللقاء المشترك ويحذر الناس هناك مما وصفه بـ "الإشاعات المغرضة لأحزاب الحقد المشترك"..
أضاف: "لاصحة لما تروج له أحزاب اللقاء المشترك بأن هناك زيادات سعرية قادمة، ليس هناك أي إجراءات من هذه المزاعم على الإطلاق، فقد انتهت الجرع وإلى الأبد فهذا في رؤوسهم فقط، ولا وجود في سياستنا وخططنا أي إصلاحات قادمة".
ارتأى المحرر الاحتفاظ بصورة لواجهة موقع صحيفة رسمية تعلن على لسان الرئيس أن "عهد الجرع ولى ولا زيادات سعرية قادمة" فالأمر أصبح بمثابة النكتة المكررة التي أبكت بعدما أضحكت.
هي حمى الخطابات.. صفق الناس لها فطارت الوعود كبالونة صفراء تتلقفها الأشواك لتفقأ غرورها.
حين أنهى الرئيس خطابه كان سعر كيس القمح الاسترالي 2150 ريال وبعد شهر من الخطاب ارتفع إلى 2800 ريال بزيادة 650 ريالا.
حينها أوصت لجنة برلمانية خاصة بالموضوع ببناء صوامع ومطاحن للقمح لاستخدامها كمخزون استراتيجي ومنافسة الأسواق وتشديد المراقبة وتشجيع قيام جمعيات تعاونية وتوفير مادة الدقيق للأفران بأسعار ثابتة.
منذ ذلك الحين بلغ الارتفاع في سعر كيس القمح أكثر من 2000 ريال ومنذ الانتخابات أكثر من 2500 ريال.
تضطر الحكومة بعد صراخ وعويل من المواطنين لأن تعيد للمؤسسة الاقتصادية جزءا من مهمتها التي ضاعت مع مرور الأيام، تقوم ببيع القمح بزيادة 100 ريال على السعر الذي يصل به الكيس إلى الميناء، لكن المهمة تبدو صعبة بعض الشيء.. فالمؤسسة يتركز تواجدها في المدن الرئيسية، أما الأرياف وهي التي تحظى بكثافة سكانية رهيبة فهي تسمع أن الكيس القمح بـ 3700 عن طريق الراديو وتذهب للبحث عن كيس ولو بزيادة ألف ريال عن السعر المعلن.
حكاية مملة.. ووعود تقبر مابقي من آمال للناس في الحياة..الحياة فقط، وبأي شكل.
كأن همسا يدور في أوساط عديدة للرجوع قليلا إلى الوراء وإعادة دعم سلعة القمح.. يقول أحد الطلبة وهو ينتظر المسجل العام لأحدى الكليات: "ياجماعة معانا زلط في هذي البلاد مليان، بس لو ندري فين بتسير".
الدعم الحكومي لمادة القمح ربما يصبح مطلبا ملحا فالناس تساووا أمام الأزمة فصاحب الراتب الذي يصل راتبه إلى 30 ألف يقف حائرا أمام مايدور، والعاطل عن العمل توقف عن التفكير، لكنه ربما تدور في رأسه أفكار أخرى قد تكون "غير مشروعة" لكنها مجدية قليلا، على الأقل بالنسبة إليه.
المسألة تحتاج إلى تخفيض ميزانية المصروفات على جهة أو جهتين من تلك الجهات التي تذهب أموالها إلى جيوب معدودة وقليلة، وبدون ربط الأحزمة –طبعا- لأن غالبية المؤسسات الرسمية أصبحت مؤسسات ربحية كالجامعات والمدارس إلى جانب مؤسسات الدخل المعروفة.
ظهر وزير الصناعة الأسبوع الماضي يردد "إن ارتفاع الأسعار عالميا هو السبب وراء ارتفاع القمح" لكنه تراجع عن ذلك بعد أن قال الرئيس إن مجموعة من التجار مستغلين، فقال المتوكل بعده "مستغلين" وذلك على شاشة الفضائية.
نحن بحاجة لشيء من المنطق، وتفسير لماذا ارتفعت علبة الفول إلى 100 ريالا، وحليب الشاي الصغيرة إلى 70 ريالا، وعلبة الزبادي إلى 100 ريالا بل إن علبة مستحدثة نزلت وبسعر العلبة الصغيرة -سابقا- وبغطاء تم تغييره من قصدير إلى ورق كرتوني ولكل العبوات..علبة الزيت وتنكة السمن وكل شيء ارتفع سعره بالرغم أنها منتجات يمنية، ونحن نعلم أن البترول لم يرتفع لتشهد هذه الحمى.. أليس من المنطقي أن نعرف لماذا؟.
هذه الأرقام توضح داخل إطار إلى جوار أي مادة تابعة لموضوع القمح
أرقام
* 2.200.000 -ـ 2.300.000 طن احتياجات اليمن من القمح سنويا
* 500.000-ـ 700.000 طن احتياجات اليمن من الدقيق
* إجمالي الكميات المستوردة من بداية عام 2006 إلى شهر 10 بلغ (1.685.768)طن وفقا لبيانات تقرير برلماني استند على معلوماته على وزارة الصناعة.
* عدد الصوامع الموجودة حاليا في اليمن 8 صوامع 5 منها في الحديدة وصومعتين في عدن وصوامع صغيرة في عدن تتبع المؤسسة الاقتصادية تتسع لـ 600 ألف طن.
* عدد المطاحن 7 مطاحن 4 منها في الحديدة و3 في عدن وتبلغ إنتاجياتها كلها 3760 طن في اليوم.
الشركات المعروفة باستيراد القمح هي
شركة صوامع ومطاحن عدن الشركة اليمنية الدولية (الحباري) شركة صوامع الغلال المحدودة الشركة اليمنية للاستثمارات (فاهم) شركة السعيد للتجارة المؤسسة الاقتصادية مطاحن البحر الأحمر سالم محمد شماخ محمد علي العوديبعض السلع التي ارتفعت أسعارها بدون مبرر منذ الانتخابات حتى اليوم
السلعة
قبل الانتخابات
حاليا
الزبادي صغير
30
50
الزبادي كبير
70
100
الفول
50
70
الفاصوليا
60
70
علبة طماطم (بن شهبين)
150
210
قطمة السكر
950
1200
قطمة الأرز (مزة) دانة
1200
2000
قطمة بسمتي باكستاني
1500
1750
حليب حقيقي، بالموز
50
70
تونة الريان
170
200
تونة الغويزي
200
220
دبة كوثر 10 لتر
30
50
كيلو فاصوليا حمراء
200
250
كيلو بازيليا
150
200
حليب الشاي (الممتاز)
50
65
البيض
25