المشهد الكارثي.. والتستر عن جريمة حرب بامتياز!!

مأرب برس

   

بعد أكثر من عام على استشهادهم, شُيّعت في العاصمة صنعاء الجمعة الماضية 13 جثمانًا لـ شهداء قيل إنهم مجهولي الهوية.

وحملت جثامين الشهداء سيارة «دينّا» تم تكديسهم على متنها قبل مواراتهم الثرى, بعد أن مضى على مقتلهم أكثر من عام في المعارك التي دارت في حي الحصبة بين قوات نظام الرئيس السابق علي صالح ومليشيات مسلحة تابعة لـ آل الأحمر؛ وهي الحرب التي اندلعت مواجهاتها العنيفة نهاية مايو ‘أيار’ 2011.

وصورة جثامين الشهداء مجهولي الهوية على متن الـ«دينّا» عقب الصلاة عليها بشارع الستين بصنعاء في جمعة «بالصمود الثوري نواجه التمرد العائلي» كانت مثيرة لغضب الكثيرين في عموم اليمن.

وفيما عبد الواحد شهاب، وهو أحد المتابعين للقضية, يوضح بأن تلك الجثث تم الإعلان عنها عبر عدد من وسائل الإعلام وصحيفة «الثورة» الرسمية طيلة عام كامل ولم يتم التعرف على أي أحد من أقاربها, يشير محمد الصبري, وهو الآخر عضو اللجة الإعلامية بساحة التغيير بصنعاء، إلى أن معظم الجثث في حالة تشوه شديد وبعضها تمزقت وأصبحت أشلاء، ويصعب التعرف عليها.

والجثامين شيعت إلى منطقة صوفان لدفنها بعد أن مكثت أكثر من عام في ثلاجة مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا.

ودعا الصحفي عبدالكريم الخيواني في حائطه على موقع «فيسبوك» إلى «وقفة احتجاجية أمام منزل الرئيس هادي يوم السبت أول أيام الدوام الرسمي [25 أغسطس 2012]؛ للمطالبة بلجنة تحقيق محايدة يكون ضمنها ممثلون للحقوقيين وشباب الثورة؛ للتحقيق في قضية الـ13 شهيدًا الذين تم دفنهم بصورة مهينة».

وعن الصورة أعلاه, يتساءل الصحفي سامي غالب في «فيسبوك»: «ماذا سيرسب من المشهد الكارثي في ذاكرة هذا الفتى ويستقر في وجدانه؟», ويأمل الاستجابة لـ المقترح المقدم من الصحفي عبدالكريم الخيواني؛ «انتصارًا للكرامة الإنسانية التي لم تقم ثورة إلا من أجلها».

ومن جانبه, يتحدث الشيخ عبدالله عبد الجليل من محافظة تعز لـ«مأرب برس» أن اللجنة التنظيمية لشباب الثورة كانت غامضة في الكشف عن ملابسات وإجراءات الدفن. ويتساءل: «ألم يكن حري باللجنة التنظيمية أن تضع هؤلاء في توابيت وتستدعي المنظمات لمطالبة المخلوع بالكشف عن هويتهم؟».

ويضيف أن دفن الجثث بهذه الصورة هو دفن لجريمة حرب بامتياز, متهمًا اللجنة التنظيمية بالتستر على فصول مهمة من مساراتها؛ لذا فهو يطالب المنظمات الإنسانية ومحكمة الجنيات الدولية والمبعوث الأممي جمال بن عمر بفتح تحقيق حول دفن جثامين مجهولي الهوية, الجمعة الماضية, بالعاصمة اليمنية صنعاء.

والجثث «تعود لمواطنين مجهولي الهوية قتلوا في حرب الحصبة عن طريق الخطأ» بين الطرفين, وفقًا لما قالته اللجنة التنظيمية في بيان لها, وأكدت أن «هذه الجثث ليست من شباب الثورة سواء في المسيرات أو خارجها».

وأضافت «تم التحفظ عليهم في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا بأمر من النيابة العامة لأكثر من عشرة أشهر», ولذا فـ«النيابة العامة كانت قد أعلنت عنهم مرارًا في عدد من الصحف, لكن لم يتم التعرف عليهم وبرغم ذلك تحفظتْ عليهم لأطول فترة ممكنة أملًا في ذلك» وهي؛ أي النيابة «مَن أصدرت الأمر والتصاريح بدفنهم, وقامت بذلك بالإضافة إلى نقلهم بتلك الطريقة - على متن السيارة التي تظهر في الصورة - وسوف يتم نشر شهادات الوفاة وأوامر الدفن تأكيداً لذلك».

وتم الصلاة عليهم في الستين, بحسب البيان «بحكم أنها الأقرب إلى المستشفى, وهذا اعتيادي؛ فأي شخص يحضر أي متوفى يتم الصلاة عليه بشكل عفوي, وهذا ما يحبذه الناس لكسب الأجر في وجود الحشود التي تحضر للصلاة كل جمعة».

واصطخبت حوائط اليمنيين على الشبكات الاجتماعية طيلة الأيام الماضية واعتركت بمئات الردود والتعليقات؛ إذ لا تزال الصور تثير الكثير من الاستياء؛ وتلك الصور تظهر تشييع الشهداء على متن ناقلة صغيرة مفتوحة في مشهد يعبر عن ازدراء الميت لا تكريمه كما جرى العرف الإنساني.

وإن استشهدوا في نهاية مرحلة علي عبدالله صالح, وكان الأخير لا يزال رئيسًا, فالإجماع يتمحور حول: مَن قتلهم؟ ولماذا شُيعت جثثهم بـ «مهانة»؟

ولماذا دُفنوا دون فتح تحقيق في حوادث قتلهم؟