الحرب الروسية في أوكرانيا اندلعت في لحظة خاصة بالنسبة للعالم وذلك في فترة التعافي بعد وباء كورونا والتي لم يتم حلها بشكل كامل.
الصراع يأتي مع الديناميكيات العالمية و آثارها: الصدام بين القوى، وأزمة المناخ وتحول الطاقة وسلاسل التوريد تحت الضغط.
قضايا كبيرة قد تعاني منها منطقة في العالم أكثر من غيرها وهي الشرق الأوسط.
وكرست مؤسسة ميد أور الإيطالية حلقة نقاشية تحت عنوان: "الشرق الأوسط في الاضطراب الجيوسياسي الجديد"، والتي روجت لها بالشراكة مع المجلس الأطلسي بواشنطن.
جدير بالذكر أن مؤسسة ميد أور تأسست بمبادرة من شركة ليوناردو الإيطالية في ربيع عام 2021 بهدف تعزيز الأنشطة الثقافية والبحث والتدريب العلمي من أجل تعزيز الروابط والتبادلات والعلاقات الدولية بين إيطاليا ودول منطقة البحر الأبيض المتوسط الموسعة حتى منطقة الساحل والقرن الأفريقي والبحر الأحمر (ميد) والشرق الأوسط والأقصى (أور).
وقال ويليام وشسلر، مدير أول لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، إن روسيا عادت إلى الشرق الأوسط مع الصين، مشيراً إلى أن الفراغ الذي تركناه تم ملؤه، وفقاً لموقع "ديكود 39" الإيطالي.
من جهته، قال ريكاردو ريدايلي، الأستاذ في جامعة القلب المقدس في ميلانو، إن النظام الدولي يشهد تغيير عميق وهذا يظهر من النقاش وفي هذه التطورات يمثل البحر المتوسط الموسع أحد أكثر المسارح الجيوسياسية المتنازع عليها، على خلفية أيضاً انسحاب الولايات المتحدة، موضحاً أن الثغرات في السياسة الخارجية غير موجودة لكن جرى ملؤها.
واعتبر أن الصين تصل إلى البحر المتوسط على "الطريقة الصينية"، وتتجنب الصراعات مع تقوية العلاقات الاقتصادية، مع ملئ هذه الثغرات.
ورأى ضرورة اقتناع الولايات المتحدة بأن التواجد في البحر الأبيض المتوسط شئ أساسي. وأشار إلى التعاون والتحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث الأخيرة بحاجة حالياً لمواءمة السياسات والاستراتيجيات مع السياسات والاستراتيجيات الأمريكية و تأسيس بعدها الخاص.
وتابع أن الاتحاد الأوروبي كان لديه في العقد الأخير سلبية خطيرة جداً وعدم اهتمام تجاه البحر الأبيض المتوسط.
وأكد على الحاجة إلى التزام جديد ومشاركة و مشروع أوروبي جديد، لافتاً إلى مركزية البحر الأبيض المتوسط التي لها وزن جيوسياسي وجيو-اقتصادي قوي، فيما تتطلب هذه المركزية رؤية على المدى الطويل في حين أظهرت المشكلات على جبهته الجنوبية حدود الاتحاد الأوروبي كفاعل جيوسياسي.
وذكر أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تتنافس ونصفها لا يهتم بما يحدث في البحر المتوسط، مشيراً إلى أنه في هذا المشروع الجديد على إيطاليا بشكل خاص بناء استراتيجيتها على ركيزتين واحدة أوروبية والأخرى أوروبية أطلسية.
كما اعتبر وشسلر أن هناك فرصة للولايات المتحدة للتأثير على الوضع في الشرق الأوسط، مضيفاً: أعتقد أننا نسير في هذا الاتجاه، ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يجب أن يذهب إلى الرياض في الأشهر القليلة المقبلة، في إشارة إلى زيارة بايدن للقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ورجح وشسلر إعادة واشنطن اكتشاف مركزية المنطقة في هذه المرحلة التي تبحث فيها الدول الأوروبية للتحرر من الاعتماد على الطاقة الروسية، معتبراً أن أهداف روسيا في البحر الأبيض المتوسط كانت دائماً واضحة، وحتى بعد الحرب ستظل لاعباً رئيسياً في المنطقة.
بدورها، قالت أليسيا ميلكانجي، الأستاذة المشاركة في جامعة سابينزا في روما وزميل أول غير مقيم لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، إن قضية الطاقة معقدة كما أنها عامل خطر وتوازن داخلي.
واستشهدت بشرق البحر المتوسط، قائلة إنه يستضيف موارد طاقة هائلة، فيما يعتقد الكثيرون أنه سيكون عين العاصفة حيث حفز العديد من التوترات التي أعاقت الجهود المشتركة للأمن والطاقة.
من جهته، قال ماركو مينيتي، رئيس مؤسسة ميد أور: واجهنا منذ فترة طويلة في أوروبا اضطرابات العالم مع اتباع شعار: العين لا ترى القلب لا يتألم، ما جعل الاتحاد الأوروبي عرضه لنوع من الضعف.
وأضاف مينيتي أنه في حال مراقبة ما يحدث في أوكرانيا يمكن رؤية أن العديد من أسبابه الأساسية مرتبطة بمنطقة البحر المتوسط الموسعة. ورجح أن يكون هناك آثار مباشرة على الاستقرار الأوروبي.
وتابع أن أزمة الغذاء في البحر المتوسط قد تصبح أزمة اجتماعية و تولد توترات سياسية والتي يمكن بدورها أن تسبب أزمات إنسانية.