موسم جديد للنهب.. الحوثي يفرض على الباعة المتجولين واصحاب البسطات جبايات تحت مسمى ''هدايا الشهيد''

مأرب برس

بدت عدد من شوارع صنعاء وبعض المناطق الأخرى في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي خالية من الباعة المتجولين ومفترشي الأرصفة، في حين شهدت بقية الشوارع حركة بيع خفيفة وحذرة، بعد أن شنت عناصر الميليشيا حملات جباية جديدة استهدفت جميع التجار والباعة والمحال، وأجبرتهم على التبرع بالأموال أو بالسلع تحت اسم «هدايا الشهداء» لما يُعرف بـ«أسبوع الشهيد». 

ويعدّ «أسبوع الشهيد» فعالية حوثية مشابهة للفعالية التي ابتكرها «حزب الله» اللبناني للاحتفال بالقتلى في المعارك والحوادث الأمنية، وتتضمن افتتاح مقابر جديدة سنوياً وتزيينها، وإقامة احتفالات ذات طابع طائفي، وجمع التبرعات لمصلحة أسر القتلى، وتنظيم حملات لتجنيد مقاتلين جدد، وحث العائلات للدفع بأبنائها للانضمام إلى الميليشيا. 

ابتزاز ونهب

وخلال الأسابيع الماضية؛ أجبرت الميليشيا الحوثية التجار وملاك المحال التجارية على التبرع لمصلحة معارض الصور الخاصة بقتلاها في المدارس والجامعات العامة والخاصة، قبل أن تعاود حملات جباية جديدة لمصلحة ما يعرف بـ«أسبوع الشهيد»، وشملت أغلب القطاعات التجارية والخدمية. 

وقالت سكان في صنعاء إن حملات الجباية الأخيرة شملت الباعة المتجولين على العربات ومفترشي الأرصفة؛ وهو ما أجبر الغالبية منهم على الانقطاع عن البيع والمكوث في منازلهم، نظراً إلى عدم قدرتهم على سداد المبالغ التي تطلبها الميليشيا منهم، والتي تلجأ إلى مصادرة سلعهم بدلاً من المبالغ النقدية. 

إلا إن محاولة الباعة المتجولين على العربات ومفترشي الأرصفة التهرب من الجبايات الحوثية بهذه الطريقة لن تكون مفيدة لهم؛ وفق مصدر في وزارة الأشغال العامة الخاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية، حيث إن الميليشيا تمتلك بيانات ومعلومات كافية عن الغالبية العظمى من هؤلاء الباعة، وتستطيع إجبارهم على دفع الإتاوات لاحقاً عند عودتهم إلى البيع. 

تفيد المصادر بأن الميليشيا عملت خلال السنوات الماضية على ابتكار نظام جديد قسمت بموجبه أرصفة الشوارع العامة إلى مربعات مرقمة، ومنحت رخصاً للباعة لاستخدامها، ومنعت البيع خارجها، وفرضت رسوماً يومية على كل بائع، وإيجاراً شهرياً مقابل استخدام الرصيف، وتعاقب المخالفين بالسجن والغرامات ومصادرة بضائعهم. 

وتبلغ الرسوم التي ألزمت الميليشيات الباعة المتجولين دفعها 100 ريال يومياً، ونهاية كل شهر يدفع الواحد منهم 15 ألف ريال مقابل استخدام الرصيف، و7 آلاف ريال ضريبة سنوية، ومثلها رسوم تجديد الترخيص، (الدولار نحو 560 ريالاً). 

اشتراطات أخرى

يفيد بعض الباعة والتجار أن الميليشيات ألزمت ملاك العربات المتجولة قبل أشهر بإعادة تشكيل عرباتهم في ورشات تابعة لعناصرها، وفق نموذج أُعدّ سلفاً، بمبرر منح الأسواق مظهراً جمالياً، إلا إنه، وفق المصدر، كانت تلك وسيلة لجمع مزيد من الأموال من مُلاك العربات. 

وعوقب من لم يلتزم بإعادة تشكيل عربته في الورشات التابعة للميليشيا بغرامات مضاعفة، في حين يكلف إصلاح العربة الواحدة 100 ألف ريال، وعند احتجاج العديد من الباعة المتجولين على كل تلك الرسوم والإتاوات المفروضة عليهم، يكون رد قادة الميليشيا إبلاغهم بأنهم يملكون حرية بيع السلع بالأسعار التي تناسبهم. 

إلا إن الباعة المتجولين لا يملكون القدرة على رفع الأسعار؛ نظراً إلى أن طبيعة عملهم تقتضي توفير سلع متدنية الأسعار وقليلة الجودة، وتجنب دفع الرسوم والضرائب والحصول على تراخيص. 

تلك الإجراءات دفعت بكثير من الباعة المتجولين إلى ترك هذه المهنة نظراً إلى عدم جدواها، أو النزوح للبيع في الحارات والقرى النائية بعيداً من الأسواق ورقابة الميليشيات. ورغم ذلك؛ فإن الأسواق والشوارع ما زالت تزدحم بغيرهم ممن يقبلون على مزاولة هذه المهنة بسبب ازدياد البطالة وانقطاع رواتب الموظفين العموميين 

واشتكى الباعة المتجولون من أن الميليشيات لم تكتفِ بتلك الجبايات والإتاوات؛ بل إنها تفرض عليهم التبرع للمناسبات والاحتفالات الخاصة بها نقداً أو عيناً، وتطلب منهم رفع الأسعار لتعويض خسائرهم. 

ووفقاً لعدد من الباعة؛ فإن الميليشيات وزعت عدداً كبيراً من عناصرها لجمع جبايات إضافية يومياً، وزرعت مخبرين في أوساطهم للرقابة على حجم مبيعاتهم، والكشف عن محاولات التهرب من دفع مبالغ الجبايات والإتاوات، وبسبب أولئك المخبرين؛ فإن كثيراً من الباعة تعرضوا للسجن والغرامات ومصادرة بضائعهم