سلّم دولة لمن لا يعرف معنى الوحدة, وأسلم نفسه وشعبه للذئب بخديعة من مشاعره الجميلة التي لا تعرف الخداع والغدر

مأرب برس

   

كان موضوع الوحدة اليمنية سفراً مقدساً لدى قادة الجنوب من قبل قيام ثورة 14 اكتوبر المجيدة بعقود طويلة، واكدت مبادئ ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 على هذا الهدف الاستراتيجي.. الوحدة اليمنية مطلب جنوبي في الأساس ولم تكن الانظمة المتعاقبة في صنعاء تعرف هذا الهدف بل وعبر عقود من (الحُكم الرجعي) في صنعاء، كانوا يخوفون الناس من الوحدة ويقولون عنها انها «وحدة شيوعية تريد تحتل الشمال».

أصرّ الحزب الاشتراكي اليمني على انجاح مشروع الوحدة بالرغم من الإغراءات التي غازلته من قبل دول مجاورة لعدم التوقيع على هذا المشروع، واصر السيد علي سالم البيض- الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية - على ان تكون وحدة بصيغة (اندماجية) بدلاً من الصيغة (الفيدرالية) التي كان يريدها حكام صنعاء.. والحقيقة ان السيد علي سالم البيض لم يكن قائداً سياسياً (محنكاً او ماكراً) بل هو رجلٌ رومانسيٌّ عاطفيٌّ ومسكونٌ بشاعر رومانسي محلق يعشق الوحدة اليمنية ويعشق اي مشروع نبيل.

السيد علي سالم البيض شاعر رومانسي - بحق وحقيق- وخطيب جماهيري فريد حين يخطب يعج المكان بالتصفيق، وكلنا يتذكر اول خطبة جماهيرية له بعد التوقيع على الوحدة يستحضر فيها البيت الشعري:

إذا احتربتْ يوماً وسالتْ دماؤها ** تذكرتْ القربى فسالتْ دموعُها

علي سالم البيض شاعر رومانسي واديب يحب الشعر وانسان جميل يحب الانسانية وتاريخه في الظل كان مغموراً كأي شاعر رومانسي تستوقفه الأشياء الجميلة فيذوب فيها وينسى نفسه.. يمكن بحق تصنيفه – لا في قائمة السياسيين- بل في قائمة الشعراء الرومانسيين المسحورين بصور الوحدة من اجل اليمن وصور الجمال والأمجاد الشعبية كـ شاعر لا كـ سياسي داهية.. هو صانع الوحدة ومحققها ورائدها بشهادة التاريخ.. انه الرومانسي علي سالم البيض الذي أسلم نفسه وشعبه للذئب بخديعة من مشاعره الجميلة وعواطفه النبيلة التي لا تعرف الخداع ولا الغدر.

ها هو الرومانسي علي سالم البيض يسلم دولة لمن لا يعرف من معنى الوحدة سوى النهب والفيد، والضم والإلحاق.. يكتشف الرومانسي علي سالم البيض-بعد فوات الأوان- ان مشاعره قد غدرت به، حين تبين له جلياً همجية اعداء (دولة النظام والقانون) واعداء (مشروع التحديث) من عصابة النهب والاختلاس في (دولة عقلان الراشدي).

انه الرومانسي علي سالم البيض: «ما أقدر على حلف يمين ثاني»، «كيف تريدوني اوقع وصورة ماجد مرشد أمامي تعاتبني وتستغيث»، «يقولون يديرون الدولة بالتلفون»، «اطلقوا رصاصة الغدر على صدر الوحدة»... الى آخره من تأوهات الشاعر الرومانسي - المغدور به وبشعبه وحزبه ورفاقه.

إنه الشاعر الرومانسي علي سالم البيض غدرت به مشاعره الوحدوية والوطنية والعاطفية يبكي على الأطلال مع كامل الشناوي:

ماذا أقول لأدمعٍ سفحتها اشواقى إليكِ؟

ماذا أقول لأضلعٍ مزقتها خوفاً عليكِ؟

أأقول هانتْ؟

أأقول خانتْ؟

أأقولها؟

لو قلتها اشفى غليلى!

يا ويلتى . .

لا، لن أقول أنا، فقولي . .

لا تخجلي.. لا تفزعي أنا لستُ بثائرِ

أنقذتني من زيف احساسي وغدر مشاعري

الشاعر الرومانسي علي سالم البيض في مواجهة مع حقيقة غدر مشاعره به وهو يرى الجنوب تحت مرمى الطائرات التي تقتل كل يوم العشرات والمئات، وهو وجهاً لوجه مع زيف احساسه الجميل وعاطفته الوحدوية النبيلة، يصحو على اخبار جرائم عصابات مسلحة (صهيونية- إرهابية) زرعتها القوى المعادية للإنسان اليمني المسالم خصيصًا لقتل الجنوبيين الطيبين وتشريدهم من ديارهم.

هاهو الرئيس علي سالم البيض يتذكر اناشيد رفاقية قديمة كانت مشاعره الرومانسية تجاه الوحدة قد انسته إياها:

سالمين اليوم علِّمْ رفاقكْ ** حزبكْ المدفع وشعبكْ ذخيرةْ

ما نبا وحدة بمفهوم رجعيْ ** والمشائخْ في عموم الجزيرةْ